الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائتان وعشرة - ١٠ أبريل ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائتان وعشرة - ١٠ أبريل ٢٠٢٣ - الصفحة ۷

نيسان.. جمع الدم العربي من سلسلة المجازر الصهيونية

الوفاق/ خاص
عبير شمص
يتميز شهر نيسان / أبريل في قصّة الصراع مع العدو الصهيوني، بسبب كمّ المذابح التي ارتكبها العدو الصهيوني فيه، صحيح لم يخل شهر بل يوم من قصة الصراع الممتد منذ وعد بلفور 1917 حتى اليوم 2023، من مجزرة إرتكبها العدو الصهيوني، إلا أن  لهذا الشهر خاصيّة في تاريخ الصراع وهو ما جعلنا نعرض بعضاً من تلك المجازر ليس بهدف فضح الكيان الصهيوني فقط، بل بهدف التعلّم والدرس وبناء ردّ الفعل الجماعي الرافِض  لمّا يسمى السلام والتطبيع، لأننا لسنا أمام خصم سياسي طبيعي بل عدو مجرم بُنيته الأساسية قائمة على الذبح والإبادة والإرهاب ومن ثم يصبح من العبَث تخيّل سلام أو حياة طبيعية
 معه.
فالعنف الصهيوني كفكرة ومبدأ هو أحد أسس قيام هذا الكيان المؤقت، ومسلسل المجازر والذبح الممنهج ليس جديدًا ولا هو موقف حكومة يمينية فقط، بل هو السياسة الإستراتيجية الثابتة لكيان العدو ضد كل عربي وإسلامي وفي أية بقعة مهما بلغت قداستها، وهذا ما نراه  اليوم من ارتكابه لجريمته المرعبة بحق المعتكفين في المسجد الأقصى الشريف، وتاريخنا معهم لا يحمل سوى مسلسل متتالٍ من الغدر والغيلة، منذ 1948 وحتى اليوم. ولأننا إزاء مئات المذابح التي ارتكبها الكيان الصهيوني ضد الفلسطينين والعرب، فسننتقي فقط ثلاثاً منها هي الأشهَر في تاريخ الصراع ووقعت
في أبريل/نيسان:
مجزرة دير ياسين في فلسطين... أولى عمليات التطهير العرقي
هي مذبحة ارتكبتها منظمّتان عسكريتان صهيونيتان هما الإرغون التي كان يتزعّمها مناحيم بيغين، رئيس وزراء العدو في ما بعد، وشتيرن ليحي التي كان يترأسها إسحق شامير والذي أصبح أيضاً رئيس وزراء لاحقاً، وتمّ الهجوم باتفاق مُسبَق مع الهاغاناه، وراح ضحيّتها زهاء 260 فلسطينياً من أهالي القرية العُزّل. وكانت المذبحة، وغيرها من أعمال الإرهاب والتنكيل، إحدى الوسائل التي انتهجتها المنظمات الصهيونية المسلّحة من أجل السيطرة على الأوضاع في فلسطين تمهيداً لإقامة الدولة الصهيونية.
لقد أرسل مناحيم بيغين برقية تهنئة إلى رعنان قائد الإرغون الذي ارتكب المذبحة قال فيها: "تهنئتي لكم لهذا الانتصار العظيم، وقل لجنودك إنهم صنعوا التاريخ في إسرائيل". وفي كتابه المعنوَن (الثورة) كتب بيغين يقول: "إن مذبحة دير ياسين أسهمت مع غيرها من المجازر الأخرى في تفريغ البلاد من 650 ألف عربي". وأضاف قائلاً: "لولا دير ياسين لما قامت
إسرائيل".
 ولقد أقيمت على أراضي القرية مستوطنة جيفات شاؤول، ومع مرور الزمن توسعت القدس إلى أن ضمت أرض دير ياسين إليها لتصبح ضاحية من ضواحي القدس وأياً ما كان الأمر، فالثابت أن مذبحة دير ياسين والمذابح الأخرى المماثلة لم تكن مجرد حوادث فردية أو استثنائية طائشة، بل كانت جزءاً أصيلاً من نمط ثابت ومتواتر ومتصل، يعكس الرؤية الصهيونية للواقع والتاريخ والآخر، إذ يصبح العنف بأشكاله المختلفة وسيلة لإعادة صياغة الشخصية اليهودية، كما شكلت وسيلة لتفريغ فلسطين من سكانها الأصليين وإحلال المستوطنين الصهاينة محلهم وفرض واقع جديد في فلسطين يستبعد العناصر الأخرى غير اليهودية المكوِّنة لهويتها
 وتاريخها.
 وقد عبَّرت دولة العدو لاحقاً عن فخرها بمذبحة دير ياسين، بعد 32 عاماً من وقوعها، إذ قرّرت إطلاق أسماء المنظّمات الصهيونية: الإرغون، وإتسل، والبالماخ، والهاغاناه على شوارع المستوطنة التي أُقيمت على أطلال القرية   الفلسطينية.
مدرسة بحر البقر... مجزرة صهيونية  لم تُمح من ذاكرة المصريين
"الدرس انتهى لموا الكراريس، بالدم اللي على ورقهم سال، في قصر الأمم المتحدة، في مسابقة لرسوم الأطفال، إيه رأيك فى البقع الحمرا ، يا ضمير العالم يا عزيزي، دي لطفلة مصرية وسمرا ،كانت من أشطر تلاميذى".. بهذة الكلمات المؤلمة وصف الشاعر الراحل صلاح جاهين، المذبحة التي شهدها الشعب المصري لتلاميذ صغار بمدرسة ابتدائية في محافظة الشرقية .وقعت المذبحة في تمام الساعة التاسعة وعشرين دقيقة صباح يوم الأربعاء 8 أبريل عام 1970، عندما قصفت 5 طائرات الكيان المحتل من طراز إف-4 فانتوم، تزن "1000 رطل"  مدرسة ابتدائية ودمرتها بالكامل، ودفنت تحت أنقاضها ثلاثين تلميذاً وتلميذة تتراوح أعمارهم بين السادسة والثانية عشرة. عرف العالم أجمع  المذبحة باسم مذبحة مدرسة بحر البقر، وقد مر 53 عاماً، على هذة المذبحة المأساوية التي شهدها مركز الحسينية بمحافظة الشرقية، وعاشها الشعب المصري، والتي تتجدد أحزانها سنوياً في مثل هذا اليوم، ليصبح هذا اليوم هو يوم الشهيد الذي يتذكره أبناء القرية كل عام، وتتذكره مصر كلها. جاءت المجزرة الصهيونية في ذروة حرب الاستنزاف، كرد مباشر على العمليات العسكرية المصرية الهادفة إلى تحرير سيناء، وكرسالة مباشرة إلى الناس أن النار واصلة إليكم أينما كنتم، والأيادي الطويلة للكيان قادرة على قتل أطفالكم وحرق بيوتكم، إذا استمرت الحرب.
ندد العديد من الجهات والهيئات والمنظمات بالحادثة ووصفتها بأنها تجرُّد من كل معاني الإنسانية، فكان وَقْع الهجوم عنيفًا وأليمًا وأشعل حالة من الغضب والاستنكار العارم. في حين أن إسرائيل بررت وحشيتها بأنها كانت تستهدف أهدافًا عسكرية فقط، وأن المدرسة كانت منشأة عسكرية مخفية، وادعى موشي دايان قائلاً أن المدرسة كانت قاعدة عسكرية.
بعد أيام من المجزرة تتلقى بات نيكسون زوجة الرئيس الأميركي رسالة من تلاميذ مدرسة "بحر البقر" الناجين من المذبحة. كانت الرسالة قصيرة، ومكتوبة باللغة الإنكليزية، وتقول: "سيدتي العزيزة، يا أمّ جولي وتريشيا. هل تقبلين أن تقتل طائرات "الفانتوم" الأميركية أطفالاً يدرسون بأمان في فصولهم؟! اذكري لزوجك مستر نيكسون أن ذلك هو ما قامت به طائراته!". لم تردّ بات نيكسون على رسالة الأطفال المصريين.
"جرح لم يندمل"...27عاماً على مجزرة قانا الأولى
سبعة وعشرون عاماً مضت على مجزرة قانا الأولى وما زالت ذكرى هذه المجزرة الدموية ماثلة في أذهان اللبنانيين وشعوب المنطقة كأكبر دليل على وحشية كيان الاحتلال الإسرائيلي وعقليته الإرهابية التي تكشفت أمام الرأي العام العالمي بعشرات المجازر المروعة التي ارتكبها في فلسطين المحتلة ولبنان وغيرهما من دول المنطقة.
وقعت تفاصيل المجزرة المروعة في مثل هذا اليوم 18 أبريل/نيسان 1996، في مركز قيادة فيجي التابع للأمم المتحدة في قرية قانا جنوب لبنان، حيث شنت قوات الاحتلال الصهيوني عدواناً عسكرياً، في اطار عدوان “عناقيد الغضب” وفق التسمية الصهيونية، الذي كان قد انطلق منذ 11 أبريل/نيسان وشمل مدناً وبلدات لبنانية، منها العاصمة بيروت.
ولقد أدى هذا العدوان إلى لجوء نحو 800 مدني من عدة قرى في الجنوب اللبناني إلى مقر الكتيبة الفيجية التابعة لقوة الأمم المتحدة  للسلام في لبنان هرباً من العدوان الصهيوني، ظناً منهم أنّ مراكز الأمم المتحدة ستكون بمنأى عن القصف، فأطلقت المدفعيّة "الاسرائيليّة" بعد ظهر ذلك اليوم قذائفها نحو القاعدة ما أدّى إلى استشهاد 110 مدنيين بينهم أطفال ونساء وشيوخ. وقد أصيب بعض النّاجين بجروح فظيعة، ووصلوا إلى المستشفيات المحلّية بأجساد مشوّهة ومحروقة ومصابة بشظايا. وكالعادة يقف العالم صامتاً أمام الهمجية الصهيونية، فعلى الرغم من هول المجزرة المتعمدة، كانت ردود الأفعال الدولية باردة، حيث طالبت بـالهدوء ووقف إطلاق النار أما "الكيان المحتل"، فقد أمعن في جريمته عبر تحميل الضحايا مسؤولية المجزرة، وقال عن المقاومة وحزب الله : “يتحملون مسؤولية سقوط قتلى من المدنيين”. لقد أراد الكيان الصهيوني من عدوان عناقيد  الغضب  والمجازر المرتكبة فيه والتي كانت أكبرها مجزرة قانا توجيه ضربة قوية لـ"حزب الله"، بضرب بنيته وتفكيك مؤسساته والقضاء على الرموز الأساسية وتدمير البنية العسكرية للمقاومة الإسلامية وضرب بطاريات صواريخ  الكاتيوشا ومنع وصول الصواريخ إلى شمال فلسطين وإيجاد شرخ بين المقاومة والشعب وبين المقاومة والسلطة ومؤسساته، لكن العدوان انتهى إلى صمود وانتصار الشعب والمقاومة ونتج عنه بفعل توازن الرعب الذي فرضته المقاومة عبر التصدي وقصف المستعمرات "تفاهم نيسان" الذي ينص على تحييد المدنيين وهو إنجاز كبير تحقق للمقاومة أدى إلى تناقص كبير في حجم الاعتداءات على المدنيين وأكد أن سلاح المقاومة منذ ذلك الوقت إلى اليوم يشكل رادع كبير بوجه العدوانية الصهيونية.  ختاماً هذا هو شهر نيسان/أبريل بمجازره وبطولاته أيضاً، وهو بالتأكيد ليس إستثناء في قصّة الصراع مع العدو الصهيوني التي تجاوزت المائة عام، لكنه يستحق وعن جدارة أن نسمّيه بشهر الدم والشهادة، لأنه شهد أفظع المجازر وفي الوقت نفسه شهد البطولة مُجسّدة والتضحية حاضرة وقادرة، وهو شهر يستحق أن  نواجه به المطبعين من النُخَب الحاكِمة في وطننا العربي بأننا إزاء كيان إرهاب وقتل، لا يليق بمثقّفٍ أو سياسي، بل وبإنسانٍ طبيعي أن يبني معها علاقة، فذلك هو العار بعينه، ونيسان شاهِد على ذلك.
 

 

 

 

البحث
الأرشيف التاريخي