تم الحفظ في الذاكرة المؤقتة...
في ظل دعمها الفاضح للكيان الصهيوني
تراجع تأييد هاريس بين الناخبين العرب والمسلمين
تراجع ملحوظ
شهد تأييد المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس بين الناخبين العرب الأمريكيين والمسلمين، وكذلك بين الناخبين التقدميين والشباب، تراجعاً حاداً في الأسابيع الأخيرة بسبب دعمها للعدوان الصهيوني والعمليات العسكرية في غزة ولبنان، مما يعرّض فرص فوزها في ولايات رئيسية مثل ميشيغان للخطر.
في التاسع من سبتمبر، نشرت جامعة كوينيبياك استطلاعاتها النهائية قبل الانتخابات العامة الأمريكية. وأظهر الاستطلاع، الذي شمل ثلاثاً من أهم الولايات الرئيسية لطموحات هاريس والجمهوري دونالد ترامب، تراجعاً ملحوظاً للديمقراطية في نوايا التصويت لدى المستطلَعين، لكن أبرزها كان في ميشيغان. فهناك، تراجعت نائبة الرئيس الحالية من 50% في نوايا التصويت في سبتمبر (مقابل 45% لترامب) إلى 47% في أكتوبر، في حين تقدم الجمهوري إلى 50%.
ووفقاً للعديد من المحللين، يُعزى هذا التراجع إلى التحول المحافظ المزعوم لهاريس في الأسابيع الأخيرة، حيث شوهدت في حملتها مع الجمهورية السابقة ليز تشيني وتفاخرت بدعم والدها، نائب الرئيس السابق ديك تشيني، مهندس غزو العراق عام 2003، إضافة إلى تشديد خطابها تجاه المهاجرين من أمريكا اللاتينية، وخاصة انحيازها للكيان الصهيوني في وقت يستمر هذا الكيان باعتداءاته ضد لبنان وسوريا واليمن.
وبسبب دعمها للدفاع المتشدد للرئيس جو بايدن عن الكيان الصهيوني، تعاني هاريس في كسب نوايا التصويت بين الناخبين الشباب والتقدميين، و خاصة بين الناخبين العرب الأمريكيين والمسلمين. وقد صوّت هؤلاء تاريخياً للمرشحين الديمقراطيين في كل انتخابات.
أهمية ولاية ميشيغان
تضم ولاية ميشيغان أكبر عدد من الناخبين المنحدرين من أصول عربية أو المهاجرين من البلدان العربية. وهي إحدى الولايات الرئيسية في حملة هاريس للفوز بالانتخابات. وإذا لم تفز هاريس في ميشيغان، التي فاز فيها بايدن بفارق ثلاث نقاط في 2020 لكن هيلاري كلينتون خسرتها بفارق ضئيل في 2016، فإن طريقها للحصول على 370 صوتاً في المجمع الانتخابي يصبح شبه مستحيل، حيث يُظهر الجمهوري، وفقاً لجميع استطلاعات الرأي، قوة كبيرة في ولايات ديمقراطية أخرى مثل ويسكونسن وبنسلفانيا. قد يكون رفض هاريس الابتعاد عن دعم بايدن المطلق لنتنياهو كارثياً للمرشحة الديمقراطية.
في ظروف أخرى، كان من الممكن أن تسهّل ميشيغان فوز هاريس، لكن هذا أحد أكثر الجوانب المحيّرة في حملتها: حقيقة أنها لم تسعَ للوصول إلى ذلك الجمهور الناخب - حتى لو لأسباب انتخابية، وليست أخلاقية - المنتقد لأفعال الكيان الصهيوني. ويُذكر أن حملة هاريس رفضت حتى استضافة متحدث فلسطيني في المؤتمر الديمقراطي، رغم دعوتها متحدثين صهاينة. ورفضت هاريس نفسها الالتزام بوقف شحن الأسلحة الأمريكية للكيان الصهيوني إذا فازت في الانتخابات.
في حين يمثل الناخبون العرب والمسلمون 4% من إجمالي سكان ميشيغان، أي ما يعادل 200,000 ناخب محتمل، كان هامش فوز ترامب على كلينتون في 2016 مجرد 10,000 صوت. وإذا تحقق التحول في نوايا التصويت، فقد يمنح الانتخابات للرئيس السابق.
واليوم، وفقاً لأحدث استطلاعات الرأي، لا يتقدم ترامب على هاريس بين عموم الناخبين في ميشيغان فحسب، بل يتقدم عليها أيضاً بين السكان العرب والمسلمين، وهو أمر لم يكن أحد يتخيله قبل عامين فقط. في الماضي، مال هؤلاء الناخبون بشكل ساحق نحو الديمقراطيين في كل انتخابات رئاسية، بما في ذلك عام 2020، عندما حصل بايدن على 60% من تلك الأصوات، مقابل 37%
فقط لترامب.
استراتيجية انتخابية سيئة
ولهذا التغيير المفاجئ في غضون أربع سنوات فقط تفسير واضح - دعم بايدن للإعتداءات الصهيونية في الشرق الأوسط، والتي خلّفت عشرات الآلاف من الضحايا في غزة ولبنان ، معظمهم من المدنيين. يرى الناخبون ان بايدن وهاريس يتحدثان عن وقف إطلاق النار في غزة، لكنهما لا يحققانه فحسب، بل يواصلان إرسال الأسلحة إلى الكيان الصهيوني.
في كثير من الحالات، يُفسر تحول هذه الفئة من الناخبين نحو ترامب بمنطق أهون الشرين، وليس من غير المنطقي أن تكون الرغبة في معاقبة بايدن وهاريس على السماح للكيان الصهيوني بقصف بلدانهم الأصلية يومياً أقوى من أي حجة أخرى.
من ناحية أخرى، قرر ناخبون آخرون من تلك المجموعة دعم المرشحة المستقلة جيل ستاين، التي من المتوقع أن تحصل على ما يقرب من ثلث أصوات العرب والمسلمين في ميشيغان. ومرة أخرى، سيكون هذا كارثياً لهاريس لأن العديد من هؤلاء الناخبين يدعمون تقليدياً الديمقراطيين. ومع ذلك، تُعد ستاين الخيار الأفضل لهؤلاء الناخبين لأنها المرشحة الوحيدة التي انتقدت نتنياهو علناً.
من غير المفهوم أن يتم استقدام هاريس في اللحظة الأخيرة بعد إخفاق بايدن في المناظرة الرئاسية مع ترامب. وهي الآن تريد أن تنأى بنفسها عن إدارة بايدن غير الشعبية لكنها تحافظ على نفس الموقف في معظم القضايا، بما في ذلك الكيان الصهيوني. إنها بوضوح استراتيجية انتخابية سيئة. ولكن إذا كان هناك شيء واحد لا يمكن لواشنطن الاعتراض عليه، فهو آلة الحرب، وهاريس تثبت ذلك، حتى لو أضر بفرصها في الانتخابات.