الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • حوار
  • دولیات
  • مقالات و المقابلات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وتسعمائة واثنان وخمسون - ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٥
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وتسعمائة واثنان وخمسون - ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٥ - الصفحة ۸

إيران تفتح فصلًاً جديدًا في الفضاء بإطلاق ثلاثة أقمار صناعية

رحلة نحو الثريا

تنبثق من صميم التاريخ لحظات لا توقف الزمن وحسب، بل ترسم مسار المستقبل لأجيال بأكملها. يوم الأحد (8 ديسمبر 2025) وفي تمام الساعة 16:48 عصراً، بلغت قلوب ملايين الإيرانيين ذروتها في نبض أمنية مشتركة؛ أمنية متجذرة في العبقرية والمثابرة والإيمان بالقدرة على الإنجاز، خالقة فصل جديد من الإنجازات الفضائية الإيرانية. لم يكن هذا مجرد إطلاق صاروخ؛ كان هذا تجسيداً لعزيمة وطنية. في ظل هذه اللحظة المحددة، كانت ثلاث ودائع علمية وتقنية «كوثر» و«بايا» و«ظفر» على أهبة الاستعداد لبدء رحلة نحو الفضاء.

كبرى أميري

كان كل واحد منها يحمل رسالة إرادة إيرانية لغزو قمم بدت ذات يوم بعيدة المنال، في تلك اللحظات الحرجة، لم يكن مهندسونا وعلمائنا في موقع الإطلاق وحدهم، بل كان كل فرد من مواطني هذه الأرض يحبس أنفاسه في توافق وتناغم عظيم. 
السماء، التي كانت منذ القدم مهد خيالات الشعراء وقبلة علماء الفلك لدينا، شهدت اليوم تحقيق الوعود القديمة.
هذا الإطلاق لا يثبت فقط تعزيز القدرات التقنية لإيران في المجال الاستراتيجي الفضائي، بل يُظهر كيف يمكن الاعتماد على المعرفة المحلية وتجاوز العقبات لرسم حدود الممكن.
عظمة الأمة تُعرّف في قدرتها على الوقوف على سواعد العلم والنظر نحو آفاق أبعد. «كوثر» و«بايا» و«ظفر»، هي شهادة حيّة على حقيقة أن التقدم في هذه الأرض ليس خياراً، بل هو تقليد أصيل.
منذ لحظة اشتعال المحركات وحتى التثبيت الناجح للمدار، لم نشهد إطلاق ثلاثة أقمار صناعية فحسب، بل شهدنا إرسال رسالة قوية إلى مسامع العالم؛ رسالة مفادها أن روح إيران تسعى دائماً نحو العُلا، ولا يوجد أي مسافة بعيدة عن إرادة شعب هذا الوطن. هذه النقاط الثلاث المضيئة التي تدور الآن في مدار الأرض، ستكون منارة لمستقبل أكثر إشراقاً وتجهيزاً واقتداراً لإيران العزيزة.
رسمت إيران، من خلال إطلاق ثلاثي غير مسبوق ومتزامن للأقمار الصناعية الاستشعارية «طلوع 3» و«ظفر 2» و«كوثر 1.5»، صورة واضحة للنضج التدريجي للتكنولوجيا الفضائية المحلية والتحرك نحو نشر منظومات الأقمار الصناعية. ففي حين بلغ مجموع عمليات إطلاق الأقمار الصناعية على مدى العشرين عامًا الماضية 30 قمرًا صناعيًا، يوجد حاليًا حوالي 30 قمرًا صناعيًا في مراحل تصنيع مختلفة.
إن توازي عدد الأقمار الصناعية المصممة في العامين الماضيين مع إجمالي أداء العشرين عامًا السابقة يشير إلى دخول المسار الفضائي للبلاد مرحلة التسارع.
البث المباشر
وجرت الفعالية عبر البث المباشر لهذه المهمة الفضائية بحضور كبار المسؤولين وبمشاركة نخب جامعية وطلابية وممثلين عن المراكز العلمية والتخصصية.
وأطلقت الأقمار الصناعية المحلية الثلاثة «بایا» و«ظفر 2» والنموذج الثاني لـ«كوثر» إلى الفضاء باستخدام حاملة الأقمار الصناعية «سويوز» من قاعدة «فوستوتشني» الفضائية الروسية؛ وهي مهمة نُفذت في إطار برنامج تطوير التطبيقات الفضائية لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وبهدف تعزيز خدمات الاستشعار عن بُعد وتطوير التطبيقات القائمة على البيانات.
هذا الإطلاق، الذي تم في المدار الأرضي المنخفض وعلى ارتفاع يبلغ حوالي 500 كيلومتر، يُعد أحد أهم الأحداث الفضائية للبلاد هذا العام، وُيَتيح الاستفادة المتزامنة من عدة أقمار صناعية محلية في مجالات خدمية وبنيوية وإدارية متنوعة.
آخر المستجدات
وقام رئيس منظمة الفضاء الإيرانية بتفصيل الجوانب التقنية للمهمة وشرح آخر مستجدات وضع الأقمار الصناعية الإيرانية الثلاثة من موقع الإطلاق، قائلاً: كنّا نتلقى عدة تقارير فنية يومية من موقع الإطلاق، وقد أُنجزت جميع مراحل توافق هذه الأقمار الصناعية مع حاملة الإطلاق بنجاح. وقبل نقل الأقمار الصناعية إلى موقع الإطلاق، أُجريت اختبارات التوافق الكهربائية والميكانيكية الكاملة، كما أكدت الاختبارات التي سبقت الإطلاق عمل الأنظمة؛ على الرغم من أنه تم إجراء تحسينات وتعديلات على الخوارزميات في بعض الأجزاء لتناسب الظروف التشغيلية.
وأشار الدكتور حسن سالارية إلى الطبيعة الدولية لهذه المهمة، مؤكداً: تم إطلاق هذه الأقمار الصناعية الثلاثة جنباً إلى جنب مع الأقمار الصناعية «ظفر» و«بايا» و«كوثر»؛ بالإضافة إلى عدة أقمار صناعية من دول أخرى، حيث تمت جميع التنسيقات مع الشركات ومصنعي الأقمار الصناعية المختلفين. كما تم إجراء جميع الاختبارات بنجاح، بما في ذلك فحص حالة شحن البطاريات وصحة إرسال الإشارات بين الأقمار الصناعية وحاملة الإطلاق.
وأوضح سالارية: خطت إيران خطوة كبيرة في تطوير قدراتها الفضائية عبر إطلاق ثلاثة أقمار صناعية محلية بالكامل إلى المدار. هذه العملية لم تكن مجرد نجاح تقني منفصل، بل وضعت الأساس لتشكيل منظومات فضائية إيرانية مستقبلية، ويُظهر هذا الإطلاق استمرار مسيرة تطوير الصناعات القائمة على المعرفة والاكتفاء الذاتي في مجال الفضاء بالنسبة للبلاد. وأضاف: يمثل هذا الإطلاق، الذي أتاح تحقيق تصوير بدقة تصل إلى 15 متراً، نقطة تحول في تحقيق البرنامج طويل الأمد لإنشاء منظومات فضائية محلية. وتابع: إن الإطلاق المتزامن لهذه الأقمار الصناعية المحلية الثلاثة يدل على الحركة الهادفة لبرنامج الفضاء الوطني نحو تطوير التطبيقات العملية للتكنولوجيا الفضائية في المجالات الاقتصادية والبيئية والإدارية، ويمكن للبيانات المستخلصة من هذه المهام أن تساعد في تحسين عمليات صنع القرار، وزيادة دقة المراقبة، ورفع الكفاءة في مختلف القطاعات. وبعد استقرار الأقمار الصناعية في المدار وبدء التشغيل العملياتي، سيتم الإعلان عن معلومات إضافية حول أداء ونتائج هذه المهام.
«كوثر 1.5»؛ قفزة القطاع الخاص الإيراني في مراقبة الأرض والاتصالات الفضائية
هذه النسخة المطورة من قمر «كوثر» تستخدم في مجال إنترنت الأشياء والتصوير الفوتوغرافي للزراعة الدقيقة، وتنوي الشركة المصنعة إطلاق مائتي قمر صناعي مماثل في المدار بحلول عام 2028.
تمّ تصميم قمر «كوثر 1.5»، كونه ثالث قمر صناعي من شركة «أميد فضا» القائمة على المعرفة، لدمج التصوير الاستشرافي الدقيق مع وحدة اتصالات إنترنت الأشياء، وسيتم وضعه في المدار الأرضي المنخفض بهدف تطوير مراقبة الأرض، والزراعة الذكية، والتطبيقات التجارية الفضائية.
النموذج الثاني من قمر «كوثر» هو القمر الصناعي الثالث الذي تصنعه شركة «أميد فضا» القائمة على المعرفة، وقد تم تصميمه من خلال دمج قدرات قمري «كوثر» و«هدهد» النموذجين الأوليين، مع ترقية ملحوظة في مجالي مراقبة الأرض والاتصالات الساتلية.
يعدّ هذا القمر الصناعي أيضاً قمراً متقدماً يعتمد على معايير الأقمار الصناعية المكعبة (CubeSat). وقد دمج قمر «كوثر 1.5» حمولة تصوير في نطاقات الألوان الأحمر والأخضر والأزرق (RGB) والقريب من الأشعة تحت الحمراء (NIR)، بالإضافة إلى وحدة اتصالات إنترنت الأشياء (IoT)، ليدعم في وقت واحد التصوير الفضائي وجمع البيانات من المستشعرات الأرضية الموزعة.
يتيح هذا التصميم ثنائي الغرض للقمر الصناعي إمكانية استخدامه في مجال المراقبة البيئية وفي مجال البنى التحتية الذكية، بما في ذلك الكشف المتقدم عن التغيرات، والمراقبة الذكية للزراعة، وإدارة الموارد الطبيعية. وتوفر الألواح الشمسية القابلة للفتح للقمر الصناعي طاقة كافية للتصوير عالي التردد والعمليات الاتصالية المستقرة.
صُمِّمَ هذا القمر الصناعي للتطبيقات التجارية والمدنية، مثل الزراعة الدقيقة، والموارد المائية، والبيئة، ومراقبة الأراضي. وسوف يوضع قمر «كوثر» في المدار الأرضي المنخفض (LEO).
تكمن النواة التكنولوجية الأساسية فيه في كاميرا تصوير بدقة فصل مكاني تبلغ 3.45 متر في الطيف المرئي والقريب من الأشعة تحت الحمراء (NIR)، الأمر الذي يتطلب تحكماً أدق في الوضعية واستقراراً متقدماً. ولهذا السبب، عادةً ما يستفيد نظام التحكم في الموقف والتوجه (ADCS) الخاص بـ«كوثر» من عجلات رد الفعل (Reaction Wheels) عالية الدقة وخوارزميات التحكم المتطورة.
صُمِّمَ هيكل قمر «كوثر» من خلال تحليل حراري دقيق لضمان عدم تسبب التغيرات الشديدة في درجات الحرارة في المدار في حدوث انحراف بصري (انحراف بصري) للكاميرا. ويُعد استخدام الأغطية الحرارية (MLI) والمشعات السلبية (Passive Radiators) من العناصر الأساسية في تصميمه.
أما نظام الطاقة، فقد اشتمل على ألواح شمسية ذات كفاءة أعلى وبطاريات فضائية مستقرة، مما يتيح تصويراً متواصلاً بدرجة أكبر. وفيما يخص الاتصالات، فقد اعتمد «كوثر» على وصلات بيانات بمعدلات نقل أعلى (Data Rate) لنقل الحجم الكبير من الصور الاستشعارية إلى الأرض. وتُقرِّب هذه الميزة «كوثر» من تحقيق الجدوى الاقتصادية وتقديم خدمات تعتمد على البيانات.
«بايا»؛ قفزة إيرانية إلى الجيل الجديد من أقمار التصوير
صُمِّمَ القمر الصناعي «بايا» (المعروف أيضاً باسم «طلوع 3») وأُنتِج بتكليف من منظمة الفضاء الإيرانية ومن قِبل شركة الصناعات الإلكترونية الإيرانية.
يُصنَّف هذا القمر الصناعي ضمن فئة الأقمار الصغيرة لشركة صاإيران، حيث يبلغ وزنه حوالي 150 كيلوغراماً وأبعاده التقريبية 1×1×1.2 متر، ويُعَدّ أثقل قمر صناعي محلي إيراني تم وضعه حتى الآن في عملية إطلاق.
يحتوي القمر الصناعي «بايا» على جهازي استشعار للتصوير بدقة فصل تبلغ 5 أمتار للصور أحادية اللون (الأبيض والأسود) و10 أمتار للصور الملونة. وبالنظر إلى استخدام خوارزميات معالجة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، تصل دقة الصور المُستَلَمة من القمر الصناعي إلى 3 أمتار.
من الجدير بالذكر أنه ولأول مرة في البلاد، تم استخدام تقنية التصوير الانعكاسي (باستخدام المرايا) في هذا القمر الصناعي؛ وبناءً على ذلك، يُعتبر هذا القمر الصناعي المتطور هو الأفضل من حيث التصوير المحلي الصنع. إن عمليات القمر الصناعي «بايا» متميزة ومُطوَّرة بالكامل مقارنة بالأقمار الصناعية التي أُطلقت سابقاً (والتي كانت جميعها من فئة الأقمار النانوية والأقمار الصغيرة)، وذلك من حيث جودة الصور، ومدة التصوير، ومساحة المنطقة المُصوَّرة، ومعدل إرسال الصور المستلمة إلى الأرض.
باستخدام الأنظمة الفرعية للدفع الفضائي، يتمتع هذا القمر الصناعي بالقدرة على التصحيح والمناورة المدارية في الفضاء، وهو ما يُعَدّ متطلباً أساسياً للأقمار الصناعية التشغيلية ويضمن للقمر الصناعي عمراً مدارياً لا يقل عن ثلاث سنوات.
بشكل عام، فإن التقنيات التي تم تطويرها خلال عملية بناء القمر الصناعي «بايا» ستؤدي إلى تحقيق منصة مشتركة ذات موثوقية عالية لأقمار التصوير الدقيقة المستقبلية.
«ظفر 2» بتقنية محلية الصنع؛ تطوير القدرات الفضائية والتصوير الدقيق
تمّ تجهيز القمر الصناعي «ظفر 2» للتصنيع والإطلاق بتصميم وتصنيع محلي بالكامل في جامعة إيران للعلوم والصناعة. يوفر هذا القمر الصناعي، بكاميرا بدقة 15 متراً، وأنظمة تحكم متقدمة، وأنظمة فرعية للاتصالات، إمكانية التصوير الاستشعاري ومراقبة الموارد الطبيعية والزراعة والبيئة.
يُعدّ القمر الصناعي «ظفر 2» أحد الأقمار الصناعية الاستشعارية الإيرانية التي تم تصميمها وتصنيعها بتكليف من منظمة الفضاء الإيرانية في جامعة إيران للعلوم والصناعة، وتمّ وضعه في مدار أرضي منخفض (LEO).
كان الهدف الرئيسي من بناء القمر الصناعي «ظفر 2» هو تطوير القدرة المحلية في تصميم وتكامل الأنظمة الفضائية والتصوير الاستشعاري.
من ناحية تكنولوجيا التصنيع، يُصنف «ظفر 2» كقمر صناعي ضمن الفئة الوزنية التي تتراوح بين 100 إلى 135 كيلوغراماً، ويستخدم هيكلاً من الألمنيوم خفيف الوزن مع تحليل دقيق للإجهاد والاهتزاز. وقد تم تصميم الهيكل لتحمل الأحمال الميكانيكية للإطلاق (الزلازل والصدمات والاهتزازات).
كان الهدف الرئيسي من بناء القمر الصناعي «ظفر 2» هو تطوير القدرة المحلية في تصميم وتكامل الأنظمة الفضائية والتصوير الاستشعاري.

 

البحث
الأرشيف التاريخي