الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • ثقاقه
  • دولیات
  • مقالات و المقابلات
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وستمائة وستة عشر - ٢٠ أكتوبر ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وستمائة وستة عشر - ٢٠ أكتوبر ٢٠٢٤ - الصفحة ۱

رثاء الشهيد يحيى السنوار

الوفاق/ خاص

ناصر أبو شريف
عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الاسلامي وممثل الحركة في إيران


في لحظة حزن عميقة وفخر كبير، نتوجّه بخالص العزاء والتبريك لشعبنا الفلسطيني وأمّتنا العربية والإسلامية بمناسبة استشهاد القائد يحيى السنوار، الذي رحل وهو يقاتل في صفوف المقاومة ضدّ الاحتلال الإسرائيلي. لقد كان السنوار، خلال مسيرته الجهادية، رمزًا للكرامة والعزة، وتجسيدًا لروح النضال الفلسطيني. لم يتخلَ يوماً عن واجبه تجاه شعبه وأهله، بل كان في طليعة المجاهدين في أكبر عملية نضال شهدتها فلسطين، معركة "طوفان الأقصى".
استشهاد القائد السنوار في ساحة المعركة، وهو يمسك سلاحه ويدافع عن أرضه، يثبت أنه لم يكن مجرد قائد عسكري، بل كان مثلاً أعلى لكل فلسطيني يعاني من ظلم الاحتلال. لقد أظهر في اللحظات الأخيرة من حياته أن المقاومة هي مشروع حياة، وهي السبيل الوحيد لاستعادة الحقوق المغتصبة، ووجه صفعة قوية للاحتلال لا يمكن محوها من تاريخ المنطقة.
إن ما يثير الأسى والحنق هو المواقف المخزية لبعض الدول العربية، التي أظهرت خيانة كبرى لمبادئ الإنسانية والعدالة الأممية، وخيانة للعروبة والإسلام. هذه الدول، التي تمارس سياسات التطبيع مع الاحتلال، تغض الطرف عن جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها ضدّ الشعب الفلسطيني. لقد تبيّنت حقيقتهم في هذا الزمن العصيب، وما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب، "ولتعرفنهم في لحن القول".
كما أن الإعلام العربي المتصهين، الذي يحاول تصوير المقاومة كإرهاب، يتماهى مع الروايات الصهيونية، ويساهم في تعزيز هذه السرديات الخاطئة. إن هذه القنوات، التي تروج لأكاذيب الاحتلال، تنحاز إلى موقف أمريكا والكيان الصهيوني، مما يفاقم أزمة الوعي لدى الجماهير، ويُعزّز الخلط بين الضحية والجلاد.
وفي الوقت نفسه، تُظهر الدول الغربية ازدواجية صارخة في معاييرها. بينما تصف قادة المقاومة بالإرهابيين لمقاومتهم الاحتلال، تُكافئ المحتل على كل أفعاله. تُسجل تلك الدول أسماء القادة الفلسطينيين على قوائم الإرهاب، في حين لا تُطلق أي صفة على نتنياهو وكل أعضاء حكومته، رغم أنهم مسؤولون عن مقتل أكثر من 43 ألف فلسطيني، ثلثيهم من الأطفال والنساء، وجرح وتشريد آلاف آخرين. إنّ هذا السقوط الأخلاقي والقيمي يبرز التخلي التام عن المبادئ التي تدعي تلك الدول التمسك بها. الغرب، الذي تخلّى عن كل قيمه من أجل دعم الباطل الصهيوني، يستمر في دعم الاحتلال بكل ما يحتاجه من دعم مادي وعسكري وسياسي ودبلوماسي ودعائي. يتجاهل هؤلاء القادة الغربيون كل الحقائق، ويختارون التحالف مع الظالمين ضد حق الفلسطينيين في المقاومة، مما يزيد من عمق الأزمة الإنسانية.
نتقدّم بالشكر الجزيل للقادة الإيرانيين، بدءًا من الإمام القائد السيد علي خامنئي، مرورًا بالرئيس الإيراني ووزير الخارجية، وكل الإعلاميين الذين ما توقفوا يومًا عن دعم الحق الفلسطيني مهما كلفهم الأمر. إنّ موقفهم الثابت والشجاع في مواجهة الظلم، يعكس إلتزامهم بالقضايا العادلة، ويظهر أن إيران راسخة في دعم حقوق الشعوب المظلومة. وعلى الأمّة الإسلامية أن تستيقظ لمواجهة نظم الظلم والطغيان، والتوحد في مواجهة أعدائنا الواضحين، الذين يتربصون بنا، ويستغلون الفتن لإضعافنا. يجب أن نكون واعين لخطط الأعداء، ونرفض الانجرار وراء الدعاية السوداء التي تروج لها قوى الاحتلال وأذنابها في المنطقة، خاصة في الدول المطبعة.
إنّ مقاطعة القنوات المضللة التي تحاول أن تُطفئ نور الحق وتزيف تاريخنا هي مسؤولية كل مسلم. نحن أمّة لا تُقهر، وإرادتنا قوية بفضل الله، ولن تُطفئها أكاذيب الكافرين والمشركين. كما قال الله تعالى: "يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ" (التوبة/ 32). استشهاد القائد السنوار، الذي لم يتردد لحظة في الدفاع عن وطنه، يُظهر للعالم أن روح المقاومة لن تُقهر، وأن الأجيال القادمة ستظل متمسكة بحقوقها، وستواصل الطريق الذي سطره الشهداء. إن دماء الشهداء ستكون وقودًا لحركة التحرر التي لا تعرف الاستسلام.
وختامًا، نتوجه بالتحية إلى أرواح جميع الشهداء الذين سقطوا على طريق القدس، ونعاهدهم أن نواصل المسير على دربهم. إنّ الجهاد هو إمّا نصر أو استشهاد، ونسأل الله أن يلهمنا جميعًا الصبر والثبات في وجه هذا الظلم. إنّ طريق المقاومة مستمر، ودماء الشهداء ستكون دوماً مصدر إلهام للأجيال القادمة، وسنبقى متمسكين بحقوقنا حتى تحقيق النصر.

البحث
الأرشيف التاريخي