كاتب وإعلامي فلسطيني للوفاق:
وسائل التواصل الاجتماعي سلاح الشباب الفلسطيني ضدّ التضليل والاحتلال
بدعمٍ لا محدود من قبل الولايات المتحدة الأميركية، والدول الاستعمارية الغربية، يقوم الإعلام الصهيوني، بكل أنواعه ووسائله، بتزوير الوقائع ونقل الصورة التي تخدم أهدافه ونظامه الاستعماري، عبر استخدام المفاهيم المضللة، والترويج لها على صعيد الرأي العام العالمي، مستغلاً امتلاكه التكنولوجيا المتطورة، ما يجعل الجاني ضحية والضحية جانياً، بشكلٍ تتلاقى فيه المصالح الغربية والأميركية، التي لا تبعد عن الهدف الصهيوني. وهذا ما حصل مع القضية الفلسطينية منذ بداياتها وتبنّي الإعلام الغربي الرواية الصهيونية وتغييب الواقع الفلسطيني، ولم تختلف عملية ”طوفان الأقصى” عن هذا الواقع ، فتاهت حقائقها في الغرب خلال الأيام الأولى. فالشعوب الغربية التي تتلقى أخبارها عبر القنوات الرئيسة هناك، تعرضت لسيل من السرديات صهيونية التأليف والتنفيذ والإخراج. فانقلب المظلوم ظالمًا، وكما أراد الصهاينة حصل، فالرأي العام الغربي، في تلك المدة، تضامن مع الصهاينة وأبدى تعاطفه كالمعتاد. لكن سرعان ما فضحت مواقع التواصل الاجتماعي كذب الروايات الصهيونية التي تبنتها وسائل إعلام عريقة والكثير من الوكالات والصحف. فخاطبت هذه المواقع المجتمع الغربي، مبيِّنة حقيقة حدث السابع من اكتوبر / تشرين الأول لهذا العام، ومعيدةً إياه إلى سياقه الطبيعي في نضال الشعب الفلسطيني ومقاومته للمحتل. وحول تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في رسم صورة المعركة في غزة ونقلها إلى العالم، وكيف تحولت شاشات الهواتف وأجهزة الكومبيوتر إلى نوافذ نطل بها على واقع غزة، وصوتاً يسمعه العالم أجمع، حاورت صحيفة الوفاق الكاتب والإعلامي الفلسطيني الأستاذ حمزة البشتاوي، وفيما يلي نص الحوار:
عبير شمص
الشباب الفلسطيني يخاطب العالم بلغته
يؤكد الكاتب البشتاوي أنه فيما يتعلق بدور وسائل التواصل الاجتماعي في الحرب النفسية التي يشنها الاحتلال الصهيوني، فمن المعروف أن هذه الحرب تتركز عبر وسائل التواصل وهي ليست بالجديدة بل هي امتداد لحرب الدعاية الصهيونية التي بدأت مع نشأة الكيان الصهيوني والتي قامت على الخداع والكذب والتزييف وتزوير الحقائق التاريخية والجغرافية وهذا يؤكد بأن الاحتلال كان يسعى منذ البداية إلى استهداف الإنسان الفلسطيني ويتركز الاستهداف الآن عبر وسائل التواصل والوسائل العسكرية معاً في محاولة للقضاء على هذا الإنسان ومنع التضامن معه ومع مقاومته وقضيته، بالطبع واجه الفلسطينيون هذه الحرب النفسية والدعائية عبر كشف زيف الخطاب الإعلامي الغربي الداعم لجرائم كيان الاحتلال واستخدم الفلسطينيون منصات التواصل من أجل تسليط الضوء على عدالة قضيتهم ونشر الوعي تجاه القضية الفلسطينية وفي سياق عملية نشر الوعي ومواجهة الحرب النفسية، وأصبح هناك شباب فلسطيني يملك تجربة في مواجهة الحرب النفسية الصهيونية التي تستهدف المقاومة الفلسطينية والقوى الداعمة لها وهذا الشباب أصبح يخاطب العالم بلغة يفهمها على المستوى الشعبي والإنساني وبأدوات فاعلة في نقل الحقيقة ودعم المقاومة وأيضاً أصبح لديه القدرة على مواجهة الحظر باستخدام رموز وأحرف وصور، على سبيل المثال أصبح البطيخ يرمز إلى العلم الفلسطيني وحنظلة يرمز إلى الإنسان الفلسطيني والحجر يرمز الى الأسلحة أو السلاح الذي يستخدمه الفلسطينيون بمواجهة الاحتلال".
غياب المنصات العربية
ويعلل الإعلامي البشتاوي عدم وجود منصات عربية، يعود أولاً إلى أن معظم الجهات الرسمية العربية لا تريد إنشاء منصات خاصة وداعمة للقضية الفلسطينية بل على العكس هي تسعى جاهدة لمنعه ومحاربته عبر تشديد الرقابة على أي محتوى مؤيد للقضية الفلسطينة والمقاومة، وتحظر وتحذف تلك المنشورات المؤيدة للمقاومة والمبينة لجرائم العدو الصهيوني، وعدم وجود منصات عربية يدفع الناس لاستخدام خوارزميات على المنصات الأجنبية للتعبير عن أرائهم تجاه قضية فلسطين ومواجهة الهجمة الصهيونية الأمريكية وبالتالي المنصات المتوفرة هي أمريكية داعمة للكيان الصهيوني ومليئه بخطاب العنف والكراهية والتحريض ضد الشعب الفلسطيني ومقاومته.
تزييف الصورة الصهيونية
يشير الكاتب البشتاوي بأن كيان الاحتلال الصهيوني يشن حرباً نفسية على الشعبين الفلسطيني واللبناني لا تقل ضراوة عن الحرب العسكرية، وذلك عبر الناطق الإعلامي للعدو الصهيوني افيخاي أدرعي ووحدته التي تعتبر من أهم الوحدات العاملة في أجهزة الاستخبارات الصهيونية، فكان يرسل التهديدات عبر منصات التواصل محدداً الأماكن المستهدفة بالقصف قبل دقائق من قصفها ، بذريعة وجود منشآت لحزب الله وكان الإيحاء كذباً بأنه يهتم لحياة المدنيين ولكن في الحقيقة كان يهدف إلى خلق البلبلة والخوف في صفوف المواطنين اللبنانيين، وذلك في إطار الحرب النفسية المواكبة لعمليات القصف التدميري في ما يسمى كي الوعي واستعادة قوة الردع المتهالك وبث الرعب في نفوس الناس بخدع إعلامية ونفسية تُستخدم فيها تكنولوجيا استخباراتية متطورة.
الذباب الإلكتروني الصهيوني
يشير الإعلامي البشتاوي بأن وحدة "8200" من أكبر الوحدات الاستخبارية وأهمها في "جيش" الاحتلال الصهيوني، إذ تمثل العمود الفقري للاستخبارات الإلكترونية، وتمثل جزءاً حيوياً من جهاز الاستخبارات العسكرية (أمان). تتركز مهمات الوحدة في جمع المعلومات وتحليلها من خلال الوسائل التكنولوجية المتقدمة، ما يجعلها حجر الزاوية في المنظومة الأمنية الإسرائيلية. وهي تضم أكثر من 1000 جندي وضابط، يعمل البعض منهم بإنشاء صفحات ومواقع تبث الفرقة والاختلاف بين مكونات الشعوب العربية والإسلامية عبر إثارة عناوين خلافية لحرف النظر عن القضية الأساس وهي فلسطين وما يجري من عدوان وحشي عليها، أو يشاركون في مواقع وصفحات عربية معروفة بأسماء مستعارة ويبثون الفرقة والتحريض، ولا يكتفون بذلك بل يحاولون عبر هذه المواقع الثقافية والاجتماعية والسياحية والتي يحمل بعضها صفة الجمعيات الخيرية العالمية اختراق عقول الناس وتجنيد الشباب العربي بطرق مختلفة.
ويؤكد الإعلامي البشتاوي أن اختراق العدو الصهيوني وسائل التواصل الاجتماعي لبث الفرقة المذهبية والخداع والتحريض وجمع المعلومات والتجسس هو عمل مستمر وليس جديداً بل هو مستمر وتتصاعد وتيرته وفق الأحداث السياسية والاقتصادية في الدول المستهدفة، وهو يستهدف بالأخص المجتمعات المقاومة ، وللأسف نجح العدو في إسقاط بعض الشباب العربي في فخ العمل والتجسس لصالحه، لذا يجب التحذير بشكلٍ دائم من الاستغلال الأمني من قبل العدو لمواقع التواصل وتحويل ما يريده الكيان من هذه المنصات بأن تكون عبارة عن منصات معادية لشعوب المقاومة، ويجب التوعية من مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي وكيفية المواجهة مع الكيان الصهيوني ضد محاولات الاختراق ومحاولات التحريض المذهبي وبث الفرقة بين المجتمعات العربية والإسلامية من قبل العدو الصهيوني.
تغيير الرأي العالمي
في المحصلة يؤكد الإعلام البشتاوي بأن السابع من أكتوبر/ تشرين الثاني شكل نقلةً نوعية في مجرى صنع المحتوى إذ أدّى المؤثرون في شبكات التواصل الاجتماعي دورًا كبيرًا في القضية الفلسطينية وساهموا ليس فقط في تغطية الأحداث وتحليلها بل في تغيير الرأي السائد حول المقاومة والدفاع عن الحقوق الفلسطينية ضد الاحتلال، وتبينت أهمية تفعيل وسائل التواصل الاجتماعي في الحرب، وأنها لا تقل قدرة عن السلاح. وأدت هذه الوسائل دورًا كبيرًا في تعديل المشهد وتغيير الرأي العالمي وإظهار زيف الدعاية الصهيونية التي حاولت تقديم صورة إيجابية عن العدو الصهيوني وإبرازها على أنها الضحية لتبرير عدوانها على غزة، ولم يعد الرأي العام الغربي جاهلًا تجاه ما يحصل في غزة، فمواقع التواصل الاجتماعي نقلت الحقيقة، والشوارع التي امتلأت تضامنًا مع أهل غزة والقضية الفلسطينية، في مختلف الدول الغربية من الولايات المتحدة وأميركا اللاتينية، فرنسا، إيطاليا، ألمانيا وبريطانيا وغيرها ترجمت فهم الشعوب الغربية لما حصل منذ 75 عامًا على الأرض الفلسطينية من إجرام متواصل منذ نشأة هذا الكيان الغاصب، ومع ذلك لا يمكن تجاهل التحديات التي تواجهها هذه المنصات، بما في ذلك انتشار المعلومات المضللة، مما يتطلب جهودًا مستمرة للتحقق منها وتعزيز الوعي الرقمي.