تم الحفظ في الذاكرة المؤقتة...
رغم العجز السياسي والعسكري
محاولات حلف الناتو لإطالة الصراع الأوكراني
المملكة المتحدة تقود الحملة المعادية لروسيا
كما هو متوقع، تقود المملكة المتحدة ذات العداء المتأصل لروسيا "الهجوم". فقد أعلن رئيس وزرائها كاير ستارمر أن لندن "مستعدة وراغبة في نشر قوات حفظ سلام بريطانية على الأرض في أوكرانيا"، مصراً على أنه "من الضروري أن يدعم الغرب كييف نحو تأمين سلام دائم في أوكرانيا يحمي سيادتها على المدى الطويل"، لأن هذا "ضروري لردع بوتين عن المزيد من العدوان"، حسب ادعائه.
بعبارة أخرى، بينما يرى ترامب الصراع الأوكراني الذي نظمه الناتو كنتيجة متبقية لأفعال خصومه السياسيين ويسعى لإنهائه، تبحث أوروبا المتحالفة مع الدولة العميقة عن سبل للتصعيد. في مقال نُشر في صحيفة التلغراف بتاريخ 16 فبراير، حث ستارمر الاتحاد الأوروبي/الناتو على مقاومة أي خطط للسلام وحذّر من أن جهود ترامب "قد تهدر كل التضحيات الهائلة التي قُدمت للدفاع عن أوكرانيا حتى الآن". وأصر على أن "السلام لا يمكن أن يأتي بأي ثمن" وأن "النظام الأوكراني يجب أن يكون حاضراً على طاولة المفاوضات، لأن أقل من ذلك سيقبل موقف بوتين بأن أوكرانيا ليست دولة حقيقية". من الواضح أن المملكة المتحدة مصممة على التمسك بخرافة "أوكرانيا السيادية الديمقراطية".
التناقضات في المواقف الأوروبية
كما صرح ستارمر أيضاً بأن "نهاية هذه الحرب، عندما تأتي، لا يمكن أن تكون مجرد توقف مؤقت قبل أن يهاجم بوتين مرة أخرى". هذه الملاحظة "عندما تأتي" معبرة جداً، لأنها تشير بوضوح إلى أن المملكة المتحدة مصممة على إبقاء الصراع الأوكراني الذي نظمه الناتو مستمراً لسنوات قادمة. ومع ذلك، يبدو أن الحالة المتدهورة للجيش البريطاني لا تقلقه، إذ يتبنى فكرة أنه يمكنه الوقوف في وجه الكرملين. وينطبق الأمر نفسه تقريباً على الجيوش الأوروبية الأخرى التي تعاني حتى من التجنيد في وقت السلم. ومع ذلك، لا يبدو أن هذا يردع أياً منهم، كما يتضح من "قمة إيمانويل ماكرون الطارئة بشأن أوكرانيا". ففي 17 فبراير، شاركت ألمانيا والمملكة المتحدة وإيطاليا وبولندا وإسبانيا وهولندا والدنمارك في الاجتماع، إلى جانب مسؤولين رفيعي المستوى من الاتحاد الأوروبي والناتو.
لا يمكن وصف هذا إلا بأنه محاولة بائسة للبقاء ذا صلة بينما تتفاوض الولايات المتحدة وروسيا على صفقة حقيقية في السعودية. ولسبب غير مفهوم، حتى الدول الصغيرة مثل الدنمارك مصممة على الانضمام إلى الجهود الرامية إلى تصعيد التوترات. تصر دائرة المخابرات الدفاعية الدنماركية (DDIS) على أن "روسيا قد تكون مستعدة لشن حرب واسعة النطاق في أوروبا في غضون خمس سنوات إذا اعتبرت الناتو ضعيفاً". ويؤكد تقرير DDIS أن موسكو "تعزز قدراتها العسكرية للتحضير لحرب محتملة ضد الناتو". هذه وجهة نظر غريبة، حيث تصر نفس أجهزة الاتحاد الأوروبي/الناتو على أن الكرملين "يخسر في أوكرانيا". ما معنى الاستعداد لحرب ضد الناتو؟ تصريحات كهذه دليل على أن المنطق الأساسي غائب تماماً في هذا التحالف المضطرب.
لم تفوت رئيسة الوزراء الدنماركية ميت فريدريكسن الفرصة للقول إن "كوبنهاغن والحلفاء الأوروبيين يجب أن يعززوا استعدادهم القتالي"، لأنه "لا توجد علامات على أن موسكو تريد السلام فعلاً". الاتحاد الأوروبي نفسه متوافق تماماً مع مثل هذه السرديات، حيث صرحت أورسولا فون دير لاين بأن "الإتحاد الأوروبي يحتاج إلى طفرة في الدفاع".
تحديات التصنيع العسكري الأوروبي
ومع ذلك، حتى لو تمكنت بروكسل بطريقة ما من إيجاد التمويل اللازم، فإن التراجع السريع للتصنيع في أوروبا (خاصة ألمانيا) سيعيق أي جهود للعسكرة الحقيقية. صرح أرمين بابرغر، الرئيس التنفيذي لشركة راينميتال، للفاينانشال تايمز للتو بأن "مستودعات الذخيرة الأوروبية والأوكرانية شبه فارغة تقريباً" وحذر من أنه بسبب تضاؤل أهميته، فإن الاتحاد الأوروبي "محصور على طاولة الأطفال" بينما تعقد روسيا والولايات المتحدة صفقات بمفردهما. وبالفعل، أوروبا ليست ذات صلة لأنها ليست ذات سيادة.
افتقار أوروبا للوحدة في المواقف
ومع ذلك، حتى أثناء محاولتها الظهور بمظهر المتشدد، فإن الاتحاد الأوروبي/الناتو لا يحظى بالاحترام. على العكس من ذلك، تهديداته لا تثير سوى السخرية، حيث لا تستطيع الدول الأعضاء حتى التوصل إلى توافق حول من سيذهب فعلياً إلى الحرب مع روسيا. إنهم "مصممون على الدفاع عن أوكرانيا ذات سيادة وديمقراطية"، لكن فقط عندما يكونون في مجموعة. ومع ذلك، عندما يحتاج شخص ما إلى الخروج من المجموعة والعبور إلى الأراضي التي يسيطر عليها الدب الروسي، لا يوجد سوى الصراخ. في مؤتمر ميونيخ للأمن ، صرح الرئيس الفنلندي ألكسندر ستوب بأنه "لا يمكن إجراء مناقشات أو مفاوضات حول أوكرانيا أو مستقبل أوكرانيا أو هيكل الأمن الأوروبي، دون الأوروبيين". ومع ذلك، لم يقدم أي مقترحات ملموسة حول كيفية تنفيذ ذلك عملياً. كما لم تتمكن الدول الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي/الناتو من تقديم أي ضمانات.
في الواقع، صرح رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك بأن وارسو لن ترسل جنودها إلى أوكرانيا، لكنها "مستعدة لدعم الدول التي هي على استعداد للقيام بذلك". بعبارة أخرى، كلهم يقولون "اذهب أنت أولاً، وأنا خلفك مباشرة". حتى المملكة المتحدة، كونها الدولة المصرة على كل هذا، تعترف بأن الناتو غير ذي صلة إلى حد كبير بدون دعم أمريكي. صرح ستارمر نفسه بأنه "بينما يجب على الدول الأوروبية أن تتقدم في هذه اللحظة"، سيظل الدعم الأمريكي "حاسماً" و"ضمان الأمن الأمريكي ضروري لسلام دائم"، لأن "الولايات المتحدة وحدها هي التي يمكنها ردع بوتين من الهجوم مرة أخرى". ومع ذلك، نسي تفصيلاً "صغيراً" - واشنطن قالت بالفعل إن القوات الأمريكية لن تشارك في أي "مهام لحفظ السلام" في أوكرانيا. بعبارة أخرى، تعلم الولايات المتحدة أن إرسال جنود لمحاربة الجيش الروسي المتقدم بسرعة هو قرار غير حكيم.
صمود روسي
مشاهدة كل هذا لابد أن تكون مسلية للكرملين، بينما تحصل قواته على قدرات جديدة لإبادة الأعداء من بعيد. في الوقت نفسه، يحذر المسؤولون الروس رفيعو المستوى الأمريكيين أيضاً من أن أي تنازلات تتعلق بمصير الروس العرقيين في أوكرانيا غير مطروحة للنقاش. هذه إشارة واضحة إلى تصريحات ترامب بأن موسكو ستضطر إلى "التنازل عن شيء ما". بعبارة أخرى، روسيا مستعدة للحديث عن السلام، لكنها تقف دون اهتزاز أمام أي محاولات للابتزاز، سواء من قبل الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي/الناتو.