الشهادة عزُّ الدنيا والآخرة
الوفاق/ وكالات
باب الأولياء
لقد منّ الله علينا ببركة رسول الله(ص) والأئمة الأطهار (ع) بأن شرّع لنا باب القتل في سبيل الله، وجعل سياحة أمّة رسول الله (ص) الجهاد الذي تشكّل الشهادة ثمرته الناضجة كما في الحديث عن رسول الله(ص) : "سياحة أمّتي ورهبانيّتهم الجهاد".
فأضحى باب الوصال والقرب الإلهي مفتوحاً على مصراعيه أمام المريدين، ولم يعد تهذيب النفس والتخلّص من الأنانية وحبّ الدنيا وغيرها من الحجب المانعة من نيل الفيض الإلهي، والتحقّق بالكمال الإنساني موقوفاً على ذلك السفر الشاقّ والطويل والمجاهدات العظيمة والسنوات العديدة.
لم يعد الإنسان يحتاج إلى خمس وعشرين سنة من عمره ليتخلّص من الرياء أو إلى ثمانين سنة ليقول بعدها: الآن زال حبّ الدنيا من قلبي، أو أن يعتزل الناس والمجتمع داخل صومعته ليبلغ الكمال وما هو ببالغه!
لقد علّمنا رسول الله (ص) أنّ أمّته لا تحتاج إلى زمان مديد ومكان بعيد لتنال القرب الإلهي، فها هو قد اختصر بثلاث وعشرين سنة من عمره الشريف دعوة جميع الأنبياء والمرسلين، بل وبلغ ما لم يبلغه أحد ممّن سبقه منهم، فصار الدين عند الله الإسلام. وها هو حفيده الإمام الحسين (ع) يختصر تلك العشرين والنيّف من السنوات بعشرة أيام، بل بيومٍ واحد، لا بل بعدّة ساعات من نهار فيحيي إسلام جدّه (ص) من جديد ويجسّد في تلك الواقعة دين محمد (ص) بكلّ ما فيه، فيصير الاستشهاد في سبيل الله شرفاً يُحقّق مراد الصالحين.
ومع شهادة الإمام الحسين (ع) صارت كربلاء هي المكان أبداً وصارت عاشوراء هي الزمان دوماً وأضحت خطى أبي عبد الله (ه) منهاج الحياة "إني لا أرى الموت إلّا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برماً"، من هنا كان: "كلّ يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء"، وهو أيضا ما أكّده حفيد الأئمة الأطهار الإمام الخميني( قدس) قولاً وعملاً: "إن كلّ ما لدينا من الإمام الحسين(ع) وثورة عاشوراء".
مقام الشهيد
قال الله تعالى: وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ.
وعليه يُخبر القرآن الكريم عن الشهيد بأنه ما زال في موقع القوة الحياتية، والتي هي باقية، ليس في الجسد المادي الذي يتغيَّر ويتحوَّل، وإنما في النفس الإنسانية، وهذا ما قد تختلف معه الحياة، وبالتالي القوَّة، إذ إنَّ هذه النفس لن تكون بلبوس مادي، وإنما بجسم مثالي برزخي كما نصَّت عليه الروايات، فعن الإمام الصادق (ع) حينما سُئل: أين هي أرواح المؤمنين؟ أجاب(ع): "في روضة كهيئة الأجساد في الجنة"، وفي رواية أخرى "في أبدان كأبدانهم".