تم الحفظ في الذاكرة المؤقتة...
خرازي، مُشيراً إلى موقف البلاد من الحكومة الأمريكية الجديدة:
إيران مستعدة للتفاوض وللمقاومة
وتحدّث كمال خرازي عن التطورات الأخيرة في سوريا والمنطقة، تناول فيها موقف إيران من الأزمة السورية، دعمها لمحور المقاومة، وتأثير الاعتداءات الصهيونية المتواصلة على توازن القوى وغيرها من الأمور الدولية.
وقال خرازي: إن الدول الثلاثة في أستانة: إيران، روسيا وتركيا، سعت لحل الأزمة السورية ومشكلة المعارضين السوريين، وكان لكل بلد أهدافه الخاصة. وأضاف: هدفنا دعم المقاومة، بينما تركيا وروسيا كان لهما أهداف مختلفة، تزامناً مع قصف صهيوني متواصل لسوريا، رغم السيطرة الروسية على الأجواء السورية، إلّا أنّ روسيا لم تتخذ خطوات مناسبة للرد على الاعتداءات الإسرائيلية.
كما رأى خرازي أن تقدم المعارضة السورية وسيطرتها على المدن الرئيسية، أهم أسبابها هو "عدم مقاومة الجيش السوري والقوى المساندة من إيران، مثل قوات الفاطميين التي لم تتمكن وحدها من إدارة المعركة، فانسحبت وعادت إلى إيران".
وأكد خرازي أن ما حصل هو مشروع أميركي-صهيوني، والدليل على ذلك هو أن المسؤولين الأميركيين توجهوا فوراً إلى دمشق، واجتمعوا مع قادة المعارضة وحتى أنهم قاموا بإلغاء الجائزة المعينة لإلقاء القبض على الجولاني.
وأشار إلى أن فصائل مختلفة وبلدان متعددة كان لها دور في هذه الأحداث، من بينها تركيا التي كان لها خلافات جغرافية تاريخية، وتم العمل على حلها سابقاً بجهود وساطة من قبل إيران ومصر، مشيراً إلى أنه لا يمكن تسوية الأزمة السورية من دون التعاون الإقليمي، لأنه سيكون لهم دور في المستقبل.
التقييم الإيراني لأداء الحكومة السورية الجديدة
وأوضح خرازي أن "هدفنا الأساسي من وراء دعمنا نظام الأسد كان القتال ضد الجماعات التكفيرية التي شكلت خطراً يتهدد الجميع في المنطقة، إذ لم تكن تهديداً لأمن سوريا فقط، بل لأمن العراق وإيران أيضاً"، لافتاً إلى أنه "قدمنا الدعم للحكومة السورية لأنها كانت ضمن محور المقاومة ضد الصهاينة، وإلا لا يوجد هناك أي تشابه بين نظامنا والنظام السوري".
وبشأن سلوك إيران تجاه النظام السوري الجديد، أظهر رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، الموقف الإيراني، مؤكداً: "سلوكنا ومواقفنا تجاههم سوف تعتمد على سلوكهم ومواقفهم المستقبلية تجاهنا، المهم هو استقلال وسيادة سوريا ووحدة أراضيها، ونأمل أن يتحقق ذلك وأن يتمكن شباب سوريا في المستقبل من الدفاع عن تراب بلدهم ضد الاعتداءات الإسرائيلية".
واعتبر خرازي أن ما حدث في سوريا التي لعبت دوراً مهماً في محور المقاومة، هو "جزء من استراتيجية أعلن عنها نتنياهو عام 1996 وأعاد طرحها في الكونغرس عام 2002، بحيث أن إسقاط الحكومات الداعمة للفلسطينيين هو الحل للقضية الفلسطينية، والتي دعمتها الولايات المتحدة، حين دعا أوباما لرحيل الأسد".
وشدّد أنّه رغم ذلك "المقاومة مستمرة لأن جذورها في قلوب الفلسطينيين، وستظل قائمة طالما هناك اعتداءات إسرائيلية واحتلال، فظهور تنظيمات مثل حماس والجهاد الإسلامي، وتسليح الضفة الغربية، يعكس صلابة المقاومة التي أصبحت أقوى مما كانت عليه منذ 1948".
التوغل الصهيوني في العمق السوري
وتعليقاً على الاعتداءات الصهيونية الأخيرة على سوريا، لفت خرازي إلى أنها "ليست جديدة، حيث إن مرتفعات الجولان تخضع للاحتلال الصهيوني منذ سنوات؛ لكن الكيان الصهيوني استغل غياب الحكومة في سوريا لتوسيع اعتداءاته، فاحتل أراضٍ جديدة وكثف عمليات القصف الجوي التي تستهدف المواقع العسكرية والمدنية يومياً".
وأشار إلى أن "إسرائيل" تسعى أيضاً لتهديد إيران منذ فترة حكم النظام السوري، حيث استغلت أجواء سوريا والأردن والعراق لتوجيه ضربات بعيدة المدى إلى إيران، وهذه التهديدات لم تتغير"، مؤكداً أنه "أمام هذه التحديات، نحن مستعدون للمقاومة ولدينا القدرة على الرد كما فعلنا سابقاً".
ولفت رئيس المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية إلى أن "مشروع تغيير النظام الإيراني ليس جديداً، فهو خطة أميركية-صهيونية مطروحة منذ بداية الثورة الإسلامية في إيران"، مشيراً إلى أنه "واجهنا أساليب عدائية مختلفة، من محاولات للإطاحة بالنظام، إلى دعم صدام حسين، ثم فرض العقوبات، ورغم ذلك، فشلت جميع هذه الأساليب، بما فيها العقوبات القصوى".
وشدّد أنه "أمام هذه المؤامرات، يجب أن نبقى أقوياء، لأن القوة هي التي تردعهم. المسار الذي اتبعناه منذ الثورة يعزز هذا الاتجاه، ونحن نمتلك قدرات كبيرة يدركها أعداؤنا جيداً، سواء كانت كامنة أو فعلية".
الملف اليمني
في الملف اليمني، أشار خرازي إلى أن "اليمنيين دافعوا بشرف عن أنفسهم وعن فلسطين، ونجحوا عملياً في تعطيل الموانئ الإسرائيلية في البحر الأحمر، ما أدى إلى إفلاسها بسبب استهداف السفن المتجهة إليها، كما أصبحت تل أبيب اليوم مهددة بالصواريخ اليمنية فرط الصوتية، حيث أصاب صاروخ مؤخراً تل أبيب مسبباً أضراراً جسيمة".
وأكّد أن "اليمنيين صامدون ولا يخشون الحرب أو الاعتداءات الإسرائيلية والأميركية، ويدافعون عن هويتهم والقضية الفلسطينية بأفضل صورة".
رسالة إيران لشعوب المنطقة
وأكّد رئيس المجلس الإستراتيجي، أن "قوى المقاومة في لبنان، فلسطين، اليمن، أو العراق تتخذ قراراتها بناءً على مصالحها الخاصة، وليس بأوامر منا"، مضيفاً أنّه "لم ندخر جهداً في دعم مقاومة الشعب اللبناني، وقدمنا لهم كل ما استطعنا"، لافتاً إلى أن "مشاركة المقاومة اللبنانية في الحرب ضد الاحتلال، كانت بقرار ومبادرة من المقاومة نفسها".
وأشار إلى أن إيران "لا ترى مصلحة في توسع الحرب في المنطقة، لأن ذلك سيضر الجميع ويفتح المجال لتدخل أطراف خارجية، لكن إذا تم الاعتداء عليها، فمن الطبيعي أن ترد، كما فعلت حتى الآن".
وقال خرازي: أنّ "منطقتنا شهدت تاريخاً مليئاً بالتدخلات الأجنبية، والأحداث، والاغتيالات، والثورات، والانقلابات، لا يمكن الحكم بشكل واضح على ما يحدث الآن، بل يجب الصبر ومتابعة التطورات ميدانياً". محذراً إلى أنّ "خطر المواجهة بين الفصائل المسلحة في سوريا مرتفع، كما أن خطر تقسيم البلاد كبير، بسبب التدخلات المتعددة من الولايات المتحدة، تركيا، وإسرائيل".
وسأل أنّه "إذا تمكنت الحكومة السورية الجديدة من حل مشاكلها، هل ستظل وفية للأطراف التي دعمتها؟" لافتاً إلى أن "تطورات المنطقة معقدة للغاية، ولا يمكن تحديد معالم المستقبل حالياً، وكما يقول المثل الفارسي: "يجب عدّ الفراخ في نهاية الخريف".