في ختام فعاليات الدورة الثانية لجائزة فلسطين العالمية للآداب، مشاركون يؤكدون لـ”الوفاق”:
الأدب سلاحٌ فعّال في حفظ الرواية وتعزيز المقاومة
شهدت العاصمة العراقية بغداد إقامة فعاليات الدورة الثانية لجائزة فلسطين العالمية للآداب بمشاركة أدباء ومفكّرين وكُتّاب ورؤساء إتحادات ونقابات وناشطين في مجال القضية الفلسطينية يمثلون العديد من الدول العربية والإسلامية، حيث اختتمت مساء الإثنين فعاليات الجائزة بدورتها الثانية والتي أقيمت بعنوان ”طوفان الكلمة” برعاية رئيس الوزراء العراقي ”محمد شياع السوداني” بتوزيع الجوائز على الفائزين من الأدباء والمثقفين. وشهدت فعاليات المهرجان حضور وزير الثقافة العراقي وسفراء وشخصيات سياسية وثقافية وأُسر شهداء فلسطين والمقاومة، وألقيت خلالها كلمات من المشاركين عبّرت عن أهمية هذه الجائزة وما تمثله من معنى وقيمة كبيرة في مفهوم القضية المصيرية المتمثلة بفلسطين، كما أكد المشاركون أن هدف هذه الجائزة التعريف بالكتب الأدبية المنشورة في العالم حول قضية فلسطين والمقاومة. وحضر عدد من المسؤولين منهم عضو لجنة النزاهة النيابية العراقية الدكتور ”يوسف الكلابي”، ورئيس هيئة الحشد الشعبي ”فالح الفياض”، وعدداً من عوائل الشهداء في مهرجان توزيع جائزة فلسطين العالمية للآداب.
وألقى في مراسم حفل الختام، مدير الدورة الثانية لجائزة فلسطين العالمية للآداب "ميثم نيلي" كلمة، تحدث فيها عن أهمية أدب المقاومة ودعم فلسطين في المجالات الأدبية لتعزيز وترسيخ أهداف القضية.
من جانبه، قال وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي "أحمد فكاك البدراني" ممثلاً رئيس الوزراء، خلال الحفل: إنّ "العراق كان ومازال داعماً للقضية الفلسطينية سواء على المستوى الحكومي أو الشعبي"، واصفاً "فلسطين بالجرح النازف في قلب الأمّة". واستعرض وزير الثقافة العراقي، في كلمته، "مأساة الشعب الفلسطيني وما يعانيه يومياً من قتل وانتهاك من قبل الكيان الصهيوني".
بدوره، قال مستشار رئيس الوزراء العراقي "مازن الزيدي": "شهدنا وقائع حفل جائزة فلسطين العالمية للآداب برعاية رئيس الوزراء"، مؤكداً أن "اختيار العراق جاء نظراً لمواقفه الحكومية والشعبية في نصرة الشعب الفلسطيني ودعمه لغزة ولبنان في مواجهة العدوان الصهيوني". وأضاف الزيدي: أن "دعوة رئيس الوزراء وتبنيه ورعايته لهذه الجائزة يعكس المزاج العراقي من فلسطين، إذ أنها في قلب وضمير كل العراقيين منذ الأجيال"، مشيراً إلى أن "الحكومة الحالية تميزت بمواقفها التاريخية القوية والجريئة من ما يحدث بالمنطقة على يد الإجرام الصهيوني".
وحول الجائزة وأهميتها، حاورت "الوفاق" كُلاً من الكاتب الفلسطيني أبو علاء منصور صاحب كتاب "رحلة لم تكتمل"، والكاتب والإعلامي العراقي محمد فاضل الخفاجي، ونائب رئيس الاتحاد العربي للإعلام الالكتروني صالح المياح، وفيما يلي نصّ الحوارات:
منصور: مهمة الكاتب تعزيز الثقة والإيمان بالمستقبل
اعتبر الكاتب الفلسطيني أبو علاء منصور فيما يتعلق بمهمة الكاتب الملتزم دائماً وفي كل الأحوال بث الأمل وتعزيز الثقة والإيمان بالمستقبل. ويوجب "طوفان الأقصى" التأكيد على صحة موقف المقاومة والثناء على مصداقية محورها وتوجهاته في التصدي للمشاريع العدوانية. ترتب على ما جرى يوم السابع من أكتوبر /تشرين الثاني وما تلاه من صمود شعبي وبسالة مقاومة في قطاع غزة، ومساندة لبنانية ويمنية وعراقية وإيرانية، وضع المنطقة وربما العالم على عتبة تحول تاريخي واستراتيجي لصالح الشعوب المضطهدة والمكافحة. تحولٌ ينذر بالزوال عصر الغطرسة والهيمنة الأمريكية الغربية واقتراب زوال الكيان الصهيوني. آخذين بعين الاعتبار أهمية إعطاء المظاهرات الطلابية والشعبية التي عمت العالم بأسره ما تستحق من الثناء والإشادة، والتصدي للأبواق التي تبث السموم الطائفية، وتشكك بالمنجزات، وتتباكى على الضحايا محملة المقاومة المسؤولية عنها.
توثيق الرواية للأجيال المقبلة
يؤكد الكاتب منصور بأن الأدب مهم لحفظ التجربة وتوثيقها وتعزيز الرواية ونشرها. وكما قرأنا في جيلنا عن تجارب فيتنام وكوبا وكوريا والجزائر وغيرها، وبطولاتها وأبطالها الذين ألهمونا الكثير. ستقرأ الأجيال القادمة -فيما ينشر من روايات ويوميات- عن بطولات الشجاعية وبيت لاهيا وخان يونس ودير البلح ورفح وجحر الديك وغيرها، وسيصبح السنوار ورفاقه الذين لا نعرف غالبيتهم، نماذج يقتدي بها أحرار العالم في السنوات والعقود التالية، تماماً كما كان جيفارا وهوشي مين وكاسترو وأحمد بن بلّه وغيرهم أبطال جيلنا، وأنا فلسطيني أولاً وفدائي ثانياً، ولدي تجربتي الخاصة والمميزة في مقاومة المحتل الصهيوني، وأنا شديد الإيمان بأهمية توثيق التجارب، وفي وقت متأخر اكتشفت أن لدي موهبة كتابية، فرُحتُ أوثق خبراتي وتجاربي ومشاهداتي. منذ سنوات تهيمن عليّ فكرة تأليف كتاب بعنوان (لبنانيون في الثورة الفلسطينية)، وآمل أن أنجح في ذلك.
جائزة فلسطين العالمية للآداب
يشير الكاتب منصور:" حين زرت بيروت لتوقيع كتابي (رحلة لم تكتمل) في معرض بيروت الدولي للكتاب، حدثني الصديق المناضل طراد حمادة عن فكرة تتبلور في أذهان ثلة من المناضلين القدامى، تتعلق بتشجيع كتابة المذكرات وتوثيق التجارب المتعلقة بفلسطين. بعد عام وربما أكثر اتصل بي شخص من بيروت وأبلغني أنني مرشح لجائزة، وجاءت المفاجأة الأعظم حين سافرتُ إلى بيروت وفزتُ بالجائزة، شيء لم يخطر ببالي في يوم من الأيام. أما المفاجأة الثالثة فكانت حين عرفتُ أن الجائزة من ثمار الفكرة التي حدثني عنها الصديق طراد، هنيئاً له ولرفاقه المخلصين على تحقيق حلمهم، ومن أهم مزايا الجائزة أنها منبثقة من مبادرة شعبية، وتُعنى بالقضية الفلسطينية وتمنح للمؤلفات الجديدة، إنها سلمٌ يرتقي بالكتابة عن فلسطين ويدعم المبدعين".
يؤكد الكاتب منصور أنه لا يجوز أن تُختصر المقاومة بأسلوب بعينه، للنضال ظروف وإمكانات وأساليب. أنا على سبيل المثال إبن تجربة الكفاح المسلح، بقيتُ حتى وقت متأخر مؤمن بأن الكفاح المسلح يعتبر الشكل الوحيد للنضال والتحرير، أُتيحت لي فرصة الانخراط في الفعاليات والمظاهرات الشعبية التي كانت تجري في قرية بلعين ضد الجدار والاستيطان، وهناك شاهدتُ ولمستُ واكتشفتُ تجربة فذة لم تخطر ببالي يوماً. قبل ذلك لم أتخيل أن العدو يمكن أن يتزحزح عن شبر من الأرض دون مقاومة مسلحة، لكنه في تجربة قرية بلعين الرائدة، اضطر مرغماً لنقل الجدار بعيداً حتى حدود المستوطنة، متراجعاً عن أربعة آلاف دونم من أراضي القرية التي كانت مصادرة. في هذه التجربة التي استمرت سبع سنوات، كان يخرج الأهالي والمتضامنون معهم أسبوعياً من أمام المسجد في مسيرة نحو الجدار. لفتت أساليبهم المبدعة انتباه وسائل الإعلام، واستقطبت متضامنين من مختلف دول العالم بمن فيهم إسرائيليون، واستفادت اللجنة الشعبية المشرفة على تنظيم الفعاليات من قوانين الاحتلال التي سُنت ضد الفلسطيني في الأصل. تجربة لافتة جعلتني أُوثقها في كتاب بعنوان (بلعين في المقاومة الشعبية). مع الأسف ظل الكتاب محصوراً في نطاق الضفة الغربية ولم يُنشر على نطاق واسع عبر دار نشر، ويمكن أن تُشكل "جائزة فلسطين العالمية للآداب" رافعة لمثل هذه المبادرات الكتابية المهمة، كما أن ترجمة بعض المؤلفات الفائزة بالجائزة، يساهم في توسيع نطاق التعريف بأدب المقاومة المتعلق بفلسطين، ربما من المناسب إقامة دار نشر تابعة للجائزة وموازية لها، تنشر ما تراه مناسباً مما يشجع المؤلفين على نشر مؤلفاتهم، التي يعجزون عن نشرها لأسباب مادية.
الجيل الجديد والكتابة
يعتبر الكاتب منصور أن الإنتاج الأدبي يتجاوز كثيراً قدرات الجائزة، ويحتاج إلى مبادرات داعمة ومساندة، يمكن تشجيع الجيل الجديد على الكتابة والتأليف، عبر توسيع مساحة النشر، ويجدر بمنظمي الجائزة إيجاد طرق للتواصل مع جهات في الأرض المحتلة، فهناك الكثير من المبادرات الكتابية التي تستحق التشجيع والدعم والنشر.
ويختم الكاتب منصور حديثه بالتأكيد على أن الأدب يجب أن يحمل مفاهيم ذات طابع إنساني وأخلاقي وتحرري عالمي. فلسطين مهد الأديان السماوية، منها انطلقت إلى العالم رسالة السلام والمحبة التي جاء بها السيد المسيح، ومع الأسف أعادها المستعمرون وأدواتهم إلى فلسطين جرائم ومجازر. حولوا أرض السلام إلى ميدان حروب.الخفاجي: تنظيم المهرجان في العراق دعمٌ للأشقاء العرب
بدوره، يؤكد الإعلامي والكاتب العراقي محمد فاضل الخفاجي على أهمية عقد مثل هذه المهرجانات في هذه الظروف الراهنة، إذ تُعتبر وسيلة لتشجيع وتقدير الجهود التي تقوم بها المقاومة الفلسطينية، وإظهار تضحياتهم اتجاه بلدهم، ويشير أن تنظيمها في العراق يظهر الدعم المعنوي الذي يقدمه العراق إلى أشقائه، كما يعطي صورة إيجابية عن البلد والمجتمع في ظل الأزمات التي تمر بها المنطقة، بما أن العراق لاعبٌ رئيسي في التهدئة بالمنطقة، إن كان في الحرب على لبنان وفلسطين، وصولاً إلى التغيير في سوريا.
الأدب سلاح توعوي ومقاوم
يعتبر الكاتب الخفاجي بأن الأدب يُعد سلاحًا فعالًا في توعية الشعوب وتعزيز الوعي الوطني والاستمرار في النضال ضد الظلم والاحتلال. وهو يستطيع محاربة الاحتلال عبر نقد السياسات الظالمة، ونشر القيم الوطنية والإنسانية، وتسليط الضوء على معاناة الشعب المحتل بشكلٍ مؤثر. لذلك، يجب تعزيز دور الأدب والكتابة والثقافة في تحقيق الحرية ودعم المظلومين في مواجهة الظلم والظروف الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، وفيما يتعلق بتنظيم مهرجان الجائزة في العراق، فيؤكد الكاتب الخفاجي بأن حكومة السيد محمد شياع السوداني، منذ تسلمها دفة الحكم، عملت على تطوير جميع المجالات في الدولة، ومنها الجانب الثقافي، واستضافة مهرجانات، مؤتمرات، ندوات، داعمة للقضية الفلسطينية".
المياح: انعقاد المهرجان في بغداد رسالة دعم لفلسطين
من جهته يعتقد نائب رئيس الاتحاد العربي للإعلام الالكتروني الأستاذ صالح المياح بأهمية تنظيم هذه الجائزة في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها فلسطين والعدوان الغاشم الذي يشنه العدو الصهيوني عليها وعلى سائر المدن العربية الأخرى، هذا الكيان الغاصب يستغل ضعف الموقف العربي في مواجهته، اليوم كل المواقف تتلخص بمشروع إعلام عربي واضح ومعلوم وإرسال رسالة واضحة لهذا الكيان أن العرب لا زالوا قوة وأن توحيد المواقف مهم جداً في الجانب الثقافي، لذلك يشكل انعقاد هذا المهرجان للجائزة في بغداد وبرعاية دولة السيد رئيس الوزراء "محمد شياع السوداني" دعماً كبيراً وقوياً لفلسطين وسائر الدول العربية الأخرى التي تتعرض للعدوان الصهيوني. أما بالنسبة لموضوع أهمية تعزيز دور أدب المقاومة، فيؤكد الأستاذ المياح بأن محور المقاومة يقوم بواجباته العسكرية والأخلاقية في الرد على هذا الكيان الغاصب، لكن تحتاج المقاومة ومحورها إلى مساندة في المجالات الإعلامية والثقافية والأدبية، لأن الكيان الصهيوني يستخدم وسائل الإعلام للكذب وتلفيق الحقائق على الدول والشعوب الأخرى وعلى العالم عبر نشر الأكاذيب والصور والفيديوهات والرسائل المضللة، لهذا كانت مبادرة الإعلام الالكتروني في موضوع اختراق قناة 12 الصهيونية ونشر بيانات المقاومة عليها، ونأمل أن يستمر نشر أخبار المقاومة وفعالياتها والمؤتمرات والنشاطات التي تُبين أن فلسطين ومحور المقاومة لا زالوا بخير وهو صاحب المبادرة والكلمة الأولى في موضوع الحرب التي يشنها الكيان الصهيوني على الدول العربية واحدةً تلو الأخرى، وإنه يتحكم اليوم بإرادة القرار ويمتلك الكلمة الفصل في موضوع حسم المعركة.