الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • ثقاقه
  • دولیات
  • مقالات و المقابلات
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وستمائة وثمانية وخمسون - ٠٩ ديسمبر ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وستمائة وثمانية وخمسون - ٠٩ ديسمبر ٢٠٢٤ - الصفحة ٤

حملة ”إيران المتضامنة” أنموذجاً

ثقافة العطاء متجذرة في وجدان الشعب الإيراني

في أعقاب الهجوم الوحشي للكيان الصهيوني على المدن والقرى الفلسطينية في قطاع غزة واستشهاد عشرات الآلاف من الأبرياء في هذه المنطقة، وتدمير البنية التحتية للمدن والمنازل، وتدمير سبل عيش السكان في غزة، إضافة إلى تدمير منازل ومباني الناس في جنوب لبنان واستشهاد عدد كبير من الأبرياء، وتعرضهم لأضرار واسعة، واستجابةً لنداء سماحة قائد الثورة الإسلامية حول مساعدة ودعم الشعب المظلوم في فلسطين ولبنان، تم إطلاق المرحلة الرابعة من حملة «إيران المتضامنة» في شهر اكتوبر/ تشرين الأول لجمع التبرعات النقدية من المواطنين لمساعدة الشعب المظلوم في فلسطين ولبنان. حملة انتشرت بسرعة في جميع أنحاء البلاد وأظهرت مشاهد خالدة ومشرقة ونابعة من مشاعر الأخوة والمحبة من قبل الشعب الإيراني. ما هي جذور وأساسيات هذه الحركة؟ وما علاقتها بالثورة الإسلامية وتجربة الدفاع المقدس؟ يتناول موقع KHAMENEI.IR تحليل الحضور المليوني للشعب في هذه الحملة في حديث مع الدكتور محسن صبوريان، الأستاذ المساعد في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة طهران، وسنعرض ملخصاً عن هذه المقابلة باللغة العربية في صحيفتنا:

يُعد التعاطف والمساعدة للآخرين من شيم الإيرانيين القديمة، ما رأيك في جذور هذه السمة؟
 إن مسألة التعاطف والمساعدة للآخرين هي في الواقع من شيم الإيرانيين القديمة، وهذه حقيقة تم نقلها عبر التاريخ، فالكرم وحسن الضيافة هي من شيم الإيرانيين البارزة، أعطى الإيرانيون أهمية كبيرة لإكرام الضيوف واستقبالهم، وهو ما تجلى دائماً في تاريخنا وثقافتنا، هذه الخصائص، بالإضافة إلى خلفيتها الثقافية لها جذور جغرافية ومناخية أيضاً، ففي الحياة الزراعية التي كانت سائدة في إيران، خاصةً في الماضي، كان هذا النوع من التعاون ضرورياً جداً. على سبيل المثال يمتلك أحدهم خمسة هكتارات من الأرض، كان يجب عليه التعاون مع أصحاب الأراضي المجاورة له، لضمان توفير المياه في الوقت المناسب، وجمع المحصول، وحراثة الأرض وما إلى ذلك، كانت هذه العمليات تتطلب التعاون والمساعدة المتبادلة. لم يكن هذا التعاون المتبادل مهماً فقط على المستوى الاقتصادي، بل على المستوى الاجتماعي أيضاً، وقد استمرت ثقافة التعاون وتقديم المساعدة، سواء في التاريخ القديم لإيران أو في الفترات اللاحقة مثل العصر الإسلامي.
 ويعد الوقف في الثقافة الإسلامية والإيرانية واحداً من تجليات هذا التضامن؛ ويشكل وقف القوافل، والمساجد، والمستشفيات أو المراكز الصحية، أمثلة على ثقافة المساعدة التي تم تأكيدها في ديننا الاسلامي الحنيف ولها جذور في الثقافة الإيرانية. لم تستمر هذه التقاليد الخيرية، وخاصةً الوقف، في الماضي فقط؛ بل بقيت أثارها تنتقل من جيل إلى جيل حتى وصلت إلى يومنا هذا.
هل تعتقد أن انتصار الثورة الإسلامية كان له تأثير على هذا الموضوع؟
 كانت الثورة الإسلامية بلا شك واحدة من الثورات الكبرى في القرن العشرين وأثرت بعمق على الخصائص الثقافية والاجتماعية. لم تكن هذه الثورة مجرد تغيير سياسي فحسب، بل كانت ثورة شعبية بالكامل.
في العديد من الثورات، يزداد التعاطف والتعاون بين الناس، ولكن في الثورات التي تغلب فيها السياسة على الجوانب الثقافية والإسلامية، يبقى هذا التعاطف في الغالب محصوراً في المجال السياسي، بينما كانت الثورة الإسلامية الإيرانية منذ البداية لها خصائص ثقافية واجتماعية جدية وقد تمكنت من خلق تعاون حقيقي وتضامن بين الناس.
لقد نقل أسلافنا في ذكرياتهم أن التعاون والتضامن بين الناس كان واسعاً وحماسياً جداً في فترة الثورة الإسلامية. وقد تجلى هذا التضامن في البداية بعد انتصار الثورة واستمر في فترة الحرب المفروضة. كما كان لذلك تأثير كبير في تشكيل التعبئة الشعبية وإرسال القوات إلى جبهات الحرب المفروضة.
ومع ذلك، يجب أن يشعر الناس أنهم يلعبون دوراً في هذه العملية وأن هذا العمل ليس بيد الحكومة فقط، التي يجب عليها أن تلعب دور المسهّل والداعم، وليس أن تقدم نفسها كعامل رئيسي.
على سبيل المثال، في المناسبات الدينية والاجتماعية في إيران، مثل مسيرة الأربعين الحسيني أو الذهاب مشياً إلى ضريح الإمام الرضا (ع)، نشهد أن الناس يشاركون بأنفسهم في هذا العمل، يقيمون المواكب، يوزعون الطعام والشاي، ويساعدون بعضهم البعض.هذه الأمثلة تظهر أنه عندما تُنجز الأعمال الشعبية بشكل مستقل وتدعمها الحكومة فقط، فإن التعاطف والتعاون يستمران بشكل طبيعي ولفترة أطول.
من الطبيعي أنه في أوقات الأزمات، خاصة في أوقات الحرب المفروضة ومعاناة الدول الإسلامية الأخرى في الحروب والأزمات، يشتد الشعور بالتعاطف والتعاون
فيما يتعلق بالحرب والصراعات مثل الوضع في غزة ولبنان، يجب أن أقول إن هذه القضية مهمة جداً. في الوقت الحالي، نحن نواجه قوتين متقابلتين يمكن بكل صراحة اعتبارهما قوى الحق والباطل. عندما تحدث مثل هذه الظروف، تبرز قضية المساعدة والدعم لجبهة الحق بشكل خاص. وكانت المساعدة للفقراء دائماً موضوعاً مهماً، وعلى مر التاريخ شهدنا العديد من الآيات القرآنية حول الإنفاق ولكن هناك نوع من الإنفاق يصبح واجباً، وليس مستحباً فقط، يعني عندما تتقابل جبهة الحق مع جبهة الباطل، فإن المساعدة لجبهة الحق لم تعد مجرد عمل مستحب أو عمل خيري، بل أنها تصبح تكليفاً شرعياً وواجباً.
هنا لدينا نوعان من الإنفاق: إنفاق الأنفس (الجهاد بالنفس) وإنفاق الأموال (الجهاد بالمال)، إذا كان الفرد لا يستطيع أن يضحي بنفسه لجبهة الحق، يجب عليه ألا يقصر في بذل المال. هذا الواجب الذي يقع على عاتق كل مسلم، ولا يمكن اعتباره عملاً اختيارياً. كان الأمر كذلك في الحرب المفروضة؛ بعض الأفراد قاتلوا في جبهة الحرب، بينما الذين لم يتمكنوا من الذهاب إلى الجبهة، قدموا الدعم المالي والمساعدات الأخرى للمجاهدين.
بالطبع يجب أن نلاحظ أن هذه الميزة ليست خاصة بإيران. في أي بلد يتعرض للاعتداء أو التهديد، يهب شعب ذلك البلد لمساعدة حكومته. لكن ما يعزز هذه الميزة في إيران هو أفكارنا وثقافتنا الدينية والإسلامية، ثقافة الاستشهاد وثقافة الإيثار في إيران متشابكة معاً.عندما تتجذر هذه الثقافة وهذا الخطاب في المجتمع، فإن له تأثيراً عميقاً جداً على  البنية الإجتماعية. المجتمع الذي يحمل مثل هذه الثقافة هو مجتمع قوي ومتين ومقاوم أمام التحديات والأزمات. في هذه المجتمعات، يتم تعزيز الإيثار والتضحية في جبهة الحرب، وكذلك يتشكل الدعم للمقاتلين والتعاطف معهم على نطاق واسع.
مع إطلاق المرحلة الجديدة من حملة إيران المتعاطفة هناك موجة مذهلة من المساعدات ما هي جذورها الاجتماعية وكيف يمكن تفسيرها؟
 تُطرح اليوم قضية غزة ولبنان كممثل لجبهة الحق والباطل في العالم. إن الإدانة العامة للكيان الصهيوني من جهة، وتعاطف شعوب العالم مع المظلومين الفلسطينيين من جهة أخرى، بغض النظر عن الدين والمذهب، قد أدى إلى تشكل إجماع عالمي ضد قادة الاستكبار.
لكن النقطة التي يجب أن ننتبه إليها هي أننا في قضية فلسطين وغزة بعد أكثر من عام من المقاومة الشعبية؛ أمام شعب محاصر من جميع الجهات يعيشون في ظروف إنسانية صعبة جداً؛ في الخيام، تحت البرد القارس، مضطرون للوقوف في الصفوف لساعات طويلة من أجل الحصول على الخبز. هذه الظروف الإنسانية المأساوية تجعل أي مجتمع يرى هذا الوضع يتعاطف بشكل طبيعي مع شعب غزة ولبنان.
بالإضافة إلى ذلك، فإننا نتشارك عادات ثقافية ودينية مع شعوب هذه المناطق؛ خاصةً مع الفلسطينيين المظلومين واللبنانيين الذين يشكل الشيعة جزءاً كبيراً منهم. هذه المشاعر الثقافية والدينية تجعل ارتباطنا وتضامننا مع هؤلاء الناس أكبر.
والنقطة الأخرى المهمة هي أن النزاع في هذه المنطقة هو نزاع حضاري. النزاع مع الكيان الصهيوني وأمريكا، تحول وفق تعبيرهم، إلى حرب وجودية. الفائز في هذه الحرب يمكنه تشكيل النظام المستقبلي للمنطقة. في هذا السياق، جبهة المقاومة في فلسطين ولبنان هي الخط الأمامي لهذه الحرب الحضارية. على الرغم من أن بعض القضايا، مثل السلام ومستقبل غزة، لا تزال غير واضحة، إلا أن أقل ما يمكن أن يقوم به الإيرانيون في هذه الظروف هو الدعم المالي ومساعدة اللاجئين والمجاهدين للاستمرار في طريق المقاومة.
في هذا الحدث، ما هي برأيكم وظيفة المؤسسات العلمية والتحليلية والتوثيقية؟
أعتقد أن إنتاج أدبيات ضد العدو الصهيوني، وضد الهيمنة، وضد الفصل العنصري، والسعي لتدويل هذا الموضوع، هو من بين الواجبات الأساسية لهذه المؤسسات.
نرى على مستوى ما أن وسائل الإعلام المختلفة، عبر التغطية الإخبارية الواسعة، تسعى لإظهار وضع فلسطين والظلم الذي يمارسه الكيان الصهيوني على شعب هذا البلد للعالم. ولكن على مستوى آخر، لقد تمكن اللوبي الصهيوني من التغلغل في المجالات العلمية والأكاديمية لدرجة أنه يضغط على الأساتذة والباحثين المعارضين للكيان الصهيوني؛ ويجبرهم إما على الاستقالة أو يتم طردهم.
لذا يجب أن نسعى لتوفير الظروف التي تمكن أولئك الذين لا يملكون القدرة على الدفاع العلمي عن تيار المقاومة من القيام بذلك. هذه الإمكانية تتوفر عندما يتم إنتاج أدبيات علمية أكبر وأوسع في هذا المجال؛ على سبيل المثال، إذا قمنا بالبحث في المقالات العلمية، سنكتشف أن الصورة التي تُعرض في الأكاديميات الغربية عن الحركات الفلسطينية أو بشكل خاص حزب الله هي صورة عن حركات إرهابية، بينما الحقيقة هي تماماً عكس ذلك؛ فنحن نواجه دولة إرهابية في الأراضي المحتلة.
لذا، يجب على الأساتذة والنخب والتيار العلمي تصحيح هذه الصورة الخاطئة. في هذا المجال، للأسف نحن متأخرون ونحتاج إلى استثمار جاد لزيادة انتاج الأدبيات العلمية في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين والمقاومة ضد المستبدين.
البحث
الأرشيف التاريخي