الشباب الفئة الاكثر استهدافاً من قبل محور الاستكبار
نسرین نجم
يعتبر الشباب الفئة الاكثر انتاجاً وفعالياً وتأثيراً في بناء المجتمعات وتطور الدول وتقدمها، نظراً للكفاءات والطاقات والحيوية والطموح الذي يمتلكونه، وكذلك هي الفئة الاكثر استهدافا من قبل محور الاستكبار لاستقطابها واستغلال طاقاتها لصالح سياساتها الاستعمارية، لذلك يعملون على جذبهم بعناوين وشعارات مختلفة وبأساليب متنوعة، وعبر وسائل عديدة منها تجنيد العملاء، ومن هؤلاء الشباب من سار بهذا الركب طمعا بالمال والبذخ الذي يغررونهم به، وتصوير ان من يعمل معهم سيحول حياته الى جنة، وان هدف هذا العمل التجسسي هو لصالح بلادهم ( كما غرر ببعض الشباب في الأحداث الأخيرة التي حصلت بالجمهورية الاسلامية الايرانية لإثارة الشغب وزرع الفتنة بين ابناء البلد الواحد)، وبالطبع كل هذا كذب واضاليل، لانه العكس تماما فهو لصالح محور الشر ولمصالحهم القائمة على نهب الثروات والقتل والتشريد والتاريخ يشهد على ذلك...
ايضا هناك من يعمل معهم بالتجسس انطلاقا من قناعته، فنجد ان هناك مسؤولا عميلا او ضابطاً او اعلامياً أو دكتورا في الجامعة او غير ذلك، فهناك شخصيات ونتيجة حقدها الدفين على جهة سياسية في بلادها تقدم نفسها للعمل في هذا المجال التجسسي وبالطبع هي شخصية خسيسة خائبة انتقامية ...
لا يقتصر عمل الجاسوسية على الأمور الأمنية والعسكرية فقط بل يتعداها للامور السياسية والأقتصادية والصناعية والتكنولوجية، لإن ابعاد التجسس خطيرة جدا، فعلى اساسها يتم تقرير مصير الشعوب والدول...
إن ظاهرة الجاسوسية موجودة منذ عصور طويلة، وهي تنشط بالعموم بعد الهزائم بالحروب، وتفاديا للخسارة العسكرية والبشرية يلجأون الى تجنيد اشخاصا من داخل الدول "المعادية" لهم لجمع المعلومات وتحليلها، وبناء عليها ترسم خطة المواجهة الجديدة والتي قد تكون حصاراً اقتصادياً، او تفكيك مجتمعات عبر ضرب منظومتها القيمية والأخلاقية عبر ما "الحرب النفسية الباردة" والتي من أهم ادواتها في الوقت الحالي الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي..
ولا بد من الاشارة الى ان التجسس جريمة من ابشع الجرائم بحق الوطن وبحق اهل الوطن وحتى على صعيد شخصية الجاسوس الذي يعمل ضد بلده... واغلب هؤلاء العملاء والجواسيس عندما ينهون مهامهم ينتهي منهم مشغليهم اما بالقتل اما بالطرد والاستغناء عن خدماتهم، تماما كما حصل مع جيش العميل لحد في الجنوب اللبناني، او كما حصل مع عملاء امريكا في أفغانستان والمشاهد المشينة التي نقلتها شاشات التلفزة وهم يتمسكون بدواليب الطائرات للهرب مع مشغليهم...
وقد يتخذ التجسس اشكالا اخرى عبر بعض منظمات المجتمع المدني NGOs الذين يخترقون المجتمع بكل سهولة عبر مشاريع "انمائية خدماتية" فيحصلون على معلومات هامة من خلال الاستبيان، فهم يحصلون على مروحة واسعة ودقيقة من المعلومات اكبر وأكثر من تلك التي من الممكن ان يحصل عليها الجاسوس، فهي وتبعا لما يقولونه هؤلاء المدربين بطريقة احترافية بأن هذه المعلومات تدخل ضمن نطاق "تطوير المجتمع او تعزيز الفرص الاقتصادية"...
ويعتمدون ايضا على خداع عقول البشر وهذه لعبة نفسية خطيرة، فيقلبون الحقائق ويكونون اتجاهات للرأي العام تتناسب وسياساتهم، فنجد أن الكثير الكثير يتضامنون ويتعاطفون مع القضايا التي يطرحونها تحت عنوان "حماية مصالح الشعوب" كما فعلوا بالعراق عندما قاموا بتضخيم معلومة امتلاكه للأسلحة غير التقليدية، واعتمدوا على عملائهم في العراق لتزويدهم بالمعلومات حول امكنة وجود الذهب والمقتنيات الأثرية والكتب التاريخية والتي قاموا بنهبها...
استثمرت قوى الأستكبار العالمي العلوم النفسية سيما علم النفس الأجتماعي في معاركها ولا تزال حتى اليوم وبشكل كبير، وذلك لكسر الروح المعنوية وتعزيز الاحباط لجعل الناس ينقادون اليها عبر عملية غسل دماغ تشعرهم بأنهم مهمشين وتعمق الهزائم النفسية لديهم، حتى انه قد لجأت بعض وزارات الدفاع في الدول الغربية الى اعتماد علم النفس كعامل اساس في اختيارها للاشخاص الذين يعملون معها، وتدربهم بأعلى مستوى من التدريبات النفس _ اجتماعية، حول كيفية صياغة الحرب النفسية، وكيفية تأسيس الخلايا الأرهابية تماما كما حصل عندما أسست الأدارة الاميركية وحلفائها المنظمات الارهابية كالقاعدة وداعش وجند الشام وغيرهم، ودربتهم على كيفية ارتكاب عمليات الاغتيال وما الى ذلك...
وحتى انها طورت برامج عبر الهواتف المحمولة تخترق الخصوصية وحقوق الانسان، مثل برنامج "بيغاسوس" الذي حول هواتفنا الى اجهزة مراقبة على مدار الساعة، ويسمح للجهة الدخيلة بالوصول الى كل ما تحويه من معلومات، لكي تقمع وتحظر كل من يعارض سياساتها...
استقطاب الشباب تحت عناوين مزيفة
لذا من الضروري الوقوف في وجه هذا الغزو التجسسي لخصوصياتنا عبر تمكين خاصية التشفير وتعميمها، وزيادة التوعية حول مخاطر الوقوع في وحول التجسس سيما من قبل الجهات التي تعمل على استقطاب الشباب تحت عناوين مزيفة كالحرية والسيادة والاستقلال، والمضحك انها ترفع هذه الشعارات في بلداننا ولا تطبقها في بلادها فنرى القمع والعنف بالتعامل مع مواطنيها...
اذن التوعية والحوار وتعزيز حس الانتماء والولاء للوطن، وللقضايا المصيرية من الضرورات الاساسية التي بجب العمل عليها، اضف الى ذلك ان يعي من يمشي بركب التجسس ان صلاحياته تنتهي بإنتهاء مهمته ومن ثم يرمى به، فيصبح منبوذا من الداخل والخارج....