تم الحفظ في الذاكرة المؤقتة...
المراهق وتأثير الأقران عليه
وقد تناولت بعض البحوث تأثير الأقران في نمو الطفل في المراحل المبكرة قد ازدادت في العقود الأخيرة واوضحت هذه البحوث أهمية التجربة المبكرة مع الأقران في نمو الطفل من مختلف الجوانب الأجتماعية والأنفعالية واللغوية والمعرفية.
مما لاشك فيه أن جماعة الأقران في مرحلة المراهقة تأخذ أهمية خاصة في حياة الفرد ويكون لها تأثير عميق في سلوك المراهق وتوجيهه اذ يفوق تأثير الأسرة وينافسها في التأثير هذا وان تطور الصلات مع الرفاق والأصدقاء يتزامن مع انخفاض في قوة هذه الصلات بين المراهق والأهل فعند انخفاض متابعة الأهل وتطور نزوع المراهق نحو الاستقلالية تتحول العلاقات القوية من الأهل الى الرفاق والأصدقاء كما أن التبادلية التي تتسم بها هذه العلاقات، وليس السلطوية، تختلف باختلاف درجة القوة العاطفية لهذه العلاقات فالعلاقات الحميمة القائمة بين المراهق والأهل وبينه وبين الأصدقاء تتميز بالتبادلية أي أنها علاقة متوازية ذات اتجاهين تقوم على المشاركة المتبادلة وكلما انخفض المستوى العاطفي لهذه العلاقات انخفض مستوى التبادلية أيضاً.
وللأهل دور مؤثر في توجيه ابنائهم المراهقين والاشراف عليهم والاهتمام بهم وخاصة في تعاملهم مع اقرانهم وهذا يعني أن متابعة الأهل لأبنائهم المراهقين مع أقرانهم يشكل حضوراً مؤثراً ومراقبة جادة لتصرفاتهم وعليهم أن يدركوا أن هذا الدور يجب أن يكون متواصلاً ولا شك أن الأقران الصالحين هم الذين يساهمون في إنجاح حياة أقرانهم ويلعبون دور صمام الأمان بالنسبة لهم كما أن خصائص هذه العلاقة يمكن أن تتأثر بالمرحلة العمرية للمراهق، فالتبادلية المرتفعة تميز العلاقات بين المراهق والأم وبينه وبين الاصدقاء في المراهقة المبكرة ويتطور ذلك فيما بعد بحيث تصبح هذه التبادلية أكثر قوة في علاقة الطفل بالأصدقاء مقارنة بعلاقتة مع الأهل ويكون ذلك أكثر وضوحاً بالنسبة الى الإناث.
تؤدي جماعة الأقران دوراً حيوياً في النمو النفسي والاجتماعي والمعرفي عند معظم المراهقين، فالمراهق ينمي في تفاعله مع الأقران مهارات التفاعل الاجتماعي ويكتسب الكثير من الخبرات والاهتمامات المناسبة لهذه المرحلة العمرية فهم في تفاعلهم يتناولون مشكلات متشابهة ويتبادلون مشاعر مشتركة وتاخذ العلاقة مع الأقران في مرحلة المراهقة أهمية خاصة، فمن أكثر الصور شيوعاً تلك التي نشهد فيها مجموعة من المراهقين يتجمعون في الساحات العامة أو على قارعة الطريق وتكون هذه المجموعة على درجة قوية من التماسك والتعاطف فعلاقات المراهقين أكثر قوة من العلاقات التي تقوم بين الراشدين وكثيراً ما تستمر العلاقات القوية الى مرحلة الرشد فالعلاقات الطيبة يحتفظ بها المراهقون في المراحل اللاحقة من حياتهم كما أن روابط المراهقين باسرهم تتجه نحو الضعف حين يزداد اعتمادهم على الأقران الذين قد يتفهمون مشكلاتهم ويظهرون تعاطفهم ودعمهم واستعدادهم للمساعدة في تجاوز هذه المشكلات ففي بعض الأحيان يكون الأقران أكثر تفهما وأكثر تعاطفاً من الأهل.
ويبدو أن المراهقين هم الأكثر عُرضة للسقوط في فخ ضغوط الأقران، لوقوعهم في مرحلة عُمرية حرجة يكونون فيها أكثر ميلا للاستقلال عن تأثير والديهم، بينما لم يتمكَّنوا بعد من تثبيت قيمهم الخاصة، أو مفاهيمهم حول العلاقات الإنسانية. وفي سعيهم الحثيث نحو القبول الاجتماعي، يصبحون أكثر استعدادا للانخراط في سلوكيات مُخالفة لقيمهم، دون إدراك عواقبها.
يتصرَّف المراهقون استجابة لدوافع مثل البروز الاجتماعي وإظهار السيطرة والقوة، وهي أمور تنشط مراكز المكافأة الاجتماعية في الدماغ. ويحصل المراهقون المشهورون على قوتهم من قدرتهم على تعزيز التوافق في المواقف والسلوكيات مع أولئك الذين يتطلَّعون إليهم.
وختاماً نقول إن مرحلة المراهقة هي مرحلة مهمة في حياة كل فرد منا، واختيار الأقران الصالحين والملتزمين وأصحاب النهج الايجابي والطموحين والباحثين عن حياة أفضل هم، الأقران الذين يعتز الأهل بهم ويفرحون بهم لأنهم يحمون حياة أبنائهم ويطورونها نحو النجاح والتقدم.