عقب الغارات التي شنّها الكيان الصهيوني على مواقع إيرانية
النفط يقفز بأكبر وتيرة منذ 3 سنوات؛ وأسواق المال تهتز
شهدت أسواق الطاقة والمال العالمية اضطرابات حادة عقب الغارات الجوية التي شنّها الكيان الصهيوني على مواقع إيرانية، إذ ارتفعت أسعار النفط بنسبة قاربت 7%، وسط مخاوف متزايدة من تعطل إمدادات الخام من غرب آسيا، أحد أهم مصادر الطاقة العالمية. وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بنسبة 02/7% (ما يعادل 87/4 دولارات)، لتسجل 23/74 دولارًا للبرميل، بعد أن بلغت ذروتها خلال الجلسة عند 50/78 دولارًا، وهو أعلى مستوى منذ يناير/ كانون الثاني الماضي، في قفزة يومية تجاوزت 13%.
أما خام غرب تكساس الوسيط الأميركي، فقد قفز بنسبة 62/7%، ليصل إلى 98/72 دولارًا للبرميل، بعدما سجل خلال التداولات أعلى مستوياته منذ 21 يناير/ كانون الثاني الماضي عند 62/77 دولارًا.
توترات جيوسياسية في منطقة حيوية
ويرى محللون أن تفاقم التوتر الأمني في غرب آسيا، لاسيما مع دخول إيران -أحد أبرز المنتجين في منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك»- في دائرة الحرب، يُنذر بتعطل محتمل في الإمدادات. ويمر ما يقرب من 20 مليون برميل نفط يوميًا عبر مضيق هرمز، وهو ما يعادل نحو ثلث التجارة البحرية العالمية من الخام. ويُشير خبراء الطاقة إلى أن القدرات الاحتياطية لمنظمة البلدان المصدّرة للنفط «أوبك» قد لا تكون كافية لتعويض النقص المفاجئ في الإمدادات، في حال توسّعت رقعة النزاع أو استُهدفت المنشآت النفطية الحيوية في دول الخليج الفارسي.
صناديق التحوط تستبق الأحداث
وبحسب «بلومبيرغ»، كشفت بيانات لجنة تداول العقود الآجلة للسلع في الولايات المتحدة أن صناديق التحوط اتخذت قبل أيام من الضربات الجوية موقفًا صعوديًا قويًا تجاه الخام الأميركي، هو الأقوى منذ يناير/ كانون الثاني. وقد رفع مديرو الأموال صافي مراكزهم الشرائية طويلة الأجل على خام غرب تكساس الوسيط بمقدار 056/16 عقدًا، لتصل إلى 134/179 عقدًا في الأسبوع المنتهي في 10 يونيو/ حزيران. كذلك، أظهرت بيانات «بورصة إنتركونتيننتال أوروبا» أن الرهانات على صعود أسعار خام برنت وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ عشرة أسابيع، في مؤشر على ثقة المستثمرين بأن الأسعار ستواصل الارتفاع بفعل العوامل الجيوسياسية.
حرائق كندا ومؤشرات على انفراج تجاري أميركي - صيني
ساهمت عوامل أخرى في دعم الاتجاه الصعودي، أبرزها استمرار حرائق الغابات في ألبرتا، كندا، ما تسبب في توقف إنتاج نحو 350 ألف برميل يوميًا من النفط الثقيل، وهو ما قلّص المعروض العالمي. بالتوازي، تلقت الأسواق دفعة إيجابية من مؤشرات على تحسن العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، حيث جرت مفاوضات في العاصمة البريطانية لندن بين مسؤولين رفيعي المستوى من الجانبين.
وأعرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عبر وسائل التواصل الاجتماعي حينها، عن «إتمام اتفاق مع الصين»، رغم الإبقاء على بعض الرسوم الجمركية، ما أثار آمالًا بتراجع حدة التوتر بين أكبر اقتصادين في العالم.
وول ستريت تتأرجح تحت وطأة الضربات
على الجهة الأخرى، شهدت مؤشرات الأسهم الأميركية تراجعًا حادًا بفعل تصاعد التوترات العسكرية. فقد أغلق مؤشر ستاندرد آند بورز 500 منخفضًا بـ92/68 نقطة، أو بنسبة 14/1%، عند مستوى 34/5976 نقطة. وتراجع مؤشر ناسداك بـ13/254 نقطة أو 29/1%، إلى 49/19407 نقاط.
أما مؤشر داو جونز الصناعي، فهبط بمقدار 73/768 نقطة، أو بنسبة 79/1% ليغلق عند 89/42198 نقطة.
تأتي هذه القفزة في أسعار النفط في وقت تعاني فيه السوق من محدودية الإمدادات، بالتزامن مع مؤشرات على انتعاش الطلب، خاصة مع اقتراب موسم السفر الصيفي في النصف الشمالي من الكرة الأرضية.
وتُحذّر تقارير عديدة من أن استمرار التوتر في منطقة الخليج الفارسي -التي تضم كبار المنتجين كالسعودية والإمارات وإيران والعراق- قد يدفع الأسعار إلى مستويات تتجاوز 85 دولارًا للبرميل في المدى القريب، إذا ما استهدفت منشآت تصدير أو تعطلت شحنات بحرية رئيسية. الأسواق تتحرك حاليًا على وقع السياسة والسلاح. ومثل هذه القفزات في أسعار النفط، التي تُعد الأكبر منذ أكثر من ثلاث سنوات، تفتح بابًا لمزيد من التقلبات، وتضع العالم أمام مفترق طرق اقتصادي وأمني، في ظل تداخل الملفات الجيوسياسية، ومحدودية الطاقة الإنتاجية الاحتياطية، وتوترات الأسواق العالمية.
