خبير في العلاقات الدولية للوفاق:
حزب الله..نموذج لصمود شعب ونضال أمّة
في كل حرب خاضها حزب الله، يبرز انتصار المقاومة كحقيقة لا تقبل التأويل. المقاومة ليست مجرد قوة عسكرية بل مشروع حضاري يتجذر في خدمة الأرض والشعب، مشروع يقاوم العدوان ويحمي الكرامة، مشروع يعمل على البناء والصمود في وجه التحديات. يمكننا القول بأن انتصار حزب الله في الحرب الأخيرة يعكس جوهر المبادئ التي تأسس عليها، كما يعكس الرؤية العقائدية للإمام الخميني(قدس) والإمام السيد علي الخامنئي(دام ظله الشريف)، والتي تشكل العمود الفقري لمسيرة الحزب، وفي هذا الصدد أجرت صحيفة الوفاق حواراً مع الخبير في العلاقات الدولية اللبناني الدكتور أكرم شمص وفيما يلي نصه:
سهامه مجلسي
المقاومة إمتداد للرؤية العقائدية
يذكر الدكتور أكرم شمص: تشكل رؤية الإمام الخميني(قدس) والإمام الخامنئي(دام ظله الشريف) منظومة فكرية متكاملة قامت عليها مسيرة حزب الله. هذه المبادئ جمعت بين العقيدة والعمل، بين المقاومة وبناء الدولة، لتجعل الحزب نموذجًا لحركة تجمع بين الثبات على القيم والتكيف
مع التحديات.
رؤية الإمام الخميني(قدس) التي تقول «اقتلونا فإن شعبنا يعي أكثر وأكثر» شكلت الأساس الفكري لمسيرة حزب الله. هذه الفلسفة تعتمد على:
- ثقافة الشهادة: حيث تكون التضحية في سبيل الله والوطن والمبادئ هي طريق الإنتصار.
- مواجهة الإستكبار: التحدي لكل قوى الظلم، ممثلة في الکیان الصهیوني ومن ورائه الولايات المتحدة.
- الوحدة الإسلامية: بناء جبهة موحدة ضد العدوان دون الإلتفات إلى الاختلافات المذهبية.
أما رؤية الإمام القائد السيد علي الخامنئي، فقد طورت هذه المبادئ لتشمل:
- تعزيز المقاومة العلمية والتقنية: لتكون القوة ليست فقط في السلاح، بل في التطور الذاتي والصمود الاقتصادي.
- التكيف مع التحديات: مواجهة الحصار والتآمر من خلال تطوير القدرات المحلية.
المقاومة حاضنة للكرامة
يقول شمص: «اللي بدو يوقف حدّك بحربك وبسلمك، واللي بدو يمسح دموع الأمهات ويحمل همّ الأطفال، واللي بدو يدفن الشهداء ويرفع أعلام النصر...» هذا الوصف الذي ينطبق على حزب الله يختزل فلسفة المقاومة التي تتجاوز ساحة المعركة إلى كل تفاصيل الحياة اليومية للناس.
- في الحرب: المقاومة نجحت في صد العدوان الصهيوني، وأفشلت مخططاته التوسعية، وحافظت على سيادة لبنان.
- في السلم: أعادت الإعمار واحتضنت شعبها، ووقفت معه في محنته، لتثبت أنها ليست مجرد قوة عسكرية، بل جزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع.
الانتصار في الميدان.. كيف تحقق؟
يؤكد شمص ان حزب الله تمكن من الانتصار لأنه:
- أفشل أهداف العدو: لم يستطع جيش العدو الصهيوني تحقيق أهدافه الاستراتيجية في القضاء على المقاومة أو كسر صمود الشعب اللبناني.
- عزز معادلة الردع: أثبت أن أي محاولة عدوانية ستقابل برد قاسٍ، مستندًا إلى قوة عسكرية متطورة وصواريخ دقيقة.
- حافظ على شرعية المقاومة: سواء على المستوى الداخلي أو الإقليمي، حيث بقي داعمًا لمحور المقاومة في فلسطين وسوريا واليمن.
سلاح المقاومة.. يد الله مدت الينا السلاح
يشير الاستاذ شمص: الإيمان الراسخ بأن الله يسدد خطى المقاومين، كما ورد في نشيد حزب الله، هو ما جعل الحصار والعقوبات عديمة الجدوى.
اليمن رغم الحصار والقيود، أثبت أن الإرادة الصلبة والإيمان العميق قادران على تجاوز أصعب التحديات. حيث، تمكنت المقاومة من تحويل الحصار إلى فرصة لتطوير قدراتها العسكرية، مثل تصنيع الصواريخ المجنحة والطائرات المسيّرة، وفرض معادلة ردع فعالة ضد التحالف الدولي. على الجانب الآخر، أثبت حزب الله أن السلاح يصل دائمًا لمن يؤمن بعدالة قضيته، سواء عبر الإبداع في التصنيع المحلي أو الاستفادة من الدعم الإقليمي، ليحقق انتصارات استراتيجية أبرزها تحرير الجنوب عام 2000 والردع المتواصل للعدوان الصهيوني.
ما يجمع النموذجين هو أن السلاح ليس مجرد أداة مادية، بل تعبير عن إرادة صلبة وقناعة بأن المقاومة طريق الحرية. الابتكار والصمود هما السلاح الحقيقي، سواء في لبنان أو اليمن، حيث أثبت المقاومون قدرتهم على تجاوز العقوبات والخروقات وتحقيق معادلة ردع متوازنة، تجعل العدو يفكر ألف مرة قبل شن أي عدوان. الرسالة واضحة: المقاومة ليست خيارًا بل ضرورة لحماية الكرامة والسيادة.
أبعاد المقاومة واستراتيجياتها
يلفت د. شمص: بان خطاب الشيخ نعيم قاسم يؤكد أن المقاومة ليست مجرد رد فعل، بل مشروع استراتيجي مستدام يستمد شرعيته من إيمان عميق بقضيته وعدالة أهدافه. وأشار إلى نجاحات المقاومة في تحرير الجنوب اللبناني عام 2000 وصد العدوان الصهيوني عام 2006، مما ساهم في تحقيق توازن ردع استراتيجي ضد الأطماع الصهيونية. كما شدد على أهمية الصمود الشعبي ودماء الشهداء في ترسيخ قوة المقاومة، إضافة إلى مرونتها في التكيف مع المتغيرات الإقليمية والدولية، مع الاستمرار في تطوير أساليب المواجهة وتقنياتها.
إلى جانب دورها العسكري، أكد الشيخ قاسم على البعد الوطني للمقاومة، حيث تعمل على تعزيز وحدة لبنان واستقراره من خلال مشاريع إعادة الإعمار والتعاون بين مكونات المجتمع. كما دعا إلى الحوار الداخلي لتعزيز اللحمة الوطنية، مشددًا على أن المقاومة تمثل عمودًا فقريًا لاستقرار لبنان في مواجهة التحديات. رسائل الشيخ حملت ثقة واضحة بقدرة حزب الله على الاستمرار والتكيف مع الظروف المتغيرة، مما يرسخ مكانته كقوة وطنية وإقليمية أساسية.
برنامج حزب الله للمرحلة المقبلة
يشير الدكتور شمص: برنامج حزب الله للمرحلة المقبلة يركز على ثلاثة محاور رئيسية: تعزيز السيادة والأمن، إعادة الإعمار، والحوار الوطني. في الجنوب اللبناني، يلتزم الحزب بتنفيذ القرار 1701 مع مراقبة الخروقات الصهيونية وتكامل دوره مع الجيش اللبناني لحماية المناطق الحدودية وتعزيز الردع. على صعيد إعادة الإعمار، يتعهد الحزب بترميم البنية التحتية والمساكن المتضررة من العدوان، مع دعم المجتمعات المحلية وإعادة بناء الثقة بين المقاومة والبيئة الحاضنة.
على المستوى السياسي، يولي الحزب أهمية كبيرة لانتخاب رئيس للجمهورية كخطوة أساسية لمعالجة الأزمات، مع الانفتاح على الحوار الوطني لمعالجة القضايا الخلافية وتعزيز الوحدة الوطنية. البرنامج يعكس مرونة الحزب في التعامل مع التحديات الداخلية والخارجية، وحرصه على تحقيق استقرار لبنان من خلال خطوات عملية تجمع بين العمل الميداني والسياسي، بما يعزز صمود الداخل في مواجهة الضغوط الخارجية.
حزب الله وانتفاضة الكرامة
وفي الختام يقول الدكتور شمص بان
حزب الله اليوم ليس مجرد حزب سياسي أو مقاومة عسكرية، بل هو نموذج لصمود شعب ونضال أمّة. منطلقًا من رؤية الإمام الخميني(قدس) والإمام الخامنئي(دام ظله الشريف)، استطاع الحزب أن يثبت أن المقاومة ليست خيارًا، بل ضرورة وجودية لحماية الكرامة والحقوق. انتصار حزب الله في هذه الحرب هو رسالة واضحة: المقاومة باقية، والعدوان هو الذي ينهزم، والشعب هو الذي ينتصر.
برنامج حزب الله للمرحلة المقبلة يحمل رؤية واضحة تعكس التزام الحزب بمسؤولياته تجاه لبنان وشعبه. من تنفيذ الاتفاقيات الدولية إلى إعادة الإعمار والحوار الوطني، يعمل الحزب على تعزيز استقرار لبنان ومواجهة التحديات المتعددة بروح منفتحة وسياسة واقعية.