فيما تتكثّف جهود طهران وموسكو ودمشق وأنقرة لحلّ الأزمة..
حلّ ايراني يُبدّد هواجس تركيا بشأن سوريا
بدأ في موسكو الاجتماع الرباعي لوزراء خارجية روسيا وسوريا وإيران وتركيا، ويأتي اجتماع وزراء خارجية روسيا، سيرغي لافروف، وإيران، حسين أمير عبد اللهيان، وسوريا، فيصل المقداد، وتركيا، مولود تشاووش أوغلو في موسكو أمس الأربعاء في ضوء محاولات تطبيع العلاقات وإزالة التناقضات بين دمشق وأنقرة، بمشاركة صيغة أستانا لحل الأزمة السورية.
وقد أجريت في موسكو، نهاية أبريل، محادثات بين وزراء دفاع الدول الأربع، فيما أوضحت وزارة الدفاع السورية بعد ذلك أنه تم خلال الاجتماع بحث قضية انسحاب القوات التركية من أراضي البلاد، وقالت وزارة الدفاع التركية إن الطرفين ناقشا خطوات ملموسة لتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.
تبديد هواجس أنقرة
في السياق، أكد وزير الخارجية حسين امير عبداللهيان، في كلمته خلال الاجتماع الرباعي في موسكو الاربعاء، أن انتشار الجيش السوري على الحدود مع تركيا سيبدد هواجس انقرة الأمنية. وقال امير عبداللهيان: اليوم نحن في وضع فريد في العلاقات الدولية. كل الدلائل والمتغيرات تشهد على عملية الانتقال في النظام العالمي، وتراجع القوة الأميركية وتعزيز الإقليمية.لم تعد القوى التقليدية في العالم قادرة على فرض آرائها والتصرف بشكل انفرادي كما في الماضي، الأمر الذي أتاح فرصة لحل مشاكل الجمهورية العربية السورية بالنضج والمبادرات السياسية وضمان الأمن والاستقرار والتنمية في هذا البلد والمنطقة.
عملية أستانا الناجحة
واضاف: لحسن الحظ، منذ عدة سنوات وتشكيل عملية أستانا الناجحة، تم تكوين خبرة جيدة في التعاون والتلاقح الفكري بين الجهات الفاعلة في القضية السورية ، ويمكن اعتبار اجتماع وزراء خارجية الدول الأربع اليوم واحدة من النتائج ومكمل لهذه العملية. المهمة الجسيمة التي تقع على عاتقنا هذه الأيام هي تعزيز عملية أستانا قدر الإمكان لترسيخ السلام في سوريا والمنطقة.
وتابع: مع ترحيبنا ببدء الحوار بين الجمهورية العربية السورية والجمهورية التركية، فإننا نعتبر هذا الحدث لصالح شعبي البلدين وأمن المنطقة، ونعتقد بقوة ان هذين البلدين يمكنهما تجاوز الماضي والعمل وفق رؤية للمستقبل على حل وتسوية القضايا الثنائية من خلال الحوار وتعميق التعاون القائم على حسن الجوار. وقد أظهرت التجربة أن اللجوء إلى العمل العسكري لا يساعد في حل المشاكل، بل بالإضافة إلى إلحاقه خسائر بشرية ومادية، فإنه يعقّد ايضا الخلافات القائمة. وفي هذا الصدد، تعلن جمهورية إيران الإسلامية استعدادها للتعاون من أجل دعم هذه العملية والمساعدة في تنفيذ الاتفاقيات والقرارات المتخذة، وتؤكد أنها ستستخدم كل إمكانياتها في هذا الصدد.
حل سياسي
واضاف: ترى إيران أن أي حل سياسي للقضايا المتعلقة بسوريا يجب أن يهدف إلى تمكين الجمهورية العربية السورية من ممارسة سيادتها الوطنية على كامل أراضيها. يمكن لجيران سوريا، وخاصة تركيا التعاون مع هذا البلد بحيث يتم تطبيق ذلك في جميع أنحاء البلاد. لأن تحقيقه لصالح استقرار سوريا وأمنها وبما يتماشى مع أمن الحدود واستقرار دول الجوار. يمكن أن يؤدي انتشار الجيش السوري على الحدود وتوفير الأمن المشترك مع الجيران إلى حل الهواجس الأمنية لأنقرة وغيرها من الجيران ومنع أنشطة الإرهابيين والانفصاليين وايجاد مقدمة لإقامة علاقات جوار واستراتيجية بين الجانبين وتوفير الارضية لانسحاب القوات العسكرية التركية وفق جدول زمني متفق عليه من المناطق الحدودية المشتركة مع سوريا.
سوريا القوية والمستقلة
وقال امير عبداللهيان: نعتقد أن سوريا القوية والمستقلة ستكون قادرة على التغلب على الإرهاب والانفصاليين واحتلال القوات الأميركية (لاجزاء من الاراضي السورية) وسرقة ثروات البلاد الوطنية. ومن أجل تحقيق عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم وحل المشاكل التي نشأت في دول الجوار ، نؤكد على التعاون المشترك بين الدول والمحافل الدولية في مسألة إعادة إعمار سوريا وإعداد الارضية لحياة طبيعية للمواطنين. بطبيعة الحال ، فإن أي شروط سياسية مسبقة ونهج مزدوج لهذه القضية لن يساعد في حل هذه القضية الإنسانية ، بل سيزيد أيضًا من تعقيداتها.
هجمات عمياء على سوريا
وشدّد مجدداً على ضرورة خوض المجتمع الدولي خاصة الدول الأربع الحاضرة في الاجتماع كفاحا حاسما ضد الإرهاب، وأدان عدوان الكيان الصهيوني على الأراضي السورية، وخاصة على المناطق المدنية في هذا البلد، واعتبر هذه الهجمات انتهاكاً للسلام العالمي والاستقرار الإقليمي، داعيا المجتمع الدولي للتصدي لهذه الأعمال العدوانية. وقال: ان الكيان الصهيوني وفق محلليه انفسهم هو اليوم في أسوأ أوضاعه الاجتماعية والأمنية ، وهو يسعى من خلال شن هجمات عمياء على سوريا وانتهاك القوانين الدولية إلى نشر حالة انعدام الأمن والتستر على مشاكله الداخلية. نحن على يقين من أن الشعب والجيش السوري سوف يردّان على هذه الأعمال العدوانية والمعادية للإنسانية في الوقت المناسب. وحيّا وزير الخارجية الايراني بطولات وشجاعة افراد مثل الشهيد الفريق الحاج قاسم سليماني الذين ضحوا بأرواحهم من أجل أمن وراحة شعوب المنطقة ومحاربة ظاهرة الإرهاب الشريرة.
لجنة من كبار الخبراء
وفي الختام أقترح تشكيل لجنة من كبار الخبراء من الدول الأربع لمتابعة قرارات وزراء الخارجية من اجل تنفيذها وقال: إنني على ثقة من أن اجتماع اليوم ستكون له رسالة قوية لتحقيق السلام والأمن المستدامين في المنطقة وتعزيز علاقات حسن الجوار بين تركيا وسوريا. كما أعلن وزير الخارجية حسين امير عبداللهيان، خلال محادثاته مع نظيره السوري فيصل المقداد في موسكو، استعداد إيران لدفع المحادثات قدما بشأن تطبيع العلاقات بين سوريا وتركيا. وتباحث امير عبداللهيان والمقداد، على هامش اجتماع موسكو الرباعي بين ايران وروسيا وسوريا وتركيا، حول القضايا السياسية ذات الاهتمام المشترك، وخاصة التطورات السياسية بشأن سوريا وآخر التوجهات الإقليمية. وهنّأ أمير عبداللهيان لمناسبة قرار جامعة الدول العربية القبول بعودة سوريا إلى هذه الجامعة. كما إلتقى أمير عبداللهيان، أمس الأربعاء نظيره التركي "مولود جاويش أوغلو" على هامش الاجتماع الرباعي في موسكو.
خارطة طريق للتطبيع بين دمشق وأنقرة
في السياق، اقترح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وضع خارطة طريق لتطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة، مشيرا إلى أهمية العمل على اعادة الروابط اللوجستية بين سوريا وتركيا. وقال لافروف: "قد تتمثل أفضل نتيجة لاجتماعنا اليوم في التوصل إلى اتفاق على توجيه الخبراء بإعداد مسودة خارطة طريق للتطبيع السوري التركي بحلول موعد الاجتماع الوزاري المقبل، على أن يتم رفعها بعد ذلك إلى رؤساء دولنا". وحذر لافروف من أنه "حسب معلوماتنا، فقد بدأ الأميركيون في تشكيل ما يسمى بـ"جيش سوريا الحرة" في محيط الرقة السورية بمشاركة ممثلين عن العشائر العربية المحلية ومسلحي داعش ومنظمات إرهابية أخرى، وذلك بهدف واضح هو استخدام هؤلاء المسلحين ضد السلطات الشرعية في سوريا لزعزعة الاستقرار في البلاد"، مضيفا: إن هذه القضية بحثها وزراء دفاع الدول الأربع مؤخرا.