خلال مؤتمر ”القانون الدولي تحت الهجوم؛ العدوان والدفاع”
عراقجي: الدعوات للمفاوضات تجدّدت.. ولا سبيل آخر سوى الدبلوماسية
أكد وزير الخارجية، سيد عباس عراقجي، على أن للمفاوضات والدبلوماسية قواعدَ وأسساً، موضّحاً أن الدبلوماسية ما زالت قادرة على الاستمرار، وما زالت الحل النهائي لتسوية الخلافات، ولكن يجب الالتزام بمعاييرها وضوابطها ومبادئها.
وخلال جلسة نقاشية متخصصة في مؤتمر "القانون الدولي تحت الهجوم؛ العدوان والدفاع" الدولي، رأى عراقجي أن العدوان الصهيو-أمريكي العسكري الأخير على إيران، والذي كان في الواقع هجوما على الدبلوماسية أيضاً، كان من جهة بمثابة أول صاروخ أطلقته الولايات المتحدة والكيان الصهيوني يضرب طاولة المفاوضات الإيرانية- الأمريكية. ومن جهة، أظهرت هذه الحرب أنه لا سبيل آخر سوى الدبلوماسية.
وأشار وزير الخارجية الى أن الهدف الذي سعى إليه الكيان الصهيوني والولايات المتحدة من هذه الحرب لم يتحقق، وقال: لم ينجحا في بلوغ أيٍّ من أهدافهما، بل واجها هزيمة واضحة. فإذا كان هدفهما القضاء على البرنامج النووي الإيراني، فإن هذا الهدف لم يتحقق. لقد قلتُ مرارا انه قد تُدمَّر المنشآت وتُهدم، لكن لا يمكن تدمير تكنولوجيا التخصيب وعلومه بالقصف، والأهم من ذلك أن إرادة الشعوب لا تُهزم ايضا بالقصف الجوي.
التكنولوجيا النووية مازالت قائمة
ومضى وزير الخارجية قائلاً: انه على الرغم من تضرّر المنشآت النووية، إلا أن هذه التكنولوجيا ما زالت قائمة، بل إن إرادة إيران وشعبها أصبحت أقوى من ذي قبل، موضّحاً انه حاليا بدأت مطالبات جديدة للمفاوضات مجدّدا. معتبرا ان هذا أمر طبيعي؛ لأنهم فشلوا في تحقيق ما أرادوه من البرنامج النووي الإيراني عبر القوة العسكرية. مُؤكّدا ان هذا بالضبط ما كان يتم التشديد عليه مرارا وتكرارا، ان الملف النووي الإيراني لا يُحلّ عسكريا وقد جرّبوا ذلك، وتأكّدوا أن هذا الحل ليس بالحل الصحيح.
وشدّد عراقجي على أنه يجب أن تستند المفاوضات والدبلوماسية الى أسس معقولة ومنطقية، وأن تُجرى بجدية وصدق، وأكد أنه إذا توفّرت هذه الشروط للمفاوضات، فإن الجمهورية الإسلامية قد أثبتت دوما أنها مستعدة دائما للتفاوض. نحن لم نترك طاولة المفاوضات في أي وقت؛ بل كان الطرف المقابل دائما هو من يخون المفاوضات.
واكمل ان امريكا بررت خيانتها الاخيرة بشكل أسوأ، من خلال شنّ عدوان على إيران، وتابع: لم تتهرب ايران من الدبلوماسية، بل كانت أمريكا والدول الغربية هي التي سعت دائما لفرض رغباتها خلال المفاوضات.
إيران تجاوزت بنجاح كبير حرباً شديدة وقاسية
ورداً على سؤال حول ماهية المشهد العام لإيران ومنطقتها وعلاقتها بالعالم في الظروف التي تلت الحرب الصهيو-امريكية عليها، قال وزير الخارجية: أمّا بشأن المستقبل، فأنا أرى مستقبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية في المسار الذي بدأناه في المنطقة وعلى الصعيد الدولي، مستقبلاً واعداً وإيجابياً جداً. من واقع الأمر أننا استطعنا تجاوز حرب شديدة وقاسية بنجاح كبير" وأكد عراقجي: حربنا كانت دفاعا عن أنفسنا في مواجهة هجمات أمريكا والصهاينة، وبمشاركة عدد كبير من الدول الأخرى، والاهداف التي وضعوها في هذه الحرب لم تُحقَّق بأيّ شكل من الأشكال.
سنكون أقدر وأقوى من ذي قبل على المواجهة
وأشار عراقجي إلى أنه في الأيام الأولى من الحرب طالبوا إيران بالاستسلام المطلق دون شروط، وقال: لكن في اليوم الثاني عشر من الحرب، أرسلوا رسالة يطلبون فيها وقفا فوريا لإطلاق النار دون شروط، وكان ذلك لأنهم فشلوا تماما في تحقيق أهدافهم. وتابع: بينما وفي المقابل نجحت إيران في اليوم الأول من الحرب خلال ساعات قليلة في تجهيز نفسها للدفاع وتقديم مقاومة قويّة جداً، وقد اكتسب هذا الدفاع يوما بعد يوم أبعادا أقوى. وإذا تكرّرت الحرب مستقبلا، فسنكون أقدر وأقوى من ذي قبل على المواجهة، وهذه القدرة نفسها تشكل عاملا رادعا ضد اندلاع حرب جديدة.
وأردف: نسمع أحيانا أن الأجواء الإيرانية كانت تحت سيطرة الطائرات الصهيونية، لكن لا يُذكَر الجانب الآخر: أن أجواء الكيان الصهيوني كانت أيضا في مرمى الصواريخ الإيرانية. ففي الأيام الأخيرة من الحرب، عملت هذه الصواريخ بقوّة وفعالية ودقة مذهلة، لدرجة أن الكيان الصهيوني لم يجد أمامه سوى طلب وقف إطلاق النار فورا ودون شروط"
وأكّد: لقد تجاوزنا هذه الحرب بنجاح. التكنولوجيا النووية التي سعوا لتدميرها لا تزال قائمة.
تعرفنا على نقاط ضعفنا و نقاط ضعف العدو
وتابع: "تعرفنا على نقاط ضعفنا وعلى نقاط ضعف العدو، كما فهمنا جيدا نقاط قوتنا ونقاط قوة الآخرين. وبالتالي، إذا اندلعت حرب مماثلة مرة أخرى، فسنكون قادرين على المواجهة بشكل أفضل وأقوى من ذي قبل، وهذه القدرة بحدّ ذاتها هي ما يردع العدو عن شنّ حرب جديدة."
وأضاف عراقجي: "السبب الذي دفع الأعداء لبدء حرب الـ12 يوماً المفروضة كان خطأ في الحسابات؛ فقد اعتقدوا أن إيران غير مستعدّة للدفاع عن نفسها، لكنهم اكتشفوا على أرض الواقع أن هذا الاعتقاد خاطئ. ونحن اليوم أقوى مما كنّا عليه حينها، ولا شك أن هذا الاستعداد القوي يُعد أهم عوامل منع تكرار الحرب. وإذا كرّر العدو تجربته الفاشلة السابقة، فلن تكون النتيجة سوى فشل متكرر.
وأكد عراقجي أننا نجحنا في إحياء العديد من قدراتنا الدفاعية والتقنية. ولم تستطع العقوبات كسر إرادتنا أو تقييد قدراتنا."
الهدف من القرار المزمع ممارسة الضغط على طهران
من جانبه وتعليقاً على مساعي الترويكا الأوروبية لاعتماد قرار جديد ضد إيران في الاجتماع القادم لمجلس المحافظين بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، قال رئيس منظمة الطاقة الذرية محمد اسلامي: إن الهدف من القرار المزمع هو ممارسة الضغط السياسي على طهران.
وقال اسلامي: ان الهجوم الذي تعرضت له المنشآت النووية للجمهورية الإسلامية الإيرانية يعد حدثاً غير مسبوق في التاريخ. فالفرق بين هذا الهجوم والهجمات السابقة على منشآت نووية -مثل الهجوم الصهيوني على سورية والعراق، أو القضايا المثارة حول زابوروجيا في أوكرانيا- أن تلك المنشآت لم تكن أبدا خاضعة لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية ولا تحت إشرافها. وتابع: هذه هي المرة الأولى في التاريخ التي تتعرّض فيها منشأة نووية مسجّلة رسميا لدى الوكالة الدولية للطاقة النووية، وخاضعة لمراقبتها المستمرة -بل وحتى لمراقبة مكثّفة- لهجوم عسكري. وهذا يُعدّ، بکلّ معنى الكلمة، ضربة موجعة للقانون الدولي.
وأضاف أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تلقت ضربة لأنها ومديرها العام لم يُدينا هذه الهجمات، ولم تسمح الترويكا الأوروبية لمجلس المحافظين بإصدار بيانٍ لإدانته. كما أن مجلس الأمن الدولي لم يُدن الهجوم أيضا، وهذا يعني أن القوانين الدولية قد وضعت جانبا وتم انتهاك قواعدها.
لا يمكننا القبول بعملية تفاوض أخرى بعد العدوان
من جانبه، صرح المتحدث باسم الخارجية إسماعيل بقائي، على هامش المؤتمر: إن الهجوم على إيران هو أحد حالات اللجوء إلى القوة التي أضرت بالمجتمع الدولي، لأننا لا نستطيع القبول بعملية تفاوض أخرى، وأضاف: كنا نتفاوض عندما وقع العدوان على إيران. بالطبع، هناك أسباب مختلفة وراء ذلك، لكن إيران سعت إلى التفاوض لحل الخلاف الذي كان بيننا منذ البداية.
إذا صدر قرار من مجلس المحافظين، فسنراجع نهجنا بشكل جذري
من جهته، أكد نائب وزير الخارجية كاظم غريب آبادي، انه إذا عُرض القرار وتمت الموافقة عليه في اجتماع مجلس المحافظين، فستكون ظروفنا مختلفة وسنراجع نهجنا بشكل جذري. وأوضح غريب آبادي للصحفيين على هامش المؤتمر أن الدول الأوروبية الثلاث التي تصرفت بهذه الطريقة أخرجت نفسها من عملية الدبلوماسية مع إيران، وفشلت، والآن تحاول تعويض هذا الفشل في فيينا.
