تم الحفظ في الذاكرة المؤقتة...
بعد انتخابه رئيساً للولايات المتحدة
مخاوف في أوروبا مع عودة ترامب
توترات محتملة
كتب موقع الإذاعة الألمانية مقالاً عن تداعيات إعادة انتخاب دونالد ترامب في أمريكا على العلاقات عبر الأطلسي، خاصة في المجال الاقتصادي، حيث ذكر أن فوز ترامب مجدداً في الانتخابات قد يضع العلاقات الاقتصادية بين جانبي المحيط الأطلسي تحت الضغط. فسياسته التجارية الحمائية المحتملة والرسوم العقابية قد تخلق عوائق جديدة في أوروبا، خاصة للاقتصاد الألماني القوي في مجال التصدير.
وأضاف المقال أن رئاسة ترامب الثانية قد يكون لها تأثيرات عميقة على العلاقات الاقتصادية عبر الأطلسي. وبالنسبة للإتحاد الأوروبي، قد يعني ذلك فترة من عدم اليقين والتوترات المحتملة في التجارة مع الولايات
المتحدة.
وكانت الولايات المتحدة أهم شريك تجاري لألمانيا التي تعد أكبر اقتصاد أوروبي في النصف الأول من عام 2024. ويلعب السوق الأمريكي دوراً رئيسياً في الاقتصاد الأوروبي ككل، خاصة في القطاعات كثيفة التصدير مثل صناعة السيارات والهندسة الميكانيكية والصناعات الدوائية. لكن فوز ترامب قد يعني سياسة حمائية تحمل مخاطر كبيرة للشركات الأوروبية.
ومن أكبر المخاوف للاقتصاد الأوروبي خطط ترامب لتقويض النظام التجاري العالمي القائم. وتثير الإجراءات الجمركية المعلنة قلقاً خاصاً. فقد اقترح ترامب في الأشهر الأخيرة فرض تعريفات جمركية عامة على الواردات بنسبة 10% أو حتى 20%.
وقالت أولريكه مالمندير، الاقتصادية الغربية: "التعريفات هي الكلمة المفضلة لترامب لأنه أدرك مدى إمكانية استخدامها لممارسة السلطة على الدول الأخرى أو معاقبتها إذا لم يعجبه شيء ما".
وقال مايكل هوتر، رئيس معهد الاقتصاد الألماني: إن ترامب أعلن أيضاً أنه سيفرض تعريفات جمركية مرتفعة تصل إلى 60% خصيصاً على المنتجات الصينية. وقد يؤدي هذا إلى آثار غير مباشرة على السوق الأوروبي. وأضاف أنه في هذه الحالة، ستركز الصين أكثر على الأسواق الأخرى وستصبح أوروبا أكثر جاذبية للصين. وهذا يعني منافسة أشد في السوق المحلية للشركات الأوروبية والألمانية، حيث ستحاول الصين تعويض خسائرها في الولايات المتحدة من خلال زيادة صادراتها إلى أوروبا.
جرس الإنذار لأوروبا
وكتبت صحيفة شتوتغارتر ناخريشتن الألمانية أنه في صباح اليوم التالي للانتخابات الأمريكية، قيل في بروكسل إن على أوروبا أن تؤدي واجباتها. وأضافت أن انتخاب ترامب هو جرس إنذار آخر يتردد صداه كثيراً هذه الأيام. واعترفت الصحيفة بأن أوروبا سمعت جرس الإنذار الأول بعد انتخابات الجمهوريين عام 2016، لكنها للأسف لم تفعل سوى القليل للاستقلال عن واشنطن.
وأظهرت الحرب في أوكرانيا أن الدول الغربية غير قادرة حتى على الدفاع عن نفسها ضد الهجوم العسكري دون الولايات المتحدة. وأكد سيرجي لاغودينسكي، نائب حزب الخضر في البرلمان الأوروبي، يوم الأربعاء أن على الاتحاد الأوروبي الآن السعي لتقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا.
وطرح دينيس رادكه، نائب الحزب الديمقراطي المسيحي، نقطة جوهرية في هذا النقاش، حيث كتب على منصة "X" (تويتر سابقاً): "ما هو أسوأ من فوز ترامب هو انتصار الترامبية". وأعرب عن قلقه العميق من إمكانية الفوز في الانتخابات من خلال الكذب والتحريض وإنكار العلم. وأضاف أن هذا تحذير لأنه يظهر أن الشعبويين في أوروبا يستخدمون أيضاً هذه الأدوات للفوز في الانتخابات.
وكتبت صحيفة "تاغس شاو" الألمانية أن فوز ترامب الأول في انتخابات نوفمبر 2016 أحدث صدمة في بروكسل ومعظم دول الاتحاد الأوروبي. وقد تم وصف ذلك آنذاك بأنه "حادث صناعي" في تاريخ الولايات المتحدة، مما عزز فكرة أن الاتحاد الأوروبي غير مرن وبيروقراطي وغير مستعد بما يكفي للتوتر في العلاقات عبر الأطلسي.
ولا يريد قادة الاتحاد الأوروبي تكرار هذا "الخطأ" هذه المرة. فقد أنشأت فون دير لاين "فريق عمل ترامب" قبل أشهر. وكان هدفه الرئيسي منع تفكك الاتحاد الأوروبي من قبل ترامب، وكذلك التمكن من اتخاذ إجراءات مضادة سريعة إذا تجرأ ترامب على بدء حرب تجارية مع الاتحاد الأوروبي في مواجهة العجز التجاري الهائل.
ويُقال الآن في أوساط الاتحاد الأوروبي إن ترامب يفهم لغة القوة أكثر من أي شيء آخر.
وهكذا يبدو أن الاتحاد الأوروبي يستعد هذه المرة بشكل أكثر جدية مع عودة ترامب إلى السلطة، متسلحاً بالدروس المستفادة من ولايته الأولى. لكن التحدي الأكبر يكمن في قدرة أوروبا على تحقيق توازن دقيق بين الحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة من جهة، وبناء استقلالية أكبر في قراراتها الاقتصادية والأمنية من جهة أخرى. ويبقى السؤال المطروح: هل ستنجح أوروبا هذه المرة في التعامل مع "الظاهرة الترامبية" بشكل أكثر فاعلية، أم أن التحديات الاقتصادية والجيوسياسية ستفرض عليها واقعاً أكثر تعقيداً؟