نجل الشهيد للوفاق:
آثار الشهيد مطهري خالدة.. وعابرة للحدود
مونا سادات خواسته
الكتاب كنز لا يُفنى، بل يُعطي الإنسان المعلومات القيّمة والتجارب المفيدة، كلّ مؤلف يقدّم نتاج علمه وما حصل عليه بعد البحث والجهد، في كتابه، لكي يستفيد منه القارئ، ولهذا نعتبر الكتاب كنز، خاصة عندما يكون المؤلف عالم في مجال إختصاصه، فكيف الأمر عندما يكون مفكّر ومنظّر يكتب بلغة سهلة يفهمه الجميع، ويتم ترجمة كتبه إلى لغات أخرى، فتصبح الكتب سفراء الثقافة والعلم تجتاز الحدود، وتبقى خالدة، لكي يستفيد منها الجميع جيل بعد جيل.
هذا ما نشهده بالنسبة لآثار الفيلسوف الإيراني الشهيد آية الله مرتضى مطهري، الذي كتبه إجتازت الحدود وأفكاره المستنيرة إنتشرت بلغات مختلفة، قبل أيام كانت ذكرى استشهاده التي تم تسميتها بـ «يوم المعلم» في إيران، ويتم تكريم المعلمين والأساتذة في هذا اليوم، وهو الأستاذ الذي أصبح أنموذجاً للعلم والأخلاق، له مؤلفات كثيرة يتم طباعتها عدة مرّات، وأخيراً تم إزاحة الستار عن كتابه تحت عنوان «نكته هاي منبر» أي «نقاط المنبر»، فبهذه المناسبة وبما أننا في أجواء ربيع الكتاب والتأليف، نقدّم نبذة عن بعض آثار الشهيد مطهري، كما سنحت لنا الفرصة وأجرينا حواراً مع نجل الشهيد آية الله مرتضى مطهري، الأستاذ السيد «علي مطهري»، وكان الحديث عن مؤلفات والده وأسلوب كتابته، وسر خلود وإنتشار آثاره، فنقدّم الحوار بعد مرور مختصر على بعض تأليفات الشهيد مطهري.
«الملحمة الحسينيّة»
يعتبر كتاب «الملحمة الحسينيّة» للمفكّر الشهيد آية الله مرتضى مطهري من أكثر الكتب إثارةً للجدل، وربّما يعتبر من أكثر آثاره رواجاً وانتشاراً، حتّى طبع في محرّم 1431هـ الطبعة الرابعة والستّين، وكان قد طبع في بيروت عن الدار الإسلاميّة بتعريب السيّد محمّد صادق الحسيني.
كتاب «الملحمة الحسينية» عبارة عن مجموعة من مجلدين من المحاضرات يتضمن فيها المجلد الأول محاضرات ويحتوي المجلد الثاني على كتابات وملاحظات الأستاذ شهيد مطهري حول حادثة كربلاء. يتكون الكتاب من سبعة فصول. الفصل الأول بعنوان «الملحمة الحسينية» عبارة عن مجموعة من ثلاث محاضرات للأستاذ الشهيد تحت نفس العنوان، والتي ألقيت في حسينية إرشاد حوالي عام 1968م، وسمي الكتاب أيضا بنفس الإسم.
«الخدمات المتبادلة بين الإسلام وإيران»
الشهيد مطهري كان يعتقد أن الإنسان المثالي يعني الإنسان الذي هو بطل كل القيم الإنسانية وهو بطل في جميع مجالات الإنسانية. كتاب «الخدمات المتبادلة بين الإسلام وإيران» هو أحد الأعمال المبتكرة وأحد روائع المفكّر الشهيد مطهري.
الكتاب شرح للعلاقة بين الإسلام وإيران وخدمتهما لبعضهما البعض، وهو تكملة لتسعة خطابات للشهيد مطهري في حسينية إرشاد بطهران، والتي ألقاها في شهر محرم وصفر عام 1968 حول العلاقة بين إيران والإسلام. وفقاً للمؤلف، لم يتم استقبال أي من خطاباته مثل هذه الخطب، التي تناولت الخدمات المتبادلة بين الإسلام وإيران.
«نقاط المنبر»
كتاب «نقاط المنبر» يحتوي على ملاحظات لخطابات الشهيد آية الله مطهري في عامي 1957 و 1958، كما أنه يشتمل على نقاط إجتماعية، دينية، أخلاقية، ونفسية دقيقة.
هذا هو الكتاب الأخير الذي تم إزاحة الستار عنه قبل أيام، وفيما يلي نص الحوار مع الأستاذ «علي مطهري» نجل الشهيد مطهري:
أعمال الشهيد مطهري لجميع العصور
يعتقد الأستاذ «علي مطهري» أنه أعمال المفكّر الشهيد مطهري هي موضوعات جميع الفترات وفي الحقيقة هي قضية كل الفترات، ويقول: قضايا مثل قضية «نظام حقوق المرأة في الإسلام»، أو «قضية الخدمات المتبادلة بين الإسلام وإيران»، هذه قضايا موجودة في جميع العصور، حتى اليوم تناقش العلاقة بين الإسلام وإيران وحقوق المرأة وقضية الحجاب، والإسلام وحاجات العصر، فلا تظنون أن هذه الأعمال تنتمي إلى 50-60 عاما غير مفيد، ونثر هذه الكتب بطلاقة ووضوح جداً، ولهذا في رأيي يجب على شعبنا وشبابنا استخدام هذه الأعمال، والتأكيد الذي كان للإمام الخميني(رض) على آثار الشهيد، عندما أرسل رسائل ثلاث مرّات عن الشهيد مطهري وأكد على قراءة أعماله عدّة مرات، أو قائد الثورة أيضاً أكد على ذلك مرّات عديدة، وهذه على الحساب، أي ليس فقط لأن هذا الإسم يبقى حيّاً. لا، بل هذا رصيد ضخم يجب الحفاظ عليه، والهدف هو الحفاظ على هذا الطريق، وهذا الفكر، أن لا يدمر، ولذلك نرى أنه شعبية أعمال الشهيد مطهري جيدة، وعلى الرغم من أن دار نشر «صدرا» أهلية ولكنها تواصل نشاطاتها، وذلك بسبب جاذبية هذه الأعمال.
قال الإمام الخميني(رض): «أنني أنصح طلاب الطبقة المثقفة بعدم ترك أعمال هذا الأستاذ العزيز ولا يسمحوا أن تنسى بالمؤامرات غير الإسلامية».
آثار عابرة للحدود
فيما يتعلق بآثار الشهيد مطهري في خارج الحدود الإيرانية يقول نجله: في الخارج وفي الأماكن التي عرضت فيها هذه الأعمال، على سبيل المثال، في تركيا، ذكرت أن كتاب «قضية الحجاب» لاقى استحسانا كبيرا، أو في إسبانيا كان هناك معرض للكتاب قالوا فيه إن كتاب «نظام حقوق المرأة في الإسلام» الذي ترجم إلى الإسبانية لاقى استحسانا كبيرا، وكذلك في البلدان العربية في لبنان والعراق. ولكن هناك مجال للعمل الذي يتعين القيام به ويجب أن تخرج ترجمة دقيقة، في إندونيسيا وماليزيا والبلدان التي تتحدث اللغة المالاوية، وقد لقيت استحسانا كبيرا هناك وتم الترحيب بها أينما عرضت.
سر نفوذ أعمال الشهيد مطهري
أما عن سر قلم الشهيد مطهري وتأثيره يقول الأستاذ «علي مطهري»: إتقان الشهيد للتعاليم الإسلامية واهتمامه بقضايا اليوم والعلاقة التي كانت تربطه بجميع شرائح المجتمع ومع جميع الناس، كان يذهب إلى المنبر ويقرأ الخطب، ومن ناحية أخرى كان يتحدث في الجامعات وكان على اتصال مع الجميع في الجمعية الإسلامية للأطباء والمهندسين، وكان يفهم ما هي قضايا اليوم، فكان على دراية تامة بقضايا المجتمع وركز قوته على القضايا.
بما أنه كان فيلسوفا وفقيها، لم يكن هكذا بأن فقط يأتي ويدرّس كتاب «الأسفار» و «المكاسب» عدة مرات، بل استخدم هذه المعرفة لحل المشكلات الفكرية للمجتمع، وفي النهاية كان قلمه بطبيعته قلما جيدا وطلاقة جدا، بحيث لا تزال الأعمال التي أُنتجت بعد حوالي 50 عاما. كتابه الجديد هو كتاب «نقاط المنبر» الذي أصدره للتو، ويتضمن ملاحظاته على المنابر التي كان لديه في محرم وصفر في عامي 1975 1976م، وله محتويات شيقة جدا، ومن الغريب أنه كتب بهذا النضوج والدقة والطلاقة في سن 38-39 سنة، وهذه تتجاوز حدود الملاحظات، وبعضها في شكل مقالات. ويتساءل المرء كم عمل للذهاب إلى المنبر واحتفظ هو نفسه بكل هذه الأشياء، واليوم قمنا بطباعتها. وأكد علي مطهري على أن كل هذه المحتويات عبارة عن منابر، وقد تم اختيار اسم الكتاب أيضا بناء على هذا الموضوع. وأضاف: «إن عبارة «نقاط المنبر» مستوحاة من قصيدة كتبت في رثاء الشهيد مطهري، جاء في قسم منها: «إنه لأمر مؤسف أننا لم نعد نستطيع سماع نقاطك من المنبر».
