تجدد الاشتباكات رغم الهدنة.. واتهامات متبادلة
لا مؤشر على استعداد طرفي النزاع في السودان للتفاوض!
تجددت الاشتباكات الأربعاء في الخرطوم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في ثاني أيام الهدنة، فيما تدرس واشنطن خطة لإرسال قوات أميركية إلى مدينة بورتسودان للمساعدة في إجلاء الأميركيين.
فقد اندلعت صباح الأربعاء اشتباكات بشتى أنواع الأسلحة بين الجيش والدعم السريع في محيط القصر الرئاسي بالخرطوم. كما سُجلت انفجارات وإطلاق نار متقطع في بعض أنحاء العاصمة السودانية، وكذلك في أم درمان.
واتهم الجيش السوداني من وصفهم بالمتمردين بخرق الهدنة عبر قصف محيط القيادة العامة للقوات المسلحة بالخرطوم، في حين اتهمت قوات الدعم السريع الجيش باستهداف وحداتها المتمركزة في القصر الرئاسي ومواقع أخرى بالمدفعية والطيران.
ومع ذلك، بدا أن هناك فرصة لصمود الهدنة الرابعة من نوعها، وذلك وسط دعوات دولية لوقف شامل لإطلاق النار. وقال مصدر محلي: إن الهدنة التي تنتهي الخميس تبدو أفضل من سابقاتها، مشيرا إلى وجود حركة خفيفة في شوارع الخرطوم.
هدوء في ظل الهدنة
وخارج الخرطوم، يسود الهدوء المناطق التي شهدت اشتباكات في الأيام السابقة، وبينها مدينة الأبيض بشمال كردفان بعد سيطرة الجيش عليها وانسحاب قوات الدعم السريع منها. وفي ظل الهدوء الذي أتاحته الهدنة، تتواصل عمليات إجلاء الرعايا الأجانب من السودان.
وقد نقلت "شبكة سي إن إن" عن مسؤول أميركي: أن واشنطن تدرس خطة لإرسال قوات أميركية إلى مدينة بورتسودان للمساعدة في إجلاء الأميركيين.
دعوات للتظاهر السلمي
على صعيد آخر دعت منظمات المجتمع المدني السوداني القوى المدنية إلى الخروج السلمي، للتظاهر سعياً لوقف الحرب القائمة والوصول إلى توافق وطني شامل يجمع المكونات السودانية المختلفة. وقال رئيس المبادرة الوطنية لحل الأزمة السودانية عادل عبد الباقي، إنّ تلك الدعوة تأتي في إطار سعي منظمات المجتمع المدني لإيقاف الحرب ودعم عملية السلام الاجتماعي في البلاد عن طريق الضغط على الأطراف المتنازعة من أجل تمديد الهدنة لمدة لا تقل عن 10 أيام لتهيئة المناخ الملائم لحوار وطني شامل لحل الأزمة.
وأضاف: "بعد الاتفاق على الهدنة، يتم فتح ممرات آمنة طوال تلك المدة من أجل خروج كل الأطراف من المستشفيات والمرافق الحيوية وتسليمها للجهات المختصة"، وتشمل تلك الدعوة فتح المطار حتى تستطيع الدول الإقليمية والدولية إيصال المساعدات الإنسانية إلى السودان.
كذلك، أشار عبد الباقي إلى أن التظاهرات تهدف أيضاً إلى التعجيل بالتوصل إلى اتفاق شامل ينهي هذا الاقتتال من دون شروط، إضافة إلى وقف عمليات القصف الجوي داخل المدن والعمل على تسهيل إجلاء المواطنين إلى ولايات آمنة.
وطالب بتشكيل لجنة محايدة من منظمات المجتمع المدني وأطراف أخرى لتقريب وجهات النظر بين المكونات المتنازعة، علاوة على وقف التدخلات الخارجية التي تعرقل وحدة السودان وأمنه.
الصليب الأحمر لا يعتزم إجلاء طواقمه من السودان
وأكدّت المتحدثة الإقليمية باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إيمان الطرابلسي، صعوبة قيام الفاعلين الإنسانيين الدوليين بإيصال المساعدات الإنسانية إلى السودان، وصعوبة عمل المشافي والمنشآت الصحية. ولفتت إلى أن عدداً من المشافي اضطر إلى تعليق عمله بسبب نفاد الأدوية والمعدات الصحية اللازمة، في ظل الاقتتال المتصاعد. وقالت الطرابلسي، إن العنف المتزايد يجعل الوضع الحالي في غاية التوتر والخطورة، مضيفةً أن هناك تأزماً بشكل مستمر في الوضع الإنساني. من جانب آخر، أكدت الطرابلسي أن اللجنة لا تعتزم سحب طواقمها العاملة في السودان، مشيرة إلى صعوبة التواصل مع هذه الطواقم بسبب الظروف الحالية من الاقتتال وانقطاع الاتصالات.
روسيا: نقل السلطة كان بشكل مصطنع
وقالت نائبة مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، أنّا يستغنيفا، إنّ العديد من اللاعبين الخارجيين قاموا بشكل مصطنع بتعجيل عملية نقل السلطة إلى القوى المدنية في السودان، لافتة إلى أن هذه الأطراف الخارجية فرضت ظهور عدة قرارات لم تنل أي شعبية في المجتمع.
من جهته رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان، فولكر بيرتيس، استنكر تجاهل قوانين الحرب وقواعدها في الصراع الدائر في السودان، مشيراً إلى أنّ الطرفين المتحاربان ما زالا مقتنعين بأن تأمين نصر عسكري على الآخر ممكن.
وأضاف بيرتيس أمام مجلس الأمن الدولي: "نحن على اتصال منتظم مع القائدين المتناحرين اللذين يقاتلان من أجل السيطرة على الدولة".
وترى الدبلوماسية الروسية أن من المستبعد أن يقوم مثل هذا النهج بتعزيز انطلاق تسوية شاملة.
تأتي هذه التطورات في وقت دخل أخطر صراع في السودان يومه الـ11، من دون أي بوادر لحل قريب.
عسكريون محتجزون في مستشفى علياء
وبالتزامن مع ذلك، أكد الجيش السوداني، الأربعاء، وجود الرئيس السوداني السابق عمر البشير في مستشفى علياء العسكري، بتوصيات من الجهات الطبية في سجن كوبر قبل اندلاع القتال بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع. وقال الجيش السوداني: إنَّ جزءاً من متهمي 30 يونيو من العسكريين كانوا محتجزين في مستشفى علياء نظراً إلى ظروفهم الصحية، ولا يزالون فيه تحت حراسة الشرطة القضائية. وأوضح: أن الرئيس السابق من بين المحتجزين داخل المستشفى، إلى جانب رئيس الوزراء السابق بكري حسن صالح ووزير الدفاع السابق عبد الرحيم محمد حسين. وفي وقت سابق، كشفت وسائل إعلام بريطانية أن الرئيس السوداني السابق عمر البشير نُقل من السجن إلى مستشفى عسكري قبل اندلاع الاشتباكات. يأتي هذا بعد تقارير أشارت إلى هروب النزلاء من سجن كوبر في وقت سابق هذا الأسبوع، بعد هجوم شنه مسلحون. وكان البشير وبعض كبار نوابه من بين المحتجزين في هذا السجن.