رسّام إيراني للوفاق:
يجب تبيين جمال الإسلام من خلال تصوير أهل البيت (ع)
مونا سادات خواسته
الفن الإيراني له تاريخ عريق، فن إجتاز الحدود بأساتذته الذين أصبحوا ذائعي الصيت، ونحن اليوم على أعتاب عيد الله الأكبر، عيد الغدير الأغر، عيد ولاية أمير المؤمنين الإمام علي(ع)، الذي يصادف يوم السبت القادم، العيد الذي هو أفضل الأعياد لأنه اليوم الذي أكمل الله به دينه وأتم نعمته على المسلمين واستخلف عليهم وليه أميراً وهو ليس عيداً يختص بالشيعة فقط بل هو عيد لكل المسلمين. فبهذه المناسبة أجرينا حواراً مع أستاذ الفن الإيراني في مجال الرسم، «رضا بدر السماء» أستاذ مخضرم في هذا المجال. وهو أستاذ في جامعة أصفهان للفنون وعضوٌ في معهد الفنانين المخضرمين في إيران. من أبرز أنشطته الفنية التي مارسها لما يقارب ستين عامًا هي الرسم وأعمال المينا، إلى جانب الرسم بتقنية الألوان المائية.
ومن بين إنجازاته الفنية الأخرى، حصده العديد من الجوائز المحلية والدولية، وتأليفه ورسمه للعديد من الكتب الأدبية والعرفانية.كما تُعرض أعماله الفنية الرائعة في متاحف إيرانية مرموقة، له نشاطات واسعة في مجال أهل البيت(ع) والفن الثوري، وهو فنان ملتزم، محب لأهل البيت(ع)، والثورة الإسلامية، والمقاومة، كان الحديث معه عن رسوماته حول أهل البيت(ع) والغدير، وفيما يلي نص الحوار:
الفن الملتزم ومسيرة العمل
بداية، كان الحديث عن مسيرة الأستاذ رضا بدرالسماء في الرسم، قائلاً: يمكن تقسيم حياتي إلى قسمين، قبل الثورة وبعدها، قبل الثورة نشأت في عائلة كان معظم أفرادها يعملون في الصناعات اليدوية، وأصبحت مهتما بها وأردت أن أتّبع هذا المسير، عملت لمدة 15 عاما قبل الثورة، أولا مع أخي الأكبر، ولاحقا مهنيا. لكن لأنني نشأت في عائلة كان والدي محباً لله، حاول أن يعطينا الخبز الحلال، ولهذا السبب، كان يأخذني معه إلى الاحتفالات الدينية، وعندما كان يذهب إلى المسجد للصلاة يأخذني معه.
كنت مهتما جدا بأن أكون قادراً على العمل بما يتماشى مع الأحكام الدينية والإسلام، وخاصة المصائب التي حلت بسيد الشهداء أبا عبد الله الحسين(ع)، كنت أرغب دائماً في القيام بشيء وقلت لنفسي: لو كنت في زمن الإمام الحسين(ع) وسمعت نداءه «هل من ناصر ينصرني»، هل أذهب لمساعدة الإمام الحسين(ع) أم لا؟
كانت هذه العقلية في داخلي،كنت مهتما جدا بأن أكون قادراً على العمل في هذا الاتجاه، ولحسن الحظ في حياتي حدثت الثورة الإسلامية، وكنت سعيدا جدا بحدوث ذلك، بالنظر إلى أنني كنت في وضع مالي جيد قبل حوالي ثلاث سنوات قبل الثورة الإسلامية، السيّاح الأجانب كانوا يأتون إلى إيران، والأعمال التي كنت أعمل عليها كانت موضع ترحيب كبير، وتحسّن وضعي المالي أيضاً.
المسيرة بعد الثورة الإسلامية
ويتابع الأستاذ بدر السماء: عندما انتصرت الثورة وتوقف مجيء السياح إلى إيران، انقطع مصدر دخلي أيضا، كانت حياتي متوسطة نسبيا تقريبا، ولكن بعد ذلك صرت في ضائقة مالية يوما بعد يوم، لأنني كنت مهتما جدا بفن الرسم، أردت أن أعمل في هذا الاتجاه، لذلك تخليت عن وظائف مختلفة. ولأنني كنت مهتما جدا بالإسلام والأحكام الإسلامية، أو الصحوة التي تحققت في نفسي، إنني أستطيع العمل على أحداث الثورة، فقد بدأت للتو في التدرب، وأردت أن أصوّر ما يدور في ذهني، وما يحدث في عصرنا وفي الماضي.
لكن الأمر تطلب مني اكتساب الكثير من الخبرة، من ناحية أخرى، لم يكن لدي أساتذة، كان أستاذي أخي الأكبر، الذي كان نشطا أيضا في مجال فن «المينا»، وكان يعمل في التسويق والأعمال التجارية، وليس الأعمال الفنية، ولم أكن راضياً حقاً عن طريقة العمل هذه، وحوالي عقد أو عقدين أو نحو ذلك كنت أكتسب الخبرة، وكنت أتدرب، وفي عام 1993 تقريبا بعد عقدين من انتصار الثورة الإسلامية، أقيم أول معرض فردي لي في إصفهان ولحسن الحظ لاقى استحسانا من قبل الزوار، وتم شراء العديد من هذه الأعمال، والذي شجعني ذلك جداً على العمل أكثر وكنت مصمما على أن أكون قادرا على المضي قدما بناء على الأهداف التي لدي، إن شاء الله.
معارض فردية ونشاطات دولية
وفي نفس السياق يقول الأستاذ بدر السماء: كنت أريد أن أكون مفيدا للثورة، ولحسن الحظ، بعد ذلك كانت هناك معارض أخرى وقمت حتى برحلات خارج إيران، وهذا جعلني أشعر بثقة أكبر بكثير، بما أنني أعيش في بلد لدينا فيه خلفية جيدة جدا وكنا بلدا متحضرا، والإسلام الذي جاء إلى إيران أحدث تغييرا كبيرا في إيران.
وبعدما أن تأسست الحكومة الإسلامية في إيران لأول مرة بعد 1400 عام، من هجرة النبي(ص) علينا أن نأتي ونبني بلدنا في هذا الاتجاه، وما رأيته فيّ هو أن أكون قادرا على التحدث بالفن الذي أمتلكه والأفكار التي أمتلكها، وأنا أؤمن بها، في شكل أعمال فنية. وأعرضها على جمهوري، والطريقة التي عرضت بها على الجمهور، والإستقبال الذي تلقيته، جعلني أكثر تصميما يوما بعد يوم.
تم نشر العديد من أعمالي على شكل كتب، بل وعملت على قصائد شعراء مشهورين مثل الحافظ الشيرازي والخيام وبابا طاهر.
هناك أكثر من 100 مثال للكتب التي نشرت من أعمالي، وهي متوفرة حتى في دول أجنبية، على سبيل المثال، كان لدينا عدد من كتب الرسم في مصر، كما في كشمير، وأيضاً لدي كتاب عن الرسم الإيراني في الجزائر، وكذلك كتابي في معهد ثقافي بروسيا لاقى استحسانا كبيرا، ونشر هناك كتاب من شعر الحافظ الشيرازي مع اللوحات الإيرانية. وفي العام الماضي، كان لدي تقويم لروسيا، وكان غلاف كتاب «تقديم إيران» هو عملي أيضا.
نشر الأعمال للآخرين
ويعتقد الأستاذ بدر السماء بنشر الأعمال للجميع ويقول: يتم وضع أعمالي بجودة عالية على شبكات التواصل الاجتماعي حتى يتمكن الآخرون من استخدامها ويمكن نشرها في بلدان أخرى. في الفترة التي أعقبت الثورة، حاولت العمل على تاريخ الأنبياء(ع) والقيام بمزيد من العمل عن المعصومين الـ 14 من أهل البيت عليهم السلام والمدرسة الشيعية. لقد عملت على بعض الأنبياء(ع)، لدي العديد من الأعمال عن السيدة فاطمة الزهراء(س)، والامام علي(ع)، والإمامين الحسن والحسين(ع).
لقد تم ذلك لجميع الأئمة وخاصة الامام علي بن موسى الرضا(ع) الذي هو مصدر فخر للإيرانيين وكل الأئمة هم أمل المسلمين، كما عملت على القصص القرآنية، لدي اعمال عن نبي الله يونس والسيد المسيح وإبراهيم وموسى (ع)، والتاريخ المصور للثورة وهو عمل جيد.
وبسبب اهتمامي بأهل البيت(ع) والرحلات العديدة التي قمت بها إلى العتبات المقدسة ومكة المكرمة ومشهد وقم المقدستين، تمنيت أن أكون قادرا على العمل في هذه الأماكن، وهذا حدث، وعملت على أبواب أضرحة الأئمة في كربلاء المقدسة والنجف الاشرف وسامراء وقم المقدسة وبعض الأماكن الأخر ، وقمت بتصميمها بفن المينا.
كنت مهتما بأن أكون رائد أعمال وأن أكون قادرا على إحضار عينة من التصاميم التاريخية لبلدنا.
أسلوب العمل
فيما يتعلق بأسلوب العمل يقول أستاذ الرسم الإيراني: أعمل في عدة أنماط وأساليب، فن الرسم حقيقي (الرئال)، وفن المينا، والرسم الفارسي أو المنمنمات، وأعمالي بهذه الأنماط جيد، وأنا مدين لهم وأحب أهل البيت(ع) وأحب العمل عنهم.
ويؤكد بدر السماء على حب الإسلام قائلاً: أنا أحب الإسلام الذي هو جميل حقا ويجب أن نصور جمال الإسلام هذا وجمال الإسلام أفضل من خلال تصوير الأئمة(ع)، إنهم جميلون، عقيدتهم جميلة، كلماتهم جميلة، يقول الإمام الرضا(ع) إنه إذا وصلت كلماتنا إلى الجمهور، فسوف يقبلونها، لأن طبيعة البشر نقية.
دعونا نفكر حقا فيما يقوله الإسلام والرسول(ص)، يجب أن نتبع أمير المؤمنين الامام علي وأبناءه عليهم السلام ونستمر في نفس الطريق الذي اختاره النبي(ص) و إختار الامام علي(ع) ولياً له في 18 ذي الحجة.
لحسن الحظ، الآن في هذا العصر، نرى أنه يوما بعد يوم نور الإسلام يزداد إشراقا وأكثر وضوحا في العالم، وعلينا أن نعمل أكثر عن الغدير الأغر، ويجب على كل شخص أن يساهم بقدر ما يستطيع في هذا الصدد، وهو نفسه يرى النتيجة أولاً، وهناك العديد من الروايات التي تطلب منا أن نفعل كل شيء في هذا الصدد، والنتيجة هي البشارة لأولئك الذين يتخذون خطوات في هذا الاتجاه.
لوحات عن أهل البيت(ع)
أما عن لوحات حول أهل البيت(ع) والغدير يقول الأستاذ بدر السماء: نفس الصراط المستقيم الذي أصلي فيه 5 مرات في اليوم والناس يتحدثون إلى الله ويسألون الله 10 مرات أن يهدينا إلى الصراط المستقيم، وهذا هو طريق أميرالمؤمنين وأبناءه(ع)، وهناك أعمال كثيرة في هذا المجال، كنت أخطط للعمل على عمل واحد في السنة عن يوم الغدير، ولكن لحسن الحظ أعمال السنوات الأخيرة في الغالب في هذا الاتجاه وهي انتفاضة أبي عبد الله الحسين(ع)، التي تنتهي بظهور صاحب الزمان(عج).
الآن، أعمل على عمل عن 14 نورا مقدسا، عملت على ما مجموعه 14 معصوما من أهل البيت(ع)، وهو على وشك الانتهاء.
علينا أن نعمل أكثر على مستوى الإسلام والفن، ولحسن الحظ نجحت لأول مرة في الأذان وأطلقت عليه اسم راية الإسلام، أو نشيد الإسلام، فلكل بلد شعاره وعلمه ونشيده الخاص، أعتقد أن نشيد الإسلام ليس سوى الأذان، لأنه في الأذان تقال كل الشهادات التي لدينا شهادة الوحدة، والشهادة على رسالة النبي(ص)، والشهادة على ولاية أمير المؤمنين وأبنائه(ع)، أن أفضل شيء يمكن فعله هو الصلاة.
