تم الحفظ في الذاكرة المؤقتة...
مديرة جامعة الزهراء(س):
يجب على النخب رسم خريطة طريق تحول الحوزة العلمية
في لقاء مع عدد من المديرين والأساتذة والطلاب في جامعة الزهراء (س) بتاريخ 20 نوفمبر / تشرين الثاني 2024م، اعتبر سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي هذا الصرح المؤثر من الظواهر الفريدة الناتجة عن الثورة الإسلامية والتي أدت إلى زيادة مستوى المعلومات الدينية وتأثير النساء، مشيرًا إلى ضرورة التحول والتحديث في الحوزات العلمية لمواكبة تحولات المجتمع، وقال:” يجب أن تأخذ الحوزات العلمية في الاعتبار القضايا المهمة في المجتمع مثل القضايا الاقتصادية، والحكم، والأسرة”. تناول موقع KHAMENEI.IR في حوار مع السيدة الدكتورة ”زهراء برقعي”، مديرة جامعة الزهراء (س)، المحاور التي أكد عليها قائد الثورة فيما يتعلق بالحوزة العلمية للنساء، وننشر في صحيفتنا ملخصاً عن الحوار:
لقد كنا ننتظر لسنوات مثل هذا الحدث لنلتقي بسماحته ونتعرف عن كثب على توجيهاته في مجال الحوزة العلمية للأخوات. اعتبر سماحته في هذا اللقاء، تأسيس جامعة الزهراء(س) ثمرة ابتكار الإمام الخميني (قدس)، وأوضح أن تأسيس مجموعة تهدف إلى تعزيز المعرفة والوعي الديني لعدد كبير من النساء والفتيات في البلاد هو أمر ذو قيمة كبيرة، لأنه قبل ذلك، لم تكن النساء في تاريخ البلاد يتمتعن بمثل هذه الفرصة.
ما أهمية زيادة المعرفة الدينية في المجتمع النسائي في الأبعاد المختلفة الشخصية، الأسرية أو الاجتماعية والمدنية؟
في هذا السياق، أرى أن هناك مسألتين مطروحتين؛ الأولى هي أهمية المعرفة الدينية لدى النساء، والثانية هي كيفية زيادة هذه المعرفة الدينية التي يجب علينا العمل عليها، وهي من واجبات الحوزات العلمية. أود أن أوضح كمقدمة أن في الإسلام يتم طرح موضوع الفطرة بشكل كبير، وإذا تم التربية بناءً على الفطرة، فإنها تصل إلى النتائج بشكلٍ أسرع وتكون أكثر استدامة، لأن فطرة الإنسان نقية، وهناك بعض الأمور التي تم ترسيخها فيهم بشكل فطري.
إحدى القضايا المهمة هي توضيح المفاهيم الفطرية مثل الحرية والعدالة وحقوق الإنسان للأخوات. عندما نقول العدالة، ماذا نعني بالعدالة؟ بطبيعتنا نحن نسعى للعدالة، لكن ما الذي نعنيه بالعدالة وماذا نريد؟ هذه المسألة، للأسف، لم تتضح بعد بشكل جيد. أحيانًا تكون كلماتنا متطابقة مع الغرب، لكن توجهنا ووجهات نظرنا مختلفة تماماً. لذا، فإن إحدى الموضوعات الرئيسية في تعزيز المعرفة الدينية، سواء بين النساء أو المراهقين أو الشباب، هي مسألة الفطرة التربوية التي بواسطتها يمكننا تربية الأفراد بشكل جيد.
النقطة الثانية التي يجب أن نوليها اهتمامًا هي عملية التربية. في النموذج المفهومي للتربية، لدينا ست كلمات مفتاحية يجب العمل عليها بالتسلسل لتحديد مسار التربية لكل مجموعة بشكل واضح ومحدد. التفكير هو أول معرفة، في المنطق، عندما نعرف الإنسان، نقول إنه ناطق؛ لكن الناطق لا يعني التحدث، بل المقصود هو التفكير. ساعة واحدة من التفكير تعادل أكثر من سبعين عامًا من العبادة حتى في بيت الله. ساعة واحدة من التفكير في رؤية الإسلام تعادل الحج، لكننا نعمل أقل على هذا التفكير، ونقلل من دفع شبابنا إلى التفكير، أعتقد أنه إذا أحيينا التفكير في المجتمع، فستُحل العديد من مشاكلنا.
بعد التفكير، يأتي دور تبادل الآراء ومشاركتها مع الآخرين، بعد ذلك، تأتي مرحلة التفاعل؛ أي العثور على القواسم المشتركة والعمل عليها. بعد التفاعل، نصل إلى التوازن ثم إلى الاستقرار، في هذه المرحلة، يمكن للمجتمع أن يصل إلى الرفعة.
فيما يتعلق بالنساء والفتيات، اللاتي يُعدّن من الفئات المهمة في المجتمع، يجب أن نولي اهتمامًا خاصًا. إذا كان من المقرر أن نربي إنسانًا، والهدف من الإسلام هو تربية الإنسان، يجب أن نعلم أن نصف البشر تشكله النساء، وتربية النصف الآخر من المجتمع تقع أساسًا على عاتقهن. ما يتعلمه الأطفال في مرحلة الطفولة يأتي في الغالب من الأم. عندما نربي الأم بشكلٍ صحيح، فإنها، عندما تكبر، سيكون لديها رؤية ووجهة نظر، وبالتالي سلوك مختلف، لهذا السبب، يجب أن تحظى المعرفة الدينية للنساء باهتمامٍ خاص.
ما هو دور جامعة الزهراء (س) علیها كمنظمة علمية تربوية في تعزيز المعرفة والوعي الديني في المجتمع؟
لجامعة الزهراء(س) أهمية كبرى، فالأخوات هنا يتلقين التعليم فيها ومن ثم يقدمنه للآخرين، فكما تعلمون، للجامعة قسمان محلي ودولي، وعدد من خريجيها يعملن اليوم في الجامعات كأعضاء هيئة تدريس. بالإضافة إلى ذلك، في مجال الدعوة فقد عملن في مستويات مختلفة وحققن نجاحاً. على المستوى الدولي وعلى الرغم من العوائق والقيود الكثيرة إلا أن خريجات الجامعة تحملن مسؤوليات ثقيلة في جميع أنحاء العالم.
وأشار السيد القائد إلى ضرورة حضور النساء ذوات المستوى العالي من المعارف الدينية في وسائل الإعلام والاجتماعات الدولية، فبعد انتصار الثورة الإسلامية، كان لزاماً إعداد أخوات مؤمنات للتعبير عن القضايا المتعلقة بالمرأة والأسرة في وسائل الإعلام، وأن يكنّ قادرات على طرح المواضيع الدينية السامية في المجامع الكبرى العالمية والإسلامية بالاستناد إلى الآيات والروايات ونهج البلاغة، والذي سيترتب على هذا العمل تأثير في تقدم البلاد وإبرازها عالميًا وفي تطور الأمة الإسلامية.
ما نوع التدريب الضروي لتحقيق حضور الأخوات في وسائل الإعلام والفعاليات الدولية في جامعة الزهراء (س)؟
في هذا اللقاء، اعتبر قائد الثورة الإسلامية تحديث الكتب وطرق التدريس في الحوزات العلمية وإدخال المواضيع المهمة للمجتمع بما في ذلك المسائل المالية والنقدية، والحكم، والأسرة، والقضايا الجديدة مثل العملات الرقمية، من متطلبات التحول في الحوزة العلمية، مؤكداً إن معارضة التحول في الحوزة العلمية تعني معارضة تقدم الدين في البلاد؛ بالطبع، يجب أن يكون لدى الذين يجب عليهم إحداث التحول الكفاءة اللازمة لذلك.
تناول سماحته مسألة التحول وواجبات الحوزات العلمية، وأكد على أن المجتمع في حالة تحول؛ العالم والطبيعة وكل شيء في حالة تحول. لذلك، لا يمكن للحوزات أن تكون بمعزل عن هذه التحولات، عندما يتعرض المجتمع للتحول، يجب على الحوزات أيضًا أن تتغير، هذا منطق التحول الذي لا مفر منها. في المجتمع، البشر في حالة تغيير وتحول. لذلك، يجب إيجاد طرق جديدة للاستجابة لاحتياجاتهم، لأن الطرق التقليدية قد لا تكون كافية لتلبية احتياجات اليوم، الأسس هي نفسها، لكن يجب أن نغير طرقنا ونقدم محتويات يمكن أن تلبي احتياجات
العصر الحالي.
بشأن التحول في الحوزة يجب علينا تحديد مهامها، ووظيفتها، ويجب على الحوزة تحديد معارف الدين، التي تنطلق من القرآن، والأحاديث، وأهل البيت، وكتب السابقين. يجب أن تُبيَّن هذه المعارف بشكل مستدل ومنطقي. اليوم، الجميع يبحث عن الاستدلال؛ لذلك يجب أن نقدم تفسيرًا منطقيًا ومستدلًا للمعارف الدينية، ويجب أن تكون كلمتنا قادرة على تلبية احتياجات الفئات المختلفة. هناك مواضيع مثل الاقتصاد، والسياسة، والحكم، والعائلة، وهي من المجالات التي للدين فيها كلمة. الآن، يطرح السؤال: من يجب أن يعبر عن كلمة الدين ويعمل بها؟ أحيانًا نتقدم فقط في المناقشات النظرية، لكن كيف يجب أن يكون التنفيذ؟ هذه أيضًا من مهام الحوزات. لذلك، يجب على النخب في الحوزة أن يضعوا خريطة طريق للتحول، في هذه الخريطة، يجب أن تُحدد الأهداف القصيرة والطويلة الأمد بناءً على توجيهات السيد القائد.
كان من اللافت بالنسبة لي شمولية السيد القائد ورؤيته حول النساء، فقد اعتبر أنه لا يجب أن يكون نموهن أحادي البعد، بل في أبعاد مختلفة. وأن لا يقتصر على العلم على الأخلاق والتربية والتزكية فقط. في تجمع حضرته نساء من الحوزة، ذكر في حديثه عن الحكم الديني أن القضايا الاقتصادية يجب أن تُحل من قبل الحوزة، بمعنى أن النساء يجب أن يفكرن في هذه القضايا، لم يذكر أي مجال ينبغي على النساء ألا يدخلن فيه، هذه الشمولية حقاً استثنائية.