كتب تاريخية
الموساد في العراق ودول الجوار... إنهيار الآمال الاسرائيلية والكردية
لا نلقي بالاً للهالة الاعلامية التي يضفيها ساسة وعسكريو وصناع القرار في الكيان المؤقت على أجهزة أمنهم ومخابراتهم، ذلك أنها أخفقت في كثير من الحالات باستشراف الأحداث وأوقعت الكيان المؤقت في مآزق، بلغ بعضها أحياناً حد كسر العظم. ومع ذلك، فإننا لا نستخف بأدائها ونجاحاتها في أحيانٍ كثيرة، وخاصة جهاز الموساد الذي امتدت أذرعه إلى داخل الوطن العربي.
والموساد ليس ككل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية الأخرى، مع إنه واحد من ثلاثية الشين بيت – الاستخبارات العسكرية – الموساد والتي تضم في جنباتها " النخبة" من الإسرائيليين، وترتبط مباشرةً مع رئيس الوزراء وتُنفذ سياسة الدولة العبرية الارهابية ليس في ميادين الأعداء فقط، بل في دوائر ومؤسسات الأصدقاء وصولاً إلى نقاط تفيدهم في قادم الأيام لدى الدول المعنية. نقول هذا وبين أيدينا كتاب يتحدث عن عمل الموساد في العراق، إيران، تركيا وربما سورية أيضاً عبر التغلغل الإسرائيلي في صفوف الأكراد في شمال العراق. يتحدث الكاتب الصهيوني شلومو نكديمون في كتابه "الموساد في العراق ودول الجوار" عن العلاقات والتعاون العسكري لـ"حركة" مصطفى البرزاني مع "الموساد" في كردستان شمالي العراق، شارحاً أهداف هذا التعاون الذي دام 12 عاماً ودوره في إدامة التحرك ضد الحكومة في بغداد. أمّا بالنسبة "لإسرائيل"، فيشير الكاتب أن تغلغلها في شمال العراق كان من أجل استخدام الأكراد جسراً للعبور نحو دول الجوار مثل إيران وتركيا، وإضعافاً لبغداد التي كانت تنظر إليها "إسرائيل" على أنها "الخطر المزعج". لعّل التعاون الإسرائيلي – الكردي معروف، وتناقلت أخباره وسائل الأعلام المختلفة، بيّد أنّ الكتاب الذي بين أيدينا يكشف النقاب عن أسراره وخفاياه، وبقلم إسرائيلي لا يتطرق إليه الشك، وإنّ كنا نعتقد أن هناك معلومات ما زالت طي الكتمان، ذلك أنها تصل بأشخاص ما يزالون يعملون جنباً إلى جنب مع الأكراد، حتى أيامنا هذه. وقد استند الكاتب، ضمن 31 فصلاً، إلى وثائق سرية لم تنشر، والى مقابلات مع رجال "الموساد" الذين كلفوا بالإشراف المباشر على النشاطات في كردستان، بالإضافة إلى تقارير إعلامية، وأرشيف خاص وعام، ومذكرات ورسائل كتبها مستشارون إسرائيليون أثناء تواجدهم في كردستان. وقد عمد إلى نشر صور نادرة لتعزيز المعطيات (مثل صورة المستشفى الميداني الإسرائيلي في المنطقة التي يسيطر عليها البرزاني، وكذلك صورة أعضاء الطاقم الطبي، وصور مهمة أُخرى) بالإضافة إلى تفاصيل زيارات الوفود الكردية إلى الكيان الإسرائيلي المؤقت الذي دعم البارزاني بشتى أنواع الاسلحة، وقد تُرجم الكتاب الى العربية ونشر في عمّان عام 1997.