بعد مساعدات أرمينية لضحايا الزلزال..
تركيا وأرمينيا.. رغبة متبادلة بإحياء العلاقات
الوفاق- يأمل كبار الدبلوماسيين في تركيا وأرمينيا في أن يساعد إعادة التقارب الأخير بشأن جهود الإغاثة بعد الزلزال الذي ضرب تركيا، في تسريع تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين الجارتين.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الإرميني أرارات ميرزويان في أنقرة مؤخراً: أرمينيا قامت بمد يد الصداقة لنا في هذا الوقت الصعب. وقال الوزيران: إن حكومتيهما على استعداد لاستعادة العلاقات بصورة كاملة، ويشمل ذلك فتح الحدود. ولم يقدم المسؤولان إطارا زمنيا محددا، حيث أن المباحثات بهذا الشأن مازالت مستمرة. ويشار إلى أن العلاقات بين الدولتين متوترة منذ عقود بسبب عدة قضايا، من بينها الاشتباكات بين أرمينيا وأذربيجان، الحليفة لتركيا.
وكانت تركيا قد فتحت ممرا حدوديا مع أرمينيا الاسبوع الماضي لأول مرة منذ 30 عاما لتمكين دخول المساعدات بعد وقوع الزلزال في تركيا.
خطوات نحو مرحلة جديدة
في ظلّ هذه التطورات، تبدو اليوم التطورات وتسارع التغيرات في المنطقة والعالم أكثر ملائمة لبدء مرحلة جديدة في العلاقات بين تركيا وأرمينيا، و طيّ صفحة ثقيلة من إرث الماضي، بعد قرابة 3 عقود تقريبا من إغلاق الحدود بينهما، فقد كشف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قبل أيام أن أول اجتماع بين تركيا وأرمينيا بعد تعيين الممثلين الخاصين سيُعقد في موسكو، وسبق ذلك إعلانه اتخاذ أنقرة خطوات لبناء الثقة ضمن إطار العلاقات التركية الأرمينية، بهدف استقرار المنطقة.
والواضح أن فرص التوصل إلى اتفاق بين أنقرة ويريفان باتت أكبر من أي وقت مضى، لا سيما بعد انتهاء الاحتلال الأرميني للأراضي الأذربيجانية، وهي الأسباب التي من أجلها قطعت تركيا علاقاتها مع أرمينيا عام 1993، وأغلقت حدودها البرية معها، دعمًا لجمهورية أذربيجان التي لم تعد معترضة اليوم على بوادر التقارب كما كانت في عام 2009، وأعلنت أنها تدعم تطبيع تركيا الشقيقة علاقاتها مع أرمينيا، وصرح وزير خارجيتها جيهون بيراموف أن تطبيع تركيا مع أرمينيا سيخدم المصالح المشتركة بين أنقرة وباكو أيضًا.
إحياء الاتفاقات الدبلوماسية
تغيرت الحسابات في العواصم الثلاث (أنقرة، باكو، يريفان) بعد حرب العام الماضي بين أرمينيا وجمهورية أذربيجان، فتلك الحرب التي استمرت 44 يوما، وانتهت بهزيمة أرمينيا غيَّرت قواعد اللعبة، وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار سلَّمت أرمينيا الأراضي المحتلة إلى أذربيجان، وذلك يعني انتفاء مُبرِّر أنقرة الأصلي لقطع العلاقات، والمؤكد إذا ما طبَّعت تركيا وأرمينيا علاقاتهما، فسيكون هناك مزيد من الفرص للسلام في قره باغ بين جمهورية أذربيجان وأرمينيا أيضًا.
ونجد موسكو اليوم قادرة على إحياء الاتفاقات الدبلوماسية التي تم التفاوض عليها بين تركيا وأرمينيا في عام 2009، لا سيما فتح الحدود البرية بين البلدين الجارين، فمع تنفيذ العديد من بنود الاتفاق الذي رعته روسيا بين باكو ويريفان، وسيطرتها على طرق ناخشيفان ولاتشين الإستراتيجية، فإن أحد العوائق الرئيسة أمام تنفيذ البروتوكولات التي سبق التوقيع عليها بين أنقرة ويريفان قد أزيل.
تأثير فتح الحدود البرية
لا يمكن تجاهل مدى تأثير فتح الحدود البرية في المساعدة على تحسين الوضع الاقتصادي في أرمينيا على وجه الخصوص، ووصولها إلى العالم الخارجي، كما ستفيد المقاطعات التركية المتاخمة لأرمينيا حيث يرغب السكان المحليون منذ مدة طويلة في توثيق العلاقات لتعزيز اقتصاداتهم المحلية.
وتبدو حاجة أرمينيا إلى تركيا أكبر، فلا تزال تعاني من تبعات الحرب الأخيرة، ومن أزمات اقتصادية تعمّقها تبعيتها الطويلة للاقتصاد الروسي، في حين تبدو تركيا أكثر اهتمامًا بالتطبيع مع أرمينيا بموجب الخطة «3+3» التي اقترحتها سابقًا، وهي عبارة عن منتدى إقليمي يتألف من دول جنوب القوقاز وجيرانها: أرمينيا وأذربيجان وجورجيا، فضلا عن إيران وروسيا وتركيا. ويرى رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان أن إلغاء الحظر المفروض على التنقل سيغير تمامًا منطق التنمية في المنطقة، وقال في مقابلة مع وكالة «تاس» الروسية تعليقا على بيان الاتفاق الثلاثي هذه نقطة مهمة جدا، وأعتقد أنه في المستقبل القريب يجب أن نركز على هذه النقطة، لأننا عندما نتحدث عن الاستقرار الاقتصادي، ليس فقط في أرمينيا ولكن في المنطقة بأسرها، يجب أن نتخذ خطوات ملموسة.
شروط سابقة
في حين قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في سبتمبر/أيلول الماضي، إن بلاده مستعدة لبدء حوار مع أرمينيا، ولكن يتعين على يريفان السماح بعبور سلس بين جمهورية أذربيجان وناخشيفان، وكان الرئيس التركي يشير إلى فتح ممر يربط بين أذربيجان وجيبها ناخشيفان في جنوب غربي أرمينيا، على الحدود مع تركيا وإيران، وهو ما عدّته يريفان شرطا لاستئناف العلاقات.
فتح ممر لاتشين
الى ذلك وفي ضوء المتغيرات الجديدة، أمرت محكمة العدل الدولية بإنهاء إغلاق طريق رئيسي يعرقل حياة السكان في إقليم ناغورنو-كاراباخ المتنازع عليه.
وقالت المحكمة في لاهاي إنه يتعين على أذربيجان أن «تتخذ كل الإجراءات المتاحة لديها لضمان حرية حركة الأشخاص والمركبات والبضائع عبر ممر لاتشين في كلا الاتجاهين». وقد تقدمت أرمينيا المجاورة بدعوى للمحكمة بعد إغلاق الممر الجبلي في ناغورنو-كاراباخ في ديسمبر الماضي.
وقالت أرمينيا: إن هناك نقصا في الغذاء والأدوية لنحو 120 ألف شخص من الأرمن الذين يعيشون هناك، ولا يمكن نقل الأشخاص الذين يحتاجون إلى علاج طبي إلى مستشفيات المنطقة.