بالتزامن مع مرور 5 سنوات على تأسيس أول وحدة من محطة للطاقة النووية..
تركيا تستعد لدخول النادي النووي.. تحديات ومكاسب عديدة
تكثّف تركيا مساعيها على قدم وساق لتحقيق هدفها للعام 2023 ودخول نادي الدول النووية، بالتزامن مع مرور 5 سنوات، على تأسيس أول وحدة من محطة «أق قويو» للطاقة النووية بولاية مرسين جنوبي البلاد.
وقبل خمس سنوات جرى وضع حجر الأساس وبدأ العمل في جميع وحدات محطة «أق قويو» للطاقة النووية، أول محطة للطاقة النووية في تركيا، ليبدأ فيما بعد العد التنازلي لتشغيل أول وحدة في المشروع هذا العام، مع مواصلة العمل على استكمال الوحدات الأخرى.
تركيا وروسيا
وفي إطار الاتفاقية الموقعة بين حكومتي الجمهورية التركية وروسيا الاتحادية في 12 مايو/ أيار 2010، تم عقد تأسيس الوحدة الأولى من محطة «أق قويو» للطاقة النووية (Akkuyu NPP)، والتي ما تزال قيد الإنشاء في منطقة «كلنار» بولاية مرسين في حفل حضره الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين بواسطة دائرة تلفزيونية مغلقة، في 3 أبريل/ نيسان 2018.
وهكذا، بدأت رسميًا أعمال البناء الوحدة الأولى من المحطة النووية التي تعتبر الأولى من نوعها في تركيا.
واكتسبت أعمال تأسيس محطة «أق قويو» للطاقة النووية، وهي من بين أكبر الاستثمارات في تركيا، زخمًا وبعدًا جديدًا مع بدء بناء الوحدة الثانية في المحطة في 8 أبريل/ نيسان 2020.
مراحل البناء المكثّفة
كما جرى بدء العمل في صب المنصات الخرسانية الأولى لوحدة الطاقة الثالثة في 10 مارس/ آذار 2021، بحفل حضره الرئيس التركي أردوغان والرئيس الروسي بوتين بواسطة دائرة تلفزيونية مغلقة، فيما تم وضع حجر الأساس للوحدة الرابعة والأخيرة في 21 يوليو/ تموز 2022، لتبدأ بعد ذلك مراحل البناء المكثّفة في المشروع الذي تحول أيضًا إلى أحد أكبر مواقع البناء في العالم.
أرض المشروع تشهد منذ 5 سنوات جهودًا محمومة وأعمال بناء مستمرة في جميع الوحدات الأربع، وقد زادت وتيرة العمل فيه مع بدء العد التنازلي لتشغيل الوحدة الأولى، حيث من المتوقع أن تحصل المحطة على وضع «منشأة نووية»، مع استقبال واستكمال عمليات وصول الشحنة الأولى من الوقود النووي إلى المنشأة في 27 أبريل/ نيسان الجاري.
ومن المقرر أن يتم هذا العام تشغيل الوحدة الأولى من محطة توليد الكهرباء، والتي ستتألف من 4 وحدات، كل منها بمفاعل توليد من النوع (VVER-1200 tipi «III+»)، بقوة 1200 ميغاواط وطاقة إجمالية تبلغ 4800 ميغاواط، وذلك بالتزامن مع إحياء تركيا الذكرى المئوية الأولى لتأسيس الجمهورية (29 أكتوبر/ تشرين الأول 2023).
الدول المنتجة للطاقة الكهربائية
ومن المتوقع أن تتحول تركيا من خلال هذا المشروع إلى واحدة من الدول المنتجة للطاقة الكهربائية من الطاقة النووية، حيث ستقوم المحطة بنقل الطاقة الكهربائية المنتجة من الطاقة النووية إلى شبكة الكهرباء العامة لأول مرة في تاريخ تركيا، التي سعت منذ نصف قرن إلى تحقيق هدفها في توليد الطاقة الكهربائية من الطاقة النووية.
من ناحية أخرى، تواصل تركيا العمل على استكمال أعمال البناء والتأسيس في الوحدات الثلاثة الأخرى، واستكمال الجاهزية لتصبح تلك الوحدات جاهزة للعمل بحلول نهاية عام 2026، بفاصل عام واحد بين كل وحدة.
كما من المتوقع أن توفر محطة «أق قويو» للطاقة النووية، التي ستنتج ما يقرب من 35 مليار كيلوواط/ ساعة من الكهرباء سنويًا عند تشغيل كامل وحداتها، ما نسبته 10 في المائة من الطلب على الكهرباء في تركيا.
إضافة إلى ما سبق، لا بد من الإشارة إلى أن محطة «أق قويو» للطاقة النووية ستكون قادرة على إنتاج الطاقة الكهربائية باستمرار ودون انبعاثات وغازات دفيئة ضارة بالبيئة، ما يعني توفيرها مساهمة مهمة في هدف تركيا المتعلق بتصفير الانبعاثات الدفيئة بحلول عام 2053، كما أن المشروع يوفر فرص عمل لـ 4 آلاف شخص خلال فترة التشغيل.
إستراتيجية الطاقة النووية التركية
تسعى تركيا جاهدة إلى تطوير إستراتيجية للطاقة النووية لتلبية احتياجاتها المتزايدة من الطاقة، وتهدف الدولة إلى تنويع مصادر الطاقة وتقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري. وحددت الحكومة التركية هدفًا لتوليد 10% من الكهرباء من الطاقة النووية بحلول عام 2030. واستثمرت تركيا في بناء محطات الطاقة النووية، لتحقيق هذا الهدف.
بالإضافة إلى بناء محطات جديدة، تستثمر تركيا في البحث والتطوير النووي، إذ أنشأت هيئة الطاقة الذرية التركية (تي إيه إي كيه) للإشراف على برنامج الطاقة النووية لديها وضمان سلامتها وأمنها.
وتُعدّ محطة أكويو النووية أحد أهم الاستثمارات التي تقوم بها الحكومة التركية، بتكلفة إجمالية قدرها 20 مليار دولار. وتتوافق جميع الإجراءات الأمنية التي اتخذتها المحطة مع معايير وكالة الطاقة الذرية. في المقابل، تواجه محطة أكويو النووية، بصفتها أول محطة للطاقة النووية في تركيا، التي ستُشَغَّل قريبًا (المرحلة الأولى بسعة 1200 ميغاواط) العديد من التحديات والفرص.
تحديات وفرص
في 27 أبريل/نيسان 2023، من المقرر أن تحصل محطة أكويو النووية على أول تسليم للوقود.
وتُعدّ هذه هي الخطوة الأولى على طريق التشغيل الكامل، التي من المتوقع أن تحدث بحلول عام 2026. وسيكون لدى محطة أكويو النووية 4 مفاعلات للماء المضغوط من طراز في في إي آر-1200 بتصميم روسي، على الرغم من وجود مخاوف بشأن طول عمر التعاون النووي بين روسيا وتركيا.
وستجلب محطة أكويو النووية المتاعب والمنافع لتركيا، وعلى الرغم من وجود مخاوف تتعلق بالسلامة، كما هو الحال بالنسبة لتكاليف المشروع، فإن إنتاج الكهرباء وخلق فرص العمل ومكانة تركيا في الساحة الدولية تندرج في إطار الفوائد.
وإذا جرى التعامل معها بشكل جيد، يمكن أن تحفّز المنشأة استقلال الطاقة والنمو الاقتصادي لتركيا.