رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المقاومة للوفاق:
«طوفان الأقصى» كشفت إجرام العدو ومهّدت لزواله
لقد كشفت عملية «طوفان الأقصى» والتي تحل اليوم ذكراها السنوية الأولى، سواء في بداية انطلاقتها أو في الشهور الماضية، أن العدو الصهيوني يمكن هزيمته والتغلّب عليه، بل وتفكيكه ودحره من المنطقة إلى الأبد. وقد نجحت بشكل لا لبس فيه في إعادة الصراع بين شعوب المنطقة وقواها الحيّة من جهة، وبين العدو الصهيوني من جهةٍ أخرى إلى وجهته الصحيحة، والتي حاول البعض سواء من دول الاستعمار العالمي أو من بعض الدول العربية والإقليمية في السنوات الماضية حرفه عن مساره الصحيح والطبيعي، كما أظهرت الصورة الحقيقية لهذا الكيان المجرم والذي ارتكب المئات من جرائم الإبادة الجماعية بحق المدنيين الفلسطينيين العزّل، كما نجحت في توحيد ساحات المقاومة في الإقليم بصورة لم نرها من قبل. وفي هذا السياق حاورت صحيفة الوفاق رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المقاومة الشيخ ماهر حمود، وفيما يلي نصّه:
الوفاق/ خاص
عبير شمص
«طوفان الأقصى» فاجأت العدو والصديق
لا شك أن عملية «طوفان الأقصى» كانت مفاجأة للجميع، سواء للعدو أو للصديق ولم يكن أحد يتوقع أن تكون المبادرة من المقاومة الفلسطينية، يؤكد رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المقاومة الشيخ ماهر حمود الذي يرى أن العدو الصهيوني تفاجأ بها خاصةً بعد هذا الوقت الطويل من الحصار السياسي للمقاومة إذ اعتمدت كثير من دول العالم ومن الدول العربية تصنيف المقاومة حركة حماس خاصةً والجهاد الإسلامي، من الحركات الإرهابية وبعد أن ظهر أن الشكل العام للمجتمع العربي يسير نحو التطبيع بعد أن تسابقت أربع وخمس دول إليه، ومن لم يُطبع فكان يقيم علاقات طبيعية تقريباً من تحت الطاولة، في هذا الجو الذي لم يكن يُشعر أحداً بأن المقاومة قادرة على القيام بمثل هذا العمل العظيم إضافةً إلى أن حركة حماس تحديداً امتنعت عن المشاركة في معركتين كبيرتين خاضتهما الجهاد الإسلامي «وحدة الساحات» و«ثأر الأحرار»، وظن كثيرون حتى من أصدقاء حماس أن الحركة في طور البحث عن حل سياسي بشكلٍ أو بآخر، فأتت هذه العملية البطولية لتُغير ولتكسر الصورة النمطية التي أراد العدو والمجتمع الدولي أن يرسمها عن فلسطين وعن المقاومة”.
كشف زيف الإدعاء الصهيوني
يعتبر الشيخ حمود أنه:«لا شك بأن عملية «طوفان الأقصى» شكلت مفاجأة كبرى للعدو الصهيوني، إذ أن طائرات الآباتشي الصهيونية خلالها قصفت قصفاً عشوائياً لم تُميز فيه بين صهيوني وفلسطيني فارتفع العدد إلى 1200، كان بينهم 200 من الفلسطينيين فقط وكان العدد الكبير من القتلى من الصهاينة بسبب الطائرات الصهيونية وليس بسبب العملية التي كانت تهدف بشكلٍ رئيسي لأسر رهائن من أجل إجراء عملية تبادل وإخراج الآلاف من الأسرى الفلسطينيين، ساهم هذا الخطأ الصهيوني بين مزدوجين في تعبئة العالم ضد المقاومة باعتبار أن عدد القتلى كبير والمشهد كان بشعاً بالنسبه للغرب خاصةً مشهد السيارات المحروقة والأعداد الكبيرة من القتلى فكانت هجمة كبيرة على المقاومة استمرت أكثر من ثلاثة أشهر حتى اكتشف العالم أن عدد الضحايا المرتفع كان بسبب طائرات الآباتشي الصهيونية ولم يكن بسبب العملية، فبدأ البعض يتراجع مثل الإسبان والإيطاليون وبعض الدول الأخرى. لكن هذا لم يُغير من الواقع كثيراً من الموقف الأمريكي الذي ظل داعماً وكان قمة هذا الدعم الإجرامي، عندما أتى الرئيس الأمريكي بايدن بشكلٍ مباشر إلى فلسطين المحتلة صبيحة مجزرة مستشفى المعمداني وقال بكل بساطة سقط العديد من المدنيين ولكن القنبلة رماها على المستشفى الطرف الآخر ويقصد بذلك الفلسطينيين، فكان أقبح شكل من أشكال الدعم الذي يعتمد على الكذب وتبديل الحقائق”.
الوعي أهم نتائج «طوفان الأقصى»
يلفت الشيخ حمود إلى:«أن الرأي العام العربي والإسلامي كان مؤيداً لهذه العملية، عبّر كثيرون عن هذا الدعم وكثيرون لم يستطيعوا ذلك بسبب الحكومات والضغط القاسي الذي مارسته بعض الدول، المهم أن النتيجة الرئيسية أن هذه العملية صدمت الرأي العام العربي والعالمي ورأينا في شوارع الغرب وجامعات أوروبا وأمريكا تأييداً استثنائياً لم نره قبل ذلك وهو الذي لم يحصل للأسف في شوارع وجامعات وحواضر البلاد العربية والإسلامية باستثناء اليمن طبعاً وبعض الدول الأخرى التي شاركت بالتعبير بطريقة خجولة بالمقارنة مع حجم ما يحصل في فلسطين، إذن النتيجة الأولى تمثلت بجرعة وعي كبيرة وزعتها المقاومة على عالم المسلمين والعرب وعلى العالم كله».أما الإسناد فكان من محور المقاومة وأهمه كان من لبنان وسوريا والعراق واليمن وكان إسناداً يدل على وحدة الموقف ووحدة المحور وأن هذا المحور الذي ترعاه إيران يسير بشكل سليم وعاقل غير متهور، وجه كثيرون إنتقادات إلى عدم مشاركة إيران وأن رد فعلها على الغارة على قنصليتها في دمشق كان شكلياً في نيسان/ مايو الماضي ولكن صواريخ إيران التي أتت في أول يوم من تشرين الأول /اكتوبر بددت هذه الأفكار وصدمت كثيرين ممن كانوا يشككون بالدور الإيراني”.
الكيان الصهيوني زائل لا محالة
أمّا مستقبل القضية الفلسطينية فيعتبر الشيخ حمود:« أنه مرتبط بقدر إلهي أكثر مما هو مرتبط بفعل البشر وهذا أمر نستقيه من الآيات الكريمة من أول سورة الإسراء والتي ربطت الموضوع بالإرادة الربانية، إذ رأينا في الصفحة نفسها تكرار «قضينا» و«رددنا» و«أنشأنا» و«جعلناكم» كلها ضمائر تعود إلى الله(سبحانه وتعالى) وكأن الله تعالى يقول هذه قضية يرعاها ويُقررها رب العالمين، طبعاً عبر ما يقدره من البشر كما قال تعالى«لَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ»، المهم أن الذي يحصل تقدير إلهي ينفذه عباد الله الصالحون يقدمون ما لم تقدمه الجيوش وما لم يقدمه أحد ممن رفعوا راية الصراع مع الصهيونية خلال 76 عاماً، وما يحصل اليوم لم يحصل في أي فترة سابقة ولم يستطع جيش عربي واحد أن يُنزل بالصهاينة هذا الحجم من الخسائر وهذا القدر من تشكيك الصهاينة بأنفسهم ومستقبلهم، إسلامياً نرى أن العدو الصهيوني زائل ونُكرر دائماً أن عقيدة زواله عقيدة ثابتة وراسخة في عقل الصهاينة جميعاً، وعندنا ما لا يحصى من الأدلة على ذلك، وفكرة زوال الكيان الصهيوني وأنه لن تعيش لهم دولة أكثر من 80 عام هذا في عقيدتهم، أما في عقيدتنا فليس عندنا أي دليل على عمر هذا الكيان ولا يمكن أن نتنبأ بذلك بشكل قاطع، ولكن اعتماداً على ما يفترض أنه بقي صالحاً سليماً من التوراة ولم يخضع للتزوير، نؤكد أن رقم 80 عام يجب أن يحترم وأن نبحث فيه ونظن أنه صحيح وعلى هذا الأساس والله (سبحانه وتعالى) أعلم في السنوات القليلة الباقية لابد أن يرتفع مستوى الصراع كما حصل في هذا العام وأن يأخذ أبعاداً جديدة وأن يحصل ما يمكن أن نسميه معجزات أو ما يشبه المعجزات لأن الأمر إلهي ويجب أن يصدم الرأي العام العالمي والعربي وأن تستيقظ الأمة الإسلامية وكثير من داعمي هذا الكيان المؤقت قبل النهاية”.
ضربة قاسية لمشروع التطبيع
يشير الشيخ حمود بأنه:«لقد تغيرت الكثير من الأمور ومنها مشروع التطبيع الذي تلقى ضربة قاسية ويُستبعد أن يستمر في مشروعهم بالمقياس نفسه، ولكن في هذا العام تربى في العالم العربي جيل واسع من الشباب والأطفال على تجديد القضية الفلسطينية وعلى الإيمان بأن المقاومة قادرة على أن تفعل شيئاً وأن العدو الصهيوني رغم كل قوته المصطنعة لم يستطع أن يرد عن نفسه هذا الحجم من الضرر والأذى والتهجير وحجم التأثير على النفسية الصهيونية إذ أصبح كثيرون يتحدثون علناً عن زوال الكيان الصهيوني”.
ويختتم الشيخ حمود حديثه بالقول بأنه:«يجب أن نذكر أن كل ما يحصل يؤكد عليه القرآن الكريم إذ أن الله (سبحانه وتعالى) قد أكد على سبيل المثال لا الحصر أن هذا الكيان يستمد قوته من حبل الناس وليس من واقعه، قال تعالى في سورة آل عمران:«ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَ حَبْلٍ مِنَ النّاسِ»، حبل الله يعني أن يتوبوا إلى الله، وحبل الناس هي المساعدة اليومية والشهرية والدائمة والإستثنائية التي تأتي دائماً من الولايات المتحدة الأمريكية، الرئيس الأمريكي بايدن يُفاخر بأنه أكثر رئيس أمريكي دعم الكيان الصهيوني، وهذا يؤكد النظرية بين مزدوجين الإسلامية القرآنية التي تقول أن هذا الكيان مصطنع صنعه هذا الحبل الذي مده الناس لمساعدة بني «اسرائيل» ولكنه سينقطع وستنتهي هذه الأسطورة”.