مقتطفات من كلام الإمام الخامنئي عن العمّال
نظرة الإسلام إلى العامل نظرة احترام وتقدير، وهي تختلف عن نظرة النّظام الرّأسماليّ وأيضاً عن نظرة الأنظمة الشيوعيّة المنهارة. نظرة الأنظمة الرأسماليّة إلى العامل هي نظرة استغلال واستثمار. العامل أداة تخدم وصولهم إلى الثروة. هذه هي نظرة النّظام الرّأسمالي، وهم لا يُخفون هذا الأمر أيضاً. إذا نظرتم في الكتب الاقتصاديّة، فسوف تتوصّلون إلى هذه النتيجة. العامل من وجهة نظر النّظام الرأسمالي أداة ووسيلة، ولا بدّ من الحصول على هذه [الأداة] والاستفادة منها لكي يجني صاحب رأس المال الثّروة. هكذا هي نظرتهم. وإذا كانوا يمنحون العامل ميّزة في وقت من الأوقات، فذلك من أجل أن يواصل هذا العامل إضافته إلى رأس المال هذا، ولا يتخلّى عن العمل أو لا يغضب وأمثال هذه الأمور. هذه هي نظرة النظام الرأسمالي.
نظرة الأنظمة الشيوعيّة أيضاً كانت نظرة شعاريّة. كان النظام يُدعى نظاماً عُمّاليّاً. لا أعلم إن كنتم على علاقة بكتب التاريخ ومطّلعين عليها أو لا - روسيا في زمن ستالين أو خروتشوف، هؤلاء أنفسهم الذين عاصروا مرحلتنا وشاهدنا عن كثب أوضاعهم وأحوالهم خلال الشباب ومرحلة المطالعات والنّشاطات، في حين كان اسم هؤلاء «النّظام العمّالي» لكنّ الرؤساء كانوا يعيشون كالسلاطين القدماء. لم يكن هناك من أثر لدعم العامل، وكانت الضغوط على المجتمع كلّه. كانت الضغوط على طبقة العُمّال. إذا نظرتم إلى كتبهم أيضاً، ففي مقدوركم رؤية هذا الأمر. في هذه الكتب نفسها التي ألّفوها، سواء أكانت كتب شروح الأحوال أم الكتب الفنيّة والروايات وأمثالها، يتجلّى هذا المعنى بوضوح. كان الدفاع عن العامل والنظرة إليه نظرة شعاريّة. كانوا يطلقون الشّعارات أنّ النّظام نظامٌ عُمّالي.
في الإسلام، لا يوجد هذا ولا ذاك. النظرة نظرة تقدير وهي نظرة قِيميّة تخلق قيمة للعمل والعامل. قضيّة تقبيل النبي (ص) يد [العامل]، التي أشار إليها جنابه، هي [إشارة] إلى هذا الأمر على كلّ حال. فالنبي الأكرم (ص) حين يرى أنّ هذه اليد هي يد عامل كان ينحني ويُقبّلها. جاء في رواية أن شاباً مرّ أمام الرسول(ص)، وكان وسيماً، وقد أُعجب النبي(ص) بهذا الشاب، ويبدو أنهم نادوا عليه وسألوه سؤالين: أحدهما أنهم قالوا: هل تزوجت؟ قال: لا. قالوا: ما عملك؟ قال: لا أعمل، فقال النبي: سقطَ من عيني.
هذه هي المسألة؛ سقط من عيني. [بشأن] هذا الشاب الذي أعجب الرسول (ص) سلوكه مثلاً وحركاته ونحوها على سبيل المثال، قال الرسول (ص): سقط من عيني، لأنه لم يكن يسعى إلى العمل. هكذا ينظر الإسلام إلى العمل؛ يراه بصفته قيمة إنسانية ويقدّره. حسناً، هذا بشأن أصل نظرتنا إلى العمل والعامل وهذا الاجتماع واللقاء معكم، أيها الأعزاء.
لكن في ما يخص العمال، لقد تحدثنا كثيراً. تحدثت مرات عدة على مر السنين عن العمال وخصائصهم. لكن من الجيد أن نكرّر نقطة أو اثنتين حول العمال، وهذا مهم. عُمّالنا [أي] العُمّال خلال الثورة الإسلاميّة - كانت الأمور مختلفة قبل انتصار الثورة - أثبتوا حتّى الآن أنّ دوافعهم الوطنيّة في الساحات كافّة دوافع متألقة وبارزة. ماذا تعني [جملة] «في السّاحات كافّة»؟ أي في السّاحة العسكريّة، والاقتصاديّة أيضاً، وكذلك السياسيّة.