الارادة سلاح الشباب الناجح
الوفاق/ خاص
نسرين نجم
نمر في هذه الحياة بظروف واوقات ومحطات عصيبة وقاسية، وقد نعتقد للوهلة الاولى بأننا لا نستطيع الخروج منها او التخلص من عقدتها، وأحيانا هذه المواقف لا يكون سببها الشخص نفسه، بل فرضت عليه مثال الحروب والضائقة الاقتصادية والمعيشية الخانقة والتي تعاني منها أغلب الدول في العالم، اضف الى ذلك زعزعة المنظومة الاخلاقية القيمية في مجتمعاتنا نتيجة الحروب الناعمة التي شنتها وتشنها قوى الاستكبار العالمي لتفكيك الروابط الاسرية والمجتمعية، التي ورغم كل هذه الهجمات والغزوات الثقافية الفكرية الاعلامية التي قامت بها لا تزال بعض المجتمعات متمسكة بهذه المنظومة كسلاح فعال لمواجهة هذه التحديات... وقد سعى الغرب الاستكباري لسلخ فئة الشباب عن الحصانة الإيمانية والعقائدية ليسهل الانقضاض عليه، ويعمل بالتالي على صناعة عقول وتكوين اتجاهات للرأي العام تتناسب وسياساتهم اللاخلاقية اللانسانية، لكنهم فشلوا فشلا ذريعا امام ارادة الشعوب التواقة للاستقلال عن هيمنة اميركا وحلفائها وعلى رأسهم الكيان الصهيوني، وهذا ما كان واضحا من خلال اتفاقيات التطبيع مع بعض دول الخليج الفارسي والكيان المحتل، حيث رفضت شعوبها هذه الاتفاقيات واكبر دليل على ذلك ما حصل في مونديال قطر حيث شعر الصهاينة الذين ذهبوا لتغطية مباريات كأس العالم بأنهم مرفوضين ومنبوذين، وايضا بدت جليا ارادة الشعوب بتبني القضية الفلسطينية كقضية مركزية واساسية في وجدانهم وفي قلوبهم واحياء يوم القدس العالمي اكبر شاهد على هذا الامر، حيث شارك عشرات الملايين في مختلف انحاء العالم بإحياء هذا اليوم بمسيرات تضامنية مع حق الشعب الفلسطيني بتحرير ارضه من رجس الاحتلال، وتنديداً بالمجازر التي يرتكبها العدو بحق الفلسطينيين، وهذا يعود للارادة الحقيقية لهؤلاء الشباب برفض الظلم والاحتلال والطغيان..
ايضا لا يمكن ان نغفل عن ارادة الشباب المقاوم في اليمن، لبنان، العراق، سوريا، فقد كسرت هذه الارادة قيود المحتلين والغزاة وحققت انتصارات مدوية، وهذه الارادة الصلبة والمتينة اتت لا بل نهلت من معين مدرسة الامام الخميني (قدس) الذي أطلق الثورة الاسلامية الايرانية المباركة والتي غيرت مجرى التاريخ، وأضحت انموذجاً راقياً لارادة الشعوب التي تريد الحرية ومقاومة الاستكبار...
اذن الارادة تصنع المعجزات، وهذه الارادة تبنى من خلال تحديد الأولويات والاهداف، ومواجهة الظلم والفساد والاستكبار، والايمان بأن من يريد تحقيق ما يصبو اليه لن يمنعه احدا من ذلك خاصة اذا كان على حق، تماما كما حصل مع الجمهورية الاسلامية الايرانية التي وعلى الرغم من العقوبات الجائرة والحصار، وافتعال احداث الشغب من قبل الادارة الاميركية الخبيثة وادواتها من صهاينة ومنافقي خلق، الا انها كسرت كل هذه العقبات وأصبحت قبلة اقتصادية سياسية متينة وقوية جدا لأقوى دول العالم...
ولا يمكن ان ننسى عامل الصبر، فالارادة تنجح عندما يكون هناك صبر وتفكير وتكتيك وحنكة وحكمة ودراية في قراءة وتحليل الامور، وعدم الحصول على المعلومات من مواقع التواصل الاجتماعي او من شاشات التلفزة فقط، بل تمتين العقل بالثقافة السليمة لتمييز الحق من الباطل، الصح
من الخطأ.
وحتى ان الامام الخميني (قدس) كان يشدد دائما على تقوية الارادة لكي لا يقع الفرد في الضعف والعجز، وهو العارف بأن الارادة هي طاقة كبيرة في النفس وكنز دفين يحتاج لتحفيز ليتبلور أكثر فأكثر، فقد كان يربط نجاح الارادة بالنية الصافية النقية، والايمان الحقيقي، والابتعاد عن حب الدنيا الذي من شأنه ان يجعل الروح تعصى وتتمرد، ويقول قده: "أفضل الاعمال أحمزها، فالتنازل عن النوم اللذيذ في الشتاء البارد، والانصراف الى عبادة الحق تعالى، يزيد من قوة الروح وتغلبها على قوة الجسم ويقوي الإرادة".. وعندما يتخلى الانسان عن الانانية ويعود نفسه على الذكر والفكر والعبادة، لذلك عمل قده لا بل صنع ارادة وعزيمة حقيقية متينة عند الشباب المسلم لكي لا يقعوا في فخ وبراثن مغريات الغرب الاستكباري فيقول الامام (قدس): "عندما لا يكون للقوى الكبرى قاعدة فلن تستطيع الوقوف على قدميها"، بمعنى مواجهة ايدي المستكبرين التي تسعى لانشاء خلايا مسرطنة داخل بلداننا لنهب خيراتنا وثرواتنا، وزرع الفتن والمؤامرات لانهاك هذا البلد وذاك...
لقد نجح الامام الخميني(قدس) بتأسيس هذه السياسة الحكيمة والتي عززها سماحة الامام السيد الامام علي الخامنئي دام ظله الشريف فمنع من ان تكون ابواب ايران مشرعة للمستكبرين الطغاة، وهذا حصل ايضا بوعي الشعب والتفافه الى جانب قيادته وقادته الذي رأى فيهم الأمن والامان على كافة الصعد، سيما ان الامام الخميني(قدس) ومنذ اليوم الاول لنجاح الثورة الاسلامية المباركة استند الى مفاهيم الهية اسلامية في بناء الدولة، وعمل على بناء الهوية الإسلامية المستقلة لصناعة الانسان.. مما عزز الارادة لديهم بالتفوق والابتكار والنضال والمقاومة وسهل امامهم مواجهة كل التحديات بثبات واقتدار .
إرادة الشعوب يمكنها ان تحول الضعف الى قوة، والخسارة الى انتصار، سيما اذا كانت تتمسك بأهدافها بقوة وصلابة، عندها تستطيع ان تصنع التغيير، ويقول نيتشه في كتابه «إرادة القوة»: «لا يمكن ان تظهر إرادة القوة الا من خلال علاقة مقاومة، إنها تبحث عمن يقاومها وتبحث عن المواجهات والصراعات»... ولتنجح في تحقيق ما تريده، من الضروري ان يكون هناك ضبط وتحكم بالنفس والسلوك.. إذن وبإختصار بالارادة والعزيمة نستطيع ان نصنع المعجزات...