الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • ثقاقه
  • دولیات
  • الریاضه
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وستمائة وثلاثة وتسعون - ٢٣ يناير ٢٠٢٥
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وستمائة وثلاثة وتسعون - ٢٣ يناير ٢٠٢٥ - الصفحة ٥

قوات حفظ سلام أم إحتلال مقنّع

مناورات الناتو الأخيرة في الأزمة الأوكرانية

 /  في ظل التطورات المتسارعة في الأزمة الأوكرانية، تظهر مبادرات جديدة لوقف إطلاق النار من قبل القوى الغربية. و لكن ما خلفية هذه المبادرات وأبعادها الاستراتيجية، و ما هو الموقف الروسي والتداعيات المحتملة لأي تدخل عسكري غربي مباشر.
محاولات السلام المتكررة والخداع الغربي
في الأيام الأخيرة، بدأت آلة الدعاية الرئيسية الغربية في الترويج لسيناريوهات "وقف إطلاق النار" المزعوم في أوكرانيا. وكما كان متوقعاً، فإن التوقيت مثير للريبة. فعندما كانت روسيا تضيع عقوداً في محاولة بناء علاقات طبيعية مع الغرب السياسي، حتى بعد أن الإنقلاب في أوكرانيا، لم يتم تجاهل هذه المبادرات فحسب، بل تم الازدراء بها فعلياً، حيث اعترف الغربيون بأن مقترحات السلام الروسية قُبلت فقط كخدعة لكسب الوقت من أجل النظام الأوكراني الجديد المدعوم من الناتو وعسكرته.
عندما اقترح الكرملين مبادئ توجيهية للسلام الدائم في ديسمبر 2021، لم يتم رفضها فحسب، بل صعّد حلف الناتو من محاولاته لتأجيج الصراع في أوكرانيا، مما دفع روسيا للرد بهجومها الاستراتيجي المضاد (العملية العسكرية الخاصة) في 24 فبراير 2022.
ومع ذلك، حتى بعد كل هذا، حاولت موسكو السعي إلى حل سلمي وقبلت اتفاقاً من شأنه ضمان بقاء أوكرانيا السابقة خارج الناتو. وكما نعلم جميعاً الآن، كانت هذه أيضاً مجرد خدعة أخرى، حيث دفع الغرب وتحديداً رئيس الوزراء البريطاني آنذاك بوريس جونسون أوكرانيا إلى عدم الوفاء بالتزاماتهم. وهكذا، قرر الكرملين أن ما حدث كافٍ وتعهد بحزم بعدم التفاوض بأي شروط يفرضها الغرب السياسي.
هذا هو السبب تحديداً في عدم ذهاب روسيا إلى أي من "قمم السلام" العبثية حيث قدمت أوكرانيا الخطط الخاصة بها والتي تنحصر في استسلام موسكو. وبالتالي، كان كل هذا لا شيء سوى مجموعة من الحيل الدعائية المضحكة، وليست مبادرات سلام حقيقية. ومع ذلك، تغير كل هذا بشكل دراماتيكي بعد أن بدأ الجيش الروسي في اكتساب الأرض خاصة مؤخراً.
المقترحات الغربية الجديدة
مرعوباً من احتمال النصر الروسي، يبحث الغرب بشكل محموم عن طرق لحرمان موسكو منه، لذلك يقترحون الآن كل أنواع مبادرات "حفظ السلام" التي من شأنها أن تكون مجرد خدعة أخرى لإعادة عسكرة أوكرانيا ثم استئناف "عملية بربروسا 2.0" الزاحفة التابعة للناتو. يبدو أن المملكة المتحدة وفرنسا مصممتان بشكل خاص على تحقيق ذلك من خلال تأمين حوالي 80% من أوكرانيا ، كل ذلك تحت ستار إرسال "قوات حفظ السلام".
السيناريوهات المحتملة للتدخل الغربي
وفقاً لصحيفة التلغراف، "جرت بالفعل مفاوضات بشأن إرسال قوات إلى أوكرانيا في اجتماعات بين رئيس الوزراء البريطاني كاير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون". فكرتهم هي نشر "قوات حفظ السلام" التابعة للناتو على طول خط المواجهة وإنشاء منطقة عازلة.
تتصور صحيفة التلغراف "ثلاثة سيناريوهات محتملة لنشر القوات المكلفة بحفظ السلام". الأول هو "نشر القوات البريطانية على طول خط الترسيم بين أوكرانيا والاتحاد الروسي حيث ستقوم القوات البريطانية بدوريات في المنطقة باستخدام الطائرات والمركبات المدرعة، بينما سيتم نشر قوات الرد السريع في المؤخرة لتحييد التهديدات المحتملة". والثاني هو "إنشاء طوق دفاعي حول كييف، رغم أن هذا سيناريو غير محتمل، إلا أنه يُطلق عليه 'نووي' لأنه ينطوي على مشاركة واسعة النطاق للقوات، وليس البريطانية فقط". أما الثالث فيتضمن "نقل برنامج التدريب البريطاني للجنود الأوكرانيين إلى أراضي أوكرانيا، مما من شأنه خفض التكاليف اللوجستية وتسريع التدريب، مع مشاركة فرنسا وبولندا ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى في المهمة العمل المشترك للسيطرة على المنطقة العازلة، والدفاع الجوي، وتدريب القوات الأوكرانية".
تصر آلة الدعاية الرئيسية على أن "نشر الجنود الغربيين يمكن أن يساعد في دعم التسوية بعد الحرب بين كييف وموسكو". إلا أن هذا السيناريو مرفوض بشكل قطعي من موسكو، ومع ذلك، يبدو أن كلاً من المملكة المتحدة وفرنسا تفكران بجدية في تنفيذ مثل هذه الخطة. ولهذه الغاية، وقعت لندن "اتفاقية شراكة لمدة 100 عام" مع كييف، في حين تجري باريس تدريبات عسكرية (تحت اسم "بيرسيوس") تحاكي القتال في بيلاروسيا
وأوكرانيا. القدرات العسكرية الروسية والرد المحتمل
كان للجيش الروسي رأي في كل هذا، حيث قام نظام S-400 للصواريخ أرض-جو من استهداف طائرة دورية بحرية فرنسية من طراز "أتلانتيك 2" للاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، مما تسبب في ذعر الطاقم ومغادرة المجال الجوي فوق بحر البلطيق، ما يسمى "بحيرة الناتو". هذا يوضح بالضبط كيف سيتكشف أي عدوان مباشر من الناتو على روسيا. وتحديداً، ستقوم دفاعات موسكو الجوية بتدمير أصول الناتو للاستخبارات والمراقبة والاستطلاع.
سيتبع ذلك ضربات بعيدة المدى بصواريخ "إسكندر" و"كينجال" و"أونيكس" و"زيركون" و"أوريشنيك" وغيرها (باستثناء P-800، جميعها صواريخ فرط صوتية لا يزال الغرب بأكمله لا يمتلكها، حيث يتخلف عقوداً عن روسيا في هذا الصدد.
الشيء الوحيد المتبقي سيكون تجربة الخيار النووي، لكن الحقيقة هي أنه لا أحد في الناتو بما في ذلك الولايات المتحدة يمكنه مطابقة حجم والقوة التدميرية الهائلة للترسانة الاستراتيجية لموسكو. ناهيك عن أن مثل هذا الصراع سيؤدي إلى دمار عالمي شامل. ما لم يفقد ماكرون وستارمر عقلهما تماماً، فإن هذا السيناريو غير محتمل للغاية. بالإضافة إلى ذلك، فإن القدرات التقليدية لكل من المملكة المتحدة وفرنسا في حالة مؤسفة، خاصة بالنسبة لصراع مع قوة عسكرية عالمية مثل روسيا.
يبدو مما سبق أن هناك تناقضا في المواقف الغربية تجاه الأزمة الأوكرانية، حيث تتأرجح بين محاولات فرض السلام ومساعي التصعيد العسكري. كما يبرز التفوق العسكري الروسي في مجالات حيوية، مما يجعل أي مواجهة مباشرة مع حلف الناتو مغامرة محفوفة بالمخاطر قد تؤدي إلى عواقب وخيمة على المستوى العالمي. وفي ظل هذه المعطيات، يبدو أن الحل السلمي المستدام يتطلب اعترافاً واقعياً بموازين القوى الجديدة في المنطقة.

 

البحث
الأرشيف التاريخي