وسط تدهور تاريخي لليرة

الإدّعاء يطالب بتوقيف حاكم مصرف لبنان وحجز أملاكه

الوفاق/ وكالات
طالبت وزارة العدل اللبنانية، الأربعاء، بتوقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه ومساعدته ومصادرة أملاكهم، في وقت لم يحضر فيه سلامة جلسة الاستجواب التي كانت مقررة يوم أمس بحضور الوفد الأوروبي، وأرجئت إلى اليوم الخميس، حيث يحاكم سلامة بشبهات ارتكابه جرائم مالية.
وتقدمت الدولة اللبنانية، ممثلة برئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة اسكندر، بادعاء شخصي بحق كل من حاكم مصرف لبنان رياض توفيق سلامة وشقيقه رجا توفيق سلامة وماريان مجيد الحويك وكل من يظهره التحقيق، وذلك تبعاً لادعاء النيابة العامة الاستئنافية في بيروت بموجب ورقة الطلب المقدمة إلى قاضي التحقيق الأول في بيروت بالإنابة شربل أبو سمرا، بجرائم الرشوة والتزوير واستعمال المزور وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتهرب الضريبي.
وطلبت المدعية توقيف المتهمين وحجز أملاكهم العقارية وتجميد حساباتهم المصرفية وحسابات أزواجهم وأولادهم القاصرين، لمنعهم من التصرف بها حفاظاً على حقوق الدولة اللبنانية. كما طالبت بإصدار القرار في حقهم تمهيداً لمحاكمتهم أمام محكمة الجنايات في بيروت لإنزال أشد العقوبات لخطورة الجرائم المدعى بها في حقهم، محتفظة بحق تحديد التعويضات الشخصية أمام محكمة الأساس.
وطلبت أيضاً إحالة نسخة من الدعوى على هيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان بواسطة النيابة العامة التمييزية، لتجميد حسابات المدعى عليهم وحسابات أزواجهم وأولادهم القاصرين لدى المصارف اللبنانية والأجنبية.
وبحسب الوكالة الوطنية للإعلام فقد طلبت المدعية أيضاً، إصدار القرار بوضع إشارة هذه الدعوى على عقارات المدعى عليهم لمنعهم من التصرف بها. ويجري التحقيق مع سلامة (72 عاماً) وشقيقه في لبنان وخمس دول أوروبية على الأقل، وكلاهما ينفي ارتكاب أي مخالفة.
تدهور تأريخي لليرة
وفي مشهد فوضوي يعبر عن مدى الانهيار المالي والاقتصادي الذي وصل إليه لبنان، تدهورت العملة الوطنية، الثلاثاء، إلى مستوى غير مسبوق، ليتجاوز سعر صرف الدولار 100 ألف ليرة في السوق الموازية (السوداء)، وسط توقعات بانزلاق البلاد إلى مزيد من الانهيار، في ظل أزمة سيولة حادة واستئناف المصارف إضراباً مفتوحاً، وشلل سياسي وعدم شروع السلطات في إصلاحات مالية.
ويُتهم المسؤولون في لبنان من قبل المجتمع الدولي بممارسة مماطلة متعمدة في معالجة أسباب الأزمة الاقتصادية المستمرة منذ أواخر عام 2019، رغم تكلفة التقاعس والتلكؤ والتأخير الباهظة على حياة المواطنين، والتحذيرات المتواصلة من انفجار اجتماعي كبير بات على الأبواب.
وراوح سعر صرف الدولار في السوق السوداء، صباح الثلاثاء، بين 100 ألف و101 ألف ليرة، وسط تقلبات على مدار اليوم بالتزامن مع دخول إضراب المصارف حيز التنفيذ بعد قرارها العودة إلى الإقفال، اعتراضاً على الأحكام القضائية الصادرة ضد بعض البنوك لصالح قسم من المودعين، وكذلك استئناف التحقيقات الأوروبية في ملف حاكم المصرف المركزي رياض سلامة وشبهات الجرائم المالية.
وزاد من خطورة تحليق الدولار، دخول البلاد مرحلة الدولرة التي طاولت قطاعات تجارية وسياحية وغذائية، وحتى طبية، رغم أن أكثرية اللبنانيين لا تزال تتقاضى رواتبها بالليرة، وتدفع ضرائب كبيرة، ما يضرب بشكل دراماتيكي قدرة المواطنين على الوصول إلى أبسط الاحتياجات المعيشية الأساسية، ويهدد أمنهم الغذائي والصحي بالدرجة الأولى.
تبعاً لذلك، انعكس ارتفاع الدولار تلقائياً على أسعار السلع والمواد الغذائية بعد قرار وزارة الاقتصاد والتجارة دولرة قطاع السوبرماركتات (المتاجر) بذريعة لجم جشع التجار، والحد من أرباحهم الطائلة، علماً أن خطوتها فاقمت معاناة الناس، وفتحت أكثر شهية التجار، في ظل التسعير العشوائي حتى بالدولار، وغياب الرقابة وانعدام المحاسبة.
وشهدت البلاد أيضاً موجة غلاء غير مسبوقة على مستوى المحروقات التي زادت بشكل كبير، سيراً على خطى الدولار، مع تسجيل تراجع في حجم الاستهلاك، وهو حال جميع الخدمات الأساسية، صحياً، استشفائياً، التي تؤدي فواتيرها الباهظة إلى تراجع إشغال غرف المستشفيات، وخفض الطلب على الدواء، وكذلك الحال في الاتصالات والكهرباء وغيرها من القطاعات التي إما أصبحت مدولرة، أو تحتسب على سعر منصة "صيرفة" التابعة لمصرف لبنان التي بدورها تسير تصاعدياً، لأكثر من 75 ألف ليرة للدولار. ويزيد الشلل السياسي الوضع سوءاً، في ظل فراغ رئاسي منذ أشهر تدير خلاله البلاد حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية، بينها إصلاحات يشترطها المجتمع الدولي لتقديم الدعم من أجل وقف النزف الحاصل.
ومنذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، فشل البرلمان اللبناني 11 مرة في انتخاب رئيس جراء انقسامات سياسية عميقة، إذ لا يملك أي فريق أكثرية برلمانية تخوله إيصال مرشح.

 

البحث
الأرشيف التاريخي