تم الحفظ في الذاكرة المؤقتة...
في ظل سعي أنقرة لترسيخ وجودها في المنطقة
لماذا تُعتَبر تركيا تهديداً للمصالح الهندية في المحيط الهندي؟
يبدو أن تركيا تسعى لترسيخ وجودها في منطقة المحيط الهندي. تشمل الخطوات الأولية المشاركة في النزاع الجاري بين الصومال وإثيوبيا، والاتفاقية الدفاعية والاقتصادية مع الصومال، والنية لنشر سفن بحرية تركية لحماية عمليات استكشاف النفط، والتخطيط لإنشاء موقع لاختبار إطلاق الصواريخ والفضاء في الصومال. كما يشير بيع الطائرات المسيرة إلى المالديف إلى النفوذ المحتمل لتركيا في المنطقة. هذه التطورات، مع الوجود البحري والاقتصادي المتنامي للصين، يمكن أن تؤثر بشدة على ديناميكيات منطقة المحيط الهندي وتزيد من مستوى التهديدات والتحديات والمخاطر للهند.
التحركات التركية
تدعم إثيوبيا استقلال صوماليلاند عن الصومال، وفي المقابل ستحصل أديس أبابا على منفذ إلى خليج عدن. تسعى تركيا للتوسط في اتفاق بين البلدين في هذا النزاع. ورغم فشل الجولة الثانية من المفاوضات، إلا أن هذا الجهد يعكس اهتمام تركيا المتزايد بأفريقيا. يبدو أن تركيا تميل إلى دعم الصومال، خاصة مع الاتفاقية الدفاعية والتعاون الاقتصادي الموقعة في فبراير 2024 مع مقديشو، واتفاقية التعاون النفطي والغازي للاستكشاف في القرن الأفريقي الموقعة في مارس 2024. يركز الجزء الدفاعي من الاتفاقية على إنشاء قوة بحرية صومالية وتعزيز قدراتها الدفاعية البحرية، ويتضمن تدريب الجنود من قبل تركيا لتشكيل الجيش الصومالي.
تعود العلاقات التركية الصومالية الحالية إلى عام 2011، عندما تحول الدعم الإنساني إلى دعم استراتيجي - اقتصادي وبنية تحتية وعسكرية الآن. إن إنشاء أكبر قاعدة تركية خارج البلاد في مقديشو في أكتوبر 2017 بتكلفة 50 مليار دولار يخدم هدفين: أولاً، تعميق العلاقات ؛ وثانياً، توفير قاعدة للوجود التركي في منطقة المحيط الهندي. في حين أن الهدف الرئيسي المعلن هو تحسين قدرة الصومال على فرض سيادتها على مناطقها البحرية ومكافحة الأنشطة البحرية غير المشروعة، ستستفيد تركيا أيضاً من هذا الوضع.
وفقاً للتقارير، ستحصل تركيا على 30% من عائدات المنطقة الاقتصادية الخالصة للصومال مقابل إعادة بناء وتجهيز وتدريب القوة البحرية الصومالية. يعتبر الصومال هذه التكلفة مبررة، حيث يخسر حوالي 500 مليون دولار سنوياً بسبب الصيد غير المشروع. وبالمثل، ستركز اتفاقية التعاون النفطي والغازي على اكتشاف احتياطيات النفط والغاز الصومالية المقدرة بحوالي 30 مليار برميل، والتي ظلت في معظمها غير مستغلة منذ الحرب الأهلية عام 1991 وسقوط الحكومة. تسمح هذه الاتفاقية لشركة TPAO التركية الحكومية بإجراء أنشطة استكشافية في ثلاث مناطق في المياه الصومالية.
للالتزام بهذه الاتفاقيات والمساعدة في إعادة إعمار الصومال، يسعى أردوغان إلى مهمة مدتها عامان قابلة للتمديد لنشر القوات اللازمة في الصومال ومحيطها. بالإضافة إلى ذلك، من المحتمل أن تنشر تركيا فرقاطتين لحماية سفينة الأبحاث التي ستجري دراسة زلزالية ثلاثية الأبعاد في ثلاث مناطق مساحة كل منها 5000 كيلومتر مربع، وهي دراسة لم يسبق إجراؤها. هذا النشر، مثل مهمة إنشاء القوة البحرية الصومالية، كبير وسيستغرق وقتاً طويلاً مع تقدم البحث والاستكشاف.
مصالح الصناعة الدفاعية التركية
تستفيد تركيا، كمصدر ناشئ للأسلحة العالمية، من فرص تصدير معداتها الدفاعية في منطقة المحيط الهندي. في مارس 2024، باعت تركيا طائرات مسيرة إلى المالديف لاستخدامها في أزمة الهند والمالديف لمراقبة المنطقة الاقتصادية الخالصة للبلاد. في يوليو 2024، كانت هناك تقارير تفيد بأن تركيا أوقفت بهدوء صادرات الأسلحة والمواد الدفاعية إلى الهند بسبب إلغاء مشروع بناء سفن مع شركة بناء سفن هندية. كما يُنظر إلى هذا الإجراء على أنه علامة على دعم تركيا لباكستان في قضية كشمير. ومع ذلك، لا تزال تركيا تبحث عن فرص لتوسيع وجودها في تجارة الدفاع في المنطقة.
يمكن النظر إلى اتفاقيات تركيا مع الصومال من هذا المنظور أيضاً، حيث تعزز موقفها السياسي والعسكري في القرن الأفريقي ومنطقة البحر الأحمر. وبالتالي، ستشهد منطقة المحيط الهندي زيادة في الوجود البحري التركي، خاصة في المنطقة الاقتصادية الخالصة للصومال. بسبب قيود المجال البحري، تتفاوض تركيا لإنشاء موقع اختبار صواريخ وفضاء مع الصومال.
هذه الخطوة تلبي حاجة تركيا لتحسين قدراتها الصاروخية من خلال بناء واختبار وإثبات الصواريخ بعيدة المدى وطموحها للانضمام إلى السباق الفضائي العالمي. ستضيف هذه الصواريخ أيضاً قيمة لمخزون الصادرات الدفاعية التركية.
التداعيات على الأهداف الإقليمية والمصالح الهندية
دعمت الصين وتركيا باكستان ضد الهند في المحافل الدولية. في حين أن الصين تعمل على إنشاء وجود عسكري في المنطقة، خاصة في المجال البحري، بدأت تركيا نشاطها مؤخراً. هذا الوجود المزدوج للصين وتركيا في منطقة المحيط الهندي سيخلق تحديات معقدة للهند، حيث سيؤثر على المصالح الهندية. قد تكرر تركيا نهج الصين في التعامل مع جيران الهند، وبالتالي تقييد مجال السياسة الإقليمية للهند. على الرغم من أن الولايات المتحدة يمكن أن تدعم الهند ضد النفوذ الصيني، إلا أنها قد تكون مقيدة في تقديم نفس الدعم ضد تركيا بسبب عضويتها في الناتو.
كما قدمت تركيا طلباً للانضمام إلى مجموعة بريكس، ومن المتوقع أن تدعمها روسيا والصين. يمكن لتركيا أن تستفيد من عضويتها في بريكس وعلاقاتها مع روسيا والصين لموازنة موقفها كعضو في الناتو وشريك موثوق في جميع الأطر التي تنتمي إليها. كما يمكن لتركيا استخدام علاقاتها مع روسيا للحد من دعم روسيا لموقف الهند في منطقة المحيط الهندي. المحيط الهندي منطقة بحرية مهمة لتركيا،و بالتالي، تعمل على ترسيخ موقعها، وهو متغير آخر يجب أن تأخذه الهند في الاعتبار في استراتيجيتها الأمنية في المحيط الهندي.