نجل المرجع الديني آية الله العظمى عبدالله جوادي آملي للوفاق:
ترجمة ثلاثين مجلداً من تفسير تسنيم للقرآن الكريم إلى اللغة العربية
حميد مهدوي راد
يُعد المرجع آية الله العظمى عبدالله جوادي آملي، من العلماء والفلاسفة المعاصرين المعروفين في الحوزة الدينية في مدينة قم المقدسة، وهو من أبرز تلامذة المفسر الكبير محمد حسين الطباطبائي الذي يُعدّ من أبرز فلاسفة وعرفاء ومفكري الشيعة في القرن العشرين، استمر الشيخ جوادي آملي علی منهج أستاذه في التفسير وتدريس الفلسفة في الحوزات العلمية، له كتب عديدة حول مواضيع قرآنية وفلسفية وفكرية عامة ومن جملة هذه الكتب يمكن الإشارة إلى كتاب تسنيم في تفسير القرآن، رسالة الهداية، الوحي والنبوة، المعاد في القرآن، الإمام المهدي الموجود الموعود، الفلسفة الإلهية من منظار الإمام الرضا (عليه السلام)، الولاية العلوية، الحياة الحقيقة للإنسان في القرآن وكتاب الخمس.
يعدّ تفسير تسنيم من التفاسير الجامعة المعاصرة، اعتمد المؤلف فيه على ثلاثة أساليب في التفسير: تفسير القرآن بالقرآن، وتفسير القرآن بالسنّة، وتفسير القرآن بالعقل والاجتهاد .. وهو يری بأن طريقة تفسير القرآن بالقرآن هي أفضل الطرق وأقواها، ففي هذه الطريقة كل آية من القرآن الكريم تتضح عبر التدبّر في باقي الآيات القرآنية والاستفادة منها.
كما أنه لا يرى الرجوع إلى كلام المعصومين ضرورياً إلا للتقييد أو تخصيص الإطلاق أو عمومه أو لرفع الإبهام في التطبيق والمفهوم، إذ أن القرآن يفسر نفسه بنفسه، وأما عن أسلوب روايات هذا التفسير، يحاول المؤلف أن يقوم بدراسة سندية وتحليل مفهومي للأحداث على أساس معايير الفقه.
امتداد لتفسير الميزان
يُعد تفسير تسنيم امتداداً لمنهج صاحب تفسير الميزان. وهو كتاب جاء في شرح الميزان، ويقوم بتوضيح مباحث الميزان وتبسيطه والإضافة عليه، فعلى سبيل المثال إذا جاء العلامة الطباطبائي لموضوع ما بنموذجين قرآنيين فقد ذكر آية الله العظمى جوادي آملي له شواهد قرآنية كثيرة. يؤكد آية الله العظمى جوادي آملي على أن تفسيره يقتدي بتفسير الميزان، وأن هذا الأخير متقدم على التفسير ليس زمانياً فقط، وإنما علمياً وتعليمياً أيضاً.
وعلى أية حال فهذا التفسير من التفاسير العقلية المعاصرة ويرى مؤلّفه أن التفسير المباشر للقرآن يتم عن طريق العقل والشهود، وتُعرض فيه على بساط البحث موضوعات كثيرة في حقل العلوم الاجتماعية والعلمية والكلامية، كما أنه لا يخلو حتى من المباحث الفقهية، مع فارق أن طرح المباحث الفقهية وتفسير الآيات التي تتضمن أحكام وحدود الله أدغمت ضمن التفسير، وطرحت ضمن الأحاديث التفسيرية على غرار ما فعله العلامة الطباطبائي في منهجه، كما أن المؤلف تولى مزيداً من الاهتمام لأمور من قبل سياق الآيات، وشأن النزول، والأجواء التي نزلت فيها السورة والآية.
وهذا التفسير هو سلسلة محاضرات ألقاها على طلابه امتدت عدة سنين، فقد ألقي هذا التفسير في بداية الأمر على شكل محاضرات على حشد من طلبة العلوم الدينية، ثم جرى تبديل أسلوبه الخطابي فيما بعد إلى الأسلوب الكتابي. ومن الأمور التي تسترعي الانتباه في هذا التفسير هي أن المُفسر استدل على ضرورة تفسير القرآن بالقرآن إذ يقول مثلما أن معرفة بعض الظواهر في الكتاب التكويني، مما تكون علّة أو معلولاً لمعرفة ظواهر أخرى وأن ذوات الأسباب لا تعرف إلا بأسبابها، ورغم عدم وجود وحدة شخصية في كتاب الآيات التدويني بسبب التأليفات الاعتبارية، ولكنه متناسق من حيث المحتوى، وبعض آياته مفسرة لكلماته، وجامعة للمحتوى الأنيق والعميق لآياته وتؤدي الى فهم الآيات الأخرى على نحو أفضل وللخصوصية الكلية للقرآن الكريم تأثير في تفسيرها.
نتاج أربعين عاماً
ومؤخراً، اكتمل تفسير تسنيم للقرآن الكريم وهو من التفاسير الترتيبية ومن تأليف سماحة آية الله العظمى عبد الله جوادي آملي. هذا التفسير هو نتاج أربعين عاماً من دروس تفسير السيد آية الله جوادي آملي في الحوزة العلمية في مدينة قم المقدسة.
النهج المركزي لتفسير تسنيم هو تفسير القرآن بالقرآن، وقد استخدم المفسر إلى جانب المصادر الرئيسية الثلاثة -القرآن والسنة والعقل- العديد من الآداب العربية وكلام الفلاسفة والعارفين لتوضيح مراده.
إسم هذا التفسير مستوحى من الآية 27 من سورة المطففين، وهو إسم عين في الجنة. مؤخراً، زار نجل السيد آية الله جوادي آملي حجة الاسلامي مرتضي واعظ جوادي صحيفة الوفاق على هامش زيارته لمؤسسة إيران الثقافية الإعلامية، وأجرينا معه حواراً قصيراً حول نشر هذا التفسير، والذي جرى كالتالي، إذ قال سماحته: يجب أن أقول إن هذا التفسير هو تفسير عميق جداً مبني على أسس أصيلة للإسلام من كلام وفلسفة وعرفان وفقه وعلوم إسلامية أخرى. وهذا التفسير ليس تفسيراً يضاف إلى العلوم الأخرى، إنما هو امتداد لهذه العلوم، وإن العلوم الإسلامية تمهد لفهم أفضل لهذا التفسير.
ونظراً لأن آية الله العظمى جوادي آملي ماهر في هذه الفروع من العلوم الإسلامية ولديه فهم قرآني ومعرفة قرآنية واضحة، فقد تمكن من إيجاد توافق بين العلوم الإسلامية والقرآن الكريم. وقد استغرق هذا التفسير نحو 40 عاماً، وأكمل بحوثه جنباً إلى جنب مع تدريسه.
وختم بالقول:"من المقرر أن يتم إطلاق المجموعة المكونة من 80 مجلداً في يوم الاثنين، 24 فبراير/شباط من هذا العام، وقد تم اعتبارها عملاً رسمياً من أعمال الحوزة العلمية في مدينة قم المقدسة، وبإذن الله تعالى، سيتم إطلاق هذا التفسير في دولٍ أخرى كذلك".
هذا وقد تمت ترجمة ثلاثين مجلداً من هذا التفسير إلى اللغة العربية حتى الآن، وهي متاحة الآن للمهتمين في الدول العربية.