تم الحفظ في الذاكرة المؤقتة...
أسرى فلسطنيون محررون يتحدثون عن أيام الأسر
رغم إنتهاكات الاحتلال..الأسرى صامدون بوجه الصهاينة
في أيلول/سبتمبر 2021، سطر الأسير زكريا الزبيدي، أحد أبرز الأسرى الفلسطينيين، فصلًا جديدًا من فصول المقاومة والصمود الفلسطيني، بعدما شارك في عملية هروب بطولية من سجن «جلبوع» الصهيوني. الهروب الذي نفذه الزبيدي مع خمسة معتقلين آخرين عبر نفق حفر باستخدام أدوات بدائية، يعد واحدة من أجرأ عمليات التحرر من سجون الاحتلال. ورغم إعادة اعتقاله بعد أيام من الهروب، فإن الزبيدي عاد اليوم إلى أرض الحرية بفضل عملية تبادل الأسرى «طوفان الأحرار»، التي تمت في أعقاب عملية «طوفان الأقصى» البطولية.
في حديث لموقع العهد الإخباري، عبّر الأسير المحرر زكريا الزبيدي عن شعوره بالحرية وأن حريته تبقى ناقصة ما دام شعب فلسطين لم ينل حقه في الحرية والاستقلال. مضيفًا: «شعبنا يعيش في حالة قلق مستمر منذ مئة عام، وحان الوقت لنيل الحرية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة». ذاكرًا أنه في ظل الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، والتي تشمل القتل والدمار والتهجير، فإنه يجب العمل على إنهاء هذا الوضع المأساوي بأسرع وقت ممكن.وأوضح الزبيدي أن الشعب الفلسطيني يعيش في المجهول، حيث لا مستقبل واضحًا في ظل الأخطار المحدقة به في كلّ لحظة. وتوجه الزبيدي إلى المجتمع الدولي، مطالبًا إياه بمنح فلسطين حريتها، قائلًا: «العالم الذي منح الاحتلال الحق في أرض فلسطين، عليه الآن أن يمنحها حريتها”.
معاناة المعتقلين في سجون الاحتلال
في ما يخص الأوضاع داخل معتقلات الاحتلال، أشار الزبيدي إلى أن الظروف قد تدهورت بشكل كبير، حيث يتعرض المعتقلون لاعتداءات وحشية من قبل السجانين. وأوضح أن هذه الاعتداءات تشمل الضرب المبرح، الإهانات، قلة التغذية، العزل، وقطع التواصل مع العالم الخارجي. وأعرب الزبيدي عن أمله في الإفراج عن جميع المعتقلين في سجون الاحتلال، داعيًا كافة الجهات المعنية بحقوق الإنسان إلى التفاعل مع معاناة الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين.
انتقام الاحتلال بعد عملية نفق الحرية 2021
وتطرق الزبيدي إلى الانتهاكات التي تعرض لها عقب هروبه من سجن «جلبوع»، قائلًا إن الاحتلال يتبع سياسة انتقامية ضدّ الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم، سواء في الضفّة الغربية أو قطاع غزّة. وأشار الزبيدي إلى أن المعتقلين الفلسطينيين تعرضوا للعديد من الانتهاكات الخطيرة، بما في ذلك التعذيب والقتل، خلال العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزّة.وأكد الزبيدي أن هذه الانتهاكات لم تقتصر على المعتقلين فحسب، بل شملت جميع أبناء الشعب الفلسطيني. وتحدث عن الحملة الشديدة التي تعرض لها شخصيًا في الأيام الأخيرة قبل إطلاق سراحه، مطالبًا بفضح هذه الممارسات الوحشية والضغط على الاحتلال لتحسين أوضاع المعتقلين.
الشكر للمقاومة الفلسطينية والدماء الطاهرة
وقدم الزبيدي شكره وامتنانه للمقاومة الفلسطينية التي تواصل نضالها ضدّ الاحتلال، قائلًا: «المقاومة هي إرادة شعب رفض الانكسار واختار الوقوف بوجه الظلم بكلّ قوته، وإن دماء الشهداء التي سالت على أرض فلسطين من جنين إلى غزّة، ومن القدس إلى رام الله، هي الشعلة التي تنير دربهم نحو الحرية”.
واختتم الزبيدي حديثه بتأكيده أن المقاومة الفلسطينية ليست مجرد رد فعل على الاحتلال، بل هي إرادة شعب ثابتة في مقاومة الظلم. وشدد على أن كلّ شهيد وكلّ أسير وكلّ أم صابرة، وكلّ طفل يحمل حلم الحرية، هم الذين صنعوا النصر وسيكونون هم مستقبل الأمة.
تجربة قاسية تركت آثارًا لا تمحى
وفي قلب سجون الاحتلال الصهيوني، حيث لا صوت يعلو فوق صرخات المعاناة ولا ملامح تبقى دون أن تختفي تحت وطأة العزل الانفرادي، عاشَت الأسيرة الفلسطينية المحررة خالدة جرار تجربة قاسية تركت آثارًا لا تمحى على جسدها وروحها.
بعد ستة أشهر من العزل الانفرادي في سجن الرملة، خرجت جرار لتروي جانبًا من معاناتها، مُلقية الضوء على أبشع أساليب القمع التي يمارسها الاحتلال ضدّ الأسرى الفلسطينيين.
“لن تعرفي سبب ولا مدة العزل»، تلك كانت إجابة ضابطة مخابرات العدوّ الصهيوني عندما سألت جرار عن السبب وراء احتجازها في العزل. كلمات باردة تتنكّر لأي مبرر قانوني أو إنساني، لتدفعها لتعيش في عالمٍ معزولٍ من دون أي تفسير، سوى أن هذا هو واقع الأسرى الفلسطينيين الذين يعانون في صمت.
عندما جرى الإفراج عن جرار ضمن المرحلة الأولى من «اتفاق» «طوفان الأقصى»، كان يمكن للزوار رؤية آثار التعب والضيق على وجهها، رغم مرور يوم كامل على خروجها من الزنزانة. وحين التقوا بها في قاعة الاستقبال بمدينة رام الله، وصفت تلك الأيام القاسية بقولها: «كنت معزولة في قبر”.
تصف جرار، في حديث لموقع «العهد» الإخباري، هذه التجربة بأنها واحدة من أصعب فترات اعتقالها، فعلى الرغم من أن العزل استمر لستة أشهر فقط، إلا أن تلك الأشهر كانت كفيلة بأن تترك أثرًا عميقًا في نفسها وجسدها.
وبعد ثمانية أشهر من الاعتقال، نُقلت جرار إلى العزل الانفرادي، حين كانت درجات الحرارة في أعلى مستوياتها. كانت الزنزانة التي احتجزت فيها لا تتعدى مساحتها مترين طولًا و1.5 متر عرضًا، بلا أي نافذة أو منفذ للتهوئة. كانت الأبواب مغلقة تمامًا، حتّى نافذة الباب الصغيرة كانت مُغلقة تمامًا.
تستذكر جرار بمرارة كيف أن درجات الحرارة كانت تصل إلى 45 درجة مئوية، ومع انقطاع الماء في الزنزانة بشكل متكرّر، كانت تعيش ظروفًا أشبه بالعذاب اليومي.
تقول خالدة جرار في حديثها لموقعنا: «كنت في فرن، لا أستطيع أن أتنفس، ولا أنام بسبب الحرارة”.
وفي الأيام الأولى من العزل، لم يُسمح لها بالخروج من الزنزانة سوى لساعات معدودة، مع تأخير دائم لوجبات الطعام، ليبقى الوقت طويلًا وسط عزل تام.
وبحسب حديثها، كانت معاملة السجانين أشد قسوة، بدافع من الحقد والتعمد في إلحاق الألم.
كما نقل محاموها عن جرار تفاصيل أكثر مأساوية حول العزل. فقد كان المرحاض في الزنزانة، وفوقه شباك صغير، تم إغلاقه لاحقًا بعد يوم واحد من نقلها.
وتضيف جرار: «كنت أعيش في زنزانة مغلقة بالكامل، ليس هناك أي متنفس للهواء. كانت تلك لحظات من الاختناق الدائم”.
وبعد 16 يومًا من العزل، أشارت جرار إلى أن الوضع كان يزداد سوءًا بسبب درجات الحرارة المرتفعة، حيث كانت تشعر وكأنها محاصرة في فرن لا يطاق. ورغم محاولاتها المستمرة في طلب الماء، كان السجانون يتأخرون وفق روايتها في تلبية طلباتها لساعات طويلة، لتزيد بذلك معاناتها.
