الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائة وستة وتسعون - ٠٦ مارس ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائة وستة وتسعون - ٠٦ مارس ٢٠٢٣ - الصفحة ۷

37 عاماً على مجزرة بئر العبد:

إرهابٌ مستمر.. لا يمحى من الذاكرة

إثر انطلاق الحالة الإسلامية في لبنان والتي رفعت لواء التحرّر من الصهيونية والإستكبار بمختلف ألوانه وأشكاله، وعملت على إفشال مخططات هذا الاستكبار الذي يمارس إرهابه على الشعوب ويصادر ثرواتها وقرارها، برزت مقاومة الإحتلال الصهيوني في شكلٍ غير مسبوق، وأعلنت أميركا الحرب على هذه الحالة ورأت الإستخبارات الأميركية أنّ الوسيلة الفضلى للإجهاز على هذا الإسلام إنما يكون عبر العمل على اغتيال رموزه وشخصياته التي يشكل نشاطها خطراً على مواقع سيطرتها.
ولذا لم تتورع في هذا السبيل عن ارتكاب أبشع المجازر، وبمختلف الأساليب الوحشية التي كان منها المتفجرة التي وضعتها في محلة بئر العبد، والتي حصدت العشرات من النساء والأطفال والشيوخ والشباب الأبرياء لتكون عنواناً من عناوين الهمجية الأميركية.
عملية الاغتيال الفاشلة
بعد ظهر يوم الجمعة 8 آذار في الثامن من آذار/ مارس 1985 وقرابة الساعة الرابعة والأربعين دقيقة عصرًا، فجرت مجموعة من العملاء سيارة مفخخة في محلة الصنوبرة سندريلا في بئر العبد في الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت في محاولة منها لاستهداف سماحة آية الله السيد محمد حسين فضل الله، فأوقع التفجير نحو 80 شهيدًا، من بينهم أكثر من 40 إمراة وطفلاً، وما يقارب 260 جريحًا، فضلًا عن تدمير أربعة مبان، وتضرر 20 مبنىً سكنيًا ضمن دائرة شعاعها 200 متر، وغيرها من الأضرار المادية.
حاولت المخابرات المركزية الأميركية بواسطة هذه المجزرة المروعة التي اغتيال سماحة السيّد محمد حسين فضل الله، باعتباره يشكل الخطر الكبير على مصالحها في المنطقة من خلال دوره في احتضان وتوجيه حركة المقاومة المتنامية ضد العدو الصهيوني والإستكبار الأميركي.
وقد عبّر عن ذلك "ويليام كايسي" مدير محطة بيروت في  CIAعندما قال بأن "السيّد فضل الله أصبح مزعجاً للسياسة الأميركية وأنّ عليه أن يرحل"، فقد كان سماحته في واجهة الحركة  والحالة الإسلامية والمقاومة ولحضوره أهمية كبيرة على مستوى مواجهة العدو الإسرائيلي، وقد برز تأييده للجمهورية الإسلامية في إيران، عدا ذلك، مواجهته للمخططات الأميركية ودوره في إسقاط إتفاقية 17 أيار، كل هذه العناصر تجمّعت لتشكل رغبة عميقة لدى أميركا لإنهاء هذه الظاهرة.
مغنية.. كاشف العملاء والمجرمين
في كتابه "الحجاب" نقل الكاتب المتخصص بحروب أميركا السرية "بوب ودوورد" عن كايسي يومها:" آلية التمويل جاءت بعد اجتماع بينه وبين بندر بن سلطان بن عبد العزيز، سفير السعوديّة في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في أحد المقاهي في واشنطن، وقرّرا آنذاك، أنّ السيد فضل الله أصبح عنصراً غير مريح للسياسة الأمريكيّة، وبالتّالي عليهم التخلّص منه".
بناءً على ذلك، قام "الأمير" بندر بن سلطان بتسليم شيك بقيمة ثلاثة ملايين دولار للمخابرات الأمريكيّة، لتمويل عمليّة اغتيال السيد فضل الله هذه، لأنّ مثل هذه العمليات قد لا يسمح الكونغرس الأمريكي بصرف تكاليفها من ميزانيّة المخابرات"، حسبما جاء في المذكّرات.
لقد أكدت التقارير الصحفية الأمريكية ضلوع رئيس الاستخبارات الأمريكية السابق وليم كايسي في المجزرة بصفته أشرف شخصياً عليها وعلى تدريب منفذيها. ووفقاً  للتحقيقات التي رافقت هذه الجريمة البشعة فإنّ أميركا برئاسة رونالد ريغن أرادت أن ترفع معنوياتها المتدنية بسبب ما ألحق بها من هزائم في لبنان لا سيّما تفجير مقر قيادة المارينز في بيروت في تلك المرحلة.
من جانب آخر، شكّل التحقيق في المجزرة، الذي تولاّها الشهيد القائد الحاج عماد مغنية، باكورة نجاحات الجهاز الأمني للمقاومة الإسلامية حزب الله، إذ استطاع مع رفاقه في فترة وجيزة وبكل حرفية، كشف الأفراد والشبكات المتورطة في تنفيذ المجزرة، وتقديمهم الى العدالة، بشهادة من تعاون معه من ضباط الأجهزة الأمنية اللبنانية.
رد المقاومة كان سريعاً
في أوج سياسة إحكام القبضة الحديدية الإرهابية التي اعتمدها الصهاينة لتركيع الجنوبيين في المنطقة المحتلة سابقاً، وعلى بعد مائة متر من المطلة، اقتحم الاستشهادي "عامر كلاكش" من المقاومة الإسلامية بسيارة "بيك أب" محملة بتسمعائة كلغ من المواد المتفجرة، قافلة عسكرية صهيونية مفجراً نفسه بها محدثاً انفجاراً هائلاً ومحولاً القافلة إلى ركام. اعترف الناطق العسكري الإسرائيلي بالعملية وقال أنها أسفرت عن مقتل 12 جندياً وجرح 14 آخرين، فيّما ذكر سكان المنطقة أن العدد كان أكبر من ذلك بكثير.
العملية أتت ثأراً لمجزرة بئر العبد، محدثةً  صدمةً في الكيان الإسرائيلي، ولقد كان من المقرر وفقاً لما قاله السيد حسن نصر الله في أحد خطاباته في مدينة الخيام في الجنوب اللبناني:" "الشهيد "أبو زينب" هو اسم لاستشهاديَّين، كان يُفترض أن ينفذا عمليتين في وقتٍ واحد، إحدى العمليتين تأخرت من حيث الوقت، وكان قائدها الاستشهادي أحمد بشير الحسن، من مواليد برج البراجنة 1959، وكان يواكبه فيها الشهيد العزيز علي محمد سليمان من بلدة باتوليه. أثناء توجّههما لتنفيذ المهمة في 22 آذار 1985، حصل حادث لم نعرف حقيقته بالضبط، وانفجرت الشاحنة المليئة بالمتفجرات، واستُشهد الأخوان الحسن وسليمان".
"أبو زينب"، هو الإسم الذي رافق العملية الاستشهادية عند الحدود مع فلسطين المحتلة لـأربعة عشر عاماً، فيما بقيت الهوية الحقيقة للمنفّذ لغزاً للمسؤولين الإسرائيليين وأجهزته الأمنية التي لم تستطع كشف هويته قبل أن يعلن عنه  سماحة السيد بعد تحرير الجنوب عام 2000.
سعت المقاومة إلى إبقاء اسم الشهيد طي الأسرار الأمنية طيلة أكثر من عقد لأسباب تتعلّق بأمن وحماية عائلة الاستشهادي من اعتداءات جيش الاحتلال أو "جيش لحد"  العميل في تلك الفترة. إلاّ أنّ العلاقة المتينة بين الشهيد أبو زينب وأمه جعلتها على معرفةٍ بأن ابنها هو المنفّذ لكنها  حفظت سر إبنها والمقاومة  قائلةً "أنه يعمل في الكويت"، فلم يعرف والد الشهيد. ويذكر أن اثنين من إخوة الاستشهادي أمضيا سنوات طويلة في معتقل الخيام الى أن تحرّروا بعد كسر أبواب المعتقل في عام التحرير.
أطلق الشهيد على نفسه اسم "أبو زينب" لأن جدته كانت قد نذرته لزيارة السيدة زينب (ع) في الشام لشدة تعلّقها به وحبها له، وفي كل سنة تعده بهذه الزيارة إذا ما كان انتاج محصول الزراعة جيداً، لكنها لم تستطع أن تفي بنذرها، فكبر عامر وحلم حياته أن يزور السيدة زينب (ع) ويصلي في مقامها. لكن ومع احتلال الجيش الاسرائيلي للأراضي اللبنانية، صار هذا الحلم صعباً، فأطلق على نفسه هذه التسمية، لتستقبله السيدة زينب (ع) عند استشهاده. تجدر الإشارة إلى تنفيذ فيلم يتحدث عن قصة الاستشهادي كلاكش " أبو زينب"  وقد سمي «السرّ المدفون» وهو من كتابة رضا اسكندر ومحمود غلامي، وإخراج الإيراني علي غفاري، وإنتاج شركة «الأرز».. وقد فجّر مخرج الفيلم علي غفاري مفاجأة عندما قال بُعَيدَ عرض الفيلم في «مهرجان فجر السينمائي» في طهران إنَّ إنتاجه جاء بعد توصيةٍ من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.

 

البحث
الأرشيف التاريخي