الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • ثقافة ورياضة
  • سیاحة
  • دولیات
  • مقالات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وتسعمائة وأربعة وأربعون - ٢٠ ديسمبر ٢٠٢٥
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وتسعمائة وأربعة وأربعون - ٢٠ ديسمبر ٢٠٢٥ - الصفحة ۷

من الاحتلال إلى سرقة المياه؛ ماذا تفعل «إسرائيل» في «الجولان» السوري؟

ينشر موقع  KHAMENEI.IR الإعلامي تقريرًا للباحث رامين حسين آباديان يتحدث عن مرتفعات الجولان السورية بوصفها نموذجًا صارخًا للاحتلال الصهيوني الممنهج، كاشفًا سياسات التغيير الديموغرافي والاستيطان ونهب الموارد المائية والنفطية، في ظل ضوء أخضر أمريكي وصمت دولي، واستمرار السعي الإسرائيلي إلى تثبيت الاحتلال وعدّ الجولان «أرضًا أبدية» للكيان.      
منذ أوائل شهر حزيران/ يونيو من عام 1967، تحولت مرتفعات الجولان السورية الاستراتيجية إلى مرتع للمحتلين الصهاينة، إذ أخضع الصهاينة الجولان لاحتلالهم الكامل منذ ذلك الوقت. تقع مرتفعات الجولان في الجزء الجنوبي الغربي من سوريا، وتحدها من الغرب فلسطين (نهر الأردن وبحيرة طبريا) ومن الشمال الغربي لبنان ومن الجنوب الأردن. يبلغ طول حدود الجولان مع فلسطين المحتلة 80 كيلومتراً. 
التغيير، التدمير، والنهب بعد الاحتلال
عمل كيان الاحتلال الصهيوني على تغيير الخصائص الجغرافية والديموغرافية للجولان منذ اليوم الأول لاحتلاله. شملت هذه التغييرات تدمير القرى والمزارع، وإنشاء المستوطنات والتشجيع على توطين المستعمرين الصهاينة، وتهجير السكان الأصليين، والتلاعب بالآثار التاريخية عبر عمليات التنقيب. كما سيطر الكيان الصهيوني بالكامل على موارد الجولان المائية التي كانت تشكل 14% من موارد سوريا المائية. لم يكتفِ هذا الكيان بزرع الألغام في المناطق الزراعية وحول المناطق السكنية في الجولان، بل حوّل أيضاً عدداً من قراه وبلداته إلى قواعد عسكرية.
الاستيطان وبناء المستعمرات بهدف تثبيت الاحتلال
أُنشئت أولى المستعمرات الصهيونية في مرتفعات الجولان المحتلة في تاريخ 15 تموز/ يوليو 1967، أي بعد شهر واحد فقط من انتهاء حرب 1967. كان الكيان الصهيوني ينظر إلى مسألة الزيادة السكانية في الجولان المحتل من منظور أمني، بمعنى أنه عدّ هذه الزيادة السكانية أحد العناصر الأساسية والرئيسية لتأمين أمنه. استمرت هذه النظرة في حرب أكتوبر عام 1973 وما بعدها، ما جعل الصهاينة يهتمون أكثر باستمرار الاستيطان وبناء المستعمرات في الجولان. لقد سعوا إلى ترسيخ أقدامهم هناك. في العام ذاته، أي عام 1973، تمكنت «حركة الاستيطان»، عبر نفوذها في الأوساط السياسية، من الحصول على تعهد من الحكومة بمضاعفة عدد سكان هضبة الجولان في عام واحد. في زيارته الأولى لمرتفعات الجولان في عام 1974، قال إسحاق رابين، رئيس وزراء الکیان الصهيوني آنذاك، للمستوطنين في هذه المنطقة المحتلة: ««إسرائيل» لم تُنشئ مستوطنات دائمة في مرتفعات الجولان بهدف إخلائها أو التنازل عنها للآخرين». تُظهر هذه التصريحات بوضوح أن الصهاينة يسعون إلى تثبيت احتلالهم للجولان وليس لديهم أي قرار للانسحاب من الأراضي المسلوبة من الشعب السوري.
ضيف غير مرغوب فيه جاء ليبقى؛ ضوء واشنطن الأخضر لتثبيت الاحتلال
في عام 1976، قدّم الكيان الصهيوني مخططاً لإنشاء مستعمرة جديدة في الجولان تحت اسم مستعمرة «كتسرين». شمل هذا المخطط بناء مدينة يبلغ عدد سكانها أكثر من 20 ألف مستعمر، يُفترض أن يُسكنوا في 5 آلاف وحدة سكنية. كما تقرر إنشاء المؤسسات التجارية والصناعية اللازمة لهذه المستعمرة. في أوائل التسعينيات، أعطى الأمريكيون الضوء الأخضر للصهاينة للاستيطان في الجولان. في غضون ذلك، أقرّ المسؤولون السياسيون الصهاينة أيضاً بتثبيت الاحتلال في الجولان. لقد أكد إسحاق شامير، رئيس وزراء الكيان الصهيوني آنذاك، في ذلك الوقت أن «إسرائيل» لن تتخلى عن الجولان؛ كما قال إسحاق رابين قبله بمنتهى الصراحة: «على «إسرائيل» ألا تتخلى عن الجولان حتى مقابل السلام». لذلك، كان الصهاينة ضيوفاً شؤماً وغير مرغوب فيهم جاؤوا إلى الجولان من أجل البقاء.
لقد حصلوا على الضوء الأخضر من الولايات المتحدة الأمريكية لتثبيت احتلالهم، إذ في أوائل عام 2019، اعترف الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب، في ولايته الأولى، رسمياً بسيادة الكيان الصهيوني على مرتفعات الجولان عبر توقيع مرسوم، ليضع بذلك ختم تأكيد استمرار الاحتلال الصهيوني ويضفي الشرعية عليه. بالطبع، لعب اللوبي الصهيوني في أمريكا دوراً مهماً ومؤثراً في الاعتراف باحتلال «تل أبيب» للجولان؛ وكما أشار دونالد ترامب في خطابه أمام الكنيست الإسرائيلي في منتصف أكتوبر الماضي، إلى «ميريام أديلسون» ــ سيدة الأعمال والمليارديرة الأمريكية الإسرائيلية ــ بوصفه شخصاً طلب اعتراف واشنطن بسيادة «إسرائيل» على الجولان مقابل تقديم مساعدات مالية لحملتها الانتخابية في الانتخابات الرئاسية لعام 2016.
إضافة إلى ذلك، فإن سقوط الحكومة السورية لم يدفع الصهاينة إلى التخلي عن احتلالهم للجولان. لم يكتفوا بانعدام التخلي، بل شرعوا في تصعيد سياساتهم هناك لترسيخ الاحتلال. على سبيل المثال، وافق مجلس الوزراء الإسرائيلي في تاريخ 15 كانون الثاني/ ديسمبر 2024 على خطة لزيادة عدد المستوطنين في مرتفعات الجولان المحتلة. أعلن مكتب رئيس وزراء هذا الكيان في بيان صادر بهذا الخصوص: «وافق مجلس الوزراء بالإجماع على خطة بقيمة 40 مليون شيكل (11 مليون دولار) لتطوير النسيج السكاني في الجولان وزيادة عدد سكانه».
نهب موارد النفط والغاز
دائماً ما تطلّع الكيان الصهيوني بعين الطمع إلى الموارد الغنية الموجودة في الجولان المحتل. ون نهب موارد هذه المنطقة المحتلة، بما في ذلك النفط والغاز، هو إثباتٌ لهذا الادعاء. لقد أقرّت وسائل إعلام الكيان الصهيوني أيضًا بنهب هذا الكيان لموارد الجولان المحتل. في هذا السياق، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الصهيونية في عام 2013 أن وزارة الطاقة الإسرائيلية منحت شركة «جيني إنيرجي: الأمريكية - الإسرائيلية ترخيصاً للتنقيب عن النفط في الجولان. من جهة أخرى، رأى جمال زحالقة، النائب العربي السابق في الكنيست الإسرائيلي، هذا الإجراء من «تل أبيب» دليلاً واضحاً على نية المحتلين في سرقة نفط الجولان واستغلال موارده الطبيعية، وقال: «تل أبيب تستغل الموارد الطبيعية في الجولان دون إثارة أيّ صخب». بالإضافة إلى ذلك، يؤكد الصحافي العربي مصطفى رستم: «كشفت مصادر في الإعلام الإسرائيلي أن «إسرائيل» بدأت جهوداً للتنقيب عن النفط والغاز في الجولان المحتل منذ أوائل التسعينيات، خاصة بعد أن ضم الكنيست الجولان إلى «إسرائيل» في 14 كانون الثاني/ ديسمبر 1981. إن اكتشاف النفط في الجولان يساعد «إسرائيل» على تقليل اعتمادها على النفط الأجنبي. يمتلك الجولان المحتل احتياطيات تُقدر بنحو مليار برميل من النفط».

 سرقة الموارد المائيّة
تعد مرتفعات الجولان في المرتبة الأولى بين المحافظات السورية من حيث خصوبة التربة والثروات الطبيعية. كما تتميز هذه المنطقة بموارد مائية تُغذّى عبر الأمطار والأنهار؛ بما في ذلك نهر الأردن ونهر بانياس، الذي يعد الرافد الثاني لنهر الأردن، وكذلك نهر اليرموك الذي يبلغ طوله 57 كيلومتراً، ويجري 47 كيلومتراً منه داخل الأراضي السورية ــ في الجولان على نحو رئيسي. 
تشير التقارير إلى أنه في نهاية شهر حزيران/ يونيو 1967، أجرت سلطات الاحتلال أول مسح للوضع المائي في مرتفعات الجولان، واكتشفت في هذا المسح ما يقرب من 100 نبع ماء. منذ عام 1968، بدأت سلطات الاحتلال تدريجياً في استخدام بحيرة «مسعدة» بوصفها مصدراً مائياً كبيراً. كما أُنشئت محطة جنوب البحيرة لتغذية شبكة من الأنابيب التي كانت توزع المياه على المستعمرين في شمال الجولان. بهذه الطريقة، تمكن الكيان الصهيوني من سرقة مليون ونصف مليون متر مكعب من مياه الجولان سنوياً وإيصالها إلى المستعمرين.
بعد قانون ضم الجولان إلى الأراضي المحتلة في تاريخ 14 كانون الثاني/ ديسمبر 1981، زادت مشاريع «تل أبيب» لاستغلال موارد الجولان لدرجة أن الأراضي السورية المحتلة ومواردها المائية أصبحت تُعرف باسم «مُلك إسرائيل». تشير التقارير إلى أن «إسرائيل» استغلت سنوياً 60 مليون متر مكعب من المياه التي كانت تتدفق على المنحدرات الشرقية للجولان وتدخل الأراضي السورية، ما أدى إلى نقص حاد في المياه في هذه المناطق.
عموماً، تشير البيانات الداخلية والدولية جميعها إلى أن «إسرائيل» تسرق سنوياً أكثر من 813 مليون متر مكعب من المياه من الأراضي السورية. تعادل هذه الكمية 25 إلى 30 في المئة من استهلاك «إسرائيل» للمياه. في تصريحاته عام 1993 عن موارد الجولان المائية، قال شمعون بيريز، الرئيس الأسبق للكيان الصهيوني: «الماء قبل الأرض، وإذا اتفقنا على الأرض ولم نتفق على الماء، فسندرك أنه ليس لدينا أي اتفاق حقيقي». تمثل تصريحات هذه الشخصية الصهيونية محور المشاريع جميعها التي نفذها وينفذها الصهاينة للسيطرة على الموارد المائية كافة في مرتفعات الجولان. المفارقة الساخرة هي أن مسؤولي الكيان الصهيوني، بمن فيهم بنيامين نتنياهو، يصورون أنفسهم أمام الرأي العام، عبر اتباع نهج مخادع، على أنهم رواد في توفير المياه للآخرين،في حين أنهم يوفرون رسمياً احتياجات المستوطنين في الأراضي المحتلة من المياه عن طريق نهب موارد الأراضي الأخرى مثل الجولان.  
«الجولان»؛ مرتع «إسرائيل» حتى
في مرحلة ما بعد الأسد
لم يتخلَّ الكيان الصهيوني عن احتلال الجولان بعد سقوط بشار الأسد وفي ظل سياسات الحكومة الجديدة لهذا البلد برئاسة «أبي محمد الجولاني»، حيث لم يلحظ مقاومة لتحركاته الميدانية، بل وسع نطاق احتلاله في الأراضي السورية. احتل الصهاينة هذه المرة مناطق استراتيجية منها جبل الشيخ والقنيطرة أيضاً. بالتالي، لم تكتفِ «تل أبيب» برفض الانسحاب من الجولان والتخلي عن موارده، بل سمّته أيضاً بيتها الأبدي؛ كما أكد بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، بعد الإطاحة بالأسد: «ستبقى مرتفعات الجولان ملك «إسرائيل» إلى الأبد».بهذا الوصف، يظل الجولان مرتعاً للكيان الصهيوني لينهب موارده أكثر فأكثر.
على أي حال، يرتبط نمط السلوك الإسرائيلي في المنطقة دائماً بنهب الموارد من جهة، والسعي إلى تحقيق التفوق السياسي والأمني والاقتصادي من جهة أخرى. إن النظر إلى هذا النمط السلوكي في إطار مشاريع أوسع مثل «إسرائيل الكبرى» يشير إلى أن الصهاينة سيكون لديهم نظرة أكثر طمعاً للمنطقة ومواردها في المستقبل، وإذا تمكنوا من احتلال نقاط أخرى، فلن يترددوا لحظة في نهب مواردها.

البحث
الأرشيف التاريخي