أستاذ في علم الاجتماع السياسي بالجامعة اللبنانية للوفاق:
«طوفان الأقصى» أنعشت الذاكرة العالمية
أكدت عملية «طوفان الأقصى» أن الشعب الفلسطيني حيّ، وأنه لا يمكن لأي طرف أن يجعله ينسى قضيته.. ففي السنوات الماضية حاول الکیان الصهيوني ان يجعل القضية الفلسطينية قضية ثانوية، معتقدا انه يمكن انهاؤها ببعض المساعدات المالية او التحفيزات الاقتصادية، ليتحول الشعب الفلسطيني من شعب يقاوم لإجل ارضه وكرامته الى شعب يستجدي لقمة العيش، وفي هذا الصدد أجرت صحيفة الوفاق حواراً مع الدكتور زكي حسين جمعة أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة اللبنانية وفيما يلي نصه:
سهامه مجلسي
فلسطين بوصلة العالم وشعوبها
في البداية قال الدكتور زكي حسين جمعة: ان العالم اليوم أمام تحولات ثقافية واقتصادية وسياسية واسعة، الصراعات المتعددة التي تدور في أكثر من جغرافية، تفيد باحتدام المواجهة بين مشاريع كبرى تحاول إعادة رسم الخارطة الإقتصادية والسياسية والجغرافيا العالمية وكذلك
النظام العالمي.
في الراهن أحدثت عملية «طوفان الأقصى»، التي نفذتها حركة حماس في العام الفائت، هزة قوية في الوجدان العالمي الذي كان منشغلاً بقضايا طرحت عليه بإلحاح منذ عدة سنوات، وأخذت تنخر في ضميره الإنساني، أعادت هذه العملية إنعاش الذاكرة العالمية حول قضية إنسانية بامتياز وهي القضية الفلسطينية، والنقطة الأبرز هنا، هي المتعلقة بنهضة جيل عالمي جديد بأكمله نصرة لهذه القضية، نحن أمام جيل تعرف الآن إلى القضية الفلسطينية، هذا الجيل الغربي على وجه الخصوص كان لديه جهل حيال قضية فلسطين، وحيال حركة المقاومة ومبرراتها الموضوعية، كان قد تربى على فهم وتفهم للمشروع الصهيوني، وكان مأخوذاً بالدعاية الصهيونية، وكان يجري إشباعه بالأفكار التي تجعله منفصلاً عن إنسانيته ممارساً للشيطنة التي جندت وسائل الإعلام والاتصال الرقمي لترويجها، لقد أحدثت عملية «طوفان الأقصى» صدمة في وعي هذا الجيل وفهمه، وإعادة إنتاج هذا الوعي، بحيث أصبح منحازاً بشكل كبير إلى القضية الفلسطينية، لقد تعرف إلى هذه القضية وانكشف له زيف ما يروج في الإعلام ومراكز التعليم وغيرها من أفكار صهيونية وليبرالية، بهذا فقد عادت القضية الفلسطينية إلى الحياة العالمية بقوة مجدداً، وأعادت رسم الحدود الفاصلة بين الزائف والموضوعي في الفكر والسياسة عالمياً، وأنتجت وعيا جديداً حيالها. ففلسطين ليست قضية،
بل هي الوطن.
عملية تطهير عرقي
وهنا يذكر حسين جمعة: نحن نعتقد، وقلنا منذ بداية الحرب على غزة، بأن العدو الصهيوني يمارس عملية تطهير عرقي، إضافة إلى الإبادة الجماعية، وأن هذا العدو كان يُعد مسبقاً لهذه العملية بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية، ودول غربية أخرى، وأنه اتخذ من عميلة «طوفان الأقصى» ذريعة لينفذ مخططاته بالتعاون مع أمريكا والغرب عموماً كان يحضّر وسائل الإعلام والتواصل الرقمي لمواكبة مشروعه وبث الرسائل والصور الموجهة إلى الشعوب الغربية على وجه الخصوص من منظوره، وبالفعل خاضت وسائل الإعلام العالمية الحرب والإبادة إلى جانبه وروجت دعايته، فيما فشل بالسيطرة على وسائل التواصل الرقمي، التي كشفت زيف صوره ورسائله، وتحولت هذه الوسائل إلى ناقل لرسالة المقاومة، التي تظهر بشاعة ما يقوم به العدو من مجازر، وأحدثت تحولاً في الرأي العام العالمي.
الوقوف في مواجهة عدو مجرم ينتهك كل المحرمات الإنسانية
وهنا يوضح الدكتور حسين جمعة: بات من المعروف أن أمريكا زودت الكيان الصهيوني مؤخراً بأنواع جديدة من الأسلحة والذخائر، تلك التي لم توزع بالشكل الذي يكفي احتياجات الجيوش الأمريكية بعد، وكانت أولى استخدامات تلك الأسلحة والذخائر من قبل جيش العدو، وهذا أن دل على شيء، فإنه يدل على انصياع الإدارة الأمريكية بالكامل للحكومة الصهيونية، فهناك أسلحة وذخائر لم يكن العالم يعرف عنها، أو أنه سمع بها لكنها لم تستخدم من قبل، وهي حديثة الصنع، جرى تسليمها لجيش العدو واستخدمها ضدنا، إنها تبعية واضحة وخنوع كامل من قبل إدارة بايدن للحكومة الصهيونية، كذلك فقد أفرط جيش العدو باستخدام القنابل الفوسفورية والعنقودية والفراغية والإرتجاجية، وهناك تقارير تتحدث عن استخدامه قنابل نووية صغيرة إلى جانب قنابل الغاز، وكلها محرمة دولياً، لذلك نرى الإصابات الغريبة التي لم تحصل في حروب سابقة، لا في لبنان وفلسطين ولا في أماكن أخرى من العالم.
إذاً نحن في مواجهة مع عدو مجرم ينتهك كل المحرمات الإنسانية والحقوقية والدولية، ويضرب بعرض الحائط كافة القرارات الدولية ويمارس التوحش بأبشع صوره، محاولاً فرض أمر واقع في الشرق الأوسط من خلال التدمير والإبادة الجماعية التطهير العرقي.