الإمام الخامنئي في لقاء مع القيّمين على شؤون الحج:

الحج أفضل فرصة لتوحيد الأمّة الإسلامية وتحقيق مصالحها من غزة إلى اليمن

على أعتاب موسم الحج لعام 1446هـ، التقى القيّمون على شؤون الحج في إيران وجمعٌ من حجاج بيت الله الحرام، صباح أمس الأحد 04/05/2025، مع قائد الثورة الإسلامية، سماحة آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي، في حسينية الإمام الخميني(رض).
وأكد سماحته أن الحجّ هو في الأساس اجتماع من أجل مصالح الناس؛ مشددًا على أنّه لا توجد اليوم منفعة أعظم للأمّة الإسلامية من الاتحاد، الذي لو تحقّق، لما وقعت مآسي غزّة وفلسطين، ولما تعرّض اليمن لهذا الحجم من الضغوط.
وشدّد سماحته أنّ فهم أهداف الحج وأبعاده المتعدّدة هو مقدّمة ضرورية لأداء هذه الفريضة العظيمة على الوجه الصحيح. وأضاف: «إن تكرار استخدام تعبير "الناس" في العديد من آيات الحج يُظهر أن الباري قد شرّع هذه الفريضة لتنظيم شؤون البشرية جمعاء، لا المسلمين فقط، ومن هنا فإن إقامة الحج بالشكل الصحيح تُعدّ خدمة للإنسانية».
تبيين الأبعاد المعرفية للحج
وفي معرض تبيينه الأبعاد المعرفية للحج، أشار سماحته إلى أن الحج ربما يكون الفريضة الوحيدة التي تتّسم من حيث ظاهرها وتركيبها بأنها «سياسية بالكامل»، إذ يجتمع الناس سنويًا في مكان وزمان محدّدين لهدف مشترك، وهو ما يحمل في طيّاته طابعًا سياسيًا واضحًا.
وأوضح الإمام الخامنئي أنّه، إلى جانب الشكل والتركيب السياسي للحج، فإنّ مضمونه عبادي ومعنويّ بالكامل؛ فكلّ شعيرة فيه تنطوي على رمز وتعليم يلامس قضايا الحياة الإنسانية وضروراتها.
وفي سياق شرحه لهذه الرموز، عدّ سماحته «الطواف» درسًا يجسّد أهمية الدوران حول محور التوحيد ومركزه، قائلاً: «الطواف يعلّم البشرية أن تُبنى شؤون الحكم، والحياة، والاقتصاد، والأسرة، وكل جوانب الحياة، على أساس التوحيد، وإذا تحقّق ذلك، ستزول مظاهر القسوة، وقتل الأطفال، والجشع، ويتحوّل العالم إلى جنة».
ضرورة المثابرة في مواجهة التحديات
كما أشار قائد الثورة الإسلامية إلى أن «السعي بين الصفا والمروة» يرمز إلى ضرورة المثابرة في مواجهة التحديات، مؤكّدًا أن الإنسان ينبغي أن يواصل السعي بين جبال المصاعب، من دون توقّف أو تردّد أو حيرة.
ولفت الإمام الخامنئي إلى أن «التحرّك نحو عرفات والمشعر ومنى» يحمل في طيّاته درسًا في الحركة المستمرة وتجنّب التوقف، وأضاف: «الأضحية أيضاً تحمل دلالة رمزية على هذه الحقيقة، وهي أنّ الإنسان قد يُضطر أحيانًا إلى التخلي عن أعزّ ما يملك، وأن يُقدِّم قربانًا، أو حتى يُضحِّي به».
ووصف سماحته «رمي الجمرات» بأنه تجسيد لتأكيد إلهي على ضرورة أن يعرف الإنسان شياطين الإنس والجن، وأن يضربهم أينما وُجدوا ويسحقهم.كما عدّ قائد الثورة الإسلامية «ارتداء لباس الإحرام» رمزًا للخشوع والتواضع، وتعبيرًا عن وحدة البشر في حضرة الله، مضيفًا: «جميع هذه الشعائر هي توجيه لمسيرة حياة الإنسان».
الهدف من اجتماع الحج
واستنادًا إلى آية من القرآن الكريم، رأى الإمام الخامنئي أن الهدف من اجتماع الحج هو «إدراك شتى أنواع المنافع الإنسانية ونيلها»، وقال: «اليوم، لا توجد منفعة أعظم من وحدة الأمّة الإسلامية. فلو كان هناك اتحاد وتنسيق وتآزر بين صفوف الأمّة الإسلاميّة، لما وقعت المآسي الجارية في غزّة وفلسطين، ولما تعرّض اليمن لكل هذا الضغط».
وأشار سماحته إلى أنّ «التشرذم والفرقة داخل الأمّة الإسلامية» يُمهّدان الطريق أمام هيمنة القوى الاستعمارية، من أمريكية وصهيونية وسواها من المستكبرين، على مصالح الشعوب، وأضاف: «عندما تتحقّق وحدة الأمّة، يتحقّق معها الأمن والتقدّم والتآزر بين الدول الإسلامية، ويغدو من الممكن أن يمدّ بعضها يد العون لبعضها الآخر؛ يجب أن يُنظر إلى فريضة الحج بهذه النظرة».
كما أكّد الإمام الخامنئي أن «لدول العالم الإسلامي، ولا سيما الدولة المضيفة للحجاج، دورًا مهمًا ومسؤولية بارزة في توضيح حقيقة الحج وأهدافه»، وأضاف: «ينبغي على مسؤولي الدول والعلماء والمثقفين والكتّاب والمؤثرين في الرأي العام أن يبيّنوا للناس حقائق الحج».وفي جزء آخر من حديثه، عزّى الإمام الخامنئي مجدّدًا «عائلات ضحايا الحادثة الأليمة في بندرعباس»، داعيًا للمصابين وذويهم بالصبر والسكينة، وأكّد أنّ «الله يمنح الإنسان أجرًا عظيمًا ومضاعفًا آلاف المرات مقابل صبره على الحوادث المختلفة».
وأشار سماحته إلى أنّ «الأضرار التي تلحق بالمؤسسات والمعدات في الحوادث الطبيعية أو غير الطبيعية يمكن تعويضها بفضل جهود وإمكانات المؤسسات الأخرى»، وأضاف: «لكن ما يُحرق قلب الإنسان هو فقدان العائلات لأعزائهم، وهذا ما حوّل الحادثة إلى مصيبة لنا جميعًا».
وكان قد سبّقت كلمة قائد الثورة الإسلامية، كلمةٌ ألقاها حجّة الإسلام السيّد عبدالفتّاح نوّاب، ممثّل الوليّ الفقيه في شؤون الحجّ والزيارة، والمسؤول عن بعثة الحج الإيرانية، حيث وصف شعار الحج لهذا العام بـ«سلوك قرآني، انسجام إسلامي، ونصرة لفلسطين المظلومة»، كما استعرض برامج البعثة لحجّاج هذا العام.ويأتي هذا اللقاء في إطار انعقاد مؤتمر الحج، حيث استقبل قائد الثورة الاسلامية مسؤولي منظمة الحج والزيارة في حسينية الإمام الخميني (رض) .

البحث
الأرشيف التاريخي