جدران تعج بجداريات المقاومة
قبل ثماني سنوات، في شهر آب/أغسطس، توشحت ريشة الفنانة ليلى العجاوّي، لأول مرة، بأبهى الألوان، لتبدأ رحلتها على جدران مخيم "إربد" للاجئين الفلسطينيين شمال الأردن.
حفظ الذاكرة الفلسطينية بالفراشة
في ذلك اليوم، جسّدت المقاومة الفلسطينية كجبلٍ صامد، مُعلنةً تضامنها مع أهالي قطاع غزة، الذين كانوا يتلقون أمطارَ النار تحت طائرات الاحتلال الصهيوني.
ليلى اللاجئة الفلسطينية، التي تقطن مخيم إربد، اتخذت من فرشاتها ومزيج ألوانها، سلاحاً تدحر به رواية المحتل، وتحفظ به الذاكرة الفلسطينية. حمَلَت هّم وطنها المسلوب، وطبعت في ذاكرتها عنه صوراً بطعم الوفاء والحنين.
بين التجارب الذاتية والهمّ المجتمعي حكاياتٌ كثيرة، اقتنصتها ليلى وحولتها لمواضيع للوحات تعبر عن أفكارها وقناعاتها، فتارةً تدافع عن هوية وطنها، وتارة أخرى تُناصر حقوق النساء.. كل هذا بـ "الجرافيتي"، الفن الذي يعج بالرسائل الاجتماعية التي تحمل عنوان "التغيير".
تأثير الغرافيتي أكبر من أي مبادرة أخرى
لم تتوان للحظة عن المشاركة في المبادرات المجتمعية، بحسب قولها "تحملت المسؤولية منذ طفولتي وكبر هذا الحس، عندما وجدت مدى تأثير الرسومات مجتمعياً، وأن الفن رسالة سامية قادرة على التغيير وجلب الانتباه للرسائل أكثر من أي وسيلة أخرى ". تقول العجاوّي: "مع دخول الجرافيتي إلى حياتي شعرت أنه أداة فعالة جداً وتأثيره أكثر من أي مبادرات قمت بها سابقاً، فأصبحت أدمج الفن مع المبادرات، وأطبق مبادئي و قناعتي على الجداريات، فعندما أرسم عن أي قضية يجب أن أكون مؤمنة بها قبل أن أبدأ برسمها، وهل عندي المعلومات الكافية عنها أم لا".
تضيف: "هو بمثابة باب يفتح على الناس مباشرة، أتحدث مع كل من يمر في الشارع دون حواجز، ومن هنا تكمن أهميته وقدرته على التأثير".
يعد فن الجرافيتي من أهم الفنون التي يشهدها العالم للتواصل، وإحياء تراث الشعوب وتاريخها وفكرها فهي تحمل رسالة ثقافية وجمالية، وتعود الجداريات الأولى إلى زمن قديم أيام الحضارة الفرعونية والإغريقية والرومانية، وكانت داخل الكهوف وتطور الفن عبر الزمن، الذي يعرف بالتغيرات العامة لملامح سطح عن طريق استخدام بخاخ دهان أو قلم تعليم أو مواد أخرى.
تجري ليلى في كل مرة، جولة استطلاعية داخل المخيم، الذي تريد أن تنجز لوحة فنية على جدرانه - موضحة ذلك – "في حال كانت الرسمة تنتمي للناس سوف يدافعون ويحافظون على وجودها واذا كانت بعيدة عن قناعاتهم وتوجهاتهم سوف يخربشون عليها ويمسحونها".