الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائتان واثنان وثلاثون - ١٠ مايو ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائتان واثنان وثلاثون - ١٠ مايو ٢٠٢٣ - الصفحة ٥

لوحة «الانتفاضة رقم 1».. قصة المقاومة بريشة الفن

يروي الفنان "عبد الهادي شلا" قصة رسم  لوحة "الانتفاضة رقم 1" ويقول: كان ذلك في العام 1983،حيث تشَرُفتُ بأنني أول من رسم لوحة تتنبأ بميلاد الإنتفاضة الأولى التي انطلقت في العام 1987، أي قبل مولدها بأربع سنوات وكنت، للتو قد انتهيت من رسم جدارية "صبرا وشاتيلا"، ولوحة أخرى إسمها "الذبحة"، والذين عاشوا تلك الأيام يدركون صعوبة تلك الفترة، فالشعب والوطن أسيرا الإحتلال، بينما المقاومة قد خرجت من لبنان إلى شتات كبير.
في تلك الليلة.. أثارني ما شاهدته على شاشة التلفزيون من ملاحقة جنود الاحتلال لبعض أطفال مدينة القدس، ولم تكن الإنتفاضة قد لاحت تباشيرها إلا أنني وقعت تحت تأثير تلك الحالة التي تتسلل إلى نفسي كلما كان هناك مولد عمل فني.. فلم يكن سهلا أن تغادرني صورة الجنود وهم يلاحقون الأطفال.. وبقيت ساعات وساعات أنتظر لحظة الميلاد، ولكن ميلاد اللوحة قد يستغرق أياماً وشهوراً، بينما الصورة تلاحقني، بل هي في داخلي مخاض ولادة، بل كجنين حان موعد ميلاده.
ليس من عادتي أن أجلس وحيداً إلا أنني في اليوم التالي وحين وصلت إلى المدرسة حيث كنت مدرساً للتربية الفنية أغلقت باب الحجرة وخلوت مع نفسي، الأمر الذي استغربه زملائي من المدرسين، ولم يدم اعتزالي لهم طويلاً فقد اقتحم أحدهم على خلوتي وكان مدرساً للموسيقى وقريباً منّي، وسألني ما الأمر؟ كنت شارداً إلى حد أن سألته عما يريد.. فعاد يسألني ما الذي يشغلني؟
قصصت عليه ما شاهدته على شاشة التلفزيون، وأنني بصدد رسم لوحة لطفل يحمل في يده حجراً، ولكني أحتار في مكان الحجر في اللوحة وإلى أين يتجه؟؟!!
ارتسمت الدهشة على محيا صديقي الفنان.. الموسيقار، وتبادل معي النظرات في حيرة.. وبدى لي أنه فهم ما أريد!! وهو يتجه إلى باب الحجرة ليتركني وحيداً لهواجسي ومقاومة هذا الإحساس الذي يكاد يمزقني كما لوكنت في شرنقة تحجب الضوء والهواء عني.
استدار نحوي قائلاً: أرسم الطفل يلقي الحجر في وجوهنا نحن؟؟!!
وانصرف.. انتشيت وفرحت فقد كنت أريد هذا التأكيد والتأييد، و.. تمزقت تلك الشرنقة التي كنت حبيسها.
بعد انتهاء دوام العمل عدت مسرعا إلى مرسمي الخاص..كانت اللوحة تنتظر أن ألقي عليها كل هذا الحمل فكانت لوحة "إنتفاضة رقم1".
اللوحة مربعة طولها متر وعرضها متر، يتوسطها طفل يصرخ وقد امتدت قدماه من أقصى اللوحة إلى أقصاها وجسده قد احتلته مساحات لونية تحيط بها خطوط سوداء قوية حادة تتوافق مع الغرض من موضوع اللوحة.
أما يداه فقد أَلغَيتُ إحداها لتحقيق قيمة فنية، بينما الأخرى فقد أفلت من كفها حجر ضخم تملؤه خطوط تشبه دوامة البحر..كان الحجر وبقي حتى الآن مصوباً نحونا.. ليحطم حالة العجز فينا. ووجدت نفسي أرسم مجموعة من اللوحات على نفس الحس وقد أطلقت عليها "مجموعة إنسان الأرض"، وكل إنسان رسمته في هذه اللوحات قبضت يده على حجر.

 

البحث
الأرشيف التاريخي