تم الحفظ في الذاكرة المؤقتة...
والاحتلال الصهیوني يقصف مناطق متفرقة في القطاع
الفصائل الفلسطينية تحمّل واشنطن مسؤولية مجازر العدو في غزة
يأتي ذلك في وقت دافع فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن العدوان الصهيوني على الفلسطينيين في القطاع، مبرراً المجازر الصهيونية.
هذا وأعلنت حركة المجاهدين الفلسطينية في بيان لها، الأربعاء، إن المجازر الصهيونية الجبانة ضد المدنيين تمثّل تجلّياً واضحاً لانتهاك الاحتلال اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدة أن فصائل المقاومة التزمت ببنود الاتفاق بينما لم يلتزم العدو على كافة الصعد. كما طالب البيان، المجتمع الدولي والوسطاء بتحمّل مسؤولياتهم، داعية الوسطاء إلى اتخاذ موقفٍ واضح وحازم تجاه الخروقات الصهيونية وضمان تنفيذ بنود الاتفاق، وحمّلت الحركة الإدارة الأمريكية المسؤولية الكاملة عن استمرار انتهاكات الاحتلال، مشددة أن على واشنطن إلزام الاحتلال بوقف جرائمه لا تغطيتها.
وجددت الحركة دعوتها إلى مواصلة التحركات الشعبية والدولية دعمًا لغزة ورفضًا للخروقات والاعتداءات، معتبرة أن الضغوط الجماهيرية وسيلة فعّالة لمواجهة التصعيد الصهيوني.
من جهتها، حمّلت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الإدارة الأمريكية المسؤولية الكاملة عن المجازر التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني ضد المدنيين العزل في قطاع غزة خلال الساعات الأخيرة، معتبرة أن تصريحات الرئيس الأمريكي، المجرم ترامب تمثل تفويضًا علنيًا بقتل المدنيين.
وطالبت حركة الأحرار الفلسطينية الأمم المتحدة ومجلس الأمن والدول الضامنة للسلام بالتحرك الفعلي لإدانة هذه الجرائم، ووقف الانتهاكات، وإجبار قيادة الاحتلال على الالتزام بوقف إطلاق النار حماية للشعب الفلسطيني وحقه في الحياة والأمن.
«حماس» تنفي علاقتها بحادث إطلاق النار في رفح
بدورها، أكدت حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، في تصريح صحفي، أنها لا علاقة لها بحادث إطلاق النار الذي وقع في رفح، وشددت على التزامها الكامل باتفاق وقف إطلاق النار الموقع في شرم الشيخ برعاية أمريكية.
وأوضحت الحركة أن القصف الذي نفذه جيش الاحتلال الصهيوني على مناطق من قطاع غزة يمثل انتهاكاً واضحاً وصارخاً لاتفاق وقف إطلاق النار واستمراراً لسلسلة من الخروقات الأخيرة، والتي شملت اعتداءات أسفرت عن سقوط شهداء وجرحى واستمرار إغلاق معبر رفح، بما يعكس إصرار الاحتلال على إفشال الاتفاق وعدم احترام بنوده.
واعتبرت حماس، في بيانها، أن التصعيد الحالي بمثابة امتداد لسياسة الاحتلال العدوانية بحق قطاع غزة، مطالبة الوسطاء الضامنين للاتفاق بالتحرك العاجل للضغط على الاحتلال وكبح تصعيده الوحشي ضد المدنيين، والتدخل العاجل لوقف انتهاكاته وضمان التزامه بتنفيذ جميع بنود الاتفاق. وأكدت الحركة التزامها بمسار التهدئة وتجنيب القطاع المزيد من التصعيد، محملة الاحتلال كامل المسؤولية عن تداعيات الاعتداءات المستمرة على سكان قطاع غزة.
وفي وقت سابق، أطلقت قوات الاحتلال الصهيوني هجومًا جديدًا على قطاع غزة، مدعية أن ذلك جاء ردًا على تنفيذ المقاومة لهجوم ضد جنود الاحتلال في القطاع، في وقت سجلت فيه المؤسسات المحلية والدولية تكرار الخروقات لاتفاق وقف إطلاق النار، وارتفاع أعداد الضحايا المدنيين بشكل كبير.
وفي التفاصيل، أفادت مصادر في الدفاع المدني الفلسطيني باستشهاد عدد من المواطنين بينهم أطفال، وإصابة آخرين في غارة جوية استهدفت منزلًا بحي الصبرة جنوبي مدينة غزة. وواصلت الطائرات الحربية الإسرائيلية شن غارات جوية على مدينة رفح، بينما أكدت مصادر محلية أن طائرة مسيرة صهيونية استهدفت أيضًا محيط مجمع الشفاء الطبي وسط مدينة غزة، كما طالت غارة أخرى حي الزيتون شرقي المدينة.
وبحسب مكتب الإعلام الحكومي في غزة، فقد استشهد 94 فلسطينياً وأصيب 344 آخرون جراء 125 خرقاً من جانب الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار منذ دخوله حيز التنفيذ. وبيّن المكتب أن هذه الانتهاكات شملت 52 عملية إطلاق نار استهدفت المدنيين بشكل مباشر وتسع عمليات توغل للآليات الصهيونية داخل الأحياء السكنية، متجاوزة ما يُعرف «بالخط الأصفر» المنصوص عليه في خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضمن المرحلة الأولى لاتفاق التهدئة بين حماس و«إسرائيل».
ووفق بيانات وزارة الصحة في غزة، ارتفعت حصيلة الضحايا الفلسطينيين منذ بدء الإبادة الجماعية في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إلى 68,531 شهيدًا و170,402 جريح.
تقرير المقررة الخاصة للأمم المتحدة
بدورها، رحبت الخارجية الفلسطينية، بالتقرير الصادر عن المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، فرانشيسكا ألبانيزي، وقالت إنه «يكشف التواطؤ الدولي» في ارتكاب كيان الاحتلال جريمة الإبادة الجماعية بغزة.
جاء ذلك في بيان للخارجية الفلسطينية تعقيبا على تقرير ألبانيزي أمام اللجنة الاجتماعية والإنسانية والثقافية (اللجنة الثالثة) للأمم المتحدة، المنعقدة بمقر المنظمة الأممية في نيويورك.
وأوضحت الخارجية أن التقرير الذي حمل عنوان «إبادة غزة: جريمة جماعية» يعتبر «في غاية الأهمية لما يتضمنه من حقائق وبيانات تعكس واقع الاحتلال الصهيوني وجرائمه المستمرة والموثقة قانونيا».
وفي وقت سابق قالت ألبانيزي إن دعم بعض الدول لسياسات الاحتلال الصهيوني المتعلقة بالاحتلال والاستيطان، تحول لاحقا إلى إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني.
وأشارت إلى أن «هذه الأحداث المروعة ليست انحرافا، بل هي ذروة عقود من الفشل الأخلاقي والسياسي في نظام عالمي استعماري يُدار من خلال منظومة تواطؤ عالمي». من جهتها قالت الخارجية الفلسطينية إن تقرير ألبانيزي يكشف «بوضوح التواطؤ والدعم الدولي في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والإطار الأوسع لسياسات الاستعمار الاستيطاني والاحتلال العسكري طويل الأمد، ونظام الفصل العنصري الذي تفرضه «إسرائيل»، القوة الاحتلال غير الشرعي».
وأردفت أن «تقاعس بعض الدول المؤثرة عن الوفاء بالتزاماتها القانونية، من خلال توفير الغطاء الدبلوماسي والحماية السياسية والدعم العسكري والاقتصادي، حول الإبادة إلى جريمة جماعية يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليتها القانونية والأخلاقية». وشددت على ضرورة أن يكون التقرير «نقطة تحول في موقف المجتمع الدولي، فالإبادة الجماعية الجارية في قطاع غزة ليست مأساة إنسانية فحسب، بل اختبار حقيقي لقدرة النظام الدولي على صون مبادئ العدالة والمساواة وسيادة القانون».
استمرار احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين
في سياق آخر،يعد الشهيدان مثنى عمرو (20 عامًا) من قرية القبيبة ومحمد طه (21 عامًا) من قرية قطنة الأحدث في سلسلة الجثامين المقدسية المحتجزة لدى الاحتلال، وذلك بعد تنفيذهما عملية إطلاق نار في حيّ «راموت» الاستيطاني بالقدس في 8 سبتمبر/أيلول الماضي. وما زال جثماناهما يقبعان قسريًا في الثلاجات منذ 33 يومًا، في ظل استمرار الاحتلال الصهيوني في سياسة الاحتجاز المدعومة من النظام القضائي، ما يحرم العائلات من استلام رفات أبنائها.
وثقت الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء احتجاز 735 شهيدًا، بينهم 256 في مقابر الأرقام، و497 منذ إعادة تفعيل سياسة الاحتجاز عام 2015، بالإضافة إلى 336 جثمانًا منذ اندلاع الحرب الحالية على غزّة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. ومن بين المحتجزين، 86 شهيدًا من الحركة الأسيرة، و67 طفلًا لم تتجاوز أعمارهم 18 عامًا، إضافة إلى 10 نساء. وأقدم جثمان محتجز يعود للشهيد المقدسي جاسر شتات الذي قُتل عام 1968، فيما أصغر الجثامين تخص طفلين في الرابعة عشرة من العمر.
وترتبط هذه السياسة التاريخية بسلسلة قوانين وأوامر عسكرية منذ الانتداب البريطاني، بدءًا من المادّة 133 (3) لعام 1945 التي منحت سلطات الانتداب الحق في تحديد مكان دفن الجثامين، مرورًا بتطبيقها في التشريعات «الإسرائيلية» بعد نشوء الكيان عام 1948، وصولًا إلى أوامر عسكرية صارت تستثني المقاتلين الفلسطينيين وتصنفهم كـ«إرهابيين ومتسللين»، ما أتاح للجيش الصهيوني دفن الشهداء في مقابر الأرقام وتجميد حقوق العائلات في استلامهم.
وعلى مدار العقود، أصدرت المحكمة «الإسرائيلية» العليا قرارات متعددة شرعت ووسّعت من هذه السياسة، بدءًا من السماح للجيش بفرض قيود على جنازات شهداء مثل مصطفى بركات عام 1992، مرورًا بتأكيد إمكانية الاحتجاز لأغراض التفاوض كما في قضية حسن عباس عام 1994، وصولًا إلى تعديل قانون مكافحة الإرهاب عام 2018 الذي أعطى الشرطة صلاحية فرض قيود على مراسم التشييع.
وفي يناير 2017، أكدت المحكمة أن المادّة 133 من لوائح الطوارئ لا تمنح الجيش تلقائيًّا الحق باحتجاز الجثامين لأغراض تفاوضية، إلا إذا سنّ «الكنيست» قانونًا واضحًا، فيما أصدرت المحكمة العليا لاحقًا قرارات بتعيين جهة مركزية للإشراف على الشهداء في مقابر الأرقام وإنشاء بنك للحمض النووي، رغم تأجيلات الحكومة المستمرة.
وتشهد السياسة الحالية استمرار احتجاز مئات الجثامين في المشارح الصهيونية، مع استخدام بعضها كأداة للتفاوض على صفقة تبادل أسرى. وفي سبتمبر 2019، أقرّت المحكمة العليا بأغلبية 4 من 7 قضاة جواز احتجاز الجثامين واستخدامها في مفاوضات محتملة، مع الأخذ بعين الاعتبار إجراءات التسجيل والتوثيق اللازمة قبل نقلها إلى مقابر الأرقام، ما يعكس استدامة هذه السياسة منذ عقود.
الاحتلال يصعّد في الضفة
من جانب آخر نفّذت قوات الاحتلال الصهيوني، يوم الأربعاء، حملة اعتقالات واسعة في مخيم الدهيشة بمدينة بيت لحم، تزامنًا مع اعتداءات لمستوطنين أضرموا النار في مركبات بعدد من بلدات الضفة الغربية.
واعتقلت قوات الاحتلال نحو 50 فلسطينيًّا، معظمهم من الأسرى المحررين، خلال مداهمات في المخيم. كما أقدم مستوطنون فجر الأربعاء على إحراق مركبتين في بلدة صوريف شمالي الخليل، وأخرى في قرية عطارة شمالي رام الله.
ويأتي ذلك بعد ساعات من إصابة طفلين فلسطينيين برصاص الاحتلال في قرية المغير شمال شرقي رام الله، أحدهما في البطن والآخر في الأطراف، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية، التي أشارت إلى انسحاب القوات بعد اقتحام أحد المنازل وتفتيشه.
كما واصلت قوات الاحتلال اقتحاماتها في محافظة نابلس، مستهدفة قرى قصرة وبُرقة ومخيمي عسكر الجديد والقديم وبلدة سبسطية. وتشهد الضفة الغربية تصعيدًا متواصلًا منذ بدء العدوان الصهيوني على غزة عام 2023، إذ أسفر عن استشهاد أكثر من ألف فلسطيني وإصابة نحو 10 آلاف، واعتقال أكثر من 20 ألفاً، بينهم أطفال.
