الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • مقالات و المقابلات
  • دولیات
  • رياضة وسياحة
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وسبعمائة وثمانية وأربعون - ٢٠ أبريل ٢٠٢٥
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وسبعمائة وثمانية وأربعون - ٢٠ أبريل ٢٠٢٥ - الصفحة ٤

خبير حقوقي فلسطيني للوفاق:

حظر ”الأونروا”.. حرب ناعمة تُمهّد لتصفية القضية الفلسطينية

ينطوي إقرار ”الكنيست” الإسرائيلية حظر عمل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، على أبعاد وتداعيات خطرة وتشكّل تكريساً لجريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني عبر استهداف الجانب الإغاثي والإنساني الذي تنفذه الوكالة، فيما يمتد الأثر الأخطر والأعمق في بعده السياسي لتصفية القضية الفلسطينية وقضية اللاجئين ونزع الشرعية الدولية عنها، وفي هذا السياق حاورت صحيفة الوفاق الخبير الحقوقي الفلسطيني الأستاذ فؤاد بكر، وفيما يلي نص الحوار:

عبير شمص

حرب ناعمة لإنهاء القضية الفلسطينية
يرى الأستاذ بكر بأن الدافع الاستراتيجي وراء حظر الأونروا وإيقاف عملها لا يقتصر على أسباب أمنية أو إدارية، بل يكشف عن مشروع سياسي متكامل يستهدف تصفية القضية الفلسطينية من بوابة اللاجئين. إذ تُعتبر الأونروا الشاهد الدولي الوحيد على نكبة 1948، وحاملةً لتعريف اللاجئ الفلسطيني وحقه في العودة، وبالتالي فإن إزاحتها تمهد لإلغاء هذا الحق تدريجيًا وتحويل الفلسطيني من لاجئ ذي قضية إلى مجرد متلقٍ للمساعدات. كما أن تفكيكها يفتح الطريق أمام مشاريع التهجير والتوطين، ويُسهّل على الدول المضيفة إنهاء الملف عبر دمج اللاجئين قسرًا في مجتمعاتهم، بما يعني عمليًا شطب الهوية الوطنية الفلسطينية من المخيمات. إضافةً إلى ذلك، فإن ضرب بنية الأونروا الاجتماعية والخدماتية يهدف إلى إنهاك بيئة اللاجئين وتجويعهم وتحطيم معنوياتهم، خاصةً في غزة، التي تُعد معقلًا للمقاومة. وبهذا تتحقق غاية أخرى: تفكيك الحاضنة الشعبية للمقاومة، وإعادة تشكيل الجغرافيا السكانية بما يخدم مخططات الاحتلال في الإخضاع أو التهجير أو حتى الاستيطان. إنها حرب ناعمة تُخاض بأدوات قانونية وإنسانية، لكنها تسعى في جوهرها إلى اقتلاع الفلسطيني من قضيته ومن أرضه ومن حقه في العودة.
شطب حق العودة للاجىء الفلسطيني
يشير الأستاذ بكر بأن قرار حظر الأونروا وإيقاف عملها يُعد تحوّلًا خطيرًا ذا تداعيات عميقة تمس جوهر قضية اللاجئين الفلسطينيين على المستويات القانونية والسياسية والإنسانية. فعلى الصعيد القانوني، يُهدد هذا القرار بإلغاء الصفة القانونية للاجئ الفلسطيني كما حددتها الأمم المتحدة، ويُضعف الأساس القانوني لحق العودة المستند إلى القرار 194، مما يمهد لطمس الطابع القانوني والتاريخي للنكبة واللجوء.
 أما سياسيًا، فإنه يُسهم في تصفية القضية الفلسطينية عبر شطب ملف اللاجئين من أي مفاوضات مستقبلية، ويفرض ضغوطًا على الدول المضيفة لدفعها نحو التوطين القسري أو الترحيل، في الوقت الذي يُجرد فيه الفلسطينيين من إحدى أوراقهم التفاوضية الأكثر تأثيرًا.
وعلى المستوى الإنساني، ستكون الكارثة أشدّ وقعًا، إذ يعني غياب الأونروا انهيار الخدمات الأساسية لملايين اللاجئين في مجالات التعليم والصحة والإغاثة، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، مما يخلق بيئة من اليأس والانفجار الاجتماعي وبذلك، لا يُمكن النظر إلى القرار إلا كجزء من مشروع أكبر يهدف إلى تفكيك القضية الفلسطينية من جذورها، بدءًا من إزاحة الشاهد الأممي على النكبة، وصولًا إلى شطب الإنسان الفلسطيني من معادلة الحقوق والعدالة.
تحويل غزة من بيئة صامدة إلى بيئة منهكة
يعتبر الأستاذ بكر بأن تأثير قرار العدو الصهيوني بطرد الأونروا على الأوضاع الاجتماعية في قطاع غزة سيكون كارثيًا على مختلف المستويات، خاصةً في ظل الحصار والدمار المتواصل والظروف الإنسانية الهشة التي يعيشها السكان.
فالأونروا تُعد الشريان الحيوي الذي يوفر الحد الأدنى من مقومات الحياة لأكثر من مليوني نسمة، غالبيتهم من اللاجئين. ومع وقف خدماتها، ستنهار منظومات التعليم والصحة والإغاثة، ما يعني حرمان مئات الآلاف من الطلاب من حقهم في التعليم، وتوقف العيادات والمراكز الصحية التي تخفف الضغط عن المستشفيات المدمرة، وانقطاع المساعدات الغذائية التي تمثل موردًا أساسيًا للبقاء في ظل البطالة والفقر الشديدين.
وسيؤدي ذلك إلى تفكك النسيج الاجتماعي، وانتشار الظواهر السلبية كعمالة الأطفال والتسرب المدرسي والتسول. كما أن تفاقم مشاعر الإحباط واليأس لدى فئة الشباب، التي تمثل النسبة الأكبر من سكان القطاع، والأخطر أن القرار لا يستهدف فقط حرمان الناس من الخدمات، بل يسعى إلى كسر إرادتهم، وإفقادهم الثقة بأي أفق للنجاة أو للعودة، في محاولة لترسيخ القبول بالأمر الواقع كبديل عن المقاومة والتمسك بالحقوق.
في جوهره، فإن القرار يهدف إلى تحويل غزة من بيئة صامدة إلى بيئة منهكة، مشلولة اجتماعيًا، مهيأة للانهيار أو للتهجير، ضمن مشروع أشمل لإعادة تشكيل القطاع ديمغرافيًا وسياسيًا بما يخدم مصالح الاحتلال ويقضي على الحلم الفلسطيني بالحرية والعودة.
تخفيف التمويل إلى الإلغاء الكلي
يؤكد الأستاذ بكر بأن الخطوات السابقة التي استهدفت إنهاء عمل الأونروا كانت غالبًا تهدف إلى تقليص دورها أو تقليل تأثيرها، سواء عبر تقليص التمويل أو تشجيع بعض الدول على تقليص دعمها للوكالة، أو حتى محاولة نقل مسؤوليات الأونروا إلى جهات أخرى.
هذه المبادرات كانت تركز على التقليل من خدمات الوكالة، ولكنها لم تقترب بشكل مباشر من تصفية القضية الفلسطينية بحد ذاتها. أما الخطوة الأخيرة التي يتم الحديث عنها الآن، والتي تتعلق بمحاولة إيقاف الأونروا بالكامل أو إلغاء تفويضها، فهي تشكل خطوة استراتيجية أكبر نحو تصفية القضية الفلسطينية نفسها. هذه الخطوة تسعى إلى إلغاء تعريف اللاجئ الفلسطيني والحد من حق العودة بشكلٍ  جدي، إذ أن الأونروا هي المؤسسة الوحيدة التي تُبقي هذا الملف حيًا على الساحة الدولية.
إن إيقاف الأونروا بالكامل يعني القضاء على إحدى الركائز الأساسية للقضية الفلسطينية وفتح الطريق أمام مشاريع التوطين والتصفية، مما يجعلها محاولة جادة لتصفية القضية الفلسطينية بشكلٍ شامل، وليس مجرد تقليص أو تعديل في خدمات الوكالة.
ويشير الأستاذ بكر بأن هناك آليات قانونية ودولية قد تُستخدم لوقف قرار إيقاف عمل الأونروا والاستمرار في تقديم خدماتها، ولكن تنفيذها يتطلب ضغوطًا دولية هائلة.  ويختم حديثه بالقول رغم الجهود الدولية المحتملة، تظل الأنظمة الدولية المتمثلة في القوى الكبرى عاملًا حاسمًا في دعم حقوق اللاجئين الفلسطينيين، وبالتالي من المرجح أن تظل موازين القوى في الوقت الحالي تمثل عقبة كبيرة أمام تحقيق حل شامل يعيد للاجئين الفلسطينيين حقوقهم بالكامل.

 

البحث
الأرشيف التاريخي