سوريا.. والعودة الى الجامعة العربية
عبدالباري عطوان
كاتب و محلل سياسي
بعد الزّيارات المُفاجئة التي قام بها الرئيس السوري بشار الأسد إلى كُل من مسقط وأبو ظبي، وزيارة وزير الخارجيّة السعودي لدِمشق حاملًا دعوةً لرئيسها لزيارة الرياض، وعقد اجتماع رُباعي يضم وزراء دفاع روسيا وإيران وتركيا وسورية في موسكو، وها هي العاصمة الأردنيّة عمّان بدورها أيضا تستضيف اجتماعًا خُماسيًّا يضمّ وزراء خارجيّة السعوديّة ومِصر والعِراق والدّولة المُضيفة الأردن إلى جانب وزير الخارجيّة السوري. نقول إن هذا الاجتماع الخُماسي الذي جاء بمُبادرةٍ سعوديّةٍ يأتي تكملةٍ لاجتماعِ جدة التشاوري للتوصّل إلى صيغةٍ مُلائمةٍ تُمهّد الطّريق لمُشاركة سورية في القمّة العربيّة المُقبلة في الرياض، وإيجاد سُلّم للدّول التي تُعارض هذا الحُضور للنّزول عن الشّجرة ووضعها أمام الأمر الواقع بطريقةٍ كريمة، والرّسالة واضحة تقول أمامكم خِياران، الأوّل حُضور سورية وعودتها إلى الجامعة العربيّة من البوّابة السعوديّة، والثاني، غيابكم إذا تمسّكتم بهذه المُعارضة، أن مقاعدكم ستكون هي الفارغة، مثلما جعلتم مقعد سورية شاغرًا طِوال السّنوات العشر الماضية، وتحمّل مسؤوليّة النتائج، وأبرزها غضب مُعظم الرأي الشّعبي العربي.
هُناك ثلاثة دول تُجاهر حتّى الآن بمُعارضة هذه العودة، هي قطر والكويت والمملكة المغربيّة، والذّريعة المُعلنة عدم زوال الأسباب التي أدّت إلى تجميد العُضويّة السوريّة، وعلى رأسها غياب الحلّ السياسيّ الشّامل للأزمة، وبما يُؤدّي إلى مُصالحةٍ وطنيّةٍ، وعودة اللّاجئين. والسّبب الحقيقي الذي تتجنّب الدّول الثلاث ذكره، أنها تتجاوب لضُغوطٍ أمريكيّةٍ قويّةٍ جدًّا لإبقاء سورية خارج الجامعة العربيّة، انسِجامًا مع عُقوبات قانون “قيصر” الأمريكي، والرّغبة الأمريكيّة في تشديد الحِصار لا تخفيفه، وتعميق العُزلة السوريّة التي تتآكل بشَكلٍ مُتسارعٍ هذه الأيّام.
اجتماع عمان الخُماسي الذي يضم الدّول العربيّة الأكثر ثُقْلًا في المشرق العربي في الوقتِ الرّاهن (السعوديّة، مِصر، العِراق وسورية) ربّما تكون مهمّته الأساسيّة البحث عن مخرجٍ دبلوماسيٍّ من هذا المأزق، ويُسَهّل عودة الدّول الثلاث المُعارضة، أو مُعظمها، فالحديث الآن يدور عن مُبادرةٍ أردنيّةٍ من عشرِ نقاط تُشَكّل خريطة طريق لإنهاء الأزمة السوريّة من المُقرّر أن يتم تطبيقها في الأشهر المُقبلة بإشرافِ لجنةٍ عربيّةٍ مُشتَركة. والاحتمال الأكثر ترجيحًا أن يتم عرض هذه الخريطة، وبعد اعتمادها من قِبَل وزراء خارجيّة لقاء عُمان، على القمّة العربيّة في الرياض للمُوافقة عليها، وبحُضور سورية، سواءً مُمثّلةً بالرئيس بشار الأسد، أو من يختاره للنّيابة عنه. الدّول المُعارضة لعودة سورية إلى الجامعة العربيّة، وبضُغوطٍ وإملاءاتٍ أمريكيّةٍ على الأرجح تختبئ خلف إصبعها، وترفض التّسليم بتطوّرات جذريّة في المِنطقة العربيّة والعالم:
الأوّل: صُمود سورية قيادةً وجيشًا وشعبًا في مُواجهة المُؤامرة الأمريكيّة لتفكيكها وإسقاط نِظامها
الثاني: الاتّفاق لإيراني – السعودي الذي قلب كُلّ المُعادلات في المِنطقة
ثالثًا: الصّعود المُتسارع للمحور الصيني الروسي
رابعًا: الهزيمة الأمريكيّة شِبه المُؤكّدة في أوكرانيا، وفشل أبرز أسلحتها (أمريكا) أيّ سِلاح العُقوبات.