تم الحفظ في الذاكرة المؤقتة...
سورية وإيران.. استراتيجية العلاقات الراسخة سياسياً وثقافياً
ليبقى الضعفُ والتشتُّتُ هما المسيطرَينِ على دول المنطقة وشعوبها، إلّا أنّ حنكةَ القيادةِ الإيرانيةِ وتعاليمَ سماحةِ القائد الرافضةَ للإملاءاتِ الإمبرياليةِ الغربيةِ الداعيةِ إلى اقتلاع المحتل الصهيوني من أرض فلسطين ودعم الفكر المقاوم، كان لها الصدى الطيب عند أبناء الشعب السوري المقاوم والرافض لكل المشاريع التي من شأنها أن تسهم في إطالة عمر الكيان الصهيوني، ولهذا فإن سورية تعرّضت لكثيرٍ من المؤامرات التي أريد لها أن تكسِرَ الإرادةَ السوريةَ وتُنهيَ روح المقاومة والتمسك بالمبادئ عند أهلها، وما الحرب الإرهابية التي شُنّتْ على سورية عام ٢٠١١، ومازالت آثارها حتى اليوم إلا حلقة من حلقات التآمر عليها.
ولمّا كانت القيادة الإيرانية تدرك تماماً أبعاد هذه المؤامرة على سورية، فإنها وقفت موقفاً رافضاً للعدوان على سورية، وقدّمت كلَّ أشكال الدعم إلى القيادة السوريّة والشعب السوري، الأمر الذي أدى إلى تمتين عُرى العلاقاتِ الودّيّةِ بين البلدين الصديقين، وهو ما أسهم في صمود سورية بوجه الحصار الجائر الذي تتعرّض له منذ سنوات.
وإذا كانت الحروب العسكرية ومحاولات تقويض الدول تبدأ من الحرب على القيم والأخلاق والثقافة، فإن العلاقات الثقافية بين البلدين الصديقين شهدت تطوراً ملحوظاً وكبيراً خلال الأعوام الماضية، إنطلاقاً من الإيمان بضرورة تحصين الفكر والوعي والاشتغال على المشتركات، وما أكثرها، بين الثقافة في سورية ونظيرتها في إيران، فقد تمّ تشكيل وفود ثقافية من البلدين للقيام بزيارات ثقافية وعلمية، كما أقيمت المعارض الفنية والثقافية والفعاليات المشتركة بين الكُتّاب والأُدباء والفنّانين والإعلاميين في البلدين، فضلاً عن تعزيز حركة التأليف والترجمة وذلك انطلاقاً من القناعة الراسخة بقدرة الثقافة على بناء أفضل العلاقات بين شعوب المنطقة، وقدرتها على التغلب على الحواجز النفسية والتاريخية، وهو ما أدى إلى الوصول إلى أفضل العلاقات ثقافياً وفكرياً ومعرفياً، ووضع أسس لخارطة طريق ثقافية ذات أهداف وقيم مشتركة بين البلدين.
ولمّا كانت القيادةُ الإيرانيةُ رائدةً في فنّ التفاوض مع الخصوم دون التنازل عن ثوابتها ومبادئها، فإنها لعبت دوراً مهمّاً، إلى جانب حلفاء سورية الآخرين مثل روسيا والصين وبعض الدول العربية وبعض دول أمريكا اللاتينية، من أجل نجاح المفاوضات بين سورية وبعض الدول العربية من جهة؛ وبينها وبين الدول الإقليمية والعالمية من جهة ثانية، وهو نجاح ما كان ليحصل لولا ثبات الجيش العربي السوري وتضحياته إلى جانب تضحيات الحلفاء والأصدقاء، ولولا ثبات الشعب السوري المقاوم.
واليوم يمكننا القول: إن زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سورية تُمثّلُ الركنَ الأمتنَ من أركان الصمود والثبات والانتصار للفكر والسياسة والاقتصاد المقاوم القائم على عدالة القضية، وعلى صدق التحالفات ونقاء العلاقات الاستراتيجية، وهي علاقات محكومة بالنجاح والتألق والتميز لأنها مبنية على مصلحة الشعوب المظلومة وعدالة قضاياها.