العلم سلطان؛ في رثاء سيدة من سلالة الفكر

د. عباس خامه يار
المستشار الثقافي الإيراني الأسبق في لبنان

رحيل الدكتورة أشرف بروجردي مثّل خسارة كبيرة ليس فقط لشخصية ثقافية بارزة، بل لإنسانة شريفة ومفكّرة ملتزمة رأت الثقافة واجباً اجتماعياً وأخلاقياً. عُرفت الدكتورة بروجردي بدقتها وتواضعها وحزمها، وبإيمانها بالحوار وقيمة الخبرة الجماعية. تولّت مسؤولية المكتبة الوطنية الإيرانية ورأت فيها أكثر من مؤسسة إدارية؛ اعتبرتها «ذاكرة وطنية» و»ملاذاً لأهل الفكر»، بيتاً ثانياً للمفكرين ومكاناً لتبادل الأفكار ونقدها وتطويرها.
أصدرت قراراً نادراً بتكليف ممثل للمكتبة الوطنية في لبنان، ما عكس ثقتها بارتباط الثقافة بالدبلوماسية الفكرية والعلمية. خلال جائحة كورونا، ألقت كلمة في حفل إطلاق كتابي «زخم وزيتون، يادكاران وروزكاران»، حيث شددت على أن المجتمع بلا سند فكري يظل هشاً، مؤكدة أن العلم هو «سلطان» يمنح قوة الاستدلال والإقناع والهداية.
إهتمت بالتاريخ الشفوي ورأت فيه ضرورة وطنية لتوثيق الأحداث والتجارب من أجل التعلم والعبرة. بالنسبة لها، الكتب والوثائق والمخطوطات أمانة عامة يجب أن تكون متاحة للجميع عبر الرقمنة والتكنولوجيا. فقدانها ليس فقدان مديرة فحسب، بل فقدان مفكّرة آمنت بأن العلم هو الطريق إلى الكمال الفردي وإنماء الفكر الجماعي، وأن إرثها سيظل منارةً للأجيال المقبلة.

 

البحث
الأرشيف التاريخي