”النّفق”
قصة ”النفق” القصيرة التي قرأنا في الأعداد السابقة أجزاء منها، هي قصة رجل نفي إلى مصر، لكنه قرر العودة إلى وطنه غزة بسبب زوجته وابنته اللتين بقيتا في غزة. فيقرر بمساعدة صديقه المرور عبر نفق ترابي هو صلة الوصل بين حدود غزة وصحراء سيناء، وإليكم بقية القصة:
منعم السعیدي
شد يديه على رأسه، وحاول استجماع ذاكرته لكن خطوطها كانت تتسرب من يديه، هناك رابط بين تلك الأحداث لا يجده مهما حاول .
تذكر نجاحهم بالوصول إلى تلك التلة الصغيرة التي حدثهم عنها مروان وتذكر صعودهم إياها وصوت الوحوش التي أحاطت بالمكان الذي ساهمت معرفة مروان به في إنقاذهم من أهواله.
"الوحوش" ...
الوحوش ... هذه الكلمة ساقت إلى ذاكرته الشيء الذي أودى به إلى هنا، نهض كمجنون بسرعة شديدة وصرخ بأعلى صوته.
"هديل" .."هديل ..ابنتي هديل" وخرج الصوت من حنجرته مجلجلاً في المكان كله ليعود صداه مجدداً "ابنتي هديل ل لل"
وركض كمجنون يريد الوصول إلى نهاية هذا المكان لكن الدموع التي طفحت في عينيه جعلت جسده يضعف أكثر وأكثر، فسقط أرضاً وعاد إليه صوتها وهي تصرخ
_" أبي.. أبي.. اتركوني"، متحشرجاً يهمس " ابنتي ..كنت أبحث عن هديل "
سقط على الأرض جاثياً على ركبتيه مجدداً، وضع يديه على وجهه، عادت ذاكرته كلها دفعة واحدة بشكل مخيف ليكتشف بعدها سبب معاناته الحقيقية، لقد كنا نحاول الوصول إلى طفلتي الصغيرة "
تذكرها وكأنه يُصغي إلى صراخها في هذه اللحظة، على حاجز لجنود الاحتلال كان برفقتها يحاولان عبور الحاجز نحو مدرستها حين قام بعض العمال الفلسطينيين بالاشتباك مع الجنود الذين أغلقوا الحاجز ومنعوا الجميع من العبور، ازداد التوتر في المكان وحاول هو التدخل ليطلب منهم المرور فصرخوا في وجهه وطلبوا منه أن يجثو على ركبتيه ويضع يديه خلف ظهره، نفذ الأوامر بصمت كي لا يزداد الأمر سوءاً، أحد الجنود تقدم نحوه واضعاً الأغلال في يديه ثم جرّ ابنته ذات الإثنا عشر ربيعاً نحو سيارة الاعتقال، أخذ يصرخ "اتركوها.. خذني أنا ..ماذا تريدون منها "التفت إليه الجنود وتوجهوا نحوه منهالين عليه بركلاتهم مبرحيه ضرباً بينما سارت تلك السيارة وهي تحمل طفلته بالإضافة الى أولئك العمال الفلسطينيين نحو مكانٍ مجهول.
يُتبع...