رئيس الجمهورية أثناء تفقّده وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء بمناسبة الذكرى الـ90 لتأسيسها:
الإعلام الصحيح حاجة مُلحّة للمجتمع
/ أجرى رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الدكتور مسعود بزشكيان، أمس السبت، زيارة تفقدية لوكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء «إرنا» بمناسبة الذكرى السنوية الـ90 لتأسيسها، حيث تفقّد مختلف أقسام الوكالة والمرافق التابعة لها. والتقى رئيس الجمهورية، خلال هذه الجولة، بالمدير العام للوكالة «حسين جابري أنصاري» والمدراء والمحررين والمراسلين والمصورين وموظفي الوكالة. ورافق الرئيس بزشكيان في هذه الزيارة وزیر الثقافة والإرشاد الإسلامي سید عباس صالحي.
جسامة مسؤولية الإعلام والإعلاميين
وأكد الدكتور بزشكيان، وهو يتحدث لمدراء ورؤساء تحرير ومراسلي الوكالة، جسامة المسؤولية التي تقع على عاتق الصحفيين والإعلاميين، وقال: إن الإعلام الصحيح وفي أوانه، يشكّل حاجة ملحة للمجتمع لأن العدو يتصرف من منطلق الكذب والاتهام والافتراء.
ولفت رئيس الجمهورية إلى المسؤولية الجسيمة التي يتحمّلها الإعلام والعمل الصحفي، مُؤكّداً أن مهنة الإعلام تتمثل في الإعلام الصحيح والدقيق الذي يشكل الحاجة الماسة للمجتمع، مشدداً على ضرورة نيل ثقة الشعب لأن هذه الثقة تشكل رصيداً ضخماً للبلاد.
وفي جانب آخر من تصريحاته، أوضح رئيس الجمهورية أنه سعى دائماً بأن لا يقول شيئاً لا يستطيع تنفيذه، وأن لا يقول كلاماً لا يستطيع الوفاء به، ولذلك فإنه لم يقدم وعوداً كثيرة إبان الحملة الانتخابية للانتخابات الرئاسية التي فاز بها.
ودعا الإعلاميين والصحفيين وحملة الأقلام للمساهمة في ايجاد آليات وحلول لمعالجة المشاكل، قائلاً: إننا عازمون على تخطي هذه المشاكل وسنقوم بذلك بإذن الله؛ لكن نيل هذه الغاية بحاجة إلى تعاضد وتكاتف الجميع.
وأكد رئيس الجمهورية ضرورة ترشيد الاستهلاك وإدارته لأن ذلك سيسهم في إصلاح الكثير من المشاكل المعيشية، وأشار إلى أن الإحصاءات تتحدث عن إنفاق ما نسبته 100 - 150 مليار دولار كدعم حكومي في البلاد، وقال: إن تم إدارة هذا الموضوع بشكل صحيح، فإن بوسعنا توفير حياة ذات جودة للشعب.
وأكد رئيس الجمهورية: يجب أن نصنع المستقبل ونبنيه، فالمستقبل ليس بالأمر الذي يقرّره لنا أولئك الذين يعيشون في الجانب الآخر من العالم، يتعيّن علينا تقرير مصيرنا بأنفسنا، ولابد أن نضع يداً بيد من أجل تحقيق ذلك.
وفي جانب آخر من تصريحاته، شدّد رئيس الجمهورية على ضرورة ترشيد استهلاك المحروقات، داعياً الإعلاميين والصحفيين إلى المساهمة في إطلاع الناس على الحقائق، وقال: إن دور الإعلام في عالم اليوم، أهم بكثير من دورنا في الإدارة.
وفي الختام، قدّم رئيس الجمهورية التهاني بالذكرى السنوية الـ90 لتأسيس وكالة الجمهورية الاسلامية للأنباء «إرنا»، معرباً عن أمله بأن تسهم «إرنا» بعزيمة وقوة في العمل الإعلامي والخبري لتحقيق العزة للبلاد.
وفي إطار زيارته للوكالة، أزاح الرئيس بزشكيان الستار عن طابع الذكرى السنوية التسعين لتأسيس وكالة الجمهورية الاسلامية للأنباء «إرنا»، وكتاب التاريخ الشفوي للوكالة.
«إرنا» صانعة التاريخ وصوته
من جانبه، قال وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي الذي رافق رئيس الجمهورية خلال الزيارة: لقد لعبت «إرنا» دوراً لا مثيل له في مختلف مراحل تاريخ إيران، ويستمر الاتجاه المهني داخلها. وأضاف: يجب على وسائل الإعلام الحكومية أن تضمن سماع أصوات مَن لا صوت لهم وصانعة التاريخ وصوته.
وقال سيد عباس صالحي: لقد أصبح لمكانة وسائل الإعلام أهمية خاصة في العالم وفي عصرنا هذا. وأضاف: لقد كانت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء ولا تزال مصدر ثروة للبلاد، سواء بسبب تاريخها الطويل كوسيلة إعلامية أو بسبب الأدوار المحددة التي لعبتها في لحظات تاريخية محددة في إيران.
وأشار وزير الثقافة إلى أن وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء لعبت دوراً خاصاً خلال فترة الدفاع المقدس، وقال: لا تزال سلطة وكالة أنباء «إرنا» قائمة إلى حد كبير، ويتمتع أرشيف الوكالة والموارد المتاحة في هذا المجال بأهمية خاصة.
وقال صالحي موجهاً كلامه لرئيس الجمهورية: إن حضور فخامتكم والشغف الذي أظهرتموه، وحضوركم بين موظفي الوكالة للاحتفال بالذكرى التسعين لتأسيسها، سيساعدنا على المضي قدمًا في العقد الأخير من هذا القرن بحماس متجدد.
وأردف صالحي: تحتاج حكومة الوفاق الوطني إلى وسائل إعلام تعمل على ترسيخ التوافق الاجتماعي في المجتمع، إعلام لا يعمل فقط على تحقيق التوافق بين مكونات الحكم، بل يعمل أيضاً على تعزيز التواصل والثقة المتبادلة بين الحكومة والشعب. وأوضح: إن الثقة الوطنية والداخلية بالحكم مهمة جداً في هذا المسار، خاصة في ظل الظروف السياسية والأوضاع الدولية الخاصة التي نواجهها حالياً.
وأكد وزير الثقافة أن رأس المال الاجتماعي للحكومة أصبح الآن ضعيفاً ويحتاج إلى إصلاح، وقال: يمكن أن يتم هذا الإصلاح من خلال وسائل الإعلام التي توصل أصوات الشعب إلى مسامع الحكومة، وأن تكون وسيلة إعلامية تمثل أصوات النخب ومختلف شرائح المجتمع، وحتى أولئك الذين لا يتم سماعهم بشكل كبير، لذا يتعيّن على وسائل الإعلام التابعة للحكومة أن تضمن سماع أصوات مَن لا صوت لهم، وألا يتخلف أحد عن الركب أو يتجاهل أحداً.
الخطط الاستراتيجية لـ«إرنا»
من جهته، أكّد المدير التنفيذي لوكالة الجمهورية الاسلامية للأنباء، لدى استقباله رئيس الجمهورية والوفد المرافق له، إننا في حكومة الوفاق الوطني قمنا بمراجعة نظام قضايا «إرنا» وخطتها الاستراتيجية من خلال وجهة نظر إعلامية قائمة على المشاكل، وقال: في فترة الإدارة الجديدة، فإن جهدنا هو تجنب التوجهات المفرطة والتسييس، وبالتالي سيكون لدينا منظور وطني وإقليمي وعالمي للقضايا.
وأوضح حسين جابري أنصاري: نحن على أعتاب الذكرى التسعين لتأسيس وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء، التي عرفت بهذا الاسم منذ سنوات وعقود؛ نصف هذه الأعوام التسعين مرت قبل الثورة الإسلامية والنصف الآخر بعدها. وأضاف: خلال الثورة الإسلامية، شهدت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء العديد من التقلبات؛ من السلطة الإخبارية شبه الحصرية داخل إيران أثناء الثورة والحرب المفروضة، إلى عصر المنافسة الإعلامية، والفضاء الإلكتروني، والعصر الذي يُعتبر فيه كل مواطن بمثابة وسيلة إعلامية.
وقال جابري أنصاري: اليوم، وبينما تتاح لنا الفرصة للاحتفال بالذكرى التسعين لتأسيس وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء في مقر الوكالة، لا تزال إيران تواجه أزمة صورة وعدم كفاءة في الساحة الإعلامية؛ ولسوء الحظ، ولنكون صادقين، فإن جزءاً كبيراً من الخبرات غادرت البلاد.
وأشار إلى أن قائد الثورة الإسلامية أكد مراراً، خلال الأشهر والسنوات الأخيرة، على أهمية الإعلام ودوره والأضرار التي يسببها في البيئة العالمية والحرب المعرفية الحالية، وقال: خلال هذه الفترة الإدارية، في حكومة الوفاق الوطني، ومن خلال النظرة القائمة على حل المسائل في الإعلام، قمنا بمراجعة نظام القضايا للوكالة وخطتها الاستراتيجية؛ وبناءً على هذه النظرة القائمة على حل المسائل والقضايا الإعلامية، حددنا ثلاثة مناهج رئيسية لأنشطتنا خلال حكومة الوفاق الوطني.
وقال جابري أنصاري: أولاً يجب أن تكون وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء وكالة الأنباء الوطنية وجسر اتصال ثنائي الاتجاه بين الحكومة والشعب؛ وكالة أنباء في ذروة الثورة الإسلامية، تعكس آراء وأفكار الإمام الخميني(رض) وقيادة الثورة. وأضاف: في اعتقادنا، فإن التوازنات التي تشكل جوهر الثورة الإسلامية والجمهورية الإسلامية تتجلى في المادة التاسعة من الدستور، ومن بين هذه التوازنات «الاستقلال والحرية»، وهذا يعني أنه لا يحق لأي سلطة أن تنتهك الحريات المشروعة للشعب باسم الاستقلال، كما لا يحق لأي فرد من أفراد الشعب أن ينتهك استقلال البلاد وسلامة أراضيها باسم الحريات المشروعة. وتابع: في ضوء هذا التوازن بين الجمهورية والإسلام، تسعى وكالة «إرنا» في توجهها الرئيسي الأول إلى أن تكون وكالة أنباء إيران الوطنية، وفي الوقت نفسه وكالة أنباء على مستوى الثورة الإسلامية، تعكس مُثُل الثورة والإمام الخميني(رض) والقيادة، فضلاً عن التوازنات المحورية والهادفة للثورة الإسلامية والجمهورية الإسلامية.
«إرنا» وسيلة إعلام مهنية ومتوازنة
وأوضح المدير التنفيذي لوكالة «إرنا» أن نهجنا الثاني هو أن نكون وسيلة إعلامية احترافية لإيران؛ مضيفاً: هنا نعتقد أن الإعلام يختلف جذرياً عن الفوضى والدعاية المباشرة، وقال: لا ينبغي لوسائل الإعلام أن تكون رسولًا أو مُعلنًا مباشرًا.
وأكد جابري أنصاري أن ثقل وفن الإعلام يكمن في الإخراج الأنيق للرسالة والخبر، بحيث ينفذ إلى نفوس المستمعين خطوة خطوة، وهذه هي الوظيفة الأساسية لأي وسيلة إعلامية محترفة، وأضاف: لذلك، حددنا النهج الرئيسي الثاني للوكالة في حكومة الوفاق الوطني، بحيث نكون وسيلة إعلامية محترفة لإيران وفي خدمة الثورة الإسلامية والجمهورية الإسلامية بدلاً من أن نكون بوقاً وناطقاً للدعاية المباشرة.
وتابع: إن التوجه الثالث الرئيسي لدينا، في ظل التطورات التي شهدها الساحة الإعلامية والانتقال من الإعلام النصي والمكتوب إلى الإعلام المرئي والتلفزيوني، هو توسيع أنشطة وكالة «إرنا» المرئية والتلفزيونية؛ على سبيل المثال، كان برنامجنا الأخير هو البث المباشر لمراسم تشييع جثمان الشهيد السيد حسن نصر الله، والذي تم بثه مباشرة على موقع الوكالة لمدة 9 - 10 ساعات، لقد أطلقنا أيضًا سلسلة من الأنشطة المتعددة الوسائط ضمن هذا الإطار البصري.
وقال جابري أنصاري: أنه تماشياً مع هذا النهج الكلي، فإننا نتبع أربع سياسات أساسية: أولاً نعتقد أن إيران ليست طهران فقط، ومن أجل تجنب أضرار التوجهات المفرطة، قمنا بتنشيط 57 مكتباً للوكالة في المحافظات ومناطق البلاد، وخلال الشهرين أو الثلاثة أشهر الماضية، أجريت لقاءات مباشرة مع زملاء من 10 من المحافظات الـ31. هدفنا هو تفعيل «إرنا» في جميع أنحاء البلاد وتجنب هذه الآفة.
وأضاف: سياستنا الثانية هي أن قضايا إيران ليست مجرد قضايا سياسية، ومن هنا فإن تجنب آفة التسييس المفرط هو أحد برامج وسياسات وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء الأساسية في هذه الفترة. وسياستنا الثالثة هي أن الوكالة لا تنتمي فقط إلى المسؤولين والنخب الرسمية، بل هي ملك للشعب ومختلف شرائح المجتمع الإيراني المتنوع، ونريد أيضاً أن نكون صوتًا لمن لا صوت لهم. وتابع: أن سياستنا الرابعة هي أن إيران لا تعيش في فراغ ويجب أن يكون لدينا منظور إقليمي وعالمي تجاه القضايا، مشيراً إلى أن «لذلك في أنشطة وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء، سواء داخل البلاد أو خارجها، يجب أن ننظر إلى ما وراء حدود إيران.
نبذة عن الوكالة
وتأسست وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء عام 1934م، تحت اسم «وكالة أنباء بارس» التابعة لوزارة الخارجية كأول مركز لجمع الأخبار في إيران.
وبدأت "إرنا" في السنوات الأولى من تأسيسها، التعاون مع وكالات الأنباء الكبرى مثل وكالة الأنباء الفرنسية وأسوشيتدبرس ورويترز ووکالة أنباء الأناضول التركية، إذ أن هذا التعاون مستمر ومع المزيد من وسائل الإعلام في المنطقة والعالم بعد مضي ثمانية عقود.
وفي السنوات الأولى لانتصار الثورة الإسلامية (سنة 1981) وبقرار من مجلس الشورى الإسلامي، غيرّت وكالة أنباء بارس اسمها إلى وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء بالاسم المختصر «إرنا» لتبدأ فصلاً جديداً في نشاطات هذه المؤسسة الإعلامية.
يذكر أن "إرنا" هي وسيلة الإعلام الوحيدة في البلاد التي تنشر أخبارها من إيران والعالم بـ 13 لغة في العالم؛ بما في ذلك الإنكليزية والعربية والفرنسية والروسية والتركية والإسبانية والأردية والباشتو والصينية؛ وبالإضافة إلى التغطية الشاملة والكاملة للأخبار في جميع أنحاء ايران من خلال 31 مركزاً في المحافظات و23 مكتباً في الأقضية،فإن وكالة "إرنا" اليوم تنشط أيضاً في مجال جمع ونشر الأخبار وإعلام الإيرانيين وشعوب العالم عبر مكاتب إخبارية في مختلف دول العالم، من الشرق الأوسط إلى أجزاء أخرى من آسيا وإفريقيا وأوروبا وأمريكا .