المسجد العتيق في شيراز؛ تحفة معمارية تجمع بين البساطة والعظمة

/ في كل ركن من مدينة شيراز، يمكن أن نجد معلمًا تاريخيًا يعكس جمالًا فريدًا. يُعرف المسجد العتيق في شيراز أيضًا باسم «مسجد الجمعة» أو «مسجد الآدينة»، وهو أحد هذه المعالم ويحمل لقب أقدم مسجد في المحافظة. وهو من أقدم المساجد الأثرية ، ويقع شرق مرقد شاه جراغ، حيث ينتهي إليه طريق من داخل صحن المرقد المقدس وعبر سوق جديد. مبنى المسجد بمثابة النواة الأولى التاريخية لمدينة شيراز، ويضم غرفاً وأفنية، ويشتمل بعض أقسامه على طابقين.
للمسجد ستة أبواب؛ بابٌ في الجانب الشمالي وهو مقابل القبلة، وباب يقع في القسم الجنوبي وهو خلف القبلة، وبابان في الجانب الغربي صوب الشمس وبابان آخران يقعان في القسم الشرقي أي خلف الشمس.
يعرف المدخل الشمالي للمسجد ببوابة إلامام، حيث توجد كتيبة فوقها تعود الى الحكم الصفوي وتم ترميم المسجد في عام 1652م. كما أن هناك أربع كتيبات تمّ نصبها فوق طرفي المدخل، وكتبت على القاشاني أسماء الأئمة إلاثني عشر. وفي وسط الجانب الشمالي للمسجد، نرى قوساً عالياً تقع على طرفي سطحه مأذنتان، وقد سُجل المسجد العتيق في قائمة الآثار الوطنية الإيرانية في 5 يناير 1932. محراب المسجد مزخرف بالقاشاني وكتبت فوقه سورة «التوحيد» المباركة وأسماء أصحاب الكساء أي النبي الكريم محمد(ص) والإمام علي(ع) والسيدة فاطمة الزهراء وإبناهما الإمامان الحسن والحسين سلام الله عليهما، كما كتبت آيتان قرآنيتان تحت المحراب بخط النسخ. سقف المحراب مزين بالقاشاني اللازوردي وطرفاه كذلك تمّ تزيينهما بالأحجار.
دار المصحف
دار المصحف من أكثر الأجزاء إثارة في المسجد العتيق، ويُعرف أيضًا باسم «دار المصحف» أو «بيت المقدس» أو «باب الزمان». يقع هذا المبنى في وسط ساحة المسجدـ، وكان يُطلق عليه أيضًا اسم خدايخانه، لأنه كان يُستخدم لكتابة وحفظ القرآن الكريم.
كان حافظو القرآن الكريم يأتون إلى هذا المكان ويتلون القرآن، وكان الكتبة يقومون أثناء التلاوة بكتابة القرآن. بُني هذا المبنى خصيصًا لكتابة القرآن الكريم وحفظه، حيث كان الخطاطون ينسخون المصاحف بينما يتلو الحفظة القرآن. كما وُجدت فيه مصاحف تاريخية منسوبة إلى الإمام علي(ع)، والإمام الحسن(ع)، والإمام الصادق(ع). مبنى دار المصحف هو مبنى مربع الشكل يحتوي على عمود دائري في كل زاوية من زواياه. يحتوي هذا المبنى على إيوان في كل ضلع، ويوجد غرفة في وسطه بها مدخل من الإيوانين الشمالي والجنوبي. النقش في هذا المبنى هو مثال ثمين لفن الخط العربي ويحتوي على أشعار عربية في شأن القرآن بخط الثلث.
هذا النقش هو من أعمال بير يحيى جمالي، أحد الخطاطين المعروفين في القرن الثامن الهجري. تم بناء هذا المبنى من الحجر والجص وتم ترميمه مرة واحدة فقط أثناء ترميم المسجد العتيق في عام 1936م.
باب الاثني عشر إمامًا
في الجانب الشمالي، يوجد باب يُعرف بـ«باب الاثني عشر إمامًا»، مزين بمقرنصات وألواح من القاشاني تحمل أسماء الأئمة الاثني عشر. كما توجد لوحة تعود للعصر الصفوي تُشير إلى ترميم المسجد عام 1652م.
طاق مرواريد
في منتصف الجدار الشمالي، يوجد قوس مرتفع يُسمى «طاق مرواريد»، مزين بمقرنصات ومئذنتين جميلتين. في أعلى القوس، نُقشت سورة «هل أتى» (الإنسان) بخط النسخ على القاشاني. كما كتبت آياتٌ قرآنية بخط النسخ على ناصية القوس المزخرف بالقاشاني.
فناء المسجد
تبلغ مساحة فناء المسجد 1672 مترًا مربعًا، وهو مفروش بالرخام. كان يحتوي على أحواض حجرية (سقايات) للماء، أحدها لا يزال موجودًا أمام متحف بارس. كانت أحواض المسجد العتيق دائمًا مليئة بالماء حتى يتمكن الأشخاص عند دخولهم المسجد من الوضوء.
المسجد العتيق هو تحفة معمارية تجمع بين البساطة والعظمة، ويعكس تاريخ شيراز العريق كمركز ديني وثقافي.

 

البحث
الأرشيف التاريخي