أرمينيا.. صراع بين الحكومة والمعارضة حول سرية المفاوضات مع باكو
يسعى نواب كتلة "هايستان" المعارضة في البرلمان الأرمني للوصول إلى مسودة اتفاقية السلام بين أرمينيا وجمهورية أذربيجان عبر اللجوء إلى القضاء.
وقد تقدم أربعة نواب من هذه الكتلة بدعوى قضائية ضد الحكومة ووزارة الخارجية الأرمنية، مطالبين بإلغاء قرار وزير الخارجية "أرارات ميرزويان" الصادر في مارس الماضي، والذي منعهم بموجبه من الاطلاع على مسودة اتفاقية السلام. ويأمل هؤلاء النواب في أن تلغي المحكمة هذا القرار.
يأتي هذا التحرك من قبل النواب المعارضين في وقت يكتنف فيه الغموض مفاوضات السلام بين أرمينيا وجمهورية أذربيجان. فقد امتنعت الحكومة الأرمنية حتى الآن عن تقديم معلومات كافية للبرلمان والرأي العام حول سير المفاوضات، مما أثار قلق المعارضة وانتقادها. ويرى المعارضون أن على الحكومة التحلي بمزيد من الشفافية بشأن مفاوضات السلام وإطلاع البرلمان على تفاصيلها.
وفي هذا السياق، انتقد النائب "آرتور خاتشاتريان" من كتلة "هايستان" موقف الحكومة قائلاً: "إن تبريرهم لمنعنا من الوصول إلى مسودة اتفاقية السلام كان سخيفاً. فهم يرون شيئاً ويبلغون عن شيء آخر."
وكان أعضاء كتلة "هايستان" قد تمكنوا في ديسمبر الماضي، وبعد إلحاح شديد، من الاطلاع على مسودة اتفاقية السلام المصنفة "سرية للغاية". ورغم عدم إفشائهم لمحتوى المسودة، إلا أنهم أكدوا أنها لا تتوافق مع مصالح أرمينيا.
وتعكس تصريحات خاتشاتريان عدم ثقة عميق من جانب المعارضة في الحكومة الأرمنية ونهجها في مفاوضات السلام مع جمهورية أذربيجان. إذ يعتقد المعارضون أن الحكومة تمارس التعتيم وتفتقر إلى الشفافية في هذا الموضوع، وتسعى إلى توقيع اتفاقية ستضر بالمصالح الوطنية الأرمنية.
وبعد أن أعلن نواب كتلة "هايستان" المعارضة أن مسودة اتفاقية السلام مع حمهورية أذربيجان لا تتماشى مع مصالح أرمينيا، منع رئيس الوزراء "نيكول باشينيان" وصولهم إلى المسودة، قائلاً: "لقد درستم بما فيه الكفاية، ولم يعد لديكم الحق في الاطلاع عليها."
كما امتنعت وزارة الخارجية الأرمنية عن تقديم مسودة الاتفاقية للنواب المعارضين بحجة "منع عرقلة سير المفاوضات."
من جهتها، ترى النائبة "ليليت ميناسيان" من الحزب الحاكم "العقد المدني" أن قرار وزارة الخارجية بمنع وصول النواب المعارضين إلى مسودة اتفاقية السلام مع جمهورية أذربيجان قانوني. ونفت أن يكون هذا القرار متخذاً بسبب "التقييمات السياسية" من قبل النواب المعارضين، مؤكدة أن "النواب المعارضين لم يعكسوا محتوى المسودة بشكل صحيح وقاموا بتحريفها."
وأضافت ميناسيان: "لا يمكنهم الإشارة إلى بنود محددة من المسودة لأن ذلك يعني إفشاء معلومات سرية ويدخل في نطاق الجرائم الجنائية. لكنهم خلقوا مشكلة من خلال تحريف المحتوى وتقديم تفسير خاطئ له. فهم لم يكشفوا المحتوى الحقيقي فحسب، بل حرفوا الحقيقة أيضاً."
من جانبه، رفض النائب المعارض آرتور خاتشاتريان، الذي اطلع على مسودة اتفاقية السلام مع أذربيجان في ديسمبر الماضي، اتهامات الحكومة بـ"تحريف محتوى المسودة" و"إفشاء معلومات سرية". وقال: "لم نكشف عن أي معلومات سرية وتصرفنا وفقاً للقانون تماماً. إنها الحكومة التي انتهكت القانون والدستور بقرار من شخص واحد (رئيس الوزراء) ومنعتنا من الوصول إلى مسودة الاتفاقية."
وتحدى خاتشاتريان الحكومة الأرمنية قائلاً: "إذا كان لدى هذه الحكومة دليل لإثبات ادعاءاتها، فلتنشره. لقد تصرفنا وفقاً للقانون، ولولا ذلك لكنت الآن تحت الملاحقة القانونية."
وقبل النائب من كتلة "هايستان" أنهم بعد دراسة مسودة اتفاقية السلام مع جمهورية أذربيجان، عبروا عن تقييمهم السياسي بأنها "استسلام وليست سلاماً". وأضاف: "إن كشف باكو عن البنود المثيرة للجدل في هذه المسودة، وكذلك تصريحات رئيس الوزراء باشينيان الأخيرة بعدم رفض الشكوى من أذربيجان في المحاكم الدولية وانسحاب مراقبي الاتحاد الأوروبي من المناطق الحدودية، تؤكد ذلك. تتحدث هذه الحكومة عن السيادة الوطنية، لكنها لا تستطيع حتى نشر مراقبين على أراضيها. في هذه الظروف، لا يمكنكم حتى بناء مصنع في أراضيكم أو جلب مراقبين. ليس لديكم حتى سلطة اتخاذ القرار في أراضيكم."
وقد قبلت المحكمة الأرمنية دعوى النواب المعارضين، ومن المقرر عقد الجلسة الأولى للنظر في هذه القضية في 14 يناير. ويمكن أن تشكل هذه الشكوى تحدياً خطيراً للحكومة الأرمنية ونهجها في مفاوضات السلام مع جمهورية أذربيجان.