بعد مضي 38 سنة على استشهاده
عودة الشهيد المسيحي «اوشانا» .. واخوانه المسلمين يقبلون تابوته
وقال مطران الأرمن الأرثوذوكس في أبرشية طهران سيبوه سركيسيان في حوارٍ سابق خاص مع صحيفة الوفاق: "إنّ الشباب المسيحي في الثمانينات وتزامناً مع بدء الحرب المفروضة شاركوا في الدفاع عن البلاد مثل إخواننا المسلمين وهناك شهداء كثيرون من الطائفة المسيحية، والذين ضحّوا بأنفهسم خلال الحرب التي فرضها النظام العراقي البائد على إيران."
عدد الشهداء المسيحيين
حسب الإحصائيات الرسمية التي نشرتها مؤسسة الشهيد، هناك مايقارب 90 شهيداً مسيحياً بذلوا دماءهم في الحرب المفروضة. أغلبية هؤلاء الشهداء كانوا جنوداً في الجيش الإيراني الباسل.
يمكننا أن نذكر أسماء بعض هؤلاء الشهداء المنشورة سيّرهم الذاتية على المواقع الإفتراضية كالشهيد "زوريك مراديان" والذي استشهد في مدينة بيران شهر الواقعة في شمال غرب البلاد والشهيد "جيلبرت ملكم آبكاريان" الذي أستشهد في جنوب غرب البلاد.
الشهداء المسيحيون ضحايا الإغتيالات
هناك مايقارب من 26 شهيداً مسيحياً غير عسكريّ أستشهدوا على يد التتنظيمات الإرهابية بسبب وقوفهم إلى جانب الثورة الإسلامية أو أستشهدوا جراء قصف بيوتهم في الغارات الجويّة العراقية.
على سبيل المثال، الشهيد "وازغن آداميان" وهو شهيد أرمني إنضمّ إلى الجيش الإيراني وأستشهد في إحدى المعارك التي وقعت غربي البلاد على يد الإنفصاليين في عام1984.
وهناك شاب آخر يدعى "إِدموند مؤسسيان" بعمر19 سنة، استشهد بعد مُضيّ أشهر من إنتصار الثورة الإسلامية، بسبب وقوفه إلى جانبها كمركز لحماية المستضعفين في العالم، فقد إغتاله ولكن في عام 1982 أفراد زمرة منافقي خلق الإرهابية أمام بيته عبر إطلاق عدّة رصاصات نحوه. وبعد مُضيّ ثلاثة أشهر، أُستشهد والده الذي كان ينتمي إلى الطريق الجهادي نفسه على يد المنافقين لأنّه أيضاً كان من محبّي الثورة الإسلامية.
قالت أم الشهيد "إدموند مؤسسيان" في حوارٍ لها مع وكالة تسنيم للأنباء: "ولدي إدموند كان من محبّي الثورة الإسلامية وبعد إقالة الرئيس الخائن "أبي الحسن بني صدر" من منصبه على يد نوّاب البرلمان، بدأ أفراد زمرة منافقي خلق الإرهابية والتي كانت تدافع عنه دائماً، بالهجوم المسلح والعنيف على الناس المتدينين والمقرات التابعة للثورة الإسلامية. ولدي إدموند أخبرني بأنّه يريد أن يذهب مع رفاقه المسلمين للتصدي لهجوم المنافقين وبدأوا ببناء الحواجز في حيّنا. بعدما تعرّف عليه المنافقون إغتالوه بإطلاق رصاصات عدّة ثم وجدوا والده يعني زوجي بعد أشهر وإغتالوه كما إغتالوا سابقاً إبني".
كشف رفات شهيد مسيحي
مؤخّراً تم كشف رفات شهيد مسيحي أستشهد شابّاً وذلك في إحدى العمليات العسكرية التي شارك فيها للتصدي للعدوان الصدامي على إيران، من قبل لجنة البحث عن رفات الشهداء مجهولي الهويّة في المناطق المحرومة.
ولقد مضى على استشهاد الشهيد مايقارب 38 سنّة وتوفّي والداه بالإضافة إلى كل إخوانه الثلاثة في هذه السنوات. وقد تواصل المسؤولون المعنيون مع بنت أحد إخوانه وهي حالياً على قيد ترتيب أمور مراسم تشييعه وتأبينه.
نحن أهلك يا شهيد
بعدما إنتشرت أخبار عن رجوع رفات الشهيد إلى الوطن، قام رواد الفضاء الإفتراضي بنشر منشورات على كافّة وسائل التواصل الإجتماعي وخاطبوا الشهيد: " "جاني جات أوشانا" إذا لم يكن والداك وإخوانك على قيد الحياة لإستقبال رفاتك الطاهرة فنحن أهلك حاضرون لتقبيل تابوتك وإستقبالك."
حتّى الآن أعلن آلاف الناس عن إستعدادهم وشوقهم للمشاركة في تشييع الشهيد المسيحي الذي ضحّى بنفسه من أجل تعزيز الأمان في البلاد والدفاع عن الحدود والتصدي للعدوان المجرم.
وصية الشهيد
قبل يومين تمّ نشر وصيّة الشهيد المسيحي على المواقع الإلكترونية والتي كتب فيها الشهيد هذه السطور:
يا أُسرتي الأعز من الروح!
عساكم بأفضل الحالات وبخير حينما تقرأون هذه الوصية ,أن تحظوا بحماية الله والمسيح والسيدة مريم العذراء وحماة المسيحيين وخاصة أهلنا. أكتب لكم هذه السطور ونحن نتجهّز للمعركة بهدف إعادة حقّنا وأراضينا.
الإمام الخامنئي(حفظه الله) والشهيد المسيحي
قام الإمام الخامنئي(حفظه الله) في عام 1990 م بزيارة أهل الشهيد "جاني جات أوشانا" وإلتقى بذويه، وكانت أجواء الزياة عامرة بالفرح بسبب زيارة أعلى قائد في الثورة الإسلامية لهم.
وفي ذلك اللقاء، قال شقيق الشهيد والذي كان على قيد الحياة في تلك الحقبة: "أخبرنا الإخوة بأنّ شقيقي "جاني" استشهد في منطقة هور العظيم ولكن لم يعثروا على جثمانه حتى الآن. منذ ذلك العام حتى يومنا هذا أمي بإنتظار خبر رجوع رفاته إلى البيت. ليلة أمس رأت أمي في المنام لأوّل مرّة أنّ ولدها "جاني جات" رجع إلى البيت."
أمّا أم الشهيد فقد قالت: "حينما أتحدث عن أفضلية جاني على بقية الشباب في أقربائنا يُقال لي أنت تقولين هذا الكلام بسبب حبّك لإبنك ، ولكن في الحقيقة هو كان يختلف عن الجميع في حسن أخلاقه وإيمانه وكان شابّاً نبيلاً بكل معنى الكلمة. هو لم يترك ولا مرّة العبادة في الكنيسة في يوم الأحد وكان معتاداً على هذا الأمر". ولقد أخبر الإمام خامنئي(حفظه الله) والدتي بأنّ للشهداء مكانةً عالية عندالله". وتابع شقيق الشهيد: "اللقاء كان وُدّياً وحارّاً وسأل الإمام الخامنئي عن أحوالنا انا وشقيقي شارلي وعن دروسنا وأعمالنا وتفقّدنا بلطفه".
في الدفاع عن الوطن كلّنا سواء
قالت إحدى أقرباء الشهيد في حوار لها مع التلفزيون الإيراني:" حينما يتعرضّ البلاد لأي خطر فنحن المسيحيّون نُضحّي بأنفسنا من أجل الدفاع عن الوطن كالإخوة المسلمين".
وتابعت: "كانت أم الشهيدة تتمنّى في سنوات حياتها أن تقرّ عيناها برجوع رفات ولدها الشهيد إلى حاضنتها ولكن تُوفّيت ولم تتوفّق لهذا الأمر واليوم نحن نشعر بمكانها الفارغ في مراسم إستقبال رفات شهيد الوطن".
الإمام الخامنئي والشهداء المسيحيون
منذ السنوات الأولى من الحرب ما زال السيد القائد يزور أهالي الشهداء المسيحيين وذلك في عيد رأس السنة الميلادية. قال الإمام الخامنئي (حفظه الله) في إحدى لقاءاته مع ذوي أحد الشهداء المسيحييين: إنّ منزلة شهدائنا المسيحيين عندنا مثل حواريّي السيد المسيح (ع)".
المسيح في ليلة القدر
قامت دار "صهبا" للطباعة بنشر كتاب جميل يروي لقاءات قائد الثورة الإسلامية مع عوائل الشهداء المسيحيين في إيران منذ الثمانينات إلى ماقبل سنوات بطريقة جذّابة. إسم هذا الكتاب المسيح في ليلة القدر وقد أورد المؤلف في الكتاب رواية لقاء الإمام الخامنئي (حفظه الله) مع ذوي الشهيد "جاني جات أوشانا".
علاقة المسلمين والمسيحيين في إيران
إنّ هناك علاقة وثيقة بين المسلمين والمسيحيين في إيران إذ لايشعر المسيحي أو المسلم بأيّ فاصلة بينهم بل يتبادلون الحب ويتعاملون معاً بالرفق والمحبّة دائماً.
في أيام إستشهاد الإمام الحسين (ع) يقوم المسيحيون في طهران بإقامة مراسم العزاء ويُقدّمون القرابين للإمام الحسين(ع) وحتى بعضهم يُسمّون أولادهم بإسم "العباس" شقيق الإمام حبّاً له وتكريماً لوفائه.
مؤسسة الشهيد تدعم عوائل الشهداء المسيحيين
تزامناً مع قيام الحرب المفروضة البعثية على إيران تمّ تأسيس مؤسسة الشهيد لمراعاة شؤون الجرحى وعوائل الشهداء وتُقدّم هذه المؤسسة الدعم المادي والمعنوي لعوائلهم وحسب القانون إذ لافرق بين الشهداء المسيحيين والمسلمين الذين يحظون بدعم المؤسسة فكلّ دعم يُقدّم لعوائل الشهداء المسلمين لابدّ أن يُقدّم لعوائل الشهداء المسيحيين بلا أدنى فرق.
الإستقبال الحار للشهيد
استقبل الآلاف من المسلمين والمسيحيين رفات الشهيد "جاني جات أوشانا" في مكان تمّ تسميته بـ"معراج الشهداء" وذلك من أجل توديع الناس له. هذه المراسيم أُجريت في أجواء روحانية ووُدّية حيث تجلت فيه وحدة الأديان المختلفة في إيران في الدفاع عن حدودهم وتعايشهم السلمي والأخوي.
التشييع
سوف يُشيّع الشهيد المسيحي "جاني جات أوشانا" على أيدي الشعب الإيراني الأوفياء إلى مقبرته في يوم الجمعة في 28 أبريل 2023 وسيشارك فيها ألاف المواطنين من مختلف الأديان والمذاهب.