الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • حوار
  • دولیات
  • مقالات و المقابلات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وتسعمائة واثنان وخمسون - ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٥
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وتسعمائة واثنان وخمسون - ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٥ - الصفحة ٥

تعزيز علاقات إيران مع العديد من دول الجوار

الرئيس بزشكيان: ممرات الربط أولويتنا وقد رصدنا الموارد اللازمة لمساري «شمال - جنوب» و«شرق – غرب»

وأمنياً وإعلامياً. إن بلادنا تقف على قدميها. قد وضعوا خطة تقضي، على سبيل المثال، بضرورة إسقاط إيران في 36  شهراً! حتى الأمس كانوا يقولون إنها قد تسقط في غضون اثني عشر يوماً، والآن كتبوا: ستة وثلاثين شهراً. إذا كنا معاً، فلن يتمكنوا من فعل ذلك ولو بعد ستة وثلاثين ألف عام. لكي نكون معاً، يجب أن نصل إلى لغة ورؤية مشتركة، وعلينا أن نسير خلف سياسات قائد الثورة الإسلاميّة، ونعمل على تنحية الخلافات جانباً؛ لأن كل خلاف يؤدي إلى انعدام التناغم في مسار نظام الحكم. لقد سدّ هؤلاء الطرق أمامنا، ولكننا سنجد الطريق، وإن لم نجد طريقاً فسنصنعه. إذا كنا معاً، فهذا ممكن؛ أما إذا تخاصمنا، فليس ممكناً؛ لأنها قضية جماعية وعامة، ويجب أن نتحرك في هذا الإطار ونعمل بتنسيق وتناغم. 
أشار قائد الثورة الإسلامية إلى أنه رغم تغير الحكومة، فإن بعض السياسات والمشاريع الكبرى للنظام لا تزال تمضي قدماً، وإن السيد بزشكيان شخصياً، بوصفه رئيساً جديداً للجمهورية، يواصل استكمال بعض مشاريع الحكومة السابقة. نرجو منكم أن تقدّموا لنا توضيحات بشأن بعض هذه المشاريع، وأن تفيدونا بما إذا كانت قد حقّقت نتيجة، أم غُيِّر في مسارها بناءً على تقديركم التخصصي. 
التفتوا! في رأيي، كانت مشكلتنا حتى الآن هي أن كل من يأتي يضع برنامجاً خاصاً به؛ في حين أننا لو قَبِلنا بأن لدينا سياسة عامة، ولدينا رؤية وبرنامجاً لعشرين عاماً، (لإختلف الأمر). لقد حدد قائد الثورة الإسلاميّة في وثيقة الرؤية العشرينيّة أين يجب أن نكون في عام 2025؛ فلو كنا قد عملنا بتلك السياسات، فهل كنا سنصبح في المكان الذي نحن فيه الآن؟ لماذا لسنا هناك؟ لأن كل من جاء اعتقد أن لديه برنامجاً؛ بينما كان لدى نظام الحُكم برنامج، وسياسته كانت واضحة، وكان على كل من يأتي أن ينفذ ذلك البرنامج وتلك السياسة. في مدة الانتخابات، كان الجدل المثار معي يتمحور حول هذا الأمر، إذ كانوا يقولون «أنت لا تملك برنامجاً». لا يمكن أن يكون للدولة سياسة وبرنامج، ثم يأتي شخص ليطرح برنامجاً آخر. أنا لا أستطيع أن أنحي جانباً البرنامج الذي نفذه هؤلاء في إطار تلك السياسات، لأختار برنامجاً آخر وطريقاً آخر. رغم المشكلات الموجودة كلها، نحن نواصل السير ضمن ذاك المسار بقوتنا كلها.  تلك الأعمال كلها التي كانت قائمة منذ الماضي وافتتحناها - سواء في ما يتعلق بالإسكان، أو المشاريع غير المكتملة في الطرق، والسكك الحديد، أو المياه والصرف الصحي-  فقد أعلنا هناك أيضاً أن هذا كان عملهم ونحن من افتتحناه؛ فقد يكونون قد أنجزوا ثمانين بالمئة، وأكملنا نحن العشرين بالمئة المتبقية. ينبغي ألا نتصور أننا نؤدي أعمالاً لم يؤدِّها الآخرون؛ في الواقع، نحن نواصل الطريق الذي سلكوه، ونرتب حالياً الأولويات. لدينا مشاريع متوقّفة تقدر قيمتها بنحو سبعة آلاف تريليون تومان وهذا أمر غير مقبول بتاتاً من الناحية العلمية والإدارية. نحن الآن عندما نذهب إلى أي محافظة، نتابع كل قرار من القرارات وننفذه حرفياً. ابحثوا وتابعوا لتروا في أيٍّ من هذه المحافظات التي زرناها، كان لدينا قرار ولم ننفذه؛ ففي بعض الأماكن، يُعمل بنسبة مئة بالمئة وفقاً لما ذكر وكُتب. ينبغي لنا ألا نطلق وعوداً لا ننفذها أو لا نستطيع تنفيذها. نتيجة لذلك، نحن نسعى الآن إلى متابعة تلك المسارات والمشاريع القائمة بناءً على الأولويات، وبقوة وحزم. 
أرجو أن تذكروا نموذجين أو ثلاثة. 
على سبيل المثال، مشروع »مسكن مهر«؛ لقد أنجزنا أكثر من خمسين ألف وحدة سكنية للمحرومين، بالإضافة إلى الوحدات السكنية التي لم تكن مكتملة. فيما يتعلق بمشاريع إمداد المياه، كان المسار المقرر لإيصال مياه طالقان إلى طهران مشروعاً كبيراً؛ وقد خصصنا له الميزانية وأتممناه، وهو المسار ذاته الذي كانوا قد واصلوا العمل فيه. مثلاً ممر زاهدان - تشابهار كان قد بدأه هؤلاء ونحن بصدد إتمامه؛ وحتى مسار آستارا - رشت بدأوه هم، ونحن نمضي قدماً بقوة لإنهاء العمل فيه. حالياً يُعمل على المشاريع المتعلقة بالطاقة النووية في بوشهر، التي ستنتج قرابة ألفي ميغاواط من الكهرباء؛ ونحن نتابع هذه الأمور بكل قوة. بالطبع، سيستغرق الأمر وقتاً وليس بهذه البساطة. نحن لم نبتدع شيئاً من عندنا؛ فهذه قضايا كلها كانت موجودة من قبل ونحن نواصل المسار ذاته. 
سيادة الدكتور، لقد نبّه قائد الثورة الإسلاميّة مراراً بشأن معضلة الإسراف في مختلف المجالات، مثل المياه، والخبز، والطعام، والوقود، والطاقة، وعدّ ذلك معضلة كبرى. ما هو برنامج حكومتكم على نحو محدد للحد من الإسراف في مختلف المجالات؟
نحن ننجز هذا العمل، وقائد الثورة الإسلاميّة يساعدنا كثيراً بدعمه وتوصياته. بفضل التوصيات التي قُدمت، انخفض استهلاك المياه بنسبة 10%. هل تعلمون كم مليون متر مكعب سنوياً تعادل هذه النسبة؟ من جهة أخرى، مثلما خفضوا مقدار استهلاك المياه، فقد خفضوا استهلاك الطاقة الكهربائية أيضاً. لقد قلتُ مراراً إننا ننتج ما يقرب من 180 مليار دولار، أي يومياً مثلاً قرابة 9  ملايين برميل من النفط والغاز؛ نصدر منها حوالي مليون ونصف مليون برميل، ونستهلك الباقي؛ فإذا وفرنا 10% فقط - وهو أمر ممكن ومن السهولة بمكان - سيعادل ذلك يومياً نحو تسعمائة ألف برميل من النفط والغاز. هذه النسبة وحدها كفيلة بسد الثغرات الموجودة كافة؛ أي تلك المشكلات كلها التي يستاء الناس من وجودها حالياً؛ سواء في المعيشة، أو الطرق، أو المسارات، والأمور التنمويّة اللاحقة. فبدلاً من أن نحرق مثلاً تسعة ملايين برميل من النفط والغاز، لنوفّر 10% منها؛ إن هذا رقم ضخم جداً.  نحن نستهلك من الكهرباء ضعفي أو ثلاثة أضعاف ما تستهلكه أوروبا؛ أما الغاز الذي نستهلكه، فلا يمكن مقارنته بهم أبداً. نحن الدولة الثانية من حيث الغاز والطاقة، ولكننا الآن نقطع الغاز عن الصناعات والبتروكيماويات والمصانع؛ لماذا؟ لأننا لم نُدِر الأمر على نحو صحيح، ولم نخصص الموارد على نحو صحيح، ولا نستهلك على نحو صحيح. ليس من الضروري أن نستهلك بهذه الطريقة التي نستهلك بها الآن. نحن نضبط درجة الحرارة على 28  أو 30، بل ونخلع قمصاننا أيضاً؛ وفي بعض الأحيان نفتح النافذة بينما المدفأة أو جهاز التدفئة يعمل! 
يقول القرآن الكريم: «كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ» (الأعراف/31)؛ لا يحب الله من يسرف. نحن نجلس في غرفة واحدة ونشعل أربعين مصباحاً! ما الضرورة لذلك؟ لو سيطر كل فرد على استهلاكه قليلاً، لاستطعنا حل كثير من مشكلاتنا. نحن لسنا بحاجة إلى الآخرين أبداً، بشرط أن نتمكن بأنفسنا من إدارة ما نملك. بلادنا مليئة بالذهب والمعادن، ولكن سلوكنا هو الذي يحدد ما إذا كنا سنحقّق نتيجة وفائدة من هذا الذهب وهذه المعادن أم لا. 
هل يعني هذا أن درجة الحرارة هنا لا تتجاوز 21  درجة؟
لقد اعترضت فور وصولي إلى هنا؛ إذ ليس من حقهم أبداً تدفئة المكان في حال غيابنا. 
لا، لم يكن الجو دافئاً يا دكتور. 
كانوا يقولون إنهم أشعلوا التدفئة لتوّهم، وإلّا فنحن قد أطفأناها. لقد توقفنا عن تشغيل »الشوفاج» (المدافئ) في معظم غرفنا؛ فلا داعي لأن تظل المدفأة تعمل في مكانٍ لا أتواجد فيه. هل يُعقل أن أحتاج إلى غرفةٍ ساعةً واحدة، فتُدفأ طوال الأربع وعشرين ساعة؟ أنا أنجز أعمالي في مكان واحد ولا أتنقل من غرفة إلى أخرى؛ فما الحاجة إلى ذلك كله؟
إنَّ ترشيد الاستهلاك أمرٌ في غاية السهولة؛ هذه هي توصية سماحة القائد، والله تعالى يقول: «إن كنتم مسلمين فلا تسرفوا». 
حين أريد قراءة كتاب في مكتبي الآن، يضيئون مبنىً كاملاً لمجرد أنني جالس هناك! لماذا؟ لقد وضعنا مصباحاً للقراءة وننجز أعمالنا على ضوئه، ولا حاجة لي ببقية المكان، لذا نطفئ سائر الأضواء. ما الداعي لإضاءة الغرفة بأكملها من أجل توقيعين؟ لو استطعنا توفير 10% فقط، لكان ذلك رقماً ضخماً بحدّ ذاته، ورغم ذلك فنحن نراقب الأمر بدقة تفوق هذه النسبة بكثير.  لقد كان هناك مسبحٌ هنا يُدفأ باستمرار، فسألتهم: لماذا تُبقون هذا المكان دافئاً؟ قالوا: لعلكم تأتون يوماً للسباحة! فأمرتُ بإغلاقه، فلا ضرورة له أبداً. متى ما أردتُ السباحة سأذهب إلى مسبحٍ عام؛ ليس من الضروري صيانة مسبحٍ خاص وتدفئته على مدار الساعة تحسُّباً ليومٍ قد يخطر ببالي أن أسبح فيه.   في اعتقادي، نحن نعيش حرباً شاملة مع أمريكا و«إسرائيل» وأوروبا؛ إنهم لا يريدون لبلدنا أن يقف على قدميه. هذه الحرب أشدّ من حرب العراق علينا؛ فإذا أدرك المرء حقيقة الأمر، سيجد أن هذه الحرب أكثر تعقيداً وصعوبة من تلك. في الحرب مع العراق، كانت الصورة واضحة؛ كان يطلق صاروخاً فنعرف أين نرد. أما هنا، فهم يحاصروننا من كل جهة، ويضيّقون ويضغطون علينا، ويفتعلون لنا الأزمات - اقتصاديّاً وثقافياً وسياسياً وأمنياً - وفي الوقت ذاته يرفعون سقف التوقعات لدى المجتمع؛ فهم من جهة يمنعون مبيعاتنا وتبادلاتنا وتجارتنا، ومن جهة أخرى تتصاعد المطالب في الداخل! بناءً عليه، علينا جميعاً أن نبذل قصارى جهدنا للمساعدة، والعمل على معالجة أوضاع البلاد. 
سعادة الدكتور، يبدو أن العدو، بعد إخفاقه وهزيمته في «حرب الـ12 يوماً»، قد عمد إلى تغيير سلوكه وسياسته، ولجأ إلى نوع من العمليات النفسية والإعلامية القائمة على الترويج بأن إيران عموماً، والحكومة خصوصاً، في موقع ضعف، ولا خيار أمامنا سوى الاستسلام. بوصفكم رئيساً للجمهورية ورئيساً للمجلس الأعلى للأمن القومي، ما هو ردكم على هذا الخط الإعلامي؟
دعهم يغرقون في أوهامهم هذه؛ فبمثل هذه الأوهام هاجمونا من قبل، ولكن النتيجة كانت زيادة الوحدة والتناغم الداخلي. إن ما يفعله سماحة القائد حالياً من إيجاد تنسيق بين السلطات خلف قيادته، وإذا ما تحقّق التآزر والتعاضد، فلن تستطيع أيّ قوّة أن تُقعد شعباً متماسكاً ومتّحداً. الهمّ الذي يشغلني-  وهو أهمّ من أيّ قوّة عسكرية - هو التناغم والوحدة الداخلية، ووضع الخلافات جانباً، ومدّ الأيدي بعضُنا إلى بعض، والعمل على حلّ المشكلات. 
لماذا نادينا بأن تكون الأعمال محليّة ومحورها الأحياء ومحورُها المساجد وإشراك الناس في الأمر؟ لأن الشعب يجب أن يشارك ويسهم في صنع السياسات. علينا أن نُشرك الشعب في القرارات. كيف أدرنا دفّة الحرب؟ هل كانت الحكومة تملك المال آنذاك؟ في ذلك الوقت، كانت أمريكا والدول العربية تدعم العراق وتمدّ صدام بالعون؛ فهل استطاعوا انتزاع شبر واحد من أرضنا؟ لقد ساندتهم القوى الكبرى كلها، ولكن الشعب هو من تصدى وصنع النصر. 
نحن نريد ذاك الشعب، وتلك الإدارة بالروحيّة ذاتها؛ أي نحتاج إلى مواطنين ومديرين يؤمنون بأن هذا البلد بلدهم، وأن هذه المنطقة ملكهم، وأنهم قادرون بكيانهم كله على حل مشكلاتهم.  نحن ماضون في حل معضلاتنا؛ وما يقلقني - وقلته مراراً - هو قدرتنا على تنحية الخلافات جانباً. إنهم يسعون إلى تأجيج نيران الاختلاف، وعلينا الحذر كي لا تستفحل. إن وُجدت خلافات، فلتُناقَش خلف الأبواب المغلقة؛ ولكن حين نخرج إلى العلن، يجب أن يصدر صوت واحد من النظام، وهو الصوت الذي يجسد التوجهات والمسارات التي يحددها سماحة القائد. قد يضمر قلبي شيئاً آخر، ولكن حين يتحدد المسار، على الجميع السير فيه.  إذا كنا جميعاً يداً واحدة، فسنتغلب على هذه الصعاب مهما فعلوا. إذا استطعنا إرساء العدل والإنصاف في البلاد وإشراك الناس في القرارات والسياسات، ورأى الشعب حجم التحديات التي نواجهها، فإنه سيهبّ بنفسه للمساعدة، وسيعمل على حلها. 
في الوضع الراهن، تشتد الضغوط الاقتصادية، وكثير من الناس يدركون ذلك. إلى أي مدى يشعر السيد رئيس الجمهورية بالظروف المعيشية للمواطنين ويتابعها؟
نحن ندرك المشكلات الاقتصادية التي يواجهها الناس بكياننا كله. لقد كنا نبيع النفط بنحو 75 دولاراً، والآن نبيعه بـ50  دولاراً؛ أي إننا نبيعه بأقل من سعره السابق بـ25  دولاراً. فمن جهة، اشتدت الضغوط وانخفضت عوائدنا، ومن جهة أخرى كانت هناك ظروف الحرب التي أدت إلى تراجع في مستوى الخدمات والإنتاج. رغم ذلك كله، تقرر تحويل ما يقرب من مليارين ونصف مليار دولار وصرف القسائم التموينية الضرورية، لنتمكن من دفعها للفئات المستهدفة قدر الإمكان. 
حتى عائدات البنزين هذه - ورغم أن مبلغ خمسة آلاف تومان ليس رقماً كبيراً - فقد تقرر أن ما تحصله الحكومة من هذه الزيادة، سينفق كله بالكامل على القسائم التموينية أو في تحسين معيشة الناس. لقد تحدثنا مع البرلمان بشأن العام المقبل لتأمين معيشة المواطنين على أي نحو؛ إذ يجب أن نصل مع البرلمان والنواب، بل ومع أركان الحكم كافة، إلى لغة ورؤية مشتركة؛ فالمواضع التي ينبغي ألا نُنفق فيها المال يجب ألا نُنفق فيها، وحيث يجب ألا يُقدّم الدعم الحكومي فلن نفعله، أما حيث يجب التقديم، فعلينا أن نتفق على ذلك. 
في قضية البنزين هذه، هل تتخيلون حجم الدعم الذي نقدمه لكل خزان وقود؟ بناءً على هذه الحصص التي نوزعها، يصل الدعم شهرياً إلى ما يقرب من ثمانية ملايين تومان، هذا إذا كان استهلاك الفرد في حدود 60  أو 100 لتر؛ أما إذا استهلك أكثر، فقد يصل الدعم إلى نحو عشرين مليون تومان لكل خزان! إذا كان لدى الشخص سيارتان، فانظروا كم سيبلغ حجم الإنفاق. لماذا ننفق المال بهذه الطريقة؟ لماذا لا نوزع هذا الدعم على الجميع بالتساوي؟ حين نتدخل للإصلاح، تتعالى صرخات بعض الأشخاص متسائلين: لماذا ترفعون الأسعار؟ نحن لا نرفع الأسعار، بل نريد أن نوزع العوائد على الجميع. إذا كان من المقرر أن أمنح دعماً لخزان وقود سيارة واحدة بمقدار 7 أو 10 أو 20 مليوناً، فمن الأحرى أن أمنحه للناس كلهم، كلٌ حسب حصته.  على إعلامنا أن يدافع عن هذا التوجه ويرسخ ثقافته. لن نقتطع أي مبلغ لسد عجز ميزانية حكومتنا، ولن نأخذ شيئاً من الدعم، لكننا نريد توزيع هذا الدعم على الجميع. ليس من العدل أن أحصل أنا - الذي أملك سيارات عدة في منزلي - على دعم يصل إلى 8 أو 9 أو 10 ملايين عن كل خزان وقود. 
بناءً على الإحصاءات، يبدو أن 50 إلى 60 بالمئة فقط من المواطنين يملكون سيارات خاصة. 
نعم، وهذا موضوع يستحق النقاش وهو واضحٌ تماماً. لماذا لا نعطي المال للجميع ونخص به فقط من يملكون سيارات؟ هذه الثقافة يجب أن تترسخ. لقد قررنا في العام المقبل أن نتحاور بشأن هذا الأمر مع الناس ومع النواب ومع أعضاء الحكومة لنصل إلى لغة مشتركة. نحن لا نريد مالاً للحكومة؛ نريد أن نمنح هذا المال للجميع، لا أن يستحوذ من يملك سيارات عدة على الدعم كله. لقد استوردنا هذا العام بنزيناً بنحو خمسة مليارات دولار؛ اشتريناه بـ60  ألف تومان ونبيعه بـ1500 أو 3000 تومان! لماذا؟ وفي المقابل نعجز عن تأمين معيشة الناس وبناء جسور الثقة معهم.  إن إجمالي الميزانية التي قدمناها للبرلمان هذا العام شهدت نمواً بنسبة 2%  فقط، بينما كانت في السنوات السابقة ترتفع بنسبة 40%  أو 50%. لقد سعينا إلى تقليل نفقاتنا، وقلنا للبرلمان: قللوا من نفقاتنا قدر المستطاع، ولا حاجة إلى إضافة تكاليف جديدة. 
قالوا إنكم أعددتم موازنة العام المقبل على نحو انكماشي جداً. 
لا يزال هناك مجال كبير؛ لا يزال هناك مجال كبير لأن نتمكن من خفض كثير من نفقاتنا. لماذا نتكلّف نفقات إضافية؟ إن إنتاجية الموارد البشرية ونوعية خدماتنا يمكن أن تكون أفضل بكثير من ذلك، وهذا عمل يحتاج إلى تعاون وتناغم وتفاهم. هناك أفعال كثيرة يمكننا تجنّبها. إن معيشة الناس أولوية بالنسبة إلينا. يمكنني ألّا أدفع على الهاتف المحمول، ولكن يجب أن أدفع لمعيشة الناس. حتى الآن دُفع مليار ونصف لإستيراد الهواتف المحمولة، بينما نحن اليوم نعاني في معيشة الناس وفي المواد الأولية والسلع الأساسية. صحيح أننا لم نمنحها عملة تفضيلية، لكننا في النهاية قدّمنا عملة. إذن يجب أن أوجّه العملة أولاً إلى معيشة الناس، ثم إن بقي فائض أوجّهه إلى سائر الشؤون؛ وإن لم يبق فائض، فليقم بالتصدير، وعلى أساس صادراته يحصل أيضاً على خدماته من تلك الصادرات.  هذا الأمر يحتاج إلى تغيير في الفكر، ويحتاج إلى تثقيف. الكهرباء على هذا النحو، والغاز كذلك. هذا أمر ينبغي أن تُسهم فيه منظمة الإذاعة والتلفزيون لدينا، ونوّابنا الأعزّاء، والحوزويون الأعزّاء، وأحزابنا السياسية، لكي نُقيم العدالة والإنصاف في هذا البلد. عندها لن يعاني أحد من مشكلة الجوع أو المعيشة. لدينا المال، لكننا نسيء إنفاقه؛ ويجب أن نُحسن إدارة ذلك. 
سيادة الدكتور، هل عقدتم هذا الأسبوع أو الأسبوع الماضي لقاءً مع قائد الثورة الإسلامية بشأن القضايا الاقتصادية والمعيشية؟ في آخر اللقاءات التي عقدتموها معه، ما الملاحظات والنقاط المحدّدة التي طرحها سماحته فيما يتعلّق بمعيشة الناس والقضايا الاقتصادية؟
طبعاً، نجد فرصةً كلّ أسبوع للتشرّف بلقاء سماحة قائد الثورة الإسلامية، ونتشاور معه بشأن التقارير والتوجّهات القائمة. يقدّم سماحته لنا، ولسائر السلطات، وللجهات الأخرى حيثما يلزم، توصياتٍ تُسهم في ضبط الأمور إلى حدٍّ ما. انظروا: إنّ هاجس سماحة قائد الثورة الإسلامية، في الأولوية الأولى، هو معيشة الناس؛ أي إنّ أهمّ هواجسه هو معيشة الناس. الأعمال التي ننجزها والبرامج التي نضعها تحتاج إلى أن نتشارك جميعاً فيها ونتقدّم معاً؛ فإذا تحقّق ذلك، وتناسقت وسائل إعلامنا، ومجلسنا، وبقيّة الأجهزة، ففي وسعنا على الأقل في العام المقبل أن ننجز عملاً يمنع وقوع الناس في ضيقٍ معيشي، وألا تعود الأسعار إلى الارتفاع فيما يخصّ احتياجاتهم الغذائية؛ يمكننا إنجاز ذلك. لقد عرضنا هذه المسألة على سماحته، وكان رأيه إيجابيّاً. قدّمنا برنامجاً يضمّ نحو عشرين بنداً، وقد تنسّقت المجموعات الاقتصادية المختلفة في الحكومة والمجلس وبعض المؤسّسات الأخرى لتنفيذ هذه البنود العشرين عمليّاً. بما أنّ سماحته كان قلقاً من وضع العملة والسلع الأساسية والمواد الأولية والتضخّم وما إلى ذلك، فقد كان هناك سبعة عشر أو ثمانية عشر بنداً ينبغي لنا أن نقدّم بشأنها تقارير.  نحن لدينا مشكلة في هذا المجال، وهذا يحتاج إلى تدخّل، وهذا التدخّل مؤلم. على الناس أن يعلموا أنّ نيّتنا هي أن نُصلح تلك الجروح، وأنّ خياطة هذه الجروح لها كلفة. أن تقول: أُعطي هذا، وأُعطي ذاك، وأُعطي ذاك، نعم، الجميع يفرح؛ لكن عندما تقول: لا أعطي هذا، ولا أعطي ذاك، يغضب الجميع ويسألون: لماذا لا تعطي؟ يجب أن نضبط استهلاكنا. لا أقول ألّا نستهلك؛ أقول يجب أن نضبط استهلاكنا. خفض الاستهلاك بنسبة عشرة بالمئة ليس أمراً صعباً أبداً. الجميع يمكنهم أن يخطوا خطوة لمساعدتنا، ولمساعدة بلدنا، وإيراننا، والمجتمع الذي نعيش فيه. عندئذٍ نخرج من هذه المشكلات كلّها بسلاسة. 
عندما أقول: تعالوا وساعدوا، فمعنى ذلك ليس أنّنا لا نؤدي عملنا؛ نحن ننجز أعمالنا بكل قوّة، وننجز أيضاً سلسلة من الأعمال التي لا أريد أن أذكرها الآن، لأنّ بعض الأشخاص سيشاكس ويذهب ليعرقلها؛ لكنّنا نؤدي أعمالنا بكل قوّة. غير أنّه إذا قدّم كلّ شخص، أينما كان، مساعدةً ولو بسيطة في هذا المجال، فإنّ الأوضاع ستنقلب رأساً على عقب. نحن لا نريد أن نحرم أنفسنا من مساعدة أيّ أحد؛ كلّ من يستطيع، فليأتِ ويساعد.  هذه المشكلات التي واجهناها لم تظهر الآن، ولم تظهر في زمن الشهيد رئيسي؛ بل كانت مساراً تراكمت فيه المشكلات باستمرار، وعلينا الآن أن نقف بوجهها؛ وإذا وقفتَ بوجهها فهي تحتاج إلى خياطة، وأحياناً تحتاج إلى جراحة أوسع. ينبغي لخبرائنا وعلمائنا ونخبنا ومستثمرينا ومنتجينا جميعاً أن يصلوا معاً إلى تفاهمٍ مفاده أنّ هذا التدخّل الذي نؤديه هو لمصلحة مجتمعنا، لا أنّنا نريد أن نُحدث مشكلةً لشعبنا. نحن هنا لنكون خدّاماً للشعب؛ وعلى الأقل أنا شخصيّاً لا توجد في قلبي نيّة أخرى إلّا أن أتمكّن من حلّ مشكلات شعبنا. 
سيادة الدكتور، بسبب دعاية العدو، هناك بعض من أبناء شعبنا يشعرون بالقلق من احتمال أن يشن الأعداء الأمريكيون والإسرائيليون مرة أخرى هجمات على بلادنا. ما هو ردّ رئيس الجمهورية على هذه المخاوف؟ بالطبع، شهدنا في «حرب الـ12 يوماً» أنه حتى الخدمات الحكومية المعتادة لم تتأثر، وأُدير المجتمع بسلاسة عبر التنسيق والتعاون والتخطيط المسبق. 
انظروا، قواتنا العسكرية العزيزة تعمل بقوة، والآن من حيث المعدات والقوات، رغم المشكلات كلها التي نواجهها، فإننا أقوى مما كنا عليه عندما شنّ العدو الهجوم. بالتالي، إذا قرروا المواجهة، فسيواجهون ردّاً حاسماً. لكنني أعود إلى ما كنت أقوله دائماً، إذا كنا جميعاً متحدين ويداً بيد، فإنهم سيشعرون بالإحباط من الاعتداء على بلادنا. هم يعوّلون على شيء واحد، كما ذكروا في تصريحاتهم، وهو أن يحدث شيء داخلي ليتسنى لهم التدخّل. السبب في أنني أكرر القول إننا إذا كان هناك خلاف، يجب أن نناقشه داخل الغرف، لكن في الخارج يجب أن نكون صوتاً واحداً، وإذا كنا متحدين ومتناغمين فإنّ الشعب سيفهم أننا حقاً نريد خدمة الجميع دون التمييز بين جنس أو قومية أو عقيدة. بصفتي مسؤولاً عن البلاد إنّني مكلّف بأن أقدّم الخدمة للجميع على أساس العدالة. إذا كنّا شيعة، وإذا كنّا نقول إنّنا نتّبع الإمام علي عليه السلام، فإنّ الإمام علي لم يُعطِ أخاه عقيلاً شيئاً حين طلب زيادة من بيت المال. الله، لو كنّا قد فعلنا ذلك، هل كان الناس سيسخطون علينا؟ في بعض المواضع لم نفعل، ومع ذلك الناس ساخطون علينا. حسناً، يجب الآن أن يثبت هذا الأمر. لا يمكن بالتنظير ولا بالكلام فقط. يقولون. 
نشكركم على الوقت الذي خصّصتموه لنا، ونتمنّى لكم وللحكومة الموقرة التوفيق. 
نحن جميعاً واحد؛ وبناءً على ذلك، فإنّنا والحكومة نبذل الجهود. يقول (الشاعر):
هذه «النحن» و«الأنا» كلّها من العقل والعِقال... في خلوة العارفين ليس هناك «أنا» ولا «نحن». كلّه هو. نرجو الله أن نوفَّق لمواصلة المسار الإلهي، وأن نُجسّد ذلك النموذج الذي يريده سماحة قائد الثورة من الإسلام ومن (نمط) العيش الإسلامي؛ في سلوكنا لا في أقوالنا، فقد تكلّمنا بما فيه الكفاية. وفّقكم الله، بوركت جهودكم. 

 

البحث
الأرشيف التاريخي