تم الحفظ في الذاكرة المؤقتة...
في ظل احتجاج الموالين للغرب على نتائج الإنتخابات البرلمانية
تحديات مستقبلية تواجه جورجيا
أُجريت الانتخابات البرلمانية في جورجيا قبل عدة أيام و أسفرت عن فوز حزب "الحلم الجورجي" بنسبة 54% من الأصوات. وقد حصل الحزب على 89 مقعداً، بينما حصل تحالف مكون من أربعة أحزاب معارضة على 61 مقعداً. ويُعد هذا الفوز الرابع للحزب في الانتخابات، رغم خسارته مقعداً واحداً مقارنة بانتخابات عام 2020.
تحولت هذه الانتخابات منذ فترة طويلة إلى مواجهة بين الحزب الحاكم، المؤيد لتعميق العلاقات مع الجيران وخاصة روسيا، وأحزاب المعارضة المؤيدة للاندماج السريع في الاتحاد الأوروبي.
احتجاجات موالية للغرب
بعد إعلان النتائج، اندلعت مظاهرات واسعة في المدن الرئيسية في جورجيا، وخاصة في تبليسي، حيث رفع المتظاهرون أعلام الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا، مشككين في نتائج الانتخابات. و ادعت هيئات المراقبة بوقوع مخالفات كبيرة. كما أعلن مكتب المدعي العام الجورجي بدء تحقيقات في احتمال حدوث تزوير في الانتخابات البرلمانية، واستدعى سالومي زورابيشفيلي، رئيسة جورجيا، للإجابة عن أسئلة تتعلق بهذه القضية.
كما انضمت الرئيسة زورابيشفيلي إلى المتظاهرين في تبليسي، قائلة: "لم تخسروا في الانتخابات، بل سُرقت أصواتكم وحاولوا سرقة مستقبلكم، لكن لا أحد يملك هذا الحق ولن تسمحوا لأحد بفعل ذلك". وأضافت أن بلادها "ضحية لعملية روسية خاصة".
ادعى مراقبو الانتخابات، بمن فيهم منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، في تقريرهم وجود حالات من ترهيب الناخبين والرشوة وحشو صناديق الاقتراع، مما قد يكون أثر على النتيجة. ومع ذلك، امتنع المراقبون عن إعلان وقوع "تزوير منظم".
كان رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان ورئيس جمهورية أذربيجان إلهام علييف أول المهنئين بفوز "الحلم الجورجي". في المقابل، أعرب الرئيس الأمريكي جو بايدن عن قلقه مما وصفه بـ"التراجع الديمقراطي" في البلاد.
يُعزى نجاح الحزب الحاكم في العقد الأخير إلى قدرته على بناء قاعدة انتخابية قوية في المناطق الريفية والمدن الصغيرة وبين المجموعات القومية والدينية والمحافظة. في المقابل، فشلت أحزاب المعارضة في تشكيل تحالف قوي وقيادة موحدة. كما يشير امتناع 40% من الناخبين المؤهلين عن المشاركة إلى خيبة أمل واسعة في إمكانية التغيير السياسي وتحسين الظروف الاجتماعية.
تحديات مستقبلية
تمثل نتائج الانتخابات البرلمانية الجورجية لعام 2024 منعطفاً مهماً في تاريخ البلاد، وتعكس التحديات العميقة التي تواجه مسيرتها الديمقراطية. فمن جهة، يواصل حزب "الحلم الجورجي" تعزيز سيطرته على المشهد السياسي مستفيداً من قاعدته الشعبية القوية في المناطق الريفية والمحافظة، ومن سياسته البراغماتية في التعامل مع روسيا. ومن جهة أخرى، تواجه المعارضة صعوبات في توحيد صفوفها وتقديم بديل مقنع للناخبين، رغم تبنيها لخطاب مؤيد للاندماج السريع مع الاتحاد الأوروبي.
إن الانقسام الحاد في المجتمع الجورجي بين التوجه نحو الغرب والحفاظ على الإستقلالية وعلاقات متوازنة مع روسيا، إلى جانب الادعاءات بحدوث مخالفات في العملية الانتخابية، يضع البلاد أمام تحديات كبيرة في المستقبل القريب. ويبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن جورجيا من إيجاد توازن بين طموحاتها الأوروبية وواقعها الجيوسياسي، وهل ستنجح في الحفاظ على مسارها الديمقراطي وسط هذه التجاذبات السياسية والإقليمية المعقدة؟
تشير التطورات الحالية إلى أن المجتمع الجورجي سيشهد المزيد من الانقسامات، لكن يبدو أن المعارضة لن تتمكن من إحداث تغييرات كبيرة في المشهد السياسي. وعلى الرغم من الاحتجاجات على قوانين مثل "العملاء الأجانب" و"تقييد حقوق المثليين"، لم يتمكن قادة المعارضة من تحقيق تغييرات جوهرية.